يحتار الكثير من الأشخاص العاديين في الطريقة التي تستعملها شريحة الصم البكم للتأقلم والتعامل مع الأفراد المحيطين بهم بالرغم من سياسة التعليم التي انتهجتها الدولة الجزائرية لإخراج هؤلاء من القوقعة التي يعيشون فيها من خلال فتحها لعدة مدارس في هذا المجال وتدعيمها بأساتذة مختصي إلا أن السؤال المطروح الذي بقي يستحوذ على أذهان البعض من المواطنين هو كيف يستعمل أصحاب تلك الفئة مختلف الوسائل التكنولوجية ومنها الهاتف النقال وكيف يتم التواصل بالعالم الخارجي من خلاله؟ هي أسئلة كثيرة يطرحها العديد من المواطنين منها الطريقة التي يعيش بها هؤلاء الأفراد أو غيرهم من الأشخاص الذين يفتقدون إلى إحدى أعضائهم الحركية الذين ينتمون إلى فئة المعوقين دون أن يعلم هؤلاء الناس أنهم هم المعاقون حقا نظرا لاستغرابهم من طريقة عيش فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بنعم نجهل نحن الأصحاء كيفية استعمالها حتى وإن كانت موجودة عندنا وفي متناول أيدينا عكس هؤلاء الذين استطاعوا أن يتحدوا إعاقتهم وجعلوا منها بداية لكل نجاح وتحدو بذلك نظرة المجتمع القاسية. بإشارات بسيطة جدا استطعنا أن نقترب من بعض المراهقين من الصم البكم الذين التقينا بهم بالقرب من محطة النقل الجامعي ب(أودان) حيث كانوا يتشاورون فيما بينهم والضحكة تملأ أفواههم مكونين بذلك ديكورا جد رائع أسكت كل من حولهم، حيث توجهت الأنظار إليهم في صمت واستغراب وحيرة وانبهار من الطريقة التي يتعاملون بها وكيفية تعاملهم مع الحياة دون ملل أو سخط على مصيرهم ، بل العكس فقد استطاعوا أن يكونوا لوحة فنية مليئة بالأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل بالرغم من عدم قدرتهم على البوح بأي كلمة أو سماع الأصوات المحيطة بهم فهم يعيشون في سكونهم التام. ولعل الأمر الملفت للانتباه حقا هو وصول رسالة هاتفية (أس أم أس ) إلى إحدى الهواتف وبمجرد قراءتها راح يخبر أصدقاءه بمحتوى الرسالة وبعدها دار نقاش فيما بينهم ليقوم (مروان) بالرد على الرسالة، وللإشارة فقد استطعنا أن نتعرف على اسمه من خلال اقترابنا منه حيث قمنا بمحاكاته ببعض الإشارات التي اندمج فيها معنا. حيث يلجأ الصم البكم إلى تبادل الرسائل القصيرة عبر الهواتف النقالة من أجل تواصل فيما بينهم فهذه الفئة التي ليس بإمكانها تفعيل مكالماتها لذا تستخدم خدمات الجوال لما يتناسب وإمكانياتها من كتابة رسائل نصية قصيرة للطرف الآخر أو الاستعانة بالمحيطين بهم لأجل فك وتركيب بعض الإشارات التي تميز عالمهم، وأمام صعوبة تواصلهم واتصالهم مع الغير وعدم مقدرتهم على استعمال اللغة الشفهية عبر الهاتف فقد وجدت هذه الفئة البديل الشافي لحالتها من خلال اتخاذهم للهاتف النقال كسبيل للتواصل مع المحيطين بهم ممن يشاركونهم الإعاقة ومن الأصحاء كذلك، ويستعينون في ذلك بعدة طرقات تخصهم وتسهل عليهم التعامل مع التكنولوجيا. وفي هذا الشأن تبين أن فئة الصم البكم يستعينون بالهاتف النقال بوضعه على نظام الهزات من أجل التنبه إليه عند وصول مكالمة أو رسالة من شخص ما باعتبار أن الرنات غير فعالة في وضعهم، كما يلجأ أغلبهم لاستعمال الرسائل القصيرة للتواصل عبره حيث تعتبر الرسائل القصيرة من أفضل الطرق وأسهلها التي يستخدمها الصم البكم خلال عملية التواصل عبر الهاتف النقال. في حديث سابق أكد (بوكروي محمد) الناطق الرسمي باسم الفدرالية الوطنية للصم البكم أن هذه الفئة تستعمل الرسائل القصيرة فيما بينها بنسبة تفوق 60 بالمائة منهم فهذه الطريقة حسبه سهلة ومرنة بالنسبة للشبان خاصة والراشدين كذلك، وفي نفس السياق يضيف أن الفرد الواحد يقوم بإرسال واستقبال ما يفوق 20 رسالة يوميا تعوضه عن التحدث. ومن جهتها أشارت الأستاذة (منية فرحات) بمدرسة الصم البكم أن تمكن التلاميذ من إتقان التواصل عبر الرسائل القصيرة ساعد هذه الفئة بشكل كبير لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتحدث والتواصل مع من بإمكانهم الكلام، مشيرا إلى أن الكتاب بشكل عام يساهم في فك عزلتهم كما أن الرسائل القصيرة مع بعضهم تسهل عليهم الكثير من صعوبات الإعاقة، كما أن اعتمادهم على الهواتف الذكية نظرا لتزودها بكم هائل من الصور وتزودها بشاشات كبيرة تتيح الخدمة الجديدة للصم البكم للاتصال بالشرطة وشرطة النجدة والأجهزة الإعلامية والحديث مع المختصين بلغة الإشارة عند الحاجة وستسهل الخدمة أيضا وتبادل الحديث بين الصم البكم الذي يستطيعون قراءة حركة الشفاه والتفاهم مع غيرهم عبر الصور الحية. وفي ذات الإطار يقول (بوكروي محمد) إن الفئة المتعلمة من الصم البكم تتميز بأكثر تفاعلية واندماج مع مجتمع الاتصال الناجم عن الاحتكام بأفراد المجتمع من خلال الرسائل القصيرة التي تساهم في فك العزلة التي يعيشونها مع المحيط الذي لا هم يتقنون لغتهم الشفهية ولا هو يفك رموز إشاراتهم. فكل هذا الفضل يرجع إلى دور المدارس التي لم تكن موجودة من قبل حيث كانت هذه الفئة تعاني من ويلات الأمية وصعوبة التواصل مع الآخرين عكس ما نراه في الوقت الحالي.