البنك الوطني للإسكان يدخل رسميا حيز النشاط    الاحصاء العام للفلاحة: شرفة يدعو الفلاحين والمهنيين إلى التجند بقوة لإنجاح العملية    الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر ال36 للاتحاد البرلماني العربي يومي 26 و27 مايو    أوتشا يعلن عن نفاد جميع مخزوناته الإغاثية في قطاع غزة    العدوان الصهيوني على غزة : 15 شهيدا في قصف للاحتلال على مخيم جباليا    دراجات /طواف الجزائر-2024/ : "الطواف يضمن الفرجة للجماهير وحظوظ الدراجين الجزائريين بالتتويج قائمة"    ألعاب القوى لذوي الهمم /مونديال 2024 (رمي القرص): صافية جلال تقتطع تأشيرة التأهل الى الألعاب البارالمبية بباريس    الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية للعام الثاني على التوالي    وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الصربي    المجلس الأعلى للشباب يحتفي بالذكرى ال68 ليوم الطالب بالقطب الجامعي لسيدي عبد الله    رئيس الجمهورية يهنئ فريق مولودية الجزائر بمناسبة تتويجه بلقب الرابطة المحترفة الأولى    أوبرا الجزائر: افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية    مذكرة تعاون بين الجزائر والصين    بوغالي يقترح إنشاء لجنة برلمانية استشارية    شركات آسيوية عملاقة تسعى للاستثمار في الجزائر    المخزن يرتبك في الأمم المتحدة    القضية الفلسطينية بحاجة لأمّة قوية    الوزير بلمهدي مُنتظر ببومرداس اليوم    مصنع فْيَاتْ بوهران لم يُغلق    التحضير لإنشاء مناطق حرة بجيجل والطارف وتبسة    الزراعة المائية بالطاقة الشمسية كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي    اختبار لوكلاء اللاعبين بالجزائر    رونالدو يتصدر قائمة أعلى الرياضيين أجراً    حملة للوقاية من الحرائق    قافلة تضامنية لفائدة المسنين    الخبز الأبيض خطر على صحة الإنسان    شرفي يؤكد على أهمية إشراك الشباب    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    الخطوط الجوية الجزائرية: دعوة الحجاج إلى الإسراع بحجز تذاكرهم عبر الأنترنت    بعد عملية تهيئة: إعادة افتتاح قاعتي ما قبل التاريخ والضريح الملكي بمتحف سيرتا    مكونة من 19 شخصا بينهم 16 أجنبيا: تفكيك شبكة للتزوير وتهريب المركبات المستعملة بالوادي    الرئيس تبون يعول على استصلاح مستدام للأراضي بالجنوب    قدم عرضها الشرفي ببشطارزي عشية المنافسة: "زودها الدبلوماسي" تمثل الجزائر في مهرجان "ربيع روسيا الدولي"    تأخر كبير في ربط تيارت بالطرق المزدوجة    الدفع بالتعاون الجزائري- القطري في مجال الابتكار    الكيان الصهيوني يستخف بتهمة الإبادة الجماعية    بونجاح "التاريخي" يتجه للّعب في السعودية الموسم المقبل    قرار فرنسي يسدي خدمة من ذهب للفريق الوطني    أوبرا الجزائر بوتقة للتميز الإبداعي    وناس يسخر من مسؤولي ليل ويبحث عن وجهة جديدة    هذا جديد ملف تصنيع المركبات في الجزائر    زيارة سفير كوريا ووفد فيتنامي لوكالة الأنباء الجزائرية    عمداء الموسيقى العالمية يلتقون بالجزائر    توقيف سارقي عتاد محطات البث الهوائي    غريق بشاطئ مرسى بن مهيدي    سقوط ثلاثينيّ من علو 175 متر    تسييج "بورتيس ماغنيس".. ضمانة الأمان    حلقة أخرى في سلسلة "الثورات" الاقتصادية    باحثون متخصّصون يشرعون في رقمنة التراث الثقافي    نظام تعاقدي للفصل في تسقيف الأسعار    بشار/أيام الموسيقى ورقص الديوان: حفل تقدير وعرفان تكريما لروح الفنانة الراحلة حسنة البشارية    الخطوط الجوية الجزائرية تدعو الحجاج الى الاسراع بحجز تذاكرهم عبر الانترنت    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث عن الدستور، سعدي يستعطف، ودولانوي يعترف
نشر في صوت الأحرار يوم 24 - 05 - 2008

عاد رئيس الجمهورية إلى موضوع تعديل الدستور بعد صمت فتح أبواب التكهنات، فألهب مجددا الجدل بشأن مضمون المشروع بشكل متزامن مع لهيب الفتنة التي تلتهم بريان منذ أيام وسط تضارب التحليلات بين من يحمل المسؤولية إلى ممثلي السلطة ومن يتحدث عن "المؤامرة"•
شكلت الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى الطلبة في عيدهم المصادف ل 19ماي، فرصة لإعادة بعث النقاش حول تعديل دستور 96، وحتى إن لم يشر بوتفليقة بصريح العبارة إلى هذا الموضوع، واكتفى بالدعوة إلى تحديث المؤسسات الوطنية وتكييفها مع روح العصر، لكن ذلك لم يمنع من تعاطي الإعلاميين مع هذه المسألة بأكثر جدية واعتبار ما جاء على لسان رئيس الدولة إنما هو تأكيد واضح بأنه لم يتخل عن خياره في تعديل الدستور خلافا للتخمينات التي طرحها أكثر من مصدر.
خطاب الرئيس أحيى المصادر المختلفة التي طرحت عدة مقاربات حول مشروع الرئيس، وهناك من اعتمد على مصادر من رئاسة الجمهورية "مستشار بالرئاسة" للحديث عن وجود أكثر من مشروع على مكتب بوتفليقة مع تكذيب وجود لجنة مكلفة بصياغة الدستور الجديد! علما أن قرب طرح النص أمام الهيئة التشريعية ثم أمام الناخبين أصبح شبه مؤكد، على خلفية التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم التي تحدث فيها عن احتمال نزول مشروع تعديل الدستور إلى قبة البرلمان قبل نهاية الدورة الربيعية•
والملاحظ أن الجدل حول دستور بوتفليقة تزامن مع عودة الاضطرابات إلى بريان بغرداية بعد هدوء نسبي عاشته هذه المدينة لفترة وجيزة، والظاهر أن أحداث بريان قد خطت هذه المرة منحى جد خطير، بعدما انتقلت أعمال العنف إلى مرحلة أعلى وتحولت إلى مصادمات بين "مالكيين وإباضيين" أو بالأخرى، هكذا أريد لها إذا ما تتبعنا خيط الأزمة ووقفنا عند موقف كل الفاعلين على ساحتها•
بريان، هذه المدينة الهادئة التي يعرف عن سكانها أنهم مسالمون يحظى فيها كبارهم بالاحترام حد القداسة، تحولت في لمح البصر إلى خراب، وقد خلفت المواجهات قتلان وجرحى وتواصل لغز حرق البيوت والأملاك الخاصة وتجلت ظاهرة الملثمين الذين تحولوا إلى أشباح تشيع الفتنة ومستثمرة التنوع المذهبي" الذي تعيشه المنطقة منذ سنين• لا حديث في الأيام الأخيرةإلا عن تعزيزات أمنية في بريان، وكأن المدينة تحولت إلى ساحة لحرب طائفية حقيقية، ورغم الجهد الذي تبذله السلطات لاحتواء الأزمة باللجوء إلى أعيان المنطقة وإلى الأئمة من إباضيين وسنة لتهدئة الخواطر واستعادة الاستقرار، وإعلانها عن توقيف 28 شابا من بينهم عناصر ملثمة يشتبه ضلوعها في عمليات الحرب وإعلانها عل لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة عبد الرشيد بوكرزازة، بأن الدولة سوف تتكفل بالخسائر المادية التي تعد بالملايير، بقي السؤال عالقا بخصوص الخلفيات الحقيقية لما حصل ببريان، وهو تساؤل لن تستطيع الإجابة عنه اللجنة البرلمانية التي شكلها رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري لاستطلاع الوضع ببريان وتقريب وجهات النظر بين جميع أطراف الفتنة، ولا حتى لجنة التحقيق التي يطالب بها الأرسيدي•
فزعيم هذا الحزب اتهم صراحة أجهزة الأمن بالتراخي في التصدي للاضطرابات، والاستفادة من معلومات تتحدث عن دخول غرباء إلى المدينة قبل يوم واحد من اندلاع المواجهات، وراح سعيد سعدي يتهم والي غرداية وحتى رئيس الدائرة بالتقاعس في مواجهة الفتنة التي ربطها سعدي بالرئاسيات المقبلة حسب فرضياته الخاصة، محاولا إبعاد التهمة عن حزبه رغم مواقفه السابقة التي يشتم فيها رائحة السعي إلى تحريك الشارع من أجل الضغط والابتزاز السياسي، وقد يكون ما قاله سعدي بمثابة "كلمة حق أريد بها باطل"، ذلك أن ما عرفته بريان من أحداث عنف لا ينفصل في الواقع عن الاضطرابات التي شهدتها مناطق أخرى من البلاد، على غرار ما حصل بقديل بوهران وبتيارت••إلخ.
الغريب في الأمر أن سعيد سعدي الذي جاب أمريكا وكندا وأوروبا وهو يدعي بأن الجزائر بل وشمال إفريقيا قد تحولت إلى "مزرعة" "للقاعدة"، عاد ليناقض كلامه، بحيث أكد في ندوته الصحفية الأخيرة تعليقا على رسالة كوندوليزا رايس التي اعتبرت الجزائر رائدة في المجال الأمني، وتصريحات وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال إليو ماري، أنه إذا كان هؤلاء يعتبرون الجزائر رائدة في مجال الأمن وصاحبة الخبرة الكبيرة في مكافحة الإرهاب "، فكيف لها - أي السلطة- أن تفشل في توقيف مجموعة قليلة من الشباب المشاغبين ببريان!"•
سعدي اعتبر تصريحات رايس ومن قبلها ألبو ماري محاولة لاستدراج الجزائر لتحويلها إلى مركز أمني كبير في منطقة المغرب العربي• وكانت كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قد أطلقت على الجزائر وصف "الرائدة" عند حديثها عن الدور الذي تلعبه في مجال مكافحة الإرهاب وإقرار الأمن إقليميا ودوليا، وهذا في رسالة قرأها السفير روبارت فورد عند تدشين المقر الجديد للسفارة الأمريكية بالجزائر•
ربما أعجبت رايس بالفعالية التي تحلت بها قوات الأمن الجزائري في مواجهة التهديدات الجديدة لما يسمى ب "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" خاصة مع تراجع موجة العمليات الانتحارية التي عجزت أمريكا نفسها عن مواجهتها في العراق، وكان على قائدة الدبلوماسية الأمريكية أن تضيف إلى رسالتها "غير البريئة" الدور الذي لعبته وتلعبه الجزائر في إطفاء نار الفتن التي تشعلها القوى الغربية غير بعيد عن الحدود الجزائرية•
لقد أشادت مالي مؤخرا بالدور الجزائري في احتواء أزمة التوارق، وحسب آخر المعلومات، فإن سفير الجزائر بباماكو السيد "غريب" قد عاود الإتصال بزعيم المتمردين التوارف "ابراهيم أغ باهنفا" من أجل إحياء الوساطة الجزائرية التي كانت جد فعالة في تطويق النزاع قبل دخول ليبيا على الخط في أزمة تعدد محركوها•
والظاهر أن الجزائر قد أضحت تواجه إرهابا آخر لا يقل فضاعة عن إرهاب "الجماعة السلفية"، ويتعلق الأمر بالاختطافات التي بلغت مستوى جنوني السنة الفارطة، فهذا وزير الدولة وزير الداخلية يكشف في رده على سؤال شفوي بمجلس الأمة عن تسجيل 375 عملية اختطاف عام 2007، منها 115 حالة مرتبطة بالإرهاب والأخرى ذات صلة بالقانون العام، أي الجريمة العادية، ولم تدم تصريحات نور الدين يزيد زرهوني طويلا حتى خرجت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بأرقام أخرى مفزعة، وتحدثت عن اختطاف قرابة الألف طفل منذ سنة 2001، كما دعت السلطات العمومية إلى تشديد الرقابة على مصادر تموين العيادات الخاصة بالأعضاء البشرية•
ويبدو أن آلاف الشباب الجزائري قد تنفس الصعداء وهو يقرأ بيان عبد المالك فنايزية عبر وسائل الإعلام وهو يعلن استعداد وزارة الدفاع الوطني لتسوية وضعية العالقين اتجاه الخدمة الوطنية سواء بالنسبة للذين لم يحصلوا على استدعاءات لأداء الخدمة الوطنية، أو الإعفاء من أداء هذا الواجب الوطني• والذي يستمع إلى التصريحات التي أطلقها مؤخرا عمدة باريس برتران دوولانوي التي قال فيها أنه يجب على فرنسا "قول الحقيقة" حول جرائم الاستعمار، وأن فرنسا هي التي ارتكبت جريمة استعمار الجزائر وليس العكس، يخيل له أن هناك شيئا ما بدأ يتحرك في دواخل فرنسا الرسمية، خاصة وأن هذه "الخرجة المفاجئة جاءت بعد فترة قصيرة من "الخطاب" الذي ألقاه السفير الفرنسي باجولي بفالمة، والذي أشار فيه إلى عار فرنسا في الجزائر، لكن من ينصت جيدا إلى ما يقوله الرئيس نيكولا ساركوزي حول "المأساة المشتركة"، سوف يقتنع بأن فرنسا ليست مستعدة للتخلي عن عنجهيتها الاستعمارية•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.