رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي حيوان ستحمله ورقة 2000 دينار؟
"الفجر الثقافي" يضع الأوراق النقدية الجزائرية على طاولة التشريح

أي حيوان ستحمله الورقة النقدية من فئة ال2000 دينار جزائري؟ التي أعلن عليها البنك المركزي مؤخرا؟ أي صورة.. أي شكل..؟؟ أي إسقاط سياسي واجتماعي سيصاحب صدور هذه الورقة.. بما أننا نراهن دوما على الراهن وعلى حظ المرحلة لا غير.. الإحتمالات مفتوحة على الخط السيار إلى برنامج المليون سكن.. وربما حتى الفريق الوطني..
مادام الجميع يضيف القيمة المضافة المتضمنة "البرنامج الخماسي لفخامة رئيس الجمهورية"..
بعيدا عن الدواعي الاقتصادية ومحاولة شدّ مشاكل السيولة النقدية التي تعاني منها الجزائر..
بعيدا أيضا عن كافة التخمينات التي قد تصاحب التحاليل السياسية والاقتصادية..
يفتح "الفجر الثقافي" هذا الأسبوع ملف الأوراق النقدية في الجزائر ويبدأ الإشكال من سؤال بسيط:
ما هي القيمة الجمالية المعتمدة في صك هذه الأوراق..؟؟
ما هي معايير الإخراج الفني للأوراق والقطع النقدية؟
كرونولوجيا الأوراق النقدية
بدأت حكاية العملة الجزائرية عندما أنشأ أحمد بن بلة الخزينة الجزائرية، أين استنجد بالشعب الذي قدّم الكثير لهذه الخزينة، وجدّاتنا يعرفن هذا التاريخ جيدا.. حيث قدمن للخزينة كثير "الويز" والتبرعات التي كانت بداية إنشاء الخزينة الوطنية، بعد ذلك ثم إنشاء البنك المركزي الجزائري وذلك بمقتضى القانون رقم 44/62 بتاريخ 13 ديسمبر 1962، لتصدر السلطات الجزائرية بعد ذلك الدينار الجزائري سنة 1964 الذي عادل آنذاك الفرنك الفرنسي.. لكن من الهام أن نعرج على الفترة الاستعمارية التي كانت فيها العملة الفرنسية هي التداول الوحيد إلى غاية سنوات العشرينيات، أين عرفت بعام "البون" وفيه تم التداول بعملة ورقية خاصة بالأهالي، بعد ذلك تم إنشاء بنك الجزائر وتونس سنة 1946 الذي صار يتمتع بحق إصدار العملات. والملاحظ على أوراق تلك الفترة أنها كانت تحمل بعداً جماليا وحضاريا، حيث جسدت الهوية التونسية والجزائرية في أبعادها الثقافية من دون اختزال ولا طمس معنوي على الأقل هذه المرة.. والصور المرفقة في هذا الملف تبين ذلك..
القراءة السيميولوجية للأوراق النقدية
إذن نعود من حيث بدأ الدينار سنة 1964، ونحاول قراءة مدلولات الأوراق والقطع النقدية استنادا إلى علم الدلالة أوالسيمويولوجيا، أين يوضح لنا أحمد بخاري، أستاذ السيميولوجيا بجامعة الجزائر: "لقد تحدث تيار غيرون، وهو منظر فرنسي، في عرض حديثه، عن سيميائية التواصل الثقافي والاجتماعي عن الدلائل التي تعبر عن الهوية الثقافية لمجتمع ما، وأن النقود وما يرد فيها من أشكال وألوان ورموز هي جزء من هذه الدلائل، إن معظم الدول في العالم منذ أقدم العصور إلى الوقت الحالي اهتمت بالإخراج الفني لعملاتها لأنها تريد إيصال حضارتها وصورتها إلى الآخر، على سبيل المثال في العهد الإسلامي نجد الشهادتين "لا اله إلا الله محمد رسول الله" مطبوعة على كل النقود لأنها في ذلك الوقت تعبر عن هوية هذه الدولة، كما أنها بشكل ما صوتها الذي تريد أن يسمعه الآخر.. هذا الأمر مستمر إلى اليوم وذلك من خلال اختيار الألوان والأشكال والرموز، وإذا نظرنا إلى ما يجب أن تكون عليه النقود في الجزائر فإن أبعد شيء ممكن أن نطرحه هو الغزال والصقر، أقصد الحيوانات.. إن قراءة أولية تدلنا على اعتباطية اختيار الرموز المطبوعة على الأوراق النقدية الجزائرية، وسرعان ما يطرح السؤال نفسه: هل رموزنا وثقافتنا محدودة إلى الحد الذي لا نجد فيه إلا الحيوانات لرسمها على نقودنا ؟ إن هذه الرموز - أقصد الحيوانات - استعملها إنسان ما قبل التاريخ لبساطة تاريخه، النقود الحالية لا تستجيب للمواصفات المطلوبة إلا من حيث الألوان".
وعليه أين هو الخلل؟؟ ما مرد هذا الاعتباط الذي يتحدث عنه الأستاذ أحمد بخاري؟
يقول محمود إبراقن، أستاذ السيميولوجيا بجامعة الجزائر، إن العملات في الجزائر تصدر دون استشارة البرلمان ولا المختصين من رجال العلم والفن، فنحن كمختصين في السيميولوجيا تلقينا خبر صدور ورقة نقدية من فئة ألفي دينار عبر الإعلام، إن إصدار الأوراق النقدية في الجزائر كفعل نقدي لا يدرس مسبقا ولا يتم التشاور فيه، فالكثير من المختصين يجب أن يشاركوا في إصدار عملة الوطن ابتداء بالاقتصاديين والفنانين التشكيليين والمؤرخين وعلماء الانثربولوجيا والسيميولوجيين وعلماء الاجتماع".
وفي هذا الصدد تقدم "الفجر الثقافي" إلى مسؤول الإعلام بالبنك المركزي السيد يحياوي وطرح عليه الإشكال، هل من لجنة تضم مختصين.. هل من علماء الأنتروبولوجيا والسيميولوجيا والتشكيل والاقتصاد؟ غير أن السيد يحياوي لا يمكننه إفادتنا بشيء.. والجواب هو كعادة الجزائريين - خارج عن صلاحياتي -
ربما جواب هذا المسؤول يؤكد لنا الاعتباطية التي تحدث عنها الأستاذ أحمد بخاري، لكن ابراقن يؤكد:
".. إن مسحا للرموز التي ظهرت على الأوراق النقدية الصادرة مؤخرا في الجزائر يظهر أنها لا تعكس الثقافة والهوية الوطنية الجزائرية، لطالما خضع إصدار العملات النقدية في الجزائر لضرورات اقتصادية بحتة وملحة، لذا لا وقت لدراسة رموزها جماليا وثقافيا فرغم غنى الجزائر بالرموز الثقافية البشرية والمادية إلا أن النقود الورقية فقيرة منها جدا، ليس هذا حال كل النقود التي صدرت فبعض النقود في الجزائر لها دلالات سياسية، فمثلا الورقة النقدية من فئة مائتي دينار التي صدرت في الثمانينيات تحمل صورة مقام الشهيد بأعمدته الثلاثة التي تمثل في الحقيقة الثورات الثلاثة التي مرت بها الجزائر، كما أن الورقة النقدية من فئة مائتي دينار الجديدة تحمل رموزا دينية وتبشر بعهد جديد،أما الورقة النقدية من فئة ألف دينار فتطرح أصناما قديمة من تمنراست وحيوانات من الطاسيلي.. أعتقد أيضا ضريح تينهنان، ويمثل هذا الرجوع إلى الهوية الوطنية وجاء طرحها مصادفا لدسترة اللغة الأمازيغية، أتمنى أن الورقة النقدية من فئة ألفي دينار، التي ستطرح قريبا، ستعبر أكثر عن الهوية الوطنية الجزائرية، رغم أن طرحها لن يساهم إلا في زيادة التضخم الاقتصادي سيلزمنا نقودا كثيرة لاقتناء كتاب".
إسياخم في موريتانيا والجزائر في ما قبل التاريخ
استعانت موريتانيا بالفنان الجزائري، إسياخم، في الإخراج الفني لعملاتها، كما قدم للجزائر روائع للأسف انتهى التداول بها.. من هذا المنطلق ماذا يمكن أن يضيف التشكيلي لعملية إخراج الأوراق النقدية.. يوضح لنا التشكيلي محمد بوكرش أن الإصدارات النقدية التي شهدتها الجزائر منذ أول ورقة نقدية وإلى غاية اليوم، لا تحتوي على قيمة جمالية في رسوماتها بل تكاد تكون منعدمة، خاصة أن أغلب الرسومات التي تضمها الفئات النقدية تحتوي أشكالا لحيوانات.
يضيف التشكيلي محمد بوكرش: "أعتقد أن وجود جماليات فنية من رسومات لشخصيات سياسية، أو فكرية، أوثورية، أو أدبية، أو فنية سيساعد لا محالة في حثّ الأفراد التي ستتداول بهذه الأوراق النقدية على اكتشاف مكنوناتها، والتعرف على الشخصيات أوالآثار التي تحتويها تلك القطع النقدية، التي تكون في الغالب مبهمة عليهم، من خلال إثارتها لعدّة أسئلة، ومن هذا يتم فتح أفق أوسع نحو التعريف بحضارتنا، شخصياً آمل أن يتم وضع صورة لبعض المفكرين أو الأدباء في الفئة النقدية الجديدة التي ستصدر عما قريب، حسبما وردتنا من أخبار إعلامية، وهي فئة 2000 دج، كشخصية ماسينيسا، أو مالك بن نبي، أو شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء مثلا".
من جانبه الخطاط عيسى يحيى بودودة، يرى أن النماذج النقدية المعدلة أخيرا تم فيها مراعاة الحجم المعتمد في الدول الأوربية، أي أصغر بقليل من النماذج القديمة.. مثلا الورقة من فئة 1000 دينار أصغر من الورقة من فئة 200 دينار القديمة، ولكن مع إقرارنا بمراعاة الجانب الوظيفي التداولي للأوراق النقدية الحديثة إلا أن هذه النماذج لم تراع في أغلب الأحيان القيم الثقافية للمجتمع الجزائري.
إذ لو نظرنا من زاوية الآخرين لن نجد مثلا؛ أي رابط بين الجزائر وورقة الألف دينار سوى كلمة - بنك الجزائر- إذ ورد في هذه الأخيرة صور لحيوانات ورسومات حجرية قديمة يمكن أن نجدها في أي دولة أخرى، على العكس من ذلك نجد ورقة 200 دينار القديمة احتوت على رموز ثقافية جزائرية مثل مقام الشهيد والجسور المعلقة بقسنطينة، كما أن النماذج القديمة احتوت على أعمال خطية مميزة جدا للخطاط الجزائري الكبير البروفيسور محمد سعيد شريفي، وهو أستاذ مادة فن الخط العربي بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، ما أضفى روحا فنية واضحة ولمسة جمالية بارزة على هذه الأوراق، عكس النماذج الحديثة التي اكتست بالجمود والجفاف والألوان الصارخة المؤذية للعين.
الأوراق النقدية والذاكرة الشعبية:
في المقابل هناك الشارع الذي يتعامل بصورة يومية مع العملة، هذه العملة التي يمكن أن تتمزق، وتتعرّض لويلات أكبر، لكننا نعتني بها وفي ذاكرة كل منا ورقة ما شكّلت الفارق..
عن هذا الفارق يحدثنا عزوق فاروق، جامع عملات وصور وطوابع بريدية بشارع العربي بن مهيدي يرى أن الجزائريين يحبون جمع العملات القديمة، صحيح أن أكثرهم لا يعرفون أن أول عملة جزائرية كانت سنة 1964 لكن الكثيرين منهم يتعاملون مع الأوراق النقدية كأنها ذاكرتهم. في الكثير من الأحيان يمر كبار السن يتأملون الأوراق النقدية القديمة التي أعرضها، منهم من يقول أنا تزوجت بمثل هذه الورقة ومنهم من يقول أنا اشتريت شقتي بمثل تلك الورقة، لكن الكل يجمعون على أن "دراهم زمان فيهم البركة". الجزائريون متعلقون جدا بالماضي والنقود الورقية لهذا الماضي كانت تمثل الشخصية الجزائرية، لكن منذ الثمانينيات بدأنا نرى الحيوانات كثيرا.. الناس يشترون أكثر النقود القديمة مثل النقود المشتركة بين الجزائر وتونس ونقود ما بعد الاستقلال، لكن الطلب قليل على النقود التي تُظهر الحيوانات. سمعت أن ورقة نقدية من فئة ألفي دينار ستصدر قريبا حبذا لو تُظهر هذه الورقة شيئا من الذاكرة، القصبة مثلا أو جبال الطاسيلي، المهم شيء يمثل التراث الجزائري والثقافة الجزائرية ليس ضروريا أن يظهروا شيئا في العاصمة أو في المدن الكبيرة".
لِمَ لا يتم إدراج صور مفكرينا على الأوراق النقدية
"كل عملات العالم تحمل صور مفكرين وقادة سياسيين، أما عملتنا فهي قبيحة جدا" .. بهذا الجواب كان رد الروائي كمال قرور الذي أكد أننا لو ذهبنا إلى ورقة 1000 دج، لوجدناها بدورها لا تختلف عن نظيراتها، فهي تحمل صورة حظيرة الطاسيلي، ولكن إدراجها لم يأتي بطريقة فنية عالية، بل جاء بطريقة اعتباطية، السؤال المطروح اليوم هناك تزوير طال 1000 دج بكل دقة واحترافية، والشعب يتداولها والبنوك تعرف والأمن يعرف هذا ولا أحد يتحدث عن ذلك. إنه شيء مخزي، عملة غير قابلة للصرف متدنية لا قيمة لها بدون قيمة جمالية ويطالها التزوير المحترف.
يضيف كمال قرور :"إن الحديث عن الصورة الجمالية التي تحتويها الصورة، اليوم ونحن على مشارف إصدار فئة نقدية جديدة متمثلة في ورقة 2000 دج، يجعلنا نطرح فرضيات عديدة عن الصورة التي ستحملها هذه الفئة، ونحن ككتاب نأمل أن تكون صورة خاصة بمفكر، أو كاتب جزائري، ونرفض أن تكون صورة لسياسي أو زعيم قومي، لهذا أتمنى أن يتم إدراج صورة لمفكر أو مثقف جزائري في الورقة النقدية المزمع إصدارها في المستقبل القريب وحبذا لو تكون لشخصية العلامة عبد الحميد بن باديس، أو الروائي الراحل الطاهر وطار".
من جانبه، القاص خليل حشلاف يعود إلى الذاكرة ويتسأل: "لماذا يحتفظ الناس بالنقود القديمة؟؟ هل لأنها تمثل ذاكرتهم فهي تسجل ماضيهم بأمانة، وإما لأنها أعمال فنية لها قيمة في ذاتها. أحيانا نشتري عشرين دينار بألف دينار ونعرف أن صفقتنا رابحة.
هذا عن قيمة الأوراق النقدية التي لم تعد تتداول، أما عن التي تتداول الآن فإن عدم استثمار الموروث الكبير للجزائر، الموروث الثقافي والموروث الحضاري فيها جعلها فقيرة جدا ولا يستطيع شخص أجنبي أن يميز نقودنا عبر الرسوم والأشكال الواردة فيها. إن النقود الورقية بصفة خاصة لم تعد منذ وقت طويل مجرد أوراق نقدية للتبادل التجاري في الأسواق، إنها صورتنا التي تحمل رموزنا الفكرية والحضارية.. إنها أعمال فنية لا تقل شأنا عن أي عمل فني آخر.
أتذكر أن الفنان الجزائري أمحمد اسياخم قد رسم عدة لوحات لأكثر من عملة ورقية جزائرية قبل امحمد اسياخم وبعده لم نستثمر في فنانينا التشكيليين الكبار يوما، إن هذا يعكس مشكلة مكانة الفن في الجزائر ومكانة الفنان في المنظومة العامة. أعتقد أيضا أننا نملك مفكرين وكتّاب وثوار كبار جدا لم يظهروا أبدا في عملاتنا أتمنى أن يتغير هذا الأمر في العملات التي ستصدر مستقبلا".
ودعنا فترة الحيوانات والقطاع الفلاحي الأقرب إلى الورقة المقبلة
يرى الخبير الاقتصادي فارس مسدور، أن الجزائر تعرف تقدما وتحولات في مختلف المجالات، وهو ما يستلزم أن ينعكس على الرسومات التي ستحتويها الأوراق النقدية المقبلة والتي يفترض أن يأخذها واضعوها بعين الاعتبار، وإن كان يؤكد أن الطرف المخول بوضع هذه الرسومات جدير بالثقة لمعرفته الشخصية به وقناعته بمستواه الفكري. وبالنظر إلى التحولات التي تعرفها الجزائر، يعتقد مسدور أن الرسومات الأقرب التي يمكن أن تحملها الورقة النقدية المقبلة ستتعلق بالجانب الفلاحي الذي يعرف حسبه انتعاشا كبيرا، كما يمكن أن تحمل واحدا من الرموز الثقافية أو الإسلامية التي كان لها دور في الحضارة الجزائرية خاصة وأن الجزائر تحضر لاحتضان تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وبالتالي فإن الرسومات ستكون خلفية وتأكيد آخر للأسماء التاريخية التي تزخر بها الجزائر.
ويضيف الخبير أنه يأمل أن تبتعد الجزائر عن السياسة التي كانت منتهجة في فترة التسعينيات والتي تميزت بالاعتماد على رسوم بعض الحيوانات التي رافقت في رمزيتها الأزمة الجزائرية آنذاك، وهو ما كان يعكس حسبه الوحشية التي كان يعاني منها الجزائريون في تلك الفترة، وهو المنطق الذي يتمنى أن لا يعود من جديد.
الخبير الاقتصادي مراد برور يوضح أن التحديات الجديدة التي يعرفها العالم ككل تفرض على الجزائر التغيير من سياستها في التعامل مع هذه الرسومات لتعكس في ذلك مجاراتها للتطور الحاصل في ظل منطق العولمة، كما أوضح برور أن العولمة بكل ما تحمله من تحديات وحتمية على كل الدول للدخول في فلكها وفرض وجودها حسب منطق الكبار، يحتم على الجزائر الاهتمام بالرسومات التي تحملها الورقة النقدية المقبلة، والتي يجب أن تبتعد حسبه عن الرسومات التي ميزت فترة معينة مرت بها الجزائر، ولا يعتقد أن تتكرر والتي انحصرت في صور عدد من الحيوانات، لذا فهو يعتقد أنه من الواجب أن يتغير هذا المنطق بالنظر إلى التحديات الجديدة التي يعرفها العالم ككل في ظل العولمة.
ومن وجهة نظره كخبير، يعتقد برور أن الرسومات الجديدة للورقة المقبلة من المفروض أن تحمل أشكالا موازية في رمزيتها لكل ما هو حديث ويرمز إلى العمل والتطور العلمي والتكنولوجي، قناعة منه أنه من حق الجزائري أن يرى في الورقة النقدية التي سيحملها رسوما لإحدى الجامعات الجزائرية أو لمجموعة من الباحثين أو حتى أقمار صناعية تواكب التقدم السريع الذي يعرفه العالم والذي يحتم على الجزائر أن تتماشى معه.
من نقود الحيوانات إلى نقود ليندن الإلكترونية
في النهاية.. هل يستحق الأمر هذا الجدال؟؟ بمعنى هل سنتدارك كل ما سبق.. وسنشكّل لجنة عمل تعمل وفق المعايير اللازمة.. ربما الوقت متأخر ومتأخر جدا.. لأن المنصات الإلكترونية من على المواقع الاجتماعية تسعى لإطلاق عملات جديدة.. عملات لا تتوافق والفكر القديم الذي يضم الهوية والحضارة.. إنه عالم الإلكترونات التي لا تقبض.. والتي لا ينفع معها لا بُعد جمالي ولا ثقافي.. إنها تحمل بعدا واحداً.. بعداً عالميا تسقط خلفه كل الهويات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.