أربعة نصوص مؤسّسة وأربعة تعديلات منذ الاستقلال هذه قصّة الدستور الجزائري.. جاءت الأحكام الجديدة المتضمّنة في مشروع تعديل الدستور الذي من المقرّر أن يتمّ التصويت عليه يوم الأحد المقبل لتضاف إلى تلك التي أدرجت في مختلف الدساتير التي اعتمدت منذ الوثيقة الأولى لسنة 1963 فقد تمّ إصدار أربعة نصوص دستورية منذ الاستقلال من أجل تنظيم مختلف السلطات وتوضيح صلاحياتها وتحديد العلاقات بينها. كما تحدّد تلك النصوص المؤسّسة التي صدرت في سنوات 1963 و1967 و1989 و1996 المكوّنات وأسس الأمّة وتحدّد حقوق وواجبات المواطنين وعرفت على مرّ الوقت عدّة تعديلات أملتها (مقتضيات الوقت) والتحوّلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي فرضت إدخال (تكييفات) و(تصحيحات) من خلال بعض المراجعات تمّت على التوالي سنوات 1976 و2002 و2008 و2016. عرفت الجزائر في سنة 1963 أوّل دستور كرّس (وحدة السلطة الثورية) وأكّد الحكم المطلق للحزب الواحد المتمثّل في جبهة التحرير الوطني إلاّ أن هذا النصّ لم يصمد أمام (التصحيح الثوري) الذي تمكّن من سحب السلطة من الراحل أحمد بن بلّة وتمّ إلغاؤه في ذات اليوم الذي تلا فيه الرئيس الرّاحل هوّاري بومدين بيان 19 جوان 1965 حيث حكم الرئيس بومدين إلى غاية 1976 دون دستور وبالتالي دون مؤسّسات منتخبة ولقد كان مجلس الثورة بوصفه الهيئة العليا الحاكم المطلق. في سنة 1976 أبصر الدستور الجديد النّور مع ترسيم الخيار الاشتراكي كخيار لا رجعة فيه لقد غلبت على ذلك الدستور الصبغة الاشتراكية وقد كان يستمدّ روحه من (الفئات الشعبية). وجاء التعديل الأوّل بعد أشهر قلائل من وفاة الرئيس هوّاري بومدين وانتخاب الرّاحل الشاذلي بن جديد في السابع جوان 1979 ومن أهمّ التعديلات: تعيين وزير أوّل وإمكانية تعيين رئيس الجمهورية لنائبين للرئيس وتقليص العهدة الرئاسية إلى خمس سنوات عوض ستّ سنوات. أمّا ثاني تعديل للدستور فقد تمّ على إثر (أحداث أكتوبر) 1988 التي صحبها تغيير عميق للساحة السياسية منها نهاية (هيمنة حزب جبهة التحرير الوطني وصلاحيات واسعة للوزير الأوّل الذي أصبح رئيسا للحكومة وبالتالي مسؤولا أمام البرلمان). وتجسّدت المقاربة المجدّدة في إرساء أسس تعدّدية حزبية حيث ظهرت أولى (الحساسيات) على مستوى جبهة التحرير الوطني نفسها لتتحوّل تلك (الحساسيات) فيما بعد إلى تشكيلات سياسية. أمّا بخصوص دستور 1996 فقد كان من الضروري (الحرص) على عدم حدوث فراغ في حالة استقالة أو وفاة رئيس الجمهورية أو محاولة المساس بالطابع الجمهوري للدولة أو النظام الديمقراطي. ومع دستور 1996 جاء نظام برلماني جديد من أهمّ أحكامه إنشاء برلمان بغرفتين أي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة ودسترة الأحزاب السياسية بعدما كانت جمعيات ذات طابع سياسي وتحديد العهدات الرئاسية. وفي سنة 2002 عرفت هذه الوثيقة التعديل الأول الذي يندرج في إطار مطالب الهوية التي ميّزت سنتي 2001 و2002 في منطقة القبائل حيث جعل الرئيس بوتفليقة من اللغة الامازيغية (لغة وطنية كذلك) وقد استدعى الأمر انتظار سنة 2008 من أجل إجراء تعديلات أخرى من أهمها المادة 74 التي تنصّ على (إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية) دون تحديد للعهدات.