قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    اللواء بن بيشة يُنوّه بدور الجزائر    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    إصلاحات سياسة التشغيل تجسّدت على أرض الواقع    ماذا بقي في رفح؟    فيلم فلسطيني يثير مشاعر الجمهور    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    في ملتقى افتتحه الأمين العام لوزارة الدفاع: تنويه بدور الجزائر في مواجهة التحديات الراهنة لإفريقيا    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط : اتفاقية لتسويق المنتجات الجزائرية للتخصصات الكيمياوية بموريتانيا    رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكونغو: الجزائر تشهد تطورا على كافة المستويات    وزير الاتصال محمد لعقاب من جامعة الوادي: الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة ضد الاستعمار    السفير الفلسطيني فايز أبوعيطة يؤكد: الجزائر تتصدر المعركة السياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    رفع الحجم الساعي للتربية البدنية السنة المقبلة    دعم السيادة الرقمية للجزائر وتحقيق استقلالها التكنولوجي    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    تعاون أكاديمي بين جامعة الجزائر وجامعة أرجنتينية    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    سياسة التشغيل ضمن سياسات التنمية الشاملة في الجزائر    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    الإطاحة بمروج المهلوسات    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سو تشي.. سكتت دهرا ونطقت كفرا
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 11 - 2013

تعتبر زعيمة المعارضة الميانمارية أونغ سان سو تشي من أبرز الشخصيات التي لعبت دورا حيويا في ميانمار (بورما) فيما يتعلق بالجوانب السياسية والديمقراطية وحرية الفكر، ولها تاريخ من النضال السياسي الكبير يتمثل في تأسيس وقيادة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.
وفي 20 جويلية 1989 تم وضعها تحت الإقامة الجبرية وعُرض الإفراج عنها مقابل مغادرتها البلاد ولكنها رفضت، ونالت سو تشي عددا من الجوائز العالمية الكبرى في مجال السياسة والحقوق والديمقراطية، من أشهرها جائزة نوبل للسلام عام 1991، وجائزة سخاروف لحرية الفكر عام 1990، وعددا من الجوائز والأوسمة العالمية في مجال الحريات والحقوق.
الغريب في أمر هذه المناضلة السياسية الفائزة بكل هذه الامتيازات والجوائز العالمية الكبرى تجاهلها المفضوح لأكبر قضية حقوق في بلادها، وتغييبها لقضية من أوسع وأشهر قضايا الجرائم ضد الإنسانية في ميانمار، والتي تولت كبرها عصابات البوذيين بتأييد الطغمة الحاكمة.
فمنذ عدة عقود يعاني شعب الروهينغا المسلم من ويلات الظلم ونزع المواطنة والإبادة الممنهجة والتشريد القسري، وغيرها من انتهاكات صارخة يعرفها العالم أجمع، ورغم كل ذلك فإنها التزمت الصمت أو المداراة حيال كل العمليات الإجرامية التي ارتكبها البوذيون بحق مسلمي الروهينغا طوال الفترة الماضية.
وكان المهتمون بوضع ميانمار والروهينغا ينتظرون منها ولو كلمة واحدة تندد بما يحصل من إبادة وقتل وتشريد منظم، ولكنها فضلت السكوت، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المتابعين والمهتمين بحقوق الإنسان في العالم، وجعلهم يتساءلون عن سرّ سكوتها وموقفها المريب من قضية كهذه.
وليتها واصلت سكوتها ولكنها مارست نوعا غريبا من التضليل وتشويه الحقائق بطريقة لا تتناسب أبدا مع مكانتها ونزاهتها بالنظر إلى قضية الروهينغا.
ففي تصريح أدلت به ل(بي بي سي) قبل أيام، أفصحت سو تشي عن طويتها حين اعتبرت أن أعمال العنف التي وقعت في بلادها ضد أقلية الروهينغا المسلمة لا ترقى إلى مرتبة التطهير العرقي.
وقالت إن الأمر يرجع إلى الحكومة لإنهاء العنف وعودة اللاجئين البوذيين الذين اضطروا إلى الفرار من البلاد هربا من الاضطهاد السياسي.
وحين طالبت بعودة اللاجئين البوذيين -رغم قلتهم ومحدودية عددهم- غضت الطرف عن مأساة الروهينغا، ولم تطالب أبدا بعودة ما لا يقل عن 140.000 نازح روهينغي داخل بورما اضطروا للفرار من قراهم التي أحرقها البوذيون العام الماضي، وأصبحوا يعيشون في مخيمات للنازحين بمنطقة أكياب سيتوي دون أي رعاية أو اهتمام، رغم قساوة الظرف والحالة الإنسانية التي يعيشون فيها.
وحين نتفحص أوضاع الأقلية الروهينغية المسلمة في ميانمار وما عانته خلال الحقب الماضية على أيدي البوذيين (الموغ) وما زالت تعانيه، نجد أن هذه الانتهاكات ترقى إلى ما هو أبعد من التطهير العرقي بشهادة كبرى المنظمات والجهات الحقوقية العالمية.
فقد جاء في تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش أن السلطات البورمية وعناصر من طوائف عدّة بولاية أراكان قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في إطار حملة تطهير عرقي بحق الروهينغا المسلمين في الولاية.
وكشف التقرير -الذي صدر في 153 صفحة- دور الحكومة البورمية والسلطات المحلية في التهجير القسري لأكثر من 125 ألف شخص من الروهينغا وغيرهم من الطوائف المسلمة.
واستند التقرير إلى أكثر من مائة مقابلة مع مسلمين من الروهينغا ومن طوائف إسلامية أخرى، ومع أشخاص من طائفة الراخين ممن عانوا جراء الانتهاكات وشهدوا عليها، وكذلك أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع بعض المنظمين لأعمال العنف ومرتكبيه.
وجاء في التقرير: (لقد تبين أن جميع أجهزة الأمن في ولاية أراكان متواطئة في الإخفاق في منع الأعمال الوحشية أو مشاركة في ارتكابها، بما في ذلك الشرطة المحلية، وشرطة مكافحة الشغب (لون ثين)، وقوة حراسة الحدود المعروفة بمسمى (ناساكا)، وقوات الجيش والبحرية).
وجاء أيضا في التقرير الذي أصدره المبعوث الأممي توماس أوخيا كوينتانا مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في بورما، أن (معلومات متطابقة تشير إلى إمكانية إدراج بعض انتهاكات حقوق الإنسان في فئتيْ الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب) التي حددتها المحكمة الجنائية الدولية.
وانتقدت صحيفة (تليغراف) البريطانية -في افتتاحية لها- سو تشي التي ظلت تكافح على مدار 15 عاما ضد الحكم الدكتاتوري في بلادها، وذلك بسبب موقفها من العنف والاضطهاد الذي تتعرض له الأقلية المسلمة على أيدي الأغلبية البوذية.
وتحت عنوان (خذلتنا سو تشي)، حذرت الصحيفة من أن نهج المناضلة البورمية الذي وصفته بالغامض إزاء ما يتعرض له المسلمون يهدد بتلويث سمعتها.
تجاهل سو تشي لقضية أقلية الروهينغا وراءه أسرار كثيرة قد تبديها الأيام، ولكن المحللين لمواقفها اتفقوا على أن أكبر سبب لهذا التغاضي والدفاع في ذات الوقت عن البوذيين والمطالبة بحقوقهم، هو سعيها لاستعطاف الشارع البورمي ذي الأغلبية البوذية.
ومن الواضح أنها تريد كسب مزيد من التأييد والدعم للفوز برئاسة البلاد، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المزمع إقامتها عام 2015، لاسيما أن أي صوت يطالب بحق الروهينغا في البلاد يعتبر نشازا وخرقا للسياسات العامة التي يخطط لها البوذيون منذ زمن طويل.
فليس من المستغرب إذن بعد ذلك أن تضحي سو تشي بكل تلك الدماء وبكل الجراحات والحقوق المهدورة من أجل وصولها إلى سدة الحكم، فهي سياسية وتعرف أن كلمة واحدة منها في الدفاع عن الروهينغا ستعيدها إلى الوراء مئات السنين، وتسحب من حزبها آلاف الناخبين والداعمين، ولعل هذه اللعبة السياسية هي التي دفعتها للسكوت دهرا وحين نطقت نطقت كفرا، ولا بواكي للروهينغا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.