تفاقمت الأمور الأمنية والسياسية، في الساعات ال24 الماضية، في لبنان، بعد تحرك حملة ”طلعت ريحتكم” التي تضم ناشطين من المجتمع المدني احتجاجا على أزمة النفايات، لتتحول إلى مطالبة صريحة بإسقاط النظام، الذي لم يتوانى عن استخدام القوة لقمع المتظاهرين، على خطى الأنظمة العربية السابقة. تحولت المطالبة بحل أزمة النفايات في لبنان ورفض الصفقات حولها واستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، إلى الإصرار على استقالة رئيس الحكومة تمام سلام، والإبقاء على الاعتصام في ساحة رياض الصلح، وإسقاط النظام، حيث اتخذ التحرك الشعبي طابع الانتفاضة على قيادات الطوائف والزعماء والسياسيين، وتداخلت عوامل التأزم السياسي الذي يعشيه لبنان منذ أشهر، على خلفية الشغور الرئاسي وتعطيل مجلسي الوزراء والنواب، مع صرخة المواطنين ضد تردي الأوضاع المعيشية، لينفجر هؤلاء دفعة واحدة وينضم بعضهم إلى التحرك الذي بدأ عفويا، ثم ما لبثت الأحزاب تنخرط فيه لرفع شعارات ضد الحكومة، فضلا عن انضمام شباب قدموا من مناطق محيطة بوسط بيروت وتعمّدهم رفع منسوب التأزم بين المحتجين وبين القوى الأمنية، ما دفع شباب ”الحزب التقدمي الاشتراكي” إلى الانسحاب من التحرك رفضاً لاستغلاله. وكانت كرة الثلج التي كبرت منذ مساء أول أمس، والمواجهة بين المحتجين وبين القوى الأمنية، تسببت بين ما تسببت بانضمام مواطنين عاديين ساخطين على الأوضاع المزرية، حيث رفض المتظاهرون الذين رابطوا قبالة السراي، عرض رئيس الحكومة تمام سلام تشكيل وفد للتفاوض معه، على رغم أن رئيس الهيئة العليا للإغاثة الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، زار المحتجين بمبادرة شخصية منه، غير أنهم لم يتجاوبوا معه، واجتمعت لجنة قيادية من حملة ”طلعت ريحتكم” لتصدر قراراً تطلب استقالة رئيس الحكومة ودعوة المواطنين إلى الانضمام للاعتصام السادسة مساء، وسارع العماد عون الذي أدان التعرض للمتظاهرين أول من أمس، إلى الرد على سلام، مؤكدا أنه يحاول ”احتواء عقيم لن يمر من دون رد مناسب في مجلس الوزراء وخارجه على مستوى الشعب، الذي منعه فريق الأكثرية الحكومية من أي محاسبة”. ورأى وزير الخارجية جبران باسيل أن الرد على كلام سلام هو النزول إلى الشارع. النظام اللبناني لا يتعظ من سابقيه ويستخدم القوة لفض الاعتصامات اختلط الحابل بالنابل، وتعددت الشعارات المرفوعة بما يتجاوز حملة ”طلعت ريحتكم”، حيث وقعت المواجهات ليلة أول أمس حين حاول بعض المتظاهرين اختراق الحواجز التي نصبتها القوى الأمنية من أجل عدم الاقتراب من السراي الحكومية ومبنى مجلس النواب، حيث فضّت القوى الأمنية اللبنانية بالقوة، وتم استخدام خراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين من ساحة رياض الصلح، ورد هؤلاء برشق قوات مكافحة الشغب بالحجارة، فاستعملت القنابل المسيلة للدموع بكثافة ثم الرصاص المطاط الذي جرح المتظاهرين، وحصلت عمليات كر وفر بين الجانبين، في حين حاول المتظاهرون دخول ساحة النجمة ”البرلمان” من جهة ساحة الشهداء، تصدت لهم وحدات الجيش المنضوية في جهاز أمن البرلمان، فحصل إطلاق النار في الهواء وخرجت الأمور عن السيطرة، إلى أن أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه أعطى أوامر بعدم إطلاق النار لا في الهواء أو مباشرة وسمح للمحتجين بالعودة إلى ساحة رياض الصلح، التي باتوا ليلتهم فيها.
