هذه حصيلة السكنات المنجزة.. وهذه آفاق القطاع كان عام 2014 الذي نستعد لتوديعه عاما مميز لقطاع السكن الذي شهد وضع حجر أساس لارساء قاعدة مستدامة لتعزيز قدرات الانجاز بشكل يواكب مستوى طموحات البرامج السكنية المقررة مع زيادة الاهتمام بالجانب العمراني في ظل النقائص التي تعرفها البلاد في هذا المجال، علما أن الوزير تبون أكد قبل أيام أن مشاريع القطاع لن تتأثر بأزمة انهيار أسعار البترول. وتعتزم السلطات العمومية إطلاق صناعة للسكن تعول عليها كثيرا لعصرنة وسائل الانجاز الوطنية والرفع من قدراتها التي لا تتعدى حاليا 80 الف وحدة سنويا. واعلنت وزارة السكن والعمران والمدينة في هذا الاطار عن إجراءات تحفيزية للمستثمرين الوطنيين تتضمن عقود شراء مضمونة لمدة خمس سنوات. كما قررت من جهتها شركة مساهمات الدولة انجاب التي تضم مؤسسات الانجاز العمومية اقتناء خمسة مصانع للسكن في إطار مخطط لاعادة هيكلتها التي تعد من اهم الاحداث البارزة في القطاع لهذا العام. وتتضمن الهيكلة الجديدة تقسيم إنجاب إلى خمس مؤسسات كبيرة تغطي جميع مناطق الوطن مما سيسمح بالقضاء على إشكالية ندرة المقاولات في عدة مناطق بالبلاد لاسيما في ولايات الجنوب. وينتظر ان ترتفع حصة مؤسسات الانجاز العمومية من برنامج السكن العمومي إلى 80 ألف وحدة سنويا مقابل حوالي 4 آلاف وحدة سنويا حاليا وهو الرقم الذي يعكس وضعية إنجاب في السنوات الاخيرة بسبب ضعف سياستها الإدارية وسوء تسيير المشاريع وكذا أساليب الانجاز التي لا تواكب التطورات الحاصلة في المجال حسب مسيريها. ويترافق الدعم الموجه للمؤسسات العمومية مع عدة اجراءات لفائدة المؤسسات الجزائرية الخاصة بهدف رفع العراقيل الادارية التي تواجهها وتحسين مناخ نشاطها. وتقرر في هذا السياق منح قروض بدون فائدة لحل إشكالية السيولة المالية للمؤسسات الراغبة في إنجاز مشاريع سكنية ضمن برنامج البيع بالايجار. وتسعى السلطات العمومية من خلال هذه التدابير إلى حل مشكلة ضعف قدرات الانجاز الذي يرهن نجاح برنامج السكن العمومي الرامي لإطلاق حوالي 7ر2 مليون وحدة سكنية قبل نهاية ديسمبر الجاري و6ر1 مليون وحدة أخرى بغضون 2019. ويشكو المقاولون العموميون الذين يشرفون على مختلف الصيغ ضمن هذا البرنامج مثل الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره عدل من عدم جدوى المناقصات التي تطرحها في معظم الاحيان مما يفرض حتمية الرفع من قدرات الانجاز من خلال التحفيزات المالية واللجوء إلى عصرنة السكن كخيار استراتيجي. كما تم الاعلان هذا العام عن قائمة مصغرة جديدة تخص مؤسسات الانجاز الراغبة في التكفل بمشاريع سكنية ب400 إلى 2.000 وحدة تضاف إلى قائمة اخرى أعلن عنها في 2013 تتعلق بالمؤسسات التي تنجز مجمعات سكنية مدمجة يتراوح عددها بين 2.000 و5.000 وحدة. ويمكن للمرقين العموميين مثل دواوين الترقية العقارية ووكالة عدل اللجوء إلى هذه القائمة لاختيار إحدى الشركات عن طريق صفقة بالتراضي مما يسهل من إجراءات إطلاق المشاريع السكنية. وبلغ عدد السكنات التي أطلق أشغال انجازها حوالي 19ر2 مليون وحدة إلى غاية نهاية سبتمبر الماضي في إطار البرنامج الخماسي 2010-2014 الذي يوشك على الانتهاء. وتشمل هذه الحصيلة إطلاق 925 الف سكن عمومي ايجاري (اجتماعي) و869 الف سكن ريفي فضلا عن 105 الف سكن بصيغة البيع بالايجار و30 الف سكن ترقوي عمومي. وسجل عام 2014 من جهة اخرى تقدم عمليات الاكتتاب في مختلف البرامج السكنية لاسيما برنامج سكنات البيع بالايجار الذي تشرف عليه وكالة عدل التي انهت هذا العام عملية دفع الشطر الاول بالنسبة للمكتتبين القدامى (2001 و2002) وشرعت في تسليم الاوامر بالدفع بالنسبة لمكتتبي 2013. وتعتزم وكالة عدل استدعاء اكبر قدر ممكن من المكتتبين قبل نهاية العام الجاري لتسليم الاوامر بالدفع للشطر الاول من سعر السكن ضمن برنامجها الذي يعول عليه بقوة للتخفيف من حدة السكن في اوساط المواطنين ذوي الدخل المتوسط. كما انهت من جهتها المؤسسة الوطنية للترقية العقارية التي تشرف على برنامج الترقوي العمومي على عملية الاكتتاب في هذا البرنامج الموجه لاصحاب الدخل الذي يتراوح بين 108 الف دينار و216 الف دينار. وقام المكتتبون الذين فاق عددهم 36 الف بدفع الشطر الاول في انتظار استكمال العملية مطلع العام المقبل. وبالرغم من رضاهم على تقدم العملية في شقها الاداري فإن المكتتبون يصرون على مطالبهم المتعلقة بخفض سعر السكنات التي تقارب 8 ملايين دينار بالنسبة لشقة باربع غرف ورفع الفوائد على القروض التي سيتسفيدون منها لدفع هذا السعر. وعموما فإن السلطات العمومية قد أقرت تسهيلات إضافية تخص عمليات الاكتتاب حيث تم إقرار إمكانية تسديد سعر السكن بكامله عند استلام المفاتيح كما تم رفع السن الاقصى للمستفيدين من القروض العقارية إلى 75 سنة. وتم الشروع في عام 2014 في أوسع عملية ترحيل من السكنات الهشة والقصديرية منذ سنوات في إطار برنامج يهدف إلى القضاء على هذا النوع من السكنات قبل نهاية 2015.
إعادة الاعتبار للعمران من جانب آخر شهد 2014 اهتماما غير مسبوق بالجانب العمراني الذي ظل مهملا طيلة سنوات تحت ضغط الطلب الملح على السكن. وبالرغم من ان الفوضى العمرانية في البلاد لا تزال قائمة إلا أن السلطات العمومية اكدت اكثر من أي وقت مضى على اعادة الاعتبار للعمران لاسيما من خلال تثمين نشاط الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين. وقامت وزارة السكن في هذا الصدد بتجديد مجالس إدارة المدن الجديدة وتنصيب المرصد الوطني للمدينة بعد سنوات من الانتظار وإطلاق برنامج لاعادة تأهيل المدن ومراجعة الاطار القانوني المنظم للمجال العمراني لاسيما من خلال دفاتر شروط تعكس الهوية الوطنية مع تفعيل أدوات العمران. كما تم فتح ملف التكفل بالبنايات القديمة قصد تحسين الوجه العمراني وتثمين الموروث الثقافي حيث شهد 2014 إطلاق عمليات ترميم بسكيكدة وقسنطينة ووهران مع استخدام وسائل عصرية في عمليات المراقبة والفحص التقنيين. وينتظر أن يدخل قطاع السكن ابتداء من العام القادم مع إنطلاق البرنامج الخماسي الجديد مرحلة جديدة يتم فيها تجنيد كافة الوسائل للقضاء على أزمة السكن في آفاق 2019.