أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    رفيق قيطان يقرر الرحيل عن الدوري البرتغالي    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنتم من يغالب التحديات والمشككين في الميدان
الرئيس بوتفليقة يدعو الولاة لاعتماد نهج جديد في التسيير:
نشر في المساء يوم 29 - 11 - 2018

حذّر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، من "المناورات السياسوية" التي تظهر مع اقتراب كل "محطة حاسمة" من مسيرة الشعب الجزائري، مضيفا أنها دليل واضح يفضح هذه النوايا المبيتة التي سرعان ما تختفي بعد أن يخيّب الشعب الأبي سعيها، في حين شدد على أن المسألة "تتعلق بصون وحماية الإنجازات التي حققها الشعب خلال العقدين المنصرمين وحفظها وتثمينها خدمة له، والارتقاء إلى مستوى أعلى من العمل التنموي والسياسي".
وقال الرئيس بوتفليقة، في رسالة إلى المشاركين في ندوة الحكومة والولاة التي تختتم أشغالها اليوم، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، قرأها نيابة عنه الأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي، أنه "من الطبيعي اليوم أن تستهدف الدوائر المتربصة والخلايا الكامنة استقرار البلاد، وتتكالب عليها قصد تثبيط همتها والنيل من عزيمة أبنائها"، داعيا الولاة والمنتخبين إلى "التحلّي باليقظة ومواصلة العمل من أجل تمكين الشعب من ممارسة سيادته ومواصلة مسيرته". واغتنم رئيس الجمهورية، المناسبة للرد على محاولي زرع اليأس في نفوس المواطنين من خلال إعطاء صورة مغايرة عن الواقع قائلا إن "البعض يختزل رهانات الحاضر والمستقبل في تغير وتعاقب الوجوه والأشخاص، وهم يروجون لهذا التوجه لحاجة في نفس يعقوب، لكن أنتم من تعملون في الميدان وتغالبون التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية يوميا، أكثر الناس دراية بأن الرهان يتجاوز ذلك بكثير".
واستطرد في هذا السياق بأن "المغامرين الذين يسوقون لثقافة النسيان والنكران والجحود، لا يمكن أن يكونوا أبدا سواعد بناء وتشييد، فهم يخفون وراء ظهورهم معاول الهدم التي يسعون لاستخدامها من أجل الزج بالبلاد نحو المجهول"، مشيرا إلى أن "ما تحقق في بلادنا هو نتاج جهد جيل كامل من أبناء هذه الأمة من المخلصين الذين قاموا ويقومون بواجبهم على أكمل وجه وأنتم في طليعتهم، جيل ضحى من أجل أن تخرج الجزائر من دوامة اللاأمن والتخلّف وتعود من جديد إلى سكة التنمية والعصرنة".
كما شدد الرئيس بوتفليقة، على أن "ما تم القيام به لحد الآن ليس سوى مرحلة تليها مراحل من مسار طويل"، واستطرد في هذا الشأن أنه "ما زال أمامنا الكثير من التحديات ولا يمكن بعد ما تم من عمل أن نعود إلى الوراء، ونأخذ بطروحات مثبطة انهزامية لا غاية منها سوى تعطيل مسيرتنا".
وعلى الصعيد الأمني أوضح القاضي الأول في البلاد، أن "المصالحة الوطنية والعيش معا بسلام هما اليوم عنوانان رئيسان لمقاربة إستراتيجية دولية لمحاربة الراديكالية والتطرّف في العالم، إستراتيجية ولدت من رحم معاناة هذا الشعب الأبي الذي أعطى بالأمس درسا للعالم في التضحية والانعتاق، وصار اليوم، بفضل تضحياته وتبصر أبنائه ورشدهم، مرجعا في إخماد الفتنة ورأب الفرقة والقضاء على منطق الكراهية".
وبلا شك فإن لسياسة المصالحة الوطنية أثر إيجابي على إطلاق مسيرة التنمية في البلاد، من خلال "إعادة بناء ما أمعنت في تهديمه قوى الشر والدمار، وتحقيق إنجازات عمومية كبرى في مدة لا مكان فيها للتواني". وأشار رئيس الجمهورية، إلى أنه تم خلال هذه الفترة شق الطرق وربط القرى والمداشر والمدن بمختلف الشبكات، فضلا عن تشييد أقطاب صناعية ومدن جديدة ومرافق عمومية" شاهدة على جهود هذا الشعب وقدرته على تجاوز أعتى الأزمات والمحن".
تعميق لامركزية تسيير الشأن العام المحلي
ومن جهة أخرى دعا الرئيس بوتفليقة، الجماعات الإقليمية للاضطلاع بدورها في المسار التنموي الوطني، مشيرا إلى إصداره تعليمات واضحة من أجل تعميق اللامركزية وترقية المرفق العمومي، وتمكين النهوض بالمسؤوليات الكاملة في تسيير الشأن العام المحلي، مع ضرورة اعتماد نهج جديد في التسيير قوامه المبادرة والاستباقية والتسيير بالأهداف والمقاربة بالنتائج، مذكرا بأن الخطوط العريضة للإستراتيجية الوطنية "مرسومة ومعروفة لدى الجميع وتم تداولها وتدارسها مرارا وتكرارا". وقال رئيس الجمهورية، إن هذه الإستراتيجية ترتكز بالأساس على التخلص من التبعية للريع النّفطي، وتحقيق التنويع الاقتصادي المنشود انطلاقا من خصوصيات الأقاليم المحلية على عصرنة الإدارة وتأهيلها بإدماج واع وهادف لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فضلا عن مواصلة الجهد لتعزيز مكتسبات التنمية البشرية، ومضاعفة الجهد من أجل الاستجابة لحاجيات المواطنين حتى في أقاصي ربوع الوطن. على صعيد آخر حذّر القاضي الأول في البلاد، من تفاقم بعض الآفات المستشرية في المجتمع والتي تعيق تنفيذ الاستراتيجيات المرسومة خدمة لمقاصد خبيثة، مشيرا إلى أنها "تسخر في ذلك وبلا تورع كل مهاراتها في التعاطي لممارسات غير مطابقة مذمومة ومرفوضة قانونيا وأخلاقيا، مثل الرشوة
والمحسوبية والمعاناة والتصرفات البيروقراطية الجائرة التي يراد بها الباطل". وشدد الرئيس بوتفليقة، على أن "هذه الممارسات هي أخطر ما ينخر المجتمع من أمراض وأعظم التحديات التي تواجهها البلاد في الوقت الراهن والتي لا يمكن التسامح معها مما يقتضي محاربتها وردعها بقوة". وخاطب رئيس الدولة، الولاة قائلا "إن تحقيقنا لأهدافنا لا يمكن أن يتأتى سوى بالقضاء على هذا المرض العضال الذي يسعى للانتشار والتفشي، لذلك فبقدر ما أنتم مطالبون بتجسيد الأهداف الكبرى لسياساتنا العمومية، أنتم أيضا مطالبون بتحصينها من مناورات هاته الفئة المنحرفة التي لا تأبه بمعاناة مواطنينا وانتظاراتهم ولا بطموحات بلادنا لا تحركها سوى أنانيتها ومصالحها الفئوية الدنيئة".
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
نص رسالة رئيس الجمهورية للمشاركين في الندوة الوطنية للحكومة والولاة
بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، رسالة إلى المشاركين في الندوة الوطنية للحكومة والولاة التي انطلقت أشغالها أمس بقصر الأمم بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة، هذا نصها الكامل:
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
السيدات والسادة أعضاء الحكومة،
السيدات والسادة الولاة،
السيدات والسادة أعضاء المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية،
السيدات والسادة إطارات مصالح الدولة،
السيدات الفضليات، السادة الأفاضل،
إن التئام جمعكم، في لقائكم السنوي هذا، جاء متزامنا مع احتفالات شعبنا بذكرى انتفاضته التاريخية ضد المستعمر وخوضه غمار حرب تحريرية من أجل استرجاع حريته وكرامته، تلك الحرب التي كان لنا شرف المشاركة فيها إلى جانب إخوان كرام أشاوس، منهم من قضوا نحبهم ونالوا الشهادة، ومنهم من واصلوا مسيرة التحرير إلى أن بلغوا غايتهم، ثم شاركوا في البناء والتشييد.
إنكم، أنتم الولاة والإطارات المركزيين والمنتخبين وإلى جانبكم الآلاف من الكفاءات والأعوان العاملين في الميدان، أنتم الذين تضطلعون بخدمة بلادكم وشعبكم، وتحملون على عاتقكم أمانة شهداء الثورة وشهداء الواجب الوطني.
إنكم اليوم مجتمعون في الموقع الأكثر رمزية والأكثر دلالة على معاني المسؤولية والولاء للوطن والجدارة بخدمة شعبكم؛ من حيث أنكم أساس بناء جزائر العزة والكرامة.
إن العقدين المنصرمين من حياة أمتنا لم يكونا هيّنين، ولقد كان للعديد منكم شرف مرافقتي في هذه المسيرة في مختلف مستويات المسؤولية وأبليتم البلاء الحسن، وقمتم بتضحيات وإنجازات عظام.
لقد سعينا بصدق وإخلاص إلى إخراج أبناء هذه الأمة من فتنة التناحر وكابوس الهمجية الذي استحكم فيها، مستلهمين عزمنا من قيم نوفمبر الخالدة وشيم التسامح والأخوة والوئام.
وعملنا على العودة بالبلاد من جديد إلى جادة التنمية، بإعادة بناء ما أمعنت في تهديمه قوى الشر والدمار، وتحقيق إنجازات عمومية كبرى في مدة لا مكان فيها للتواني، مدة شققنا فيها الطرق، وربطنا القرى والمداشر والمدن بمختلف الشبكات، وشيدنا أقطابا صناعية ومدنا جديدة ومرافق عمومية شاهدة على جهود هذا الشعب وقدرته على تجاوز أعتى الأزمات والمحن.
إن ما أنجزناه معا على الصعيدين الأمني والتنموي بفضل التضحيات الجسام التي قدمها هؤلاء وأولئك، بات محلا لإعجاب الشعوب الشقيقة والصديقة، يرون فيه مثلا لتنمية اجتماعية شاملة، أعادت الاعتبار للإنسان بوضعه في قلب المقاربة التنموية.
على الصعيد الأمني، أضحت المصالحة الوطنية والعيش معا بسلام عنوانين رئيسين لمقاربة استراتيجية دولية، لمحاربة الراديكالية والتطرف في العالم، استراتيجية ولدت من رحم معاناة هذا الشعب الأبيّ، الذي أعطى بالأمس درسا للعالم في التضحية والانعتاق، وصار اليوم، بفضل تضحياته وتبصر أبنائه ورشدهم، مرجعا في إخماد الفتنة ورأب الفرقة والقضاء على منطق الكراهية.
من الطبيعي اليوم أن تستهدف الدوائر المتربصة والخلايا الكامنة استقرار البلاد وتتكالب عليها؛ قصد تثبيط همتها والنيل من عزيمة أبنائها. فما نلاحظه من مناورات سياسوية مع اقتراب كل محطة حاسمة من مسيرة الشعب الجزائري إلا دليل واضح، يفضح هذه النوايا المبيّتة التي سرعان ما تختفي بعد أن يخيّب الشعب الأبي سعيها.
إنه من واجبكم، اليوم، أنتم أيتها السيدات والسادة الولاة والمنتخبون، أن تتحلوا باليقظة، وأن تدأبوا في عملكم من أجل تمكين الشعب من ممارسة سيادته ومواصلة مسيرته.
إن البعض يختزل رهانات الحاضر والمستقبل في تغير وتعاقب الوجوه والأشخاص، وهم يروجون لهذا التوجه لحاجة في نفس يعقوب، لكن أنتم من تعملون في الميدان وتغالبون التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية يوميا، أكثر الناس دراية بأن الرهان يتجاوز ذلك بكثير.
إن المسألة تتعلق بصون وحماية الإنجازات التي حققها الشعب خلال العقدين المنصرمين وحفظها وتثمينها خدمة له، والارتقاء إلى مستوى أعلى من العمل التنموي والسياسي.
إن المغامرين الذين يسوّقون لثقافة النسيان والنكران والجحود، لا يمكن أن يكونوا أبدا سواعد بناء وتشييد، فهم يخفون وراء ظهورهم معاول الهدم التي يسعون لاستخدامها من أجل الزج بالبلاد نحو المجهول.
إن ما تحقق في بلادنا هو نتاج جهد جيل كامل من أبناء هذه الأمة من المخلصين، الذين قاموا ويقومون بواجبهم على أكمل وجه وأنتم في طليعتهم، جيل ضحى من أجل أن تخرج الجزائر من دوامة اللاأمن والتخلف، وتعود من جديد إلى سكة التنمية والعصرنة.
إن ما قمنا به إلى حد الآن ليس سوى مرحلة تليها مراحل من مسار طويل، فما زال أمامنا الكثير من التحديات، ولا يمكن، بعد ما تم من عمل، أن نعود إلى الوراء ونأخذ بطروحات مثبطة انهزامية لا غاية منها سوى تعطيل مسيرتنا.
إن الأمة تعلق عليكم وعلى ما تبذلونه الآمال الكبار، ذلك أن الجماعات الإقليمية مطالَبة بأن تضطلع على أحسن وجه بدورها في المسار التنموي الوطني، ولقد أصدرت تعليمات واضحة من أجل تعميق اللامركزية وترقية المرفق العمومي، وتمكينكم من النهوض بمسؤولياتكم كاملة في تسيير الشأن العام المحلي.
أتوقع من كل واحدة ومن كل واحد منكم أن ترتقوا بجديتكم ومثابرتكم فوق العمل الروتيني الرتيب، المقتصر على تنفيذ برامج عمومية وسياسات مبلورة ومقررة مركزيا، واعتماد نهج جديد في التسيير، قوامه المبادرة والاستباقية والتسيير بالأهداف، والمقاربة بالنتائج.
إن الخطوط العريضة للاستراتيجية الوطنية مرسومة ومعروفة لدى الجميع، وتم تداولها وتدارسها مرارا وتكرارا، وهي بالأساس:
- التخلص من التبعية للريع النفطي، وتحقيق التنويع الاقتصادي المنشود انطلاقا من خصوصيات الأقاليم المحلية التي تمثلونها أو تشرفون على إدارتها.
- عصرنة إدارتنا وتأهيلها بإدماج واع وهادف لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، في نموذج يكون فيه المرتفق في قلب المقاربة،
- مواصلة الجهد لتعزيز مكتسبات التنمية البشرية، ومضاعفة الجهد من أجل الاستجابة لحاجات مواطنينا حتى في أقاصي ربوع وطننا، ومرافقة الدينامية الاقتصادية بتوفير الهياكل والمرافق القاعدية الاستراتيجية اللازمة،
- تعميم منافع التنمية الاقتصادية والاجتماعية على كافة التراب الوطني، وفقا لتوجهات المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الدائمة، وذلك من خلال تنظيم إداري وإقليمي متناسق ومحكم،
- تحرير الطاقات الشعبية على كل المستويات، وتعبئتها حول مشروعنا الوطني؛ من خلال مقاربات تشاركية وحوافز مقاولاتية، تفتح المجال لكل شاب جزائري؛ بحيث يكون عنصرا فاعلا في حاضر ومستقبل بلاده، مسموعا ومحترما على كل المستويات ولدى كل الهيئات العمومية والخاصة،
- الحفاظ على مقومات هويتنا الوطنية وبلورة هوية متميزة للإنسان الجزائري، تكون بمثابة علامته الفارقة في العالم، عالم متحول سريع التغير، يهدد بطمس كل الخصوصيات في سيل العولمة، وذلك من خلال تجدد ثقافي وديني ولغوي، متناغم مع تاريخنا، ومتساوق مع تحديات العصر الحضارية،
- تطوير علاقات دولية متوازنة أخوية، متفتحة ووفية لقيم الدولة الجزائرية المساندة للقضايا العادلة، الغيورة على سيادتها، والمقدّرة لسيادة غيرها، المكرسة لقيم السلام والاعتدال والاحترام المسؤول للحريات الفردية والجماعية.
إنها كلها أهداف نبيلة، حرصنا على أن تحكم كل سياساتنا العمومية. فعلى كل منكم الانخراط ضمنها والتشبع بقيمها؛ حتى تتمكنوا من تطوير أدائكم المحلي وفق توجهاتها.
إنكم اليوم مجتمعون في هذا اللقاء؛ ليس لتلقي التعليمات فحسب، بل للإدلاء بآرائكم وتصوراتكم، ذلك أنني أعتبركم قوة اقتراح، اقتراح الفاعل في الميدان المناط بهم تجاوز فلسفة المغالبة بالمطالبة وباعتناق عقيدة التشمير عن السواعد وتثمين المكنونات والقدرات.
ولكي تتمكنوا من بلوغ هذه الغاية يتعين على كل منكم تثمين القدرات البشرية المتوفرة لديه؛ من خلال سياسات تكوين وإعادة تأهيل واعية، هادفة، ومتناسقة مع الاستراتيجيات المعتمدة، والتكفل بانشغالات العاملين تحت إمرتكم ووصايتكم حتى يتفرغوا لتجسيد الأهداف السامية لهذه الاستراتيجيات. إنهم قوّتكم الضاربة في الميدان، ولديكم فيهم الكثير من المؤهلات التي لا تنتظر سوى نظرة متبصرة من قبلكم لاكتشافها. فالمسألة ليس مسألة فتح مناصب جديدة وكفى، بل يجب قبل ذلك الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، ووضع العون المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، وضمان مردوديته كاملة غير منقوصة.
السيدات والسادة الولاة،
السيدات والسادة الأفاضل،
بينما تعملون أنتم جاهدين من أجل تحويل الاستراتيجيات المرسومة إلى واقع معيش، نلاحظ تفاقما لبعض الآفات التي تستشري في جسم المجتمع، وتتحول إلى طفيليات معوّقة لكم ولأعمالكم؛ خدمة لمقاصد خبيثة تسخّر في ذلك وبلا تورع، كل مهاراتها في التعاطي لممارسات غير مطابقة مذمومة ومرفوضة قانونيا وأخلاقيا، من مثل الرشوة والمحسوبية والمعاناة والتصرفات البيروقراطية الجائرة التي يراد بها الباطل.
إنكم تلاقون باستمرار محاولات هذه العناصر الضالة في يومياتكم، والتي لا تترك أي سانحة في برامج عملكم إلا وتحاول استغلالها لتحقيق مآربها الآثمة في مختلف قطاعات النشاط.
إن هذه الممارسات هي أخطر ما ينخر مجتمعنا من أمراض وأعظم التحديات التي تواجهها بلادنا في الوقت الراهن، والتي لا يمكن التسامح معها، بل يقتضي الواجب من كل منكم محاربتها بكل ما أوتيتم من قوة وقدرة على الردع، ولكم مني كل الدعم.
إن هذا جزء مما يمنعنا من تحقيق الأهداف المتوخاة من استراتيجيتنا ويحوّلها عن مسارها، وهو ما من شأنه المساس بمصداقية عمل السلطة العمومية والتأثير على المرتفق من حيث التزامه وتعبئته، ومن حيث ثقته حيال كل ما تمثله السلطة العمومية من معنى ومن قيم.
إن تحقيقنا أهدافنا لا يمكن أن يتأتى سوى بالقضاء على هذا المرض العضال الذي يسعى للانتشار والتفشي، لذلك فبقدر ما أنتم مطالَبون بتجسيد الأهداف الكبرى لسياساتنا العمومية، أنتم أيضا مطالَبون بتحصينها من مناورات هذه الفئة المنحرفة التي لا تأبه بمعاناة مواطنينا وانتظاراتهم ولا بطموحات بلادنا، لا تحركها سوى أنانيتها ومصالحها الفئوية الدنيئة.
إن حرصكم يجب أن يكون من منطلق دوركم المحوري كممثلين للسلطة العمومية وسند المواطن في تطبيق القانون، وعون الدولة في تحصين مؤسساتها وتعزيز استقرارها.
إن المساس باستقرار مؤسسات الدولة هو مساس بالدستور وبركن من أركان هذا البيت الحصين الذي يجمعنا ويؤمّننا من كيد الكائدين، لذلك فمن واجب الجميع الالتفاف حول مؤسسات الجمهورية والذود عنها، ومواجهة كل محاولة لاستغلالها من أجل قضاء مآرب آثمة أو النيل من استقرارها.
إن عملكم لا يختلف عن ذلك الجهد الذي يتفانى في القيام به أبناؤنا من أفراد الجيش الوطني الشعبي وبقية أسلاك الأمن الذين لا يغفو لهم جفن، ولا يهدأ لهم بال في سبيل الذود عن هذه البلاد وحمايتها ممن يتربص بها في الداخل والخارج، فهم يحصنون البلاد في تخومها، وأنتم تحصّنونها من خلال مؤسساتها وتطوير أدائها وتحسين خدماتها.
لقد أنجزنا الكثير في الماضي، لاسيما خلال العقدين السابقين، وتمكنا من تحسين كل المؤشرات التنموية الأساسية، إلا أننا مقبلون، في مرحلة لاحقة، على التوجه نحو مسار قوامه كسب رهان النوعية والفعالية الاقتصادية، والانخراط ضمن مسعى التنمية المستدامة.
إن الدولة، بجانبكم، تشد على أيديكم، ولن تدخر أي جهد من أجل مواصلة دعمها للمسار التنموي الوطني وتعميقه، غير عابئة بالحواجز والعقبات. الجزائر قادرة بأبنائها وبمواردها وبعزيمتها على تجاوز روح الانهزامية ومنطق التشكيك والتيئيس وتثبيط الهمم، وليس هناك ما يثنيها عن المضيّ قدما.
السيدات والسادة الولاة،
السيدات والسادة الأفاضل،
سنواصل بذل الجهد قناعة منا بأننا على أبواب عصر جديد بأولويات جديدة وبتوجهات مغايرة، يدعونا ويدعوكم جميعا للتحول بالإدارة الإقليمية من سياق تدارك العجز في المرافق العمومية، إلى سياق تدارك العجز في نوعية الخدمات العمومية المقدمة، والارتقاء سريعا إلى مراقي الإبداع والتنافسية.
لذلك، أهيب بكم أن تجعلوا من لقائكم السنوي هذا، فضاء لتصوّر أجدى السبل المؤدية إلى بلوغ الأهداف، وتصويب السياسات وفق هذه المستجدات، ولتقييم تنفيذها تقييما دقيقا دوريا، بعيدا عن المعالجات السطحية المناسباتية أو فلسفة المحميات القطاعية والبيروقراطية التي باتت تعوقنا عن المضيّ قدما في أعمالنا.
تلكم هي الوجهة التي نتوجه شطرها، والتي سيؤول لكم شرف رسم معالمها وتحصينها حتى يتيسر لشعبنا خوض غمارها واستكمال صرحها، لأن ما يثبط عزيمة مواطنينا ليس التحديات التي يواجهونها ولا الرهانات التي يخوضونها، بل هي تلك المناورات الدنيئة والدسائس التي يتخذ منها البعض موقف المتفرج المترصد أو المتواطئ على الرغم من أنها تستهدف شعبنا وبلادنا.
إن مثل هذا السلوك غير المقبول يوجب على الجميع تحمّل المسؤولية، والانخراط كليا ضمن الخيارات السياسية والاقتصادية الوطنية أو الخروج منها كليا، فعهد إمساك العصا من الوسط قد ولّى، "رُفعت الأقلام وجفت الصحف"، "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى بركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.