انطلاق امتحان اثبات المستوى للمتعلمين عن بعد في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي    ممثلا لرئيس الجمهورية..شرفة يشارك في القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بنيروبي    مجازر 8 مايو 1945 : صورة قاتمة لسياسة الإبادة التي انتهجتها فرنسا الاستعمارية    أعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون التزامهم بدعم عملية سياسية شاملة في ليبيا    بطلب من الجزائر …مجلس الأمن يعقد هذا الثلاثاء جلسة مغلقة حول المقابر الجماعية في غزة    "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي: الفرص وآفاق التعزيز" محور ملتقى بالجزائر العاصمة    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    عون: الملكية الفكرية حماية وضمان لنمو وازدهار الابتكار    وزير الاتصال : الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة والنضال ضد الاستعمار الفرنسي    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    ماذا بقي في رفح؟    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    فيلم فلسطيني يثير مشاعر الجمهور    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    رفع الحجم الساعي للتربية البدنية السنة المقبلة    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    توجيه 435 ألف مستفيد من منحة البطالة نحو عروض عمل    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    تعاون أكاديمي بين جامعة الجزائر وجامعة أرجنتينية    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    سياسة التشغيل ضمن سياسات التنمية الشاملة في الجزائر    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    الإطاحة بمروج المهلوسات    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعدام المستقبل
نشر في صوت الأحرار يوم 25 - 03 - 2011

أنا مستعد لأن أسقي الماء مجانا في محطة المسافرين تافورة من العاشرة صباحا حيث تبدأ حاجة الناس للماء إلى غاية السابعة مساء حيث تتوقف المحطة صيفا وخريفا وشتاء وربيعا حتى يتوفاني الله إذا أجابني القائمون على وزارة المجاهدين الجزائريين عن هذا السؤال إجابة مقنعة: ما معنى أن يتزامن احتفال الشعب الجزائري بعيد النصر المجيد مع هدم البيت الذي احتضن طفولة الشهيد العربي بن مهيدي في بسكرة؟، وهو بيت بني عام 1870 وقد استأجرته عائلة بن مهيدي بداية الثلاثينيات فترعرع فيه سي العربي قبل أن ينتقل إلى العاصمة ليصير ما مات عليه، وطبعا فإن حيائي يمنعني من أن أقول للقائمين على وزارة المجاهدين في العاصمة أو لممثليها التنفذيين في بسكرة أو لوالي بسكرة أو لرئيس بلديتها أو لمدير الثقافة هناك أو لمنظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها منظمتا المجاهدين وأبناء الشهداء من هو العربي بن مهيدي، علما أن صاحب البيت راسل كل المعنيين بالذاكرة الوطنية طالبا منهم أن يعوضوا له البيت على أن يحولوه إلى متحف فلم يتلق إجابة من أحدهم ما اضطره إلى هدمه حتى يقيم مكانه مبنى جديدا هو بحاجة إليه، وهو مصير "حظي" به البيت الذي تشرف بإقامة مصالي الحاج فيه بحي المدنية بالجزائر العاصمة، وطبعا فإن حيائي يمنعني مرة أخرى من أن أقول للمعنيين بالأمر من هو مصال الحاج.
الواقع أن هناك مجازر ترتكب يوميا في حق معالمنا التاريخية قديمها وحديثها في صمت مريب لجميع المعنيين بالذاكرة الوطنية، وهنا أذكر أنني وجهت قبل سنتين رسالة نشرتها في أكثر من عشر جرائد وطنية إلى وزارة المجاهدين ووزارة الثقافة بخصوص قضية شبيهة معتقدا أن ذلك سيحول دون الكارثة لكن لا حياة لمن تنادي، كل ما في الأمر أن المسؤول الذي أشرف على المجزرة هددني بأكثر من طريقة وكأنني تعديت على بيته الخاص وهذا نص الرسالة: تعلمون أنّ ذاكرة الشعب جزء من جوهره، الذي يشكّل هويته الوطنية التي تعطيه معناه في التاريخ بكل أبعاده الزمنية والحضارية، والذاكرة ليست أحداثا تروى كاملة أو منقوصة فقط، وإنما هي معالمُ احتضنت تلك الأحداثَ أيضا، فاكتسبت صفة التراث المادي، ولا يكتسب المعْلَم أهميته بقدمه فقط، بل من خلال ارتباطه بمفصل مهمّ في التاريخ أيضا، وقد كانت ولا زالت ثورة التحرير الكبرى واحدا من أعظم مفاصلنا التاريخية بالشكل الذي جعلها مرجعية في حياتنا نحن الجزائريين، لذلك فإن كل المعالم الأثرية المرتبطة بها أخذت أو يجب أن تأخذ هذه القداسة الوطنية، وإنَّ أعراش غرب ولاية برج بوعريريج: أولاد علي أولاد جحيش أولاد يعقوب أولاد ثاير أولاد ضاعن أولاد سيدي اعمر أولاد شبيل أولاد زيد أولاد طريف الصمة عقار الحراش بوطويل الرملية لعراف بن داود حرازة فضالة واد أغلاس بني وقاق واد الخميس السلاطنة، مع بعض أعراش الشرق البويري، وبعض أعراش الشمال المسيلي مثل منطقة ملوزة التاريخية، يشتركون في ذاكرة محلية واحدة جسدها المحتشد المشؤوم الذي أقامه الاستعمار الفرنسي في قرية لباشيش المجاهدة، كي يعزل حركة الثوار عنهم، ولم يبق من تلك التجربة القاسية من شاهد إلا ذاكرة من بقي حيا ممن عاشوها، ومبنى عظيم كان مقرا للتجنيد والتخطيط والتعذيب، اتخذه الاستعمار منطلقا للتحكم في المنطقة، وقد عامله سكان تلك الأعراش طيلة مرحلة الاستقلال كدليل على ارتباطهم بثورتهم الكبيرة من جهة، وعلى وحشية المستعمر من جهة ثانية، وبعد الانتخابات البلدية الأخيرة اتخذ مجلس بلدية بن داود/ ولاية برج بوعريريج، قرارا يقضي بهدم هذا المعْلَم، وإقامة مبنى جديد يكون مقرا لمفرزة الحرس البلدي، رغم وجود عشرات البدائل التي تصلح لأن تكون مقرا، وقد شُرع فعلا في تنفيذ هذه المجزرة، الأمر الذي ترك استياءً كبيرا لدى السكان، وأمام هذا الإجراء الذي ينعدم فيه أدنى وعي بالتاريخ وذاكرة المكان، أناشدكم أن توقفوا جرافة البلدية، وتوجيهها إلى ترميم الطرقات التي تتعثر فيها حتى الحيوانات ناهيك عن السيارات، ولمَ لا تحويل هذا المعلم إلى متحف يلمّ شتات ذاكرة الثورة في المنطقة.
الحاصول: حين يخرج المجتمع المدني الجزائري في مسيرات تندد بتخريب المعالم التاريخية مثلما يفعل مطالبا بالسكن، يستطيع أن يطمئن على أنه يدخل المستقبل بسلام.. السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.