تراجعت مكاسب برميل النفط، أمس، في الأسواق العالمية مع تسجيل حالات إصابة متزايدة بفيروس كورونا في البر الصيني، في ظل مؤشرات بتباطؤ نمو الاقتصادي العالمي، وتحذيرات الوكالة الدولية للطاقة من أسوأ أزمة طاقة قد يعرفها العالم، رغم التفاؤل الذي أبدته منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها لهذا الشهر والذي توقعت من خلاله استمرار المنحى التصاعدي للطلب على الخام العام القادم. حذر فاتح بيرول المدير التنفيذي بالوكالة الدولية للطاقة في تصريح صحفي، من إمكانية تفاقم الضغط العالمي على إمدادات الطاقة، والذي أدى إلى نقص في المعروض وارتفاع في أسعار الكهرباء والوقود، ضمن أخطر أزمة طاقوية يشهدها العالم من حيث عمقها وتعقيداتها. وأضاف، أن منظومة الطاقة بأكملها تشهد حالة اضطراب منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فيفري الماضي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار برميل مما تسبب في رفع تكلفة الغاز على المستهلكين، وارتفاع أسعار التدفئة للمنازل والكهرباء للصناعات في كل أنحاء العالم، ضمن ثالوث سيعمق مخاطر التضخم الذي سيؤدي حتما إلى احتجاجات دامية بسبب تداعيات أزمة الطاقة، مستشهدا في ذلك بما تشهده دولة سيريلانكا من اضطرابات شعبية. وهو واقع جعله يعبر عن مخاوفه من تفاقم هذه الاضطرابات مع حلول فصل الشتاء القادم بأوروبا، الذي سيكون، حسب تحليله، شديد الصعوبة بسبب تداعيات أزمة أسعار النفط، التي جعلته لا يخفي قلقه من وضع غير محسوب النتائج. وعرفت أسعار خام النفط الأمريكي تراجعا بنسبة 4,6 بالمئة حيث تم تداوله بأقل من 100 دولار للبرميل في الوقت الذي تم فيه تداول برميل خام "برنت" بسعر 102.45 دولارا بتراجع قدر بحوالي 4,3 بالمئة. وهي وضعية جعلت محللين يؤكدون أن متعاملين في هذا القطاع الحساس بدأوا تداولات الأسبوع بحذر كبير، في ظل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، وكذا الارتفاع الذي عرفه الدولار الأمريكي مقارنة بالعملات الدولية الأخرى. ورغم هذه المؤشرات المثبطة إلا أن منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" توقعت أمس زيادة الطلب العالمي على النفط خلال العام القادم، لكن بوتيرة أبطء مقارنة بالعام الحالي، إذ سيتلقى الاستهلاك دعما مع السيطرة على جائحة "كوفيد-19" واستمرار انتعاش نمو الاقتصاد العالمي. وتوقعت" أوبك" في تقريرها لهذا الشهر زيادة الطلب العالمي على النفط بحوالي 2,7 مليون برميل يوميا خلال العام القادم مما جعلها تبقي على توقعاتها لنمو الطلب في العام الحالي دون تغيير عند 3.36 مليون برميل يوميا. وزاد استخدام النفط بعد تراجعه بفعل الجائحة في 2020، ومن المتوقع أن يتجاوز مستويات 2019 هذا العام، مع بلوغ الأسعار مستويات قياسية. وتفترض توقعات منظمة "أوبك" للعام القادم، عدم تسجيل تصعيد في الحرب الأوكرانية وعدم تأثير عوامل أخرى على وضع الاقتصاد العالمي، مثل زيادة التضخم على النمو الذي أبقت على توقعاتها بشأنه عند3,5 بالمئة هذه السنة و 3,2 بالمئة في 2023، معتبرة أن احتمال التقلبات بين الصعود والهبوط "محدود للغاية".