انطلاق الاختبارات التطبيقية في شعبة الفنون.. لأوّل بكالوريا    استعراض مستجدات فلسطين وسُبل وقف العدوان الصهيوني    إكبار وإجلال للجزائر ورئيسها لموقفها المساند قولاً وفعلاً للشعب الفلسطيني    مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات في صفوف قوات الاحتلال: الجيش الشعبي الصحراوي يستهدف قواعد عسكرية مغربية    السلامة والصحة في الوسط المهني.. أولوية أولويات الجزائر    تحدّ آخر يرفعه الرئيس تبون.. وإنجاز تاريخي    مواجهة كل من يسيء للمرجعية الدينية ولثورة نوفمبر    تباحث سبل التعاون المشترك في العلوم الطبية    بطولة إفريقيا لكرة الطائرة/ سيدات: فوز مشعل بجاية مام آسيك ميموزا الإيفواري    كأس الجزائر لكرة القدم داخل القاعة: ناديا القصر وأتلتيك أقبو أوزيوم ينشطان النهائي في 2 مايو بالقاعة البيضوية    الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين مقرمان يترأس مع نظيره بالدوحة مضامين مذكرة التفاهم    إتصالات الجزائر ترفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    برج بوعريريج.. 152 مليار لتحسين واجهة عاصمة الولاية    العرباوي يحل بنيروبي للمشاركة في قمة المؤسسة الدولية للتنمية من أجل تعبئة الموارد لإفريقيا    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    النخبة الوطنية تتألق في موعد القاهرة    الترجي التونسي لدى الرجال يتوّج باللقب    برج بوعريريج.. 7 مخازن عملاقة لإنجاح موسم الحصاد    الحراك الطلابي العالمي الدّاعم للفلسطينيّين يصل إلى كندا وأوروبا    كتابة الدّولة الأمريكة تُوجّه انتقادا حادّا للمخزن    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    وزير الموارد المائية والأمن المائي من سكيكدة: منح الضوء الأخضر لتدعيم وحدة الجزائرية للمياه بالموظفين    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على افتتاح أشغال الاجتماع السنوي لإطارات العتاد    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: انطلاق ورشات تكوينية في مهن السينما لفائدة 70 شابا    "حكاية أثر" مفتوحة للسينمائيين الشباب    مولودية الجزائر.. خطوة عملاقة نحو التتويج باللقب    الصحراء الغربية: إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار خلال ندوة بالإكوادور    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    انطلاق أشغال منتدى دافوس في الرياض بمشاركة عطاف    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    داس عنابة يؤكد: مرافقة قوية لمسنين دار الصفصاف لإدماجهم اجتماعيا وتدعيمهم صحيا    الصهاينة يتوحّشون في الضّفة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و454 شهيدا    الرئيس يكرّم قضاة متقاعدين    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: طرح الصعوبات التي يواجهها المخرجون الفلسطينيون بسبب الاحتلال الصهيوني    بغالي: الإذاعة الجزائرية ترافق الشباب حاملي المشاريع والمؤسسات الناشئة من خلال ندواتها    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يثمن قرار خفض نسب الفائدة على القروض الاستثمارية    البليدة: إطلاق أول عملية تصدير لأقلام الأنسولين نحو السعودية من مصنع نوفو نورديسك ببوفاريك    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة بالنسبة لمطار أدرار    مؤسسات ناشئة: إطلاق مسابقة جوائز الجزائر للتميز    فلسطين : العدوان الإرهابي على قطاع غزة من أبشع الحروب التي عرفها التاريخ    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    بيولي يصدم بن ناصر بهذا التصريح ويحدد مستقبله    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    تفكيك مجوعة إجرامية مختصة في السرقة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء ورجال قضاء وإعلاميون يدعون لتصحيح المعالجة الإعلامية للإرهاب
بين التهويل والإشادة والدعاية المجانية للجماعات الدموية
نشر في الفجر يوم 12 - 06 - 2009

بدءا من الترويع والتهويل، وصولا بالإشادة وتبجيل الأعمال الدموية حسب تصريحاتهم ل''الفجر''، وهي انزلاقات وجب الإسراع في تصحيحها بما يضمن إبراز الوجه الوحشي للجماعات الدموية دون تدعيمها بالدعاية المجانية•
باتت بعض وسائل الإعلام الوطنية، لاسيما الصحافة المكتوبة المستقلة، في تناولها للقضايا ذات الشأن الأمني والأعمال الإرهابية، تسقط من يوم لآخر في متاهات وانزلاقات دون أدنى مراعاة لأخلاقيات الكتابة الصحفية في تناولها لهذا المجال الحساس، فبدءا بالتهويل والترويع الذي تتسبب فيه لدى الرأي العام الوطني من خلال صور الدماء والأشلاء لضحايا الأعمال البربرية التي تتصدّر افتتاحيتها•
والأخطر من ذلك -حسب المتتبعين- باتت بعض الكتابات الصحفية تصوّر الدمويين على أنهم أبطال وزعماء وأصحاب شأن بالمجتمع، فيما تنجرّ الكثير من الأقلام إلى تقديم خدمات دعائية مجانية للإرهاب دون قصد، ضاربين بكتاباتهم هذه عرض الحائط بدعوى أن الإرهاب بات صغيرا منهزما يعيش ساعاته الأخيرة، وهي المصطلحات الذي دأب على ترديدها وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني وبعض كبار مسؤولي المؤسسات الأمنية مؤخرا في إجاباتهم على أسئلة الصحفيين المتعلقة بالنشاط الإرهابي، وذلك بفضل مجهودات وحدات الأمن المختلفة التي كلّلت بتفكيك بقايا هذه الجماعات وعزلها مؤخرا، وكذا النزيف الذي تعانيه في صفوفها بفعل استجابة العديد من عناصرها لنداء السلم والمصالحة الوطنية الذي لا يزال ساري المفعول أمام ''المسلحين للعودة إلى جادّة الصواب وأحضان المجتمع''•
في الوقت الذي عاد فيه معظم المغرر بهم إلى جادّة الصواب وأعلنوا تطليقهم للسلاح الذي رفعوه باسم ''الجهاد'' ضلالةً، وانضموا إلى خيار الشعب الذي لا تجتمع فيه الأمة المحمدية على خطأ، يحاول بقايا الإرهابيين في الجبال بعد خسارتهم في مباراة ضد الدين والوطن والأبرياء تسجيل هدفها في الوقت الضائع بإثبات الوجود من خلال عمليات هدفها الأول شغل أكبر حيز على صفحات الجرائد من خلال عمليات إرهابية تقود ضجتها الإعلامية أبواق بالمجان•
إن كان الوزر الذي لا يغتفر يقع على كاهل قتلة الأبرياء، فإن هناك من يقتسمون مع الانتحاريين ذنب أرواح القتلى والجرحى واليتامى والثكالى من أبناء الشعب بالترويج والإشادة لصنّاع الدمّار من أجل بيع أكبر عدد من نسخ جرائدهم بالحديث وبإسهاب ممل عن حياة القتلة من منفّذي المجازر، عوض الحديث عن أبطال الجيش والشرطة والدرك والحرس البلدي وعناصر المقاومة والدفاع الذّاتي الذين قدّموا ويقدمون أرواحهم ثمنا لأمن البلاد والعباد• هذا الملف تعالجه ''الفجر'' في عدد اليوم من خلال آراء حقوقيين وإعلاميين حول الإشادة بالإرهاب في المعالجة الإعلامية للمعلومة الأمنية من طرف بعض وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية•
محاولة لتسجيل هدف مباراة خاسرة ضد الجميع في الوقت الضائع••• الإرهاب في الجزائر
''صحافة'' أصبحت المدد بعد افتقاده للعدد والسند
عندما تأكّدت الجماعات الدموية في الجزائر بأن هدفها الاستراتيجي، المتمثل في ''إسقاط الجمهورية وإعلان الدولة الشمولية على أنقاضها''، صار مستحيل المنال، سطّرت أهدافا أخرى تكتيكية تغطي بها هزيمتها العسكرية، والرجاء من هذا التوجه الجديد هو الوصول إلى تحقيق غايتين أساسيتين، تتمثل الأولى في تكريس الوجود لدى الرأي العام المحلي والعالمي، في انتظار استجماع القوى والخروج من حالة الضعف، بينما تتمثل الثانية في خلق حالة من الشك والريب حول حجم هذا التواجد، وبمعنى آخر، الوصول إلى إقناع المتابعين بأن القضاء على القدرات الترهيبية لدى تلك المجموعات الدموية أمر غير محسوم•
الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف ''التكتيكية'' يعتمد أساسا على الإعلام والدعاية و(البروباغاندا)، عملا بالقاعدة التي تقول ''أنا في الإعلام، إذن أنا موجود''، كما أن منظّريها وعرّابيها أدركوا بأن الحرب الإعلامية أقلّ خطورة عليهم وأقلّ تكلفة أيضا، ويمكن أن تعطي في المقابل نتائج قد لا تبلغها أبشع العمليات الإرهابية• فالوصول إلى حالة تواطؤية مع وسيلة إعلامية عربية أو أجنبية أو حتى محلية، أو تضليل صحفي في الداخل أو الخارج أسهل وأرخص بكثير من التخطيط والإعداد والتنفيذ لعملية انتحارية• الغريب أنّنا في الجزائر ميّعنا الموضوع الأمني، أخبارا وتحقيقا وتحليلا، إلى درجة أنّنا نتعاطى اليوم مع هذا الموضوع تعاطينا المتساهل واللاّمبالي مع المواضيع الأخرى السياسية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية والثقافية والفنية•
بدأ التنظيم الإرهابي المسمى ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' في تجسيد التوجه الجديد عندما اختار أميرها ''دروكدال'' الانضمام إلى تنظيم القاعدة، متجاوزا في ذلك أميره السابق ''حسان حطاب'' الرافض لفكرة الانضمام جملة وتفصيلا، مما دفع بهذا الأخير إلى الانسحاب من الجماعة قبل أن يضع السلاح لينخرط في مسار المصالحة الوطنية• انضمام دروكدال إلى القاعدة فهمه المتتبعون للشأن الأمني الجزائري، على أنه محاولة لكسر الحصار المضروب على الجماعة السلفية، والاستعانة ب''عالمية وشهرة'' تنظيم أسامة بن لادن من أجل توسيع دائرة الاستقطاب والتوظيف إلى بلدان مجاورة للجزائر، في الشمال والساحل الإفريقيين، بعد أن جفّت المنابع البشرية للجماعة الدموية داخل الوطن•
كما صنّف هذا الخيار ضمن خطة التنظيم للاستفادة من ''ريع'' القاعدة الإعلامي، المتمثل في بعض الفضائيات العربية المتعاطفة والمتواطئة، والذي حدث أن المكلف بالإعلام في ''قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي'' صار من ''زبائن'' هذه القنوات، يطلّ كل يوم على شاشاتها ينفث سمومه، وصارت مكالماته الهاتفية وبياناته الشفهية المضلّلة مرفوقة ب''التوصيف الإعلامي'' الشهير ''خاص''، شأنه في ذلك شأن أساطير الإرهاب العابر للقارات كأسامة بن لادن وأيمن الظواهري•
خطة الجماعة الدموية سرعان ما أثبتت محدوديتها، ''لأنك تستطيع أن تكذب على كل الناس في بعض الوقت وتستطيع أن تكذب على بعض الناس في كل الوقت، لكنك لا تستطيع أن تضلّل كل الناس في كل الوقت''، فالقنوات الفضائية العربية والأجنبية التي تبنّت ''المؤامرة'' انغمست في الكذب واللاّمهنية إلى الحد الذي أفقدها الكثير من مصداقيتها لدى المتلقي الجزائري، ولعل القطرة التي أفاضت الكأس كانت فضيحة تفجير البويرة الوهمي، قبل عامين، الذي سارعت إحدى الفضائيات الإخبارية الشهيرة، إلى نقل حيثياته قبل أن تكتشف بأنه من صنع خيال إعلاميين جزائريين مشبوهين أنتجوه قطعة قطعة لتحقيق غرض شخصي حقير• هؤلاء الإعلاميين الجزائريين ليسوا عند فضيحتهم الأمنية الأولى، بل تحوّلوا في السنوات الأخيرة إلى ''معاملات'' مهمة في المعادلة الإعلامية الجديدة للجماعة الدموية، ب''سذاجة'' الهاوي حينا، وسوء نية المتعاطف أحيانا•
وبالإمكان التعرف على خلفيات هذا التعاطف، من خلال دراسة ما يعرف لدى الأمنيين المختصين في التعامل مع حوادث الاختطاف ب ''أعراض ستوكهولم''، والتي تعني أن المختطَفين (بفتح الطاء) مهددين بالتعاطف مع المختطِفين (بكسر الطاء) كلما طالت مدة الاختطاف• ويبدو أن الاتصال الدائم والطويل لبعض الصحفيين الجزائريين مع بعض قيادات التنظيم الإرهابي أصابهم من حيث لا يحتسبون بلوثة التعاطف•• تعاطف ينضج يوميا تهويلا وتضخيما، حتى يخيّل لمتصفّح بعض العناوين أن الوضع الأمني في الجزائر لا يختلف كثيرا عنه في التسعينيات، حتى لو بحّ صوت مؤسسات الدولة وهي تعيد وتكرّر بأن الجماعات الإرهابية تلفظ أنفاسها الأخيرة•
كيف يلفظ تنظيم أنفاسه الأخيرة وأخباره الغثّة والسمينة تملأ يوميا صفحات كاملة لبعض الصحف؟ ثم ما الذي كانت تحلم به الجماعة الدموية أكثر من أن تكون حاضرة وبقوة في المشهد الإعلامي؟ فلم يعد مطلوبا من ''أمراء الجماعة'' بذل الجهد الكبير ولا المال الكثير حتى تبث بياناتها التضليلية وحتى تنقل الجرائد الجزائرية جديدها من مواقعها الإلكترونية الدعائية، وحتى تقدّم نفس الجرائد قراءات مستفيضة لأفلامها الترهيبية•
ربما برّر البعض كل ذلك بتسويد ما بقي أبيضا في سمعة تلك الجماعات لدى الرأي العام، لكن الواقع أن الجماعات تستغل هذا الزخم الإعلامي لتحقيق مكاسب ترويعية• إنها محاولة يائسة لتسجيل هدف في الوقت الضائع، لكن المطلوب منا اليوم أن نقف بحزم وبقوة في وجه هذا ''المسخ الإعلامي''، حتى لا نمكّن جماعات الدم من تحقيق مكاسب نفسية وتجاوز هزائمها العسكرية، وحتى لا يصاب الشعب الجزائري ب ''أعراض ستوكهولم'' مثلما أصيب بها بعض إعلامييه• *
سامر رياض
قيادة الدرك الوطني
''الحق في الإعلام لا يعني ضرب الاستقرار الأمني''
لخّصت خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني ردّها على أسئلة ''الفجر'' حول معالجة المعلومة الأمنية بين الإشادة والتهويل والانخراط في سياسة الدولة في مكافحة الإرهاب فيما أوردته في افتتاحية تناولتها مجلتها الدورية في آخر إصدار لها حول الموضوع، وهي أسطر تلخص وجهة نظرها كهيئة نظامية حول تناول المعلومة الأمنية، حيث ركّزت قيادة الدرك على ضرورة مراعاة كل الظروف قبل إلقاء أي معلومات قد تمس بالنظام العام•
أكدت قيادة الدرك الوطني من خلال إصدارها أن ''بعض الصحف الصامتة سابقا اتجهت نحو مصادر معلومات لا تسمن و لا تغني من جوع وإنما أصبحت تغذي يوما بعد يوم الخوف والقلق لدى المواطنين، بل أكثر من ذلك أصبحت هذه الصحافة تعطي نظرة عدم الاستقرار والانفلات الأمني في الجزائر، وعدم مناسبتها للاستثمار الأجنبي، في حين أن السلم والأمن انتشرا بصورة كاملة في أوساط المجتمع، بفضل هؤلاء الشباب المرابطين في أقاصي الحدود والوديان المدافعين عن أمن وسلامة الوطن''• وأضافت قيادة الدرك أن ''هذا التعامل غير المسؤول مع القضايا الأمنية والضجيج الإعلامي المؤدي إلى التهويل والإشادة، من شأنه أن يخدم أكثر المجرمين، الذين لم يتمنوا أكثر من هذا وهم في تزعزع واندثار مستمر، في حين كان من المفترض إظهار عدم خوفنا وأننا لسنا مرهبين''• بالمقابل، اعترفت قيادة الدرك بالدور الكبير للإعلام وتعبئته ضد المجرمين وكذا الثمن الباهظ الذي دفعه ولا زال يدفعه الصحفيون في مكافحة الإجرام، مؤكدة أن الأخلاق المهنية العالية التي يتمتع بها الصحفيون يجب أن تكون الفاصل في القضايا الحسّاسة•
وكان أحد مسؤولي خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني تساءل في حوار سابق أجرته معه أسبوعية وطنية عن سبب عدم الإشادة بمن يقدمون أنفسهم وحياتهم لحماية الوطن، في حين يحظى قتلة الأبرياء من منفّذي الهجمات الانتحارية بمكانة مرموقة على صفحات بعض اليوميات، مما يطرح أكثر من علامة استفهام•
المديرية العامة للأمن الوطني
من اللازم تنظيم المعالجة الإعلامية للمعلومة الأمنية
يرى إطارات الشرطة بخلية الاتصال لدى المديرية العامة للأمن الوطني في حديثهم مع ''الفجر'' حول معالجة المعلومة الأمنية بين الإشادة والتهويل والانخراط في سياسة الدولة في مكافحة الإرهاب أنه من الأجدر تنظيم التناول الإعلامي لكل ما هو أمني لحساسيته وتأثيره المباشر على استقرار البلاد•
وقال محدثو ''الفجر'' إن المعلومات حول النشاط الإرهابي أو ما له صلة مباشرة أو غير مباشرة يجب أن ينخرط في معالجته الأمنية مع المصلحة العليا للوطن، خاصة ما تعلّق بنشر معلومات بإمكانها خدمة الجماعات الإرهابية أو تناول معلومات من شأنها زعزعة الاستقرار والمساس بسمعة البلاد بالنسبة للرأي العام العالمي وتأثيراته عليها اقتصاديا واجتماعيا، فضلا عن إحباط معنويات المواطن الجزائري الذي يحلم بالأمن والأمان•
وأضاف أبرز إطارات الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني في حديثه ل''الفجر'' أن ''الجماعات الإرهابية تستغل التهويل الإعلامي لنشاطاتها لتحقيق أهدافها المسطرة، في مقدمتها التشهير بأعمالها الاجرامية في حق الشعب والدين والوطن وأنه من الضروري على الصحافة الانخراط في كل ما يبني الوطن، في مقدمته الأمن الذي بدونه لا مكان للرخاء الاقتصادي والاجتماعي، وعلى وسائل الإعلام عامة، والصحافة المكتوبة خاصة، تجنب أن تستعمل كأبواق لصالح الجماعات الارهابية''
رصدها : عبد الرحيم خلدون
المحامية بن براهم
''التهويل والإشادة أصبحت صحافة مختصة يجب مراقبتها''
أكدت المحامية المعروفة فاطمة الزهراء بن براهم أن التهويل في الأخبار الأمنية والإشادة بها أصبحت اليوم صحافة مختصة بأتم معنى الكلمة، على السلطات مراقبتها وعقابها في حال مساسها بالنظام العام الوطني• قالت بن براهم إنه ''من واجب الصحفي المحترف مراعاة الواقع الأمني للبلاد، فهذا أمر مهم بالنسبة للنظام العام''•
وترى المحامية أن ''الصحفي هو همزة وصل مهمة بين الواقع والرأي السياسي من جهة، وكذا الرأي العام من جهة أخرى، فهو يدور في هذه الحلقة التي تحتم عليه المحافظة على اتزانها''• وأضافت الأستاذة ''قضايا كبرى وصلت الدولة إليها وتحرّكت العدالة من أجلها عن طريق الصحافة، لكن هنا نطرح السؤال: هل للصحفي الحق في تناول كل القضايا والمواضيع وبأي طريقة كانت؟ بطبيعة الحال فالجواب هو لا، وإنما عليه مراعاة عدة أمور وخصوصا الأخلاق المهنية''•
وفيما يخص القضايا الأمنية الحسّاسة وخصوصا الإرهابية منها، أكدت محدثنا أنه على الصحفي أن يعيد قراءاته للواقع الأمني للبلاد أكثر من مرة وعدم إلقاء المعلومات مباشرة إلى الرأي العام، حتى لا يقع في التهويل الذي قد يمس بالنظام العام، إضافة إلى ذلك تناقل المعلومة عبر دول العالم مما قد يعرّض البلاد إلى مساومات خارجية أو حتى اتخاذ المجرمين للحيطة والحذر بسبب هذه المعلومات، ويكون هنا الصحفي مسّ بالنظام العام وضرب استقراره• وفي هذه الحالة، فإن العدالة ستتخذ مجراها ضد هذا الصحفي بسبب مساسه بالنظام العام ولدى استجوابه من طرف النيابة وقاضي التحقيق يتوجّب عليه الإفصاح عن مصادر أخباره•
واقترحت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم تحديد مكان أو هيئة أمينة قد تكون أسلاك الأمن يلتجأ إليها الصحفي في حال توفّره على معلومات أمنية خطيرة قد تمس بالنظام العام الوطني، حيث تقوم هذه الجهة بالتأكد رفقة الصحفي من صحة المعلومات التي تحصّل عليها وبالتالي سيكون الصحفي اجتنب ضرب استقرار الرأي العام وقام بدوره في مكافحة الجريمة•
خلدون• ع
مسؤول سابق بمجلس قضاء العاصمة ل ''الفجر''
مقالات صحفية أفشلت تحقيقات قضائية حول أخطر الإرهابيين
أفاد مسؤول سابق بمجلس قضاء الجزائر ل''الفجر'' أن الكثير من الكتابات الصحفية حول النشاط الإرهابي الذي كانت تتناولها بعض وسائل الإعلام منتصف التسعينيات، وأخرى منذ تفجيرات قصر الحكومية، أثّرت سلبا على سير عدد من التحقيقات القضائية والأمنية حول نشاط هذه الجماعات، والأكثر من ذلك -حسبه- تسبّبت العديد منها في عودة التحقيقات إلى نقطة الصفر•
أقرّ مسؤول قضائي سابق بمجلس قضاء العاصمة أن الكثير من المقالات الصحفية والمعلومات التي كانت توردها بعض وسائل الإعلام خلال الفترة التي عرفت تصعيدا أمنيا خطيرا، كانت تؤثر بشكل سلبي على سير عدد من التحقيقات القضائية الذي كان يشرف عليها قضاة التحقيق والنيابة العامة حول نشاط هذه الجماعات بإقليم اختصاص المجلس•
كما أعادت الكثير من هذه الكتابات، استنادا إلى ذات المصدر، التحقيقات إلى نقطة الصفر، لاسيما تلك التي كانت تتطلب وقتا طويلا ومعلومات أدق، خاصة وأن الكتابات التي كانت تمنح معلومات دقيقة يمكن وصفها ب''السرية التامة'' ولا يجوز أن يعرفها أحد باستثناء هيئة التحقيق، وهي المعلومات التي كانت تخدم توجيهات الجماعات الإرهابية ومصالحها في إعادة رسم استراتجيتها بما يمكّنها من التصدي للمخططات الأمنية ومن ثمّ التحقيقات القضائية• ومن الأمثلة الحيّة التي لا زال يتذكّرها ذات المصدر عن مدى التأثير السلبي لوسائل الإعلام في تناول المعلومات الأمنية على سير التحقيقات الأمنية ما حدث في ماي 1996 حين تناولت الصحافة الوطنية بكثافة نشاط الجماعات الإرهابية بغابة بينام غرب العاصمة وهي المعلومات التي جعلت التحقيق الذي كان يتم بالتنسيق بين العديد من الأطراف يذهب سدى شأنه في ذلك شأن أحد التحقيقات بحي القصبة في نفس الفترة•
رشيد• ح
الدكتور عبد الرزاق عاشور أستاذ في الإعلام ل''الفجر''
''الإعلاميون مطالبون بحماية الوطن والمجتمع في معالجة قضايا الإرهاب''
أكّد الدكتور عبد الرزاق عاشور ل''الفجر'' أن ''المسؤولية الأخلاقية واجب إحضارها في تناول أو نشر أي معلومة استراتيجية''، ويدخل ضمن ذلك -حسب نفس المصدر- واجب التناول الإعلامي لقضايا الإرهاب بالشكل الذي يجنّب الأضرار للوطن والمصلحة العليا للمجتمع•
قال الدكتور عبد الرزاق عاشور، أستاذ بكلية الإعلام والاتصال ونائب بالمجلس الشعبي الوطني، إن تناول المعلومات الأمنية وقضايا الإرهاب في وسائل الإعلام الوطنية يدخل ضمن إطار حرية التعبير وحق المواطن في الإعلام شأنه في ذلك شأن جميع القضايا سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، التي يصل إليها المواطن عبر بوابة وسائل الإعلام بجميع أشكالها، كما أن التعتيم الإعلامي لأي ظاهرة منبوذ، لكن -حسب الدكتور عاشور- إحضار المسؤولية الأخلاقية في ذهن رجل الإعلام يجب أن يكون أولى الخطوات التي يقوم بها قبل تحليل أو تناول ونشر أي معلومة استراتيجية، ويدخل ضمن ذلك -حسب ما أفاد به ذات المصدر في تصريح ل''الفجر''- التناول الإعلامي للقضايا الإرهابية والمعلومات الأمنية، ''إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار في هذا التناول تجنيب جميع الانزلاق والمزايدات التي قد تلحق أضرار بالوطن والمصلحة العليا للمجتمع''•
كما اعتبر الدكتور عبد الرزاق عاشور أنه يتوجّب على المؤسسات الإعلامية بالجزائر أن توكل تناول القضايا الاستراتيجية في جميع المجالات، لاسيما تلك التي تتميز بحساسية كالمجال الأمني وغيرها، إلى أهلها، أي أصحاب كفاءة واختصاص وموضوعية•
رشيد• ح
الأنترنت للتشهير بالإرهاب الدموي
ذكر مؤخرا أيمن الظواهري، الذراع الأيمن لبن لادن، أن الحرب الإرهابية الميدانية انتقلت إلى الأنترنت وأن 50 بالمائة من هذه الحرب تشنّها المواقع التابعة لمختلف التنظيمات والجماعات التي تعمل تحت جناح التنظيم العالمي، ومنها ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال''، ما يفسّر العدد الكبير للمواقع التي تروّج للأعمال الإرهابية وكذا الدعاية لفكر الجماعات الإرهابية في الجزائر التي تبث بياناتها عبر عدة مواقع تدعو من خلالها إلى الالتحاق بما تزعم أنه ''جهاد''• ويذكر المراقبون أن تنظيم ما يسمى ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' تعتمد على الأنترنت كوسيلة للوصول إلى تجنيد عناصر جديدة، بعد أن فشلت ميدانيا مع ضربات مصالح الأمن، واعتبروه تراجعا عن المواجهة الميدانية إلى ما وراء الشاشات لمواقع مصنْفة إلى ثلاثة مواقع تابعة للتنظيم العالمي ''القاعدة''، ومواقع تقيمها التنظيمات الإرهابية الجهوية أو المحلية، ومنها ''الجماعة السلفية للدعوة، والقتال'' وهي تروّج أشرطة مرئية أو سمعية ومواقع يقيمها متعاطفون من تلك التنظيمات الإرهابية•
ع• ياحي
نعمة عباس مديرة نشر يومية ''أوريزون''
''على الصحفي تحمّل مسؤولياته في تناول قضايا الإرهاب''
قالت السيدة نعمة عباس، مديرة نشر يومية ''أوريزون'' الناطقة بالفرنسية، إنه يتوجب على الصحفي تحمّل كامل مسؤولياته في معالجة القضايا الأمنية ونشاط الجماعات الإرهابية• وقالت نفس المسؤولة في حديثها ل''الفجر'' إن بعض المقالات الصحفية باتت تدخل ضمن عملية الترويج والدعاية المجانية لنشاط الجماعات المسلحة وذلك من خلال تمرير الرسائل التي يريدون إيصالها للطرف الآخر• وندّدت السيدة عباس بفظاعة بعض الصور الممنوعة التي لها صلة بالأعمال الدموية والتي أصبحت تتصدّر واجهات بعض الصحف، كصور الضحايا والأشلاء، دون احترام لمشاعر ذوي هؤلاء الضحايا•
وفي هذا الصدد، أعطت مثالا عن احترافية الصحافة الفرنسية التي برهنت عليها في حادثة سقوط طائرة ''إيرباص'' الأخيرة، حيث تجنّبت الصحف بمختلف اتجاهاتها وألوانها نشر أي صورة من صور الضحايا، وكانت قد سبقتها في ذلك الصحافة الأمريكية في تناولها لأحداث 11 سبتمبر .2001 واستغلت مديرة ''أوريزون'' حديثها في الموضوع بدعوة القائمين على الصحافة الوطنية باختلاف مسؤولياتهم ومواقعهم إلى ''توقيف هذه المهازل والعودة إلى الدور الحقيقي للسلطة الرابعة، بتناول مواضيع تهمّ الحياة اليومية للمواطن الجزائري''•
شريف أرزقي مدير عام ''الخبر''
''الإرهاب انهزم سياسيا وعسكريا ولم يعد أولوية إعلامية''
قال السيد شريف أرزقي، مدير عام ومسؤول نشر يومية ''الخبر''، إأن ''الإرهاب انهزم سياسيا وعسكريا ولم يعد مهدًّدا لوجود مؤسسات الدولة بالشكل الذي كان عليه بداية التسعينيات''، ومن ثمّ لم يعد يمثل أولوية إعلامية بالمؤسسة الذي يديرها، حسب ما أفاد به ل''الفجر''، وهو الواجب والأجدر أيضا على جميع المنابر الإعلامية، حسب نفس المتحدث، الذي يرى أنه من مسؤوليات وواجب الصحافة المستقلة الآن التوجه نحو التحقيقات والملفات الاقتصادية الكبرى• كما شدّد السيد شريف أرزقي على ضرورة معالجة المعلومة الأمنية باحترافية عالية دون أي دواعٍ تجارية أو مزايدات لا تمت بأي صلة لأخلاقيات مهنة الصحافة•
علي جري إعلامي وناشط بمنظمات حرية التعبير العالمية
''من حق الإعلام تناول الإرهاب لتعريته وعدم تجريم الدمويين إشادة بهم''
أفاد السيد علي جري، مدير تحرير جريدة ''الخبر''، أن من واجب الصحافة ووسائل الإعلام تناول الظاهرة الإرهابية بالشكل الذي يعرّي واقعه مع مراعاة بعض الخصائص، منها على سبيل المثال سير التحقيقات وسريتها، ''كما نتناوله من باب الاستجابة لحق المواطن في الإعلام، رغم أن المعلومة الأمنية لم تعد تثير اهتمام الرأي العام الوطني مثلما كانت عليه سابقا''• والأكثر من ذلك، ذهب علي جري إلى القول أن ''السكوت عن تناول مثل هذه القضايا إعلاميا يشجّع الغموض والإشاعة التي قد تأخذ أبعاد خطيرة على شاكلة ''من يقتل من؟''• واعترف المتحدث ذاته ''وصف العناصر الدموية في صورة الأبطال دون التطرق إليهم بصفة المجرمين في بعض الكتابات الصحفية يعتبر إشادة بالأعمال الإرهابية''، غير أنه استبعد وجود نزعة تجارية تقترن بالتناول الإعلامي للظاهرة• ودعا جري مجلس أخلاقيات المهنة والفاعلين في القطاع من صحفيين ومدراء نشر ومسؤولي التحرير إلى أن لعب دورها ولو بقوة استشارية في وضع حد لمثل هذه ''التجاوزات والانزلاقات''•
نذير بن سبع ممثل الفيدرالية الدولية للصحفيين
''دور الصحافة عكس الوجه السلبي للهمجية الإرهابية للرأي العام''
أكّد نذير بن سبع، ممثل الفيدرالية الدولية للصحفيين، أن الدور الأساسي للصحافة والإعلام هو عكس الصورة الحقيقية للأوضاع السائدة بالمجتمع الجزائري بحلوه ومره، ومن ثمّ ''من واجب صحافتنا أن تعكس الواقع السلبي للهمجية الإرهابية للرأي العام''، مبرزا أن ''الكتابات الصحفية المتعلقة بالشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب يجب أن تتحلى بأكبر قدر من المصداقية، وذلك لن يكون -يقول ذات المتحدث في تصريح ل''الفجر''- إلا بالوصول إلى المصادر الموثوقة• وفي هذا السياق أقرّ بن سبع بغياب المصادر الموثوقة في التعاطي مع المعلومة الأمنية وقضايا الإرهاب ما فتح -حسبه- الباب واسعا أمام الدعايات والإشاعات وترويج الأخبار الأمنية التي تفتقر إلى المصداقية• كما اعترف ذات المصدر بوجود صحف وأقلام متعاطفة مع التيار الإسلاموي المتطرّف تروّج لأفكار دعاءية للجماعات الدموية ووحشيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.