صفقات مشبوهة أبرمتها الشركة الوطنية للتبغ والكبريت ** * عضو مجلس المديرين ينفي تلقيه رشاوي وضغطه على أعضاء لجان تقييم العروض باشرت أمس محكمة جنايات العاصمة في تفكيك قنابل ملف الفساد الذي طال المؤسسة الوطنية للتبغ والكبريت التي أبرمت صفقات مشبوهة مع مموّنين لتزويد الشركة بمادة التبغ ومواد تغليف مخالفة لدفتر الشروط والتي تسببت في طرح 50 طنا من التبغ الفاسد في السوق استهلكه الجزائريون حيث أظهرت جلسة المحاكمة أن عضو مجلس المديرين تسلم مبالغ مالية بالاورو تراوحت ما بين 30 ألف و170 ألف اورو مقابل تقديم تسهيلات ومزايا غير مستحقة. واستهلت جلسة المحاكمة بتقديم دفعات شكلية تتعلق بأمور التسيير التي أدرجها القاضي في الموضوع قبل أن ينادي على المتهم الرئيسي (خ.سعيد) عضو مجلس المديرين بالشركة الوطنية للتبغ والكبريت وتوجيه لهم ثقيلة تتعلق بجناية قيادة جماعة أشرار وجنح الرشوة استغلال النفوذ قبول أو طلب بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة وفقا لما ينص عليه قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وتبييض الأموال ليرد المتهم أنه التحق بالمؤسسة بتاريخ 22 ديسمبر 2002 وفي سنة 2003 استقال رئيس المجلس المدعو (م.أحمد) وبقي فقط عضوين وهو مخالف للقانون حيث لا يمكن تسيير الشركة واضطر لإبرام العقود والصفقات مع المموّنين الأجانب نافيا صلاحيته في الصفقات العمومية محملا مسؤلية الى لجنة تقييم العروض مضيفا أن جميع العقود التي تبرمها الشركة تدخل في إطار الصفقات الدولية لعدم وجود ممونين داخل التراب الوطني وان 98 بالمائة من قانون الصفقات بالشركة هو من القانون العام أضيف له تقنيات خاصة بمادة التبغ وأن اموال الشركة هي نتيجة نشاط التسيير وليس هناك دينار واحد من أموال الخزينة العمومية حيث تبلغ نسبة الأرباح سنويا ما بين 08 و10 مليار دينار. عضو مجلس المديرين: ما تلقيته لم يكن رشوة بل هدايا من مموّنين أجانب وفي رده على سؤال فيما يخص الخطوات المتبعة في مجال الصفقات أوضح المتهم أنه يتم نشر مناقصة دولية ويتم مراسلة الممونين الأجانب لسحب دفتر الشروط أو إرساله عبر البريد الالكتروني حيث يتضمن شرط ارسال عينتين من مادة التبغ عينة توضع جانبا في صندوق مغلق أما الثانية فيتم إفراغ محتواها في كيس اسود ويتم تعريفها برمز سري من طرف موظف بمديرية التموين ثم يتم عرضها على اعضاء اللجنة حتى لا يتعرفون على هوية الشركة الممونة فتتم معاينته من طرف خبراء من حيث النوعية والجودة والذين يقررون قبول أو رفض العينة وبعد جمع العينات المقبولة يتم التعريف هوية الشركات المالكة لها ومن بعد يتم دراسة العروض المالية من طرف لجنة تقييم العروض التي يتم استدعائها من طرف مديرية التموين حيث تقوم بترتيب العروض وفق معايير التقدير المعمول بها وبعدها تبدأ صلاحية أعضاء مجلس المديرين الذين يحددون الأولوية حسب سلم تنقيط والتي تعطي نسبة 60 بالمائة للعرض المالي و40 بالمائة للعرض التقني لأنها شركة تجارية هدفها الربح نافيا علاقته بفضيحة طرح 50 طنا من التبغ الفاسد السوق وأن المسؤولية على أعضاء اللجنة التقنية. وبخصوص تلقيه رشاوي من شركتين يونانيتين وشركة تونسية صرح المتهم أنه تسلم مبلغ يقدر 167 الف و400 اورو من عند مسؤول الشركة اليونانية (ميشاليداس أليكسوندروس) المدعو (ألكسندرو) أي ما يعادل مليار سنتيم ومبلغ 110 ألف أورو من مسؤولة الشركة اليونانية الثانية في الملف المدعوة غليو ديس دوروثيا ومبلغ 30 ألف أورو من عند الشركة التونسية للتغليف العصري ممثلة في المتهم (ع.محفوظ) لكن هذه المبالغ كانت هدية لعلاقة الصداقة التي تربطه بهم ولم تكون مقابل أي خدمة أو رشوة ليقاطعه القاضي مستفسرا: لماذا تم دفع هذه المبالغ في حسابات بنكية بفرنسا وليس بالجزائر؟ ما دفع المتهم بالتهرب قبل أن يرد انه كان في حاجة لهذه المبالغ في الخارج مضيفا أنهم عثروا بمنزله على 180 ألف أورو مصدرها أيضا الشركتين اليونانيتين والتي كانت أيضا هدية لأنه من المستحيل أن يستطيع الضغط على 03 لجان متكونة من 15 عضوا لفرض الشركة الفائزة. وشدد المتهم على أن الشركات محل المتابعة من أقدم الممونين للشركة الوطنية للتبغ والكبريت حيث ابرم 03 عقود مع شركة (ألكسندرو) وعقد واحد مع شركة (غليو ديس) فيما لم يبرم أي عقد مع الشركة التونسية للتغليف المعاصر ليتطرق إلى صفقات التغليف التي صرح بشأنها أن تدخل في إطار نظام خاص حيث يتم تقسيم الصفقة على ممونين إثنين تجنبا لأي تذبذب في الإنتاج حيث تنتج الشركة 500 علبة سجائر في الدقيقة الواحدة. من جهته المتهم التونسي (ع.محفوظ) أنكر علاقته بالقضية وفيما يخص دفعه مبلغ 30 أورو كرشوة للمتهم أوضح أنه مجرد موظف بالشركة وليس هو من دفعها بل إدارة الشركة وأن مديرية التموين بالشركة الجزائرية هي من وجهته للمتهم حيث تكمن صلاحيته في إمضاء العقود ومراقبة الإنتاج وليس إبرام الصفقات. هكذا حُرّكت القضية.. وحسب قرار إحالة المتهمين فتحريك القضية كان بتاريخ 14 مارس 2013 عندما تلقت مصالح الشرطة القضائية التابعة للمصلحة الإقليمية للاستعلام والأمن معلومات مفادها تعاطي عضو مجلس المديرين المدعو (خ.سعيد) رشوة من متعاملين اقتصاديين أجانب ممونين للشركة الوطنية للتبغ والكبريت تتراوح ما بين 10 آلاف أورو إلى 50 ألف أورو مقابل إبرام عقود لتزويد الشركة بمادة التبغ ومواد التغليف خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى غاية سنة 2012 مقابل حصولهم على الصفقات عن طريق تزويدهم بالمعلومات المتعلقة بمخططات احتياجات الشركة ومن خلال التدخل على مستوى لجان الصفقات الخاصة بالشركة لإصدار تعليمات كتابية وشفوية لتغيير معايير المواد التي يقدمون فيها عروضا.. ليتم توقيف المتهم الذي حجز بمنزله على مبالغ معتبرة بالعملات الأجنبية تمثلت في 189.200 أورو 20.100 دولار أمريكي 41610 درهم إماراتي 102 ريال قطري 170 دينار تونسي إضافة إلى مبلغ بالعملة الوطنية يصل إلى 1263.000 دينار معظمها من عائدات الرشاوي التي تلقها مقابل تصنيع تبغ فاسد وتحويله للمستهلك الجزائري. ومن بين الصفقات التي طالها التدليس مناقصة وطنية ودولية بتاريخ 20 ديسمبر 2011 متعلقة بشراء المواد الأولية للتبغ (الأبيض والأسود) حيث تقدمت لهذه المناقصة 13 شركة دولية منها الشركتان اليونانيتان ولدى تقييم العروض من قبل اللجنة التقنية تم إقصاء 5 عينات للتبغ بسبب عدم حصولها على النقطة المطلوبة بخصوص نسبة النيكوتين التي كانت مخالفة للنسبة المحددة في الملحق التقني لدفتر الشروط غير أن المتهم قام بإصدار لائحة بتاريخ 27 جوان 2012 تتعلق بتغيير إجراءات فحص عينات التبغ وإلغاء نقطة نسبة النيكوتين في نوعية تبغ (سكومي) من أجل إعادة النظر في قرار اللجنة وذلك من أجل قبول عيّنات التبغ للشركتين اليونانيتين اللتين فازتا بالصفقة من أجل تموين الشركة الوطنية ب50 طنا من التبغ الأسود بمواصفات غير مطابقة لدفتر الشروط.