نار العنصرية تفضح حقيقة 28 دولة أوروبية عصور أوروبا (المظلمة) تعود من جديد ما تزال أزمة اللّجوء إلى أوروبا تؤجّج مشاعر بعض الساسة الأوروبيين المناهضة لاستقبالهم رغم السجِّل الحقوقي الأوروبي الذي يبدو أنه لا ينطبق عليهم ويرى بعضهم أن هؤلاء اللاّجئين لا يستوفون الشروط اللاّزمة لطلب اللّجوء في أوروبا ويرغبون في حياة مترفة على أراضي أوروبا على حساب سكّانها. قالت المفوّضية الأوروبية الخميس الماضي إن عدد الوافدين إلى أوروبا دون سبب حقيقي للجوء آخذ في الازدياد بينما يحتدم التوتّر في دول القارّة بسبب أزمة المهاجرين. وفشل الاتحاد الذي يضمّ 28 بلدا حتى الآن في الحدّ من تدفّق اللاّجئين والمهاجرين أو السيطرة عليه بعد وصول أكثر من مليون منهم العام الماضي أكثرهم عبر اليونان قاصدين ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وأظهرت بيانات من المفوّضية العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاّجئين أن أكثر من 54500 شخص وصلوا بالفعل إلى أوروبا عبر البحر هذا العام بينهم 50668 جاءوا من خلال اليونان. وقالت متحدّثة باسم المفوّضية الأوروبية في مؤتمر صحفي: (شهدنا بالفعل زيادة طفيفة في عدد الوافدين إلى أوروبا الذين لا يملكون سببا حقيقيا لطلب اللّجوء). أمّا أسباب رفض اللاّجئين الأخرى فكانت ديانة اللاّجئين وأغلبهم من المسلمين تخوّفا على الإرث الديني الأوروبي المسيحي. ورفضت كلّ من سلوفاكيا والمجر والتشيك وبولندا صراحة استقبال لاجئين مسلمين على أراضيها. في السياق ذاته قال رئيس وزراء فنلندا يوها سيبيلا إنه لن يتمكّن من الوفاء بما تعهد به وهو إيواء أسرة من طالبي اللّجوء في الوقت الرّاهن لاعتبارات أمنية. وكان سيبيلا وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة اتّصالات قد أثار الجدل في سبتمبر الماضي بقوله إنه سيفتح منزله الثاني في شمال فنلندا للاّجئين. واتّهم بعض الساسة والشخصيات العامّة سيبيلا بتشجيع اللاّجئين على القدوم إلى فنلندا بهذا العرض. وأجّج تدفّق المهاجرين في وقت ركود اقتصادي المشاعر المناهضة للمهاجرين ودفع لجان أمن أهلية إلى القيام بدوريات في الشوارع بزعم رغبتها في حماية الفنلنديين من المهاجرين. وأعلنت السلطات أنها تعتزم طرد 20 ألف طالب لجوء من بين 32 ألفا وصلوا إلى البلاد في العام الفائت تماشيا مع نسبة الرفض المعتادة التي تصل إلى 65 . * مطار نازي أكبر مأوى للمهاجرين في برلين لجأت السلطات المحلّية في العاصمة الألمانية برلين إلى مطار (تمبلهوف) المغلق منذ عام 2008 لاستقبال آلاف المهاجرين المتدفّقين إلى البلاد ويقيم هؤلاء في خيم داخل المطار بانتظار البتّ في طلبات لجوئهم ونقلهم منه. وفي ظلّ أزمة المهاجرين التي تعيشها ألمانيا بعد وصول أكثر من مليون ومائة ألف مهاجر إلى أراضيها التي باتت تضيق بضيوفها تواجه السلطات أزمة حقيقية في تأمين مراكز إيواء وهو الأمر الذي استدعى اللّجوء الى خيارات بديلة قد تفي بالغرض المطلوب ولو بشكل مؤقّت. من هذه الخيارات مطار (تمبلهوف) في برلين المتوقّف عن العمل منذ أكتوبر 2008 والذي يتحوّل تدريجيا إلى منطقة خاصّة بطالبي اللّجوء الذين وصلوا إلى العاصمة بعد رحلة نزوح طويلة هربا من الحروب والاضطهاد في بلادهم وتخطّى عددهم ال 80 ألفا العام الماضي في العاصمة وحدها. فهذا المطار يعود بناءه إلى عشرينات القرن الماضي وتبلغ مساحته نحو 380 هكتار ويبعد بنحو أربعة كيلومترات عن وسط العاصمة يجري العمل على تأهيله وتجهيزه لوجيستيا لاستقبال المهاجرين ومن المتوقّع أن يصبح أكبر مركز لإيواء المهاجرين في ألمانيا بسعة تتجاوز 7 آلاف شخص. يعيش داخل حرم المطار السابق اليوم نحو 2500 مهاجر بعدما عملت السلطات على تجهيزه وتوفير أدنى متطلّبات الحياة اليومية لهم ومن ذلك نصب خيم داخل الهنغارات وحظائر الطائرات وتوزيع الأسِرّة فيها مستفيدة من المساحات الكبيرة ويقيم هؤلاء بشكل مؤقّت في المطار بانتظار اكتمال طلبات لجوء الكثيرين منهم للانتقال إلى أماكن سكن أخرى تعمل السلطات المعنية على تشييدها بعدما خصّصت الحكومة الاتحادية موازنات ضخمة للولايات من أجل استيعاب الأعداد الهائلة من المهاجرين. وكانت السلطات المحلّية قد كلّفت فريقا لإدارة المخيّم عمل على توفير العديد من التجهيزات ومن ذلك قاعة كبيرة للطعام ودورات مياه ومغاسل نقّالة ومياه خاصّة بالاستعمال اليومي من استحمام وغيره كما يجري الحديث حاليا عن تجهيز مدرسة وملاعب رياضية. وفي حين يسعى المهاجرون إلى التأقلم مع وضعهم الجديد إلاّ أن الاكتظاظ تبعا لأعدادهم الكبيرة يؤدّي يوميا إلى مشاحنات ومشاكل بين بعضهم البعض. وبالرغم من محاولة تأمين الكميات اللازمة من المواد والمستلزمات المطلوبة لكن المهاجرين يواجهون في أحيان كثيرة نقصا في المياه الأمر الذي يضطرّهم إلى انتظار تأمينها بواسطة صهاريج مخصّصة لذلك كون البِنية التحتية للمطار ما زالت بحاجة إلى صيانة. كما أن السباق على الطعام والحصول على الوجبات وإن كانت متوفّرة بكمّيات كبيرة يؤدّي بدوره إلى صدامات بين العائلات المتواجدة في المطار والتي تختلف في العادات والتقاليد ونمط الحياة عن بعضها البعض خصوصا مع وجود عائلات من دول البلقان وإفريقيا والشرق الأوسط تضاف إلى كلّ ذلك مشاكل أخرى مثل غسل الملابس أو شحن الهواتف كون التيّار الكهربائي غير متوفّر داخل الخيم. جدير بالذكر أن مطار (تمبلهوف) كان له دور مهمّ خلال فترة الحصار السوفياتي لبرلين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية استخدم يومها في نقل ما لا يقلّ عن 2.3 مليون طنّ من المواد الغذائية ومن الوقود إلى الجزء الغربي من برلين الذي قطع السوفيات ما بين عامي 1948 و1949 سبل الاتّصال بينه وبين بقية أنحاء ألمانيا الغربية. بني مطار (تمبلهوف) عام 1927 ثمّ أعاد النازيون بناءه في الثلاثينات وظلّ يعمل كمطار حتى عام 2008 عندما قرّرت السلطات الألمانية إغلاقه ولم يتمكّن آلاف المحتجّين يومها من وقف القرار تحوّل بعد فترة حياة امتدّت 80 عاما إلى مساحة مخصّصة لتنظيم مهرجانات ضخمة أو ألعاب رياضية أو مناسبات عامة وكذلك مساحة للترفيه والاستجمام بالنسبة لسكّان برلين.