على ضوء أزمات الأمن والنفط ** حل الوزير الأول عبد المالك سلال أمس بروسيا على رأس وفد جزائري هام في زيارة وصفها مراقبون بالمفصلية التي يراد منها إعادة تفعيل محور الجزائر-موسكو وجعله صمام أمان لمجابهة الأزمات الأمنية والإقتصادية التي تعصف بأقطار متفرقة من العالم جراء تعاظم مؤامرات قوى الشر. وشارك الوزير الأول عبد المالك سلال مع نظيره الروسي دميتري مدفيديف أمس في منتدى الأعمال الروسي- الجزائري المنعقد في موسكو. وأفاد بيان رسمي للوزارة الأولى أن هذه الزيارة التي تدوم يومين ستسمح بإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس حول العديد من الملفات السياسية الدولية والإقليمية فضلا عن التعاون الاقتصادي بين البلدين. ويعقد خلال هذه الزيارة الرسمية التي يقوم بها سلال لمدة يومين بدعوة من نظيره الروسي سلسلة من المشاورات السياسية والمباحثات الثنائية في عدة مجالات أهمها صناعة الأسلحة والطاقة فضلا عن توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية بين الجزائروموسكو. وفي السياق يرى مراقبون أن البلدين يعتزمان تشبيك علاقاتهما بما يخدم مصالحهما بالأخص في هذا الظرف الحساس الذي تمر به سوق النفط والذي هوى بأسعاره إلى الخطوط الحمراء بفعل تآمر بعض البلدان المنتجة للنفط والتي رفضت تخفيض الإنتاج خلال اجتماع الدوحة الأخير ما انعكس بسرعة على الأسواق العالمية وهوى من جديد بأسعار النفط فالجزائر التي تأثرت كثيرا من الأزمة العالمية للنفط تُعوّل اليوم على شريكها التقليدي _روسيا_ لإعادة إنعاش إقتصادها وتحريره من التبعية لعائدات النفط كما أنها من خلال تقاربها القوي مع روسيا ستتمكن من تحقيق توازن كبير في علاقاتها مع المحيط الإقليمي والدولي فروسيا تعتبر قوة عظمى واستعادت في السنين الأخيرة دورها الريادي ولولاها لتمّ تدمير سوريا في وقت قياسي وبما أن جهات عديدة على رأسها فرنسا والمغرب باتت تتحرّش بالجزائر فإن تمتين علاقاتنا مع روسيا الإتحادية سيُشكل صمام أمان للجزائر التي تعتمد في تسليحها على روسيا والتي أصبحت اليوم على قناعة بضرورة تنويع التعاون الجزائري الروسي لتجاوز تداعيات انهيار أسعار النفط. وشهدت العلاقات التاريخية التي تربط البلدين منذ 2001 حركية سمحت بتعزيزها أكثر وتوثيقها في مختلف ميادين التعاون مثلما يعكسه حجم المبادلات التجارية الثنائية الذي بلغ 885 مليون دولار في 2015 مقابل 530 مليون دولار في 2014 في حين لم يتعد 175 مليون دولار في 2002. وتوج اجتماع الدورة الثامنة للجنة التعاون الإقتصادي والتجاري والعلمي والتقني الجزائري الروسي الذي عقد في جويلية 2015 بالتوقيع على محضر يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين. ويشمل المحضر الذي وقع عدة توصيات متعددة القطاعات ترمي إلى تطوير العلاقات الثنائية وتعزيزها. وتميزت هذه الحركية بتبادل الزيارات رفيعة المستوى من الجانبين وعلى رأسها تلك التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى روسيا سنة 2001 و2008 وتلك التي قام بها الرئيسان فلاديمير بوتين وديميتري ميدفيديف على التوالي في 2006 و2010 فضلا عن الزيارات على المستويين الوزاري والمؤسساتي.