رأى مولود عويمر أستاذ التاريخ وعضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن الجزائر لم تتوصل حتى اليوم إلى تحقيق أهداف بيان الفاتح من نوفمبر مؤكدا وأنه بالرغم من أن الهدف الرئيسي المتمثل في الاستقلال قد تحقق إلا أن مبدأ (الدولة الديمقراطية التي تتبنى المبادئ الاجتماعية والإسلامية) لايزال هدفا بعيد المنال، ومن جهتهم أبدى مجاهدون رضاهم على ما حقق من إنجازات طوال سنوات الاستقلال مبررين التأخر الذي حصل على مختلف مستويات الدولة ببعض الخلافات السياسية التي وقعت بعد الاستقلال. زهرة سليمي: انتصرنا على العدو وهو أهم شيء ذكرى الفاتح من نوفمبر هي ذكرى عزيزة على قلوبنا، ليلة أول نوفمبر انطلق الكفاح المسلح ضد الاستعمار، والحمد لله انتصرنا ونلنا الاستقلال بفضل المجاهدين الذين وقفوا على قدم وساق نساء ورجال شابات وشبان، منذ أن دخلت فرنسا إلى الجزائر والشعب يناضل، ثم اندلعت الثورة بقوة وبنشاط مناضلين شباب كافحوا حتى الموت، لأن فرنسا لم تخرج بإرادتها بل خرجت مدحورة ومذمومة، قبل ليلة الفاتح من نوفمبر كان المناضلون يحضرون الجيش واللجنة الثورية أو لجنة ال 22 كما عرفت التي كانت تجتمع بولوغين لوضع اللمسات الأخيرة للثورة، ولما اندلعت الثورة احتضنها الشعب وشملت القطر الجزائري ما عدا الخونة، والذين قادوا النضال هم أحفاد الشعب الذين كانوا ضد فرنسا، بفضل تكاثف الجهود أردنا الكفاح لا القول والعمل بالبنادق، وأصحاب الأموال قاموا بشراء الأسلحة والجزائريين المجندين في الجيش الفرنسي قاموا بإحضار الأسلحة لمساندة الثورة وضربوا فرنسا بسلاحها، تونس أيضا باعتنا السلاح التي كانت تحارب به فرنسا ولا ننسى أن الشعب العربي أيضا كان مجندا، جرحنا وهربنا واستشهد منا عدد كبير من المناضلين لكننا كنا على يقين بالاستقلال، حققنا أهم هدف من أهداف بيان أول نوفمبر وهو الاستقلال. مولود عويمر: الطريق مازال طويلا.. بيان أول نوفمبر الذي أصدرته الثورة ليلة أول نوفمبر والذي كان موجها للشعب الجزائري والشعب العربي والفرنسي خطط لاستراتيجية واضحة للثورة مبينا الأسباب والدوافع التي دفعت بهذه الجماعة الثورية إلى تبني الخيار الثوري والقيام بهذه الثورة، والبيان يلخص فلسفة الثورة نص على الدوافع التي أدت إلى القيام بهذه الثورة وعلى رأسها تسلط الإدارة الاستعمارية التي لم تعد تفقه أي أمر متعلق بالجزائر ومصرة على المسيرة في طريق مسدود خاصة بعد قيام ثورات عديدة في المستعمرات خاصة تونس والمغرب، هذا إلى جانب الصراع الداخلي الذي قام داخل حزب اتحاد الحريات الديمقراطية. جبهة التحرير الوطني رسمت خطة لهذه الثورة المسلحة وصرحت في بيان الفاتح من نوفمبر أنها لن تبعد الخيار التفاوضي بشرط قبول الشروط التي حددها البيان والذي كان يصر على استقلال الجزائر دولة ديمقراطية تتبنى المبادئ الاجتماعية. صحيح أن الجزائر استرجعت الاستقلال وهذا انتصار سياسي، ولكن تحقيق الدولة الديمقراطية التي تتبنى المبادئ الاجتماعية الإسلامية لم يتحقق بعد وما زال الطريق طويلا لتحقيق هذا الهدف المنشود، أما ما يقال حول أن بيان أول نوفمبر لم ينص على ما ينظم الدولة بعد الاستقلال فبالعكس من ذلك، البيان في بداية الثورة حدد الأهداف والدوافع والاستراتيجية وكيفية التعامل مع العدو ولكن مع ذلك وضع بعض ملامح الدولة الجزائرية المستقلة، لأن الثوار لا يستطيعون في تلك الظروف أن يضعوا الملامح الكبرى للدولة فذلك في الواقع يكون بعد الاستقلال والاحتكاك بالواقع، وبعد الاستقلال رأينا أن قادة الثورة تبنوا الاشتراكية، تبنوا منطق الاجتماعية واعتبر هذا التغيير خاطئ لأن ذلك يتعارض مع مبدأ الحرية الذي كان ينشد إليه الجزائريون، والذي يتعارض أيضا مع الأحادية الحزبية للدولة الجزائرية مع الطموح إلى الحرية والتعددية. محمد سليمي: كان بإمكاننا أن نكون أفضل بيان أول نوفمبر أكد على استرجاع السيادة التامة للبلاد، من الحرية الكاملة وعلو العلم وشموخه، وتحقيق إرادة الشعب في الديمقراطية والاستقلال مهما طالت المدة، حقيقة لم نكن نتصور أن نعيش لحظة الاستقلال ونرى العلم يرفرف في بلادنا، والحمد لله أهداف البيان تحققت والاستقلال تحقق، ولكن مع وجود خلفيات سياسية وخلافات بين السياسيين هي خلافات عادية بين الإخوة هو أمر عادي حدث حتى في الفيتنام وهذا راجع إلى الجهل، وللأسف الخلافات دامت إلى جانب الاعتداء الذي حدث من الجارة المغرب وفي الوقت الذي كنا من المفروض أن نعمل من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والدفع بعجلة التنمية انشغلنا بهذه المشاكل، ونحن مع كل ذلك كمجاهدين راضون إلى حد ما على الوضع العام للبلاد ولكن كان بإمكاننا أن نكون أفضل، وعموما الحمد لله نحن نعيش حالة من الاستقرار في الوقت الذي تعيش فيه الكثير من الدول حالة من الفوضى ولك أن ترى حالة تونس ومصر اليوم. ==== وجوه رسمت طريق الاستقلال الشهيد مصطفى بن بولعيد: من مواليد 5 فيفري 1917 بقرية (اينركب) بأريس ولاية باتنة انخرط بن بولعيد في صفوف حزب الشعب حركة انتصار الحريات الديموقراطية بأريس تحت قيادة مسعود بلعقود وقد عرف بالقدرة الكبيرة على التنظيم والنشاط، ويعتبر بن بولعيد من الطلائع الأولى التي انضمت إلى المنظمة السرية بمنطقة الأوراس كما كان من الرواد الأوائل الذين أنيطت بهم مهمة تكوين نواة هذه المنظمة في الأوراس التي ضمت آنذاك خمسة خلايا نشيطة واختيار العناصر القادرة على جمع الأسلحة والتدرب عليها والقيام بدوريات استطلاعية للتعرف على تضاريس الأرض من جهة ومن جهة ثانية تدبر امكانية إدخال الأسلحة عن طريق الصحراء. وقد اختلف المؤرخون في كيفية وفاته. الشهيد ديدوش مراد: ولد يوم 13 جويلية 1927 بحي المرادية بالعاصمة، انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري في سنة 1943 وهو ابن السادسة عشر ليكون أحد المؤطرين لأحداث الثامن ماي 1945 بالجزائر العاصمة ليتولى بعدها الإشراف على أحياء المرادية والمدنية وبئر مراد رايس عام 1946. قام رفقة مصطفى بن بولعيد بإنشاء نواة لصناعة المتفجرات وهذا في عام 1952، ونظرا لما يتمتع به من مميزات القائد المحنك، وللظروف غير المواتية أرسل إلى فرنسا للعمل كمساعد لبوضياف في تنظيم خلايا الحزب. وفي 18 جانفي 1955 كان العقيد ديدوش مراد رفقة 17 مجاهدا يحاولون الانتقال من بني ولبان (إلى دوار) الصوادق (بمنطقة السمندو بقسنطينة زيغود يوسف حاليا، توقفوا في وادي بوكركر، ولكن على إثر وشاية أحد العملاء، وجدوا أنفسهم محاصرين بمضلي العقيد (دو كورنو) Ducournan. واصطدم الطرفان في معركة غير متكافئة، انتهت باستشهاد. الشهيد باجي مختار: في 17 أفريل 1919 بمدينة عنابة كلف باجي مختار رسميا من طرف ديدوش مراد بالتسيير السياسي والعسكري للمنطقة الحدودية الجزائرية- التونسية. وهي المنطقة التي تمتد من القالة شمالا إلى تبسة جنوبا، والتي عرفت في ما بعد بالقاعدة الشرقية وإثر وشاية من أحد الخونة، حوصرت المزرعة المتواجد بها مختار وفوجه المتكون من 15 مجاهدا ولما علم باجي مختار بذلك أعطى أوامره لرفاقه بخوض المعركة لكن خارج بيت المضيف فاستخدمت قوات العدو الأسلحة الأوتوماتيكية ومدافع الهاون والطائرة الحربية التي كانت تحلق في سماء المعركة سقط باجي مختار في ميدان الشرف يوم 19 نوفمبر 1954. الشهيد العربي بن مهيدي: ولد سنة 1923 بدوار الكواهي، ضواحي عين مليلة، وهو من قال عنه السفاح بيجار: (لو كانت لي ثلة من أمثال محمد العربي بن مهيدي لفتحت العالم)، مطلع شهر مارس سنة 1944 تأسس حزب أصدقاء البيان والحرية الذي ضم في صفوفه جميع الحساسيات الموجودة في الساحة، فانضم إليه الشهيد، تعرض للبحث والاستنطاق بوسائل تعذيب جهنمية غير أنه كان يردد أمام جلاديه (أمرت فكري بأن لا أقول لكم شيئا) وعندما سأله أحد الصحفيين (لم تضعون القنابل في القفف لتنفجر في وجه الجيش الاستعماري) أجابه الشهيد بذكاء: (أعطونا طائراتكم ومدافعكم نعطيكم قففنا) وهنا فقط قررت حكومة العدو تصفيته يوم 4 مارس 1957. الشهيد سويداني بوجمعة: ولد الشهيد سويداني بوجمعة بمدينة فالمة سنة 1922، انضم الشهيد إلى فوج (النجوم) التابع للحركة الكشفية الجزائرية بالمدينة، كان الشهيد قد ذاق مرارة السجن سنة 1941، بسبب مواقفه الوطنية الرافضة للتسلط الفرنسي ضد الجزائريين، ألقي عليه القبض بعد قيامه بمظاهرة شعبية سجن لثلاثة أشهر في 1944 وعاد للسجن مجددا في جويلية 1946 لمدة سنة ونصف، انضم بعد مدة قصيرة إلى المنظمة السرية، إذ طلب منه الأشخاص الثلاثة الذين اتصلوا به لهذا الغرض، الإشراف على عملية التدريب العسكري للمناضلين، في عام 1951 انتقل للإقامة بدوار حلوية بالصومعة ولاية البليدة أين لقب (بسي الجيلالي)، وبعد عمليات ناجحة، عاد (سي الجيلالي) إلى منطقة متيجة، أين أسندت له القيادة مهمة تحضير الثورة بها. في ليلة أول نوفمبر 1954، قاد الشهيد مجموعة من الجنود في هجوم إستهدف ثكنة بوفاريك. في 12 جانفي 1955، نقل مقر قيادته إلى مكان آخر ما بين بوركيكة وحمر العين، حيث قام بعملية توعية وسط الجماهير قصد تجنيدهم في الثورة. أوقع به وهو متجه من الصومعة إلى القليعة حيث فاجأه حاجز للدرك الفرنسي بوادي مزفران إذ انتهى الاشتباك بين الطرفين بسقوط (سي الجيلالي) شهيدا يوم 17 أفريل 1956. الشهيد عثمان بلوزداد: ولد عثمان بلوزداد سنة 1929 بحي بلكور. كان مناضلا في المنظمة الخاصة انضم إلى اللجنة الثورية للوحدة والعمل أول اجتماع حضره عثمان بلوزداد كان في 27 أوت 1954، الذي انعقد بالمدنية سابقا وكان الاجتماع تحت رئاسة بن بولعيد وبحضور كل من محمد مرزوقي، رابح بيطاط وبوشعيب أحمد كان عثمان بلوزداد. ويعتبر بلوزداد مدبر الهجوم الذي استهدف PETROLES MORY سنة 1954، فألقي عليه القبض في 07 نوفمبر 1954 أثناء المحاكمة، أعلن عثمان بلوزداد انتماءه لحزب جبهة التحرير الوطني. الشهيد زيغوت يوسف: ولد في 18 فيفري 1921، بقرية (سمندو) شمال قسنطينة، تأثر الطفل الخجول بخطب ابن باديس. تعلّم من الحدادة أن الحديد لا تلينه إلا النار. فانخرط وعمره 17عاما في حزب الشعب الجزائري، وأصبح سنة 1938 المسؤول الأول للحزب ب(عنابة)، سنة 1950 ألقت الشرطة الاستعمارية القبض على زيغود يوسف بتهمة الانتماء إلى المنظمة الخاصة إلى غاية أفريل 1954 تاريخ فراره من سجن عنابة، في 1954 التحق باللّجنة الثورية للوحدة والعمل. في، أول نوفمبر 1954 كان إلى جانب ديدوش مراد، مسؤول الشمال القسنطيني الذي أصبح يُسمَّى الولاية الثانية حسب تقسيم جيش التحرير الوطني، بعد استشهاد ديدوش مراد، تولى زيغود يوسف خلافته ومن موقع هذه المسؤولية قام بتنظيم الهجوم الشهير، هجوم 20 أوت 1955 الذي كان له أثر كبير في التجنيد الشعبي من أجل معركة التحرير، بعد عام كامل وفي 20 أوت 1956 انعقد مؤتمر الصومام الذي وضع الهياكل التنظيمية للثورة وعُيِّن زيغود يوسف عضوا بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية مع ترقيته إلى رتبة (عقيد) في جيش التحرير وتأكيده قائدا للولاية الثانية، ببعد عودته إلى الولاية الثانية وشروعه في تنفيذ قرارات المؤتمر، وخلال إحدى جولاته لتنظيم الوحدات العسكرية سقط زيغود يوسف شهيدا في كمين وضعه العدو يوم 23 سبتمبر 1956 وعمره لم يتجاوز 35 سنة.
