أراد من خلال تحفه الفنية المصنوعة بالخشب والموجهة للزينة، أن يحافظ على التراث التقليدي المادي المتمثل في الأشياء القديمة والنادرة التي كان يستعملها أجدادنا في حياتهم اليومية، مثل "الشكوة"، "معصرة الزيتون"، "القربة" وغيرها، وخلال معرض أقيم مؤخرا بدار الثقافة "عبد المجيد الشافعي" بقالمة، عرض هذا العاشق للتحف وجميع الأشياء العتيقة عددا من التحف الفنية التي صنعتها أنامله. جسد الفنان هذه التحف بطريقته الخاصة باستعمال الخشب، الغراء، الطلاء وغيرها، وقد لقيت هذه الأشياء العتيقة والقديمة إقبالا كبيرا من طرف المهتمين، حسبما لوحظ، فكانت فرصة لجمهور قالمة من أجل اكتشاف معروضات قديمة ونادرة قدمها هاوي الجمع بلجودي بلمهدي، الحرفي في صناعة التحف الخشبية في ولاية برج بوعريريج، حيث تحدث ل«المساء" عن ميوله نحو هذه الحرفة منذ عام 1990، وتم تجسيد هذا الموروث من إبداعه الخاص، فهو يتفنن في صنع كل التحف الفنية التقليدية من معصرة تقليدية للزيتون ذات الحجم الصغير والكبير والخاصة في الريف بمنطقة برج بوعريريج، شكوة اللبن، المهراس الخاص بأكلة "الزفيطي" أو "شليطة"، القربة لتخزين الماء، الشاقور لتقطيع اللحم، القدر والكسكاس، المطحنة الخاصة بالقمح وغير ذلك، كما أبدع هذا الحرفي في صنع أشياء حديثة، مثل حاملة الأقلام الخاصة بالمكاتب، حاملة المفاتيح الخاصة بالمنازل، الطاحونة التي تعمل بالريح وغيرها، خاصة أنها لا تأخذ وقتا كبيرا، حسب قوله، إلى جانب توفير المادة من قطع الحطب المترامية في أماكن عديدة، بحيث يقوم بجمعها بنفسه أو شراء الخشب إذا استدعت الضرورة، وما زاد في تشبث هذا الحرفي بهذه الصنعة، الإقبال الكبير والطلبات المتزايدة على شراء هذه التحف الفنية التقليدية للزينة، مما يفسر الإصرار على المحافظة على التراث من جهة، والأسعار المعقولة التي يضعها الحرفي لبيع منتوجاته من جهة أخرى، مثلما أوضحه حول تحفة "الشكوة" المقدرة ب25 ألف دينار جزائري بسعر الجملة، و40 ألف دينار جزائري في التجزئة، وبذلك تعرف منتوجاته إقبالا كبيرا من عدة ولايات أبرزها العاصمة، تيزي وزو، وهران وبجاية، خاصة أثناء مشاركاته في المعارض الوطنية، حيث شارك في أكثر من 70 معرضا ونال بذلك جوائز قيمة وتشجيعية، فأزيد من 25 سنة من الخبرة وممارسة هذه الحرفة التي تعتبر مصدر رزقه، أسس خلالها ورشة تضم 4 حرفيين متربصين، بالإضافة إلى ابنه الذي يساعده في الحرفة، كما قام في هذا المجال بتكوين أزيد من 12 متربصا من التكوين المهني في هذا المجال، وتشجيعا له على هذا الإبداع لحماية وترقية التراث، استفاد من محل، آلة خشب خاصة بالنجارة وخراط خشب من طرف غرفة الصناعة التقليدية والحرف ببرج بوعريريج، ويختم السيد بلجودي قائلا بأنه لا يستطيع الاستغناء عن هذه الحرفة الخاصة بالنمط القديم والمعبرة على حياة الأجداد، وفي هذا الشأن يدعو إلى المحافظة على هذا التراث بشتى الطرق، كما يسعى إلى توريث الحرفة للأجيال.