تعيش مدينة بجاية، التي تقع على بعد 230 كلم شرق العاصمة، نشاطا سياحيا لم يسبق له مثيل خلال السنوات القليلة الماضية، سواء عبر شريطها الساحلي الذي يضم 36 شاطئا، الذي يتوفر على كل شروط الراحة والأمن، أو عبر مواقعها التاريخية الهامة، كالبيت التاريخي لمؤتمر الصومام الذي جمع قادة الثورة سنة 1956، أو ضريح يما فوراية، بالإضافة إلى المغارة الرومانية، ومناظرها الخلابة التي تجمع بين زرقة البحر وشموخ الجبال، وهي المناظر التي أرادت الجماعات المافياوية استغلالها لتحويل الولاية إلى منتجع لزراعة المخدرات، لكن تعاون المواطن مع مصالح الأمن حال دون ذلك، خاصة بعد أن تأكد المواطن أن الدرك والشرطة ليسا رادعا للجريمة فقط، بل همزة وصل بينه وبين الادارة المحلية، إذ لا تنقطع الحركة والنشاط بالمدينة إلا في حدود الساعات الأولى من النهار، وسط تواجد مكثف لرجال الدرك الوطني والشرطة الساهرين على حماية ومساعدة وتوجيه المواطن، إضافة إلى التدخل السريع كلما اقتضت الضرورة، وهو ما وقفنا عليه رفقة الوفد الصحفي الذي رافق المجموعة الولائية للدرك الوطني، سواء من خلال مداهماتها الميدانية لبعض المناطق، أو من خلال العمل الروتيني لها، وهو ما شجع العائلات على اختيار المنطقة سواء من أهل بجاية أو الوافدين إليها من مختلف ولايات الوطن والمهجر والمخيمات الصيفية، مكانا لقضاء العطلة الصيفية، نظرا لتوفر أجواء الأمن والطمأنينة، والمرافق السياحية بصفة خاصة، رغم نقص الثقافة السياحية لدى بعض هذه المرافق وارتفاع أسعارها مقارنة بالخدمات التي تقدمها، وعليه أضحى السياح يلجأون إلى كراء شقق بدلا من الفنادق. ليال بيضاء في الشواطئ والقرى تفضل العديد من العائلات والمجموعات الشبانية قضاء ليال بيضاء عبر الشواطئ، أهمها شواطئ تيشي وتالماط وسوق الإثنين، وشاطئ المغارة وغيرها، والتي سجلت إلى حد الآن أزيد من 1.8 ملايين مصطاف، فيما تفضل أخرى التوجه إلى القرى والأحياء العريقة للمشاركة في احتفالات ليلية على غرار بلدية "الساكت"، أين ينظم الشباب حفلات فنية على أنغام الموسيقى القبائلية وتنظيم الألعاب، مما أعطى نكهة خاصة لصيف بجاية. وحسب تعبير أحد منظمي هذه الحفلات، فإن العديد من العائلات الجزائرية أصبحت تفضل بجاية على المدن التونسية، بدليل الكم الهائل من طلبات كراء الشقق التي تنتظر دورها. انخفاض الإجرام وارتفاع قياسي في حوادث المرور إذا كانت ولاية بجاية تشهد تراجعا قياسيا في الجريمة بكل أنواعها، إذ لم يتم تسجيل أي جرائم سرقة بشهادة مسؤول الدرك الوطني، المقدم درامشية رياض، وهي إيجابيات ساعدت على انتعاش قطاع السياحة بالولاية، حتى وأنت في أعلى سفوح الجبال وفي ساعات أولى من النهار فلا أحد يعترض طريقك أو يبحث أسباب مجيئك، إلا أنها تعرف مستويات قياسية في حوادث المرور المميتة، وهي السلبيات التي تعمل الأجهزة الأمنية على كبحها بالمنطقة، إذ سجلت مصالح الدرك أكثر من 38 قتيلا جراء 350 حادث منذ بداية السنة، وتعود أسبابه، حسب تحريات الدرك الوطني، إلى السياقة في حالة السكر، وعدم التحكم في القيادة خاصة بالمناطق التي تنتشر فيها الملاهي الليلية، بالإضافة إلى المسالك الوعرة، ومن الصور الحية عن التجاوزات الخطيرة للسائقين، هي اصطدام سيارة مرسيدس بحاجز أمني، وأمام الوفد الإعلامي المرافق له، تبين بعدها أن السائق كان في حالة سكر. "بوجي" مزار المؤرخين والباحثين كما تعد عاصمة الحماديين، بجاية، محطات استكشافية، يقف عندها العديد من المؤرخين والباحثين، كيف لا وهي التي عمّر بها الحماديون، واحتضنت مؤتمر الصومام أثناء الثورة المجيدة سنة 1956، حيث لا يفرغ بيت الصومام من زواره طيلة أيام الأسبوع خاصة في الصيف، بالإضافة إلى معلم "يما فوراية"، كما تعد المغارة الرومانية ذات الأسرار العجيبة والواقعة على طول الواجهة البحرية باتجاه جيجل، أحد أهم المعالم السياحية والتاريخية بالمنطقة مع أسرارها العجيبة، ككتلة الثلج التي لا تذوب طيلة أيام السنة، هذا الاكتظاظ جعل من القائمين عليها يوصدون أبوابها على الساعة السادسة مساء. ومن تقاليد بجاية وبلاد القبائل، استمرار السلطات التقليدية القبلية التي تسمى "تجماعت" التي تضم أعيان القبيلة وأشرافها، في التدخل في كل كبيرة وصغيرة كتحديد المهر، أعراف القرية ...الخ، وربما هو سر تراجع الإجرام، حسب العارفين بخبايا المنطقة، إذ ترفض "تجماعت" الانحلال الخلقي وتحل العديد من النزاعات وديا، وتسعى إلى إحلال عدالة اجتماعية وسط أهل القبائل، من خلال أعراف تسري على كل قرية. كما تعد بجاية أحد معالم الثقافة الإسلامية ويرفض أهلها أن تتهم بأنها معقلا للتنصير والتبشير، كما أشيع عنها مؤخرا، إذ تتوفر على أكثر من 200 زاوية، مر عليها العديد من رجال الدين الإسلامي الحنيف، يقابلها 4 كنائس تنشط بترخيص رسمي، على غرار الكنائس الرسمية المنتشرة عبر الوطن.