قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    اللواء بن بيشة يُنوّه بدور الجزائر    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    إصلاحات سياسة التشغيل تجسّدت على أرض الواقع    ماذا بقي في رفح؟    فيلم فلسطيني يثير مشاعر الجمهور    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    في ملتقى افتتحه الأمين العام لوزارة الدفاع: تنويه بدور الجزائر في مواجهة التحديات الراهنة لإفريقيا    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط : اتفاقية لتسويق المنتجات الجزائرية للتخصصات الكيمياوية بموريتانيا    رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكونغو: الجزائر تشهد تطورا على كافة المستويات    وزير الاتصال محمد لعقاب من جامعة الوادي: الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة ضد الاستعمار    السفير الفلسطيني فايز أبوعيطة يؤكد: الجزائر تتصدر المعركة السياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    رفع الحجم الساعي للتربية البدنية السنة المقبلة    دعم السيادة الرقمية للجزائر وتحقيق استقلالها التكنولوجي    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    تعاون أكاديمي بين جامعة الجزائر وجامعة أرجنتينية    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    سياسة التشغيل ضمن سياسات التنمية الشاملة في الجزائر    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    الإطاحة بمروج المهلوسات    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوان غويتيسولو
نشر في النصر يوم 07 - 11 - 2011

.. من مواليد برشلونة 1931 ،التحق بالمنفى كغيره من الاسبان عند وصول فرانكو إلى السّلطة ، خوان غويتسلو يعيش اليوم أو بالأصح يقيم في المغرب و هذا منذ 1997 ، بدا مسيرته الكتابيّة بأوّل عمل " مشاهد بعد المعركة"، ثمّ" وثائق هوية "، " حالة حصار "، " المنفى ،هنا وهناك" مرورا ب" Makbara "،أعمال الكاتب الاسباني تلقى الإعجاب و التّقدير في العالم ومنها ما حصل على جوائز مرموقة و آخرها وليست الأخيرة جائزة " اوكتافيو باز " سنة 2002 .. ترجمة: عبد الغني بومعزة
[ 1 ]
..عندما مات الدّكتاتور الاسباني فرانكو و هذا منذ 25 سنة كتب خوان غويتيسولو بأنّه شعر بالسّعادة و كثير من الحريّة"اكتشفت بان أبي الطاغيّة الحقيقي هو فرانكو بحكم اننا نحن الشّعوب الجّنوبيّة نحمل بالوراثة جينات أباء طغاة،انه تقليد موروث منذ آلاف السّنين، لا انس ما حييت أن أمي ماتت تحت قنابل الطائرات التّي أرسلها لدكّ المدن و أن عائلتي أفنتها الحرب الأهليّة و اضطررت للمنفى مجبرا،كلّ ما أنتجته وأبدعته هو نتاج هذه الحرب الأهليّة المقيتة.."،يشعر وهو شعور ليس بالغريب على كاتب تحمّل مشقات الغربة والعزلة والإكراه وهو طفل الحرب الأهليّة الاسبانيّة التّي اندلعت بين 1936/1939 وصاحب الكتب الممنوعة بان التّحرير والخلاص من الشّرّ جاء متأخّرا،يعيش مع فرنسيّة قبل أن تموت متنقلا بين فرنسا والمغرب التذي يعتبره الوطن الأم الذّي تبناه عن حبّ و كرم.."كان من الصّعب إيجاد حياة جديدة في بلادي،أحبّ الثقافة الاسبانيّة لأنها جزء من هويتي لكنني اكره المجتمع الاسباني، اعرف جيّدا بأنه يصعب عليّ العيش هناك.."،ومنذ 45 سنة غويتيسولو المغترب بالمعنى الاضطراري أصبح مشهورا ومعترفا به ككاتب اسباني صاحب رؤية إنسانيّة وناقد عنيد لا يتوانى في قول الحقيقة أيّ كانت،لا مجاملة في الكتابة،هكذا يقول لأصدقائه و يمكن العثور على هذه الشّخصيّة القويّة والواثقة من نفسها عبر نتاجه الأدبي المقدّر بثلاثين عملا أو أكثر بقليل يجمع بين الرّواية والقصّة القصيرة و الاوتوبيوغرافيا و الصّحافة،فمثلا لا يجد حرجا في توجيه نقده اللاذع المقرون بالسّخرية من كتّاب يسمّون ب"المتأسبينين/ Sunnyspain "الذّين يدّعون بأنّهم أكثر اسبانيّة من الاسبان أنفسهم،مرورا بفضح ادعاءات مجتمع اسباني ما بعد الطفرة الدّيمقراطية متنكّر لماضيه وجذوره التاريخية وهي جذور خليط بين اليهوديّة والموريسيكيّة وهذا بالنّبش في جذور الماضي،لذا لا يستغرب الكثير ممن يعرفونه سخريته واحتقاره لمجتمع بلاده الذّي يرى فيه مجتمعا زائفا يلبس الأكاذيب بالحقيقة وبالمقابل يبدي إعجابه و افتتانه بالحضارة الإسلاميّة الأندلسيّة[يعرف عنه انه يتحدّث المغربية بلهجاتها والكاستلانيّة و القطلونيّة والفرنسيّة والانجليزيّة والتّركيّة]،ينتقد بشدّة الرّوح الانتقائيّة عند المؤسّسة الأوروبيّة الرّسمية أو ما يسمى بالمركزيّة الأوروبية و رفضها للآخر مستغربا كيف للجّغرافيا أن تكون أكثر قربا من الشّعوب،فمضيق جبل طارق يجب أن يكون درسا في التّّقارب بين الدّول و الشّعوب بما انه همزة الوصل بين قارتين وحضارات منذ الأزمنة القديمة،يسال،"هل الجّغرافيا أفضل من رؤية البشر الضّيّقة؟.."،يعيش في مراكش،بالضّبط في بيت أندلسي في المدينة القديمة المسمّاة ب"la médina"ويبلغ من العمر69 سنة،صاحب وجه رقيق محايد،يرتاد يوميّا مقهاه المفضّل" Café de France " الواقع في ساحة"جمعة لفنا"وهي قلب مراكش النّابض بالحياة ورغم انه يعاني من ضعف بسيط في السّمع إلا انه يجد متعة كبيرة في تأمّل تفاصيل الحياة اليوميّة للسّاحة،الباعة،الأطفال،النّساء المغربيات المرتديات الجلاّبة المغربية المزركشة،يمسكن بأيادي أولادهم وباليدّ الأخرى قفافهن وأكياسهن بعد يوم شاق من التّسوق والتّجوال،الفرق الفلكلوريّة الشّعبيّة بمعيّة حيواناتها تقدّم عروضا لجمهور النّاس،المغنون الشّعبيين يردّدون قصص الماضي و بطولات شخصيات تراثيّة،الحاوي،يحدث كلّ هذا وهو جالس القرفصاء على كرسيه متناغما مع كينونة المكان الذّي يرى فيه راحته من فوضى عالم خارجي لا يعرف كيف تكون معه القطيعة بالتّراضي،لا ينكر من يعرفه عن قرب بأنه صارم ويميل للعبوس وهذا ليس غريبا على شخص عاش كلّ حياته من المنفى إلى المنفى،لكن أيضا وهذا ما لا ينكرونه عليه أنه إنساني ومتسامح،يفاجئ كثيرا المقرّبين منه وهذا ما يعتبرونه جوهره الإنساني الخفيّ خفّة ظله كإلقاء النّكات و السّخرية من بعض المواقف،أما المضحك في كلّ هذا هو إتقانه لهواية التّلاعب بالكلمات وتحريف معانيها ك"Rimbaud التّي تصبح Rambo ،أيضا وهذا ما شوهد كثيرا خاصة من أصدقائه عندما يزورونه تعاطيه العفوي مع أولادهم الفضوليين وبرفقتهم حيواناتهم الأليفة فيعثر على سلاحف وقطط وجراء كلاب في غرف البيت أو تحت مكتبه أثناء العمل ..
[ 2 ]
كتابه الجّديد"حديقة الأسرار"الصّادر عن دار نشر بريطانيّة لقي ترحيب كارلوس فوينيس الذّي قال عنه"أفضل ما كتب في الأدب الاسباني في السّنوات العشرة الأخيرة.."،في هذا العمل القصصي يعود غويتيسولو إلى الماضي،تيمته المفضلّة والمحبّبة،زمن الحرب الأهليّة أسوا كوابيسه وذكرياته،حرب تغذّي خيالاته المسكونة بالأسماء الميتة والأشباح الرّاقصة على أشلاء ذاكرة اليتم والحداد،وعبر 28 قصّة قصيرة وبتقنية جديدة وغير مألوفة تبدأ كلّ قصة بأحد حروف الأبجديّة العربيّة،يسال صديق متخيّل هو في الحقيقة صديق للكبير لوركا قدّيس الحرب الأهليّة وشهيدها،لوركا الشّاعر الاسباني الكبير والمثلي الجّنسي وعدوّ الفرانكوية بامتياز،اعتقله الفاشستيون وأعدموه سرّا ولم يعثر على قبره لحدّ الآن بتهم سخيفة يقول غويستيلو"احمر،مضحك و شاعر.."،في هذا الكتاب يقوم بعملية تشريح دقيقة للحياة الدّاخليّة والحميميّة لشاعر الحريّة،المفارقات الغريبة،الوطنيّة البسيطة والمتّزنة،انها حكاية اسبانيا وطنه المنتحر أو المفترس،قصص و ذكريات مقرونة بسرّ لوركا إلا وهو شذوذه الجّنسي الذّي سبب له الكثير من المشاكل مع السّلطات وخاصة منها الكنيسة ومحاولاته اليائسة لكتابة الصّدق والجّمال والعفوية في واقع مشحون بالكراهيّة والتّحريض،انه سعي معلن للحرية والدّفاع عن القيم و الجّنس بغض النظر عن الخطأ والخطيئة في مجتمع معروف بمحافظته الشّديدة وليس بعيدا فالكتابة في ذات التيّمة تكرّرت في عمل آخر وان كان قديما و كان هذا في الثّمانينات حيث صدر له مؤلف اوتوبيوغرافي من جزأين حمل العنوانين التاليين"الإقليم الممنوع"و" Realm Of Strife"،وكانت نفس التّقنيّة السّابقة ذكرها لكن هذه المرّة مع الحروف الاسبانيّة وعبّر فيهما عن صدقه الجّنسي و الاستقراء العاطفي، حيث يسرد قصّة حياته منذ بداية النّضوج و الوعي إلى منتصف السّتينيات عندما قرّر"أن يضع حدّا لما يسمّيه بأنه كاتب مجايل أو احد أطفال جيل الحرب الأهلية .. "، تكفير الفكر الكلاسيكي المقرون بالكتابة ضيّقة الأفق والخائفة من الأنا الباطني والذّي في العادة هو أنا مفطوم على القمع والكبت العاطفي والإبداعي،والتّشكيك بالأدلّة والقرائن للواقعيّة الجّديدة عند كتابة الرّواية،الاكتفاء بما يسمّيه الحياة بتفاصيلها البسيطة والمحايدة،إعادة كتابة الواقع بقلم حبر أبيض وأسود" الحياة لا تحتاج لفلسفة جديدة لشرحها،ببساطة هي في صميمها فلسفة قائمة بحدّ ذاتها ولا تحتاج لتعقيدات تزيد من قلقها وقتامتها.."،ويدعو بالمقابل للسّير في درب الخطر والمجازفة والتّجريب كسبيل لفهم جوهر الوجود ومعنى الحياة،يقول عنه الكاتب الكوبي[guillermo cabrera]معقّبا.."كاتب صريح ومتوحّد في عوالم صعبة الاختراق،أظنه احد أبطال سرفانتس يخوض حربا من اجل الحقيقة،مقاوم عنيد لا يتعب و أكثر من هذا شريف وصادق النّوايا فيما يخص hلحياة التّي عاشها ومازال يعيشها،اعرف أن كلّ هذا صعب ومستحيل في بلد كاسبانيا،من المؤكد انه ليس مع احد،لا مع اليسار ولا اليمين ولا حتى الوسط،لا ينتمي لأحد،تخيّلوا بأنه لا يشجع أيّ نادي رياضيّ،انه لأمر مذهل أن يعيش المرء بهذه الطريقة،اقصد من كلّ هذا انه سيّد نفسه .."، لذا وربّما من اجل هذا ولأسباب أخرى لم يحصل غويتيسولو على أيّ من تلك الجّوائز الأدبيّة التّي يلهث خلفها غيره و لم يفكّر في ترشيح نفسه لعضويّة الأكاديمية الملكيّة،فقط،روايته المشهورة[كاراجي كوميديا]أو بصيغة ساخرة[A Cock Comédie-eyed ]والتّي صدرت في طبعتها الخامسة في اسبانيا وهذا منذ خمسة أشهر،انها رواية موجّهة سهامها للكنيسة الكاثولوكية ومجتمعها السّري القويّ المعروف ب[l'Opus Dei. ]،وليس بعيدا عن عداوة قديمة للكنيسة فلقد سببت تحقيقاته الصّحفية الجّريئة الكثير من المشاكل و منها على سبيل المثال لا الذّكر انه منع من دخول مدينة اسبانيّة لأنه قام بفضح المعاملة اللاانسانية للعمّال الأفارقة ويقول مفتخرا انه لا يرى حرجا عندما يقول على الملأ انه"غجري بالفطرة"والسّبب انه دافع عن غجر بلاده المهمّشين،يقول"اشعر بالعار،كيف يعقل اعتبارهم مهاجرين و غرباء رغم أنه مرّ على وجودهم في البلاد خمسة قرون و نصف .."..
[ 3 ]
..غويتيسولو من مواليد برشلونة،الثالث من أربعة أخوة،والده إطار في شركة للمنتجات الكيماوية، تعرّض غويتسولو لالتهاب حاد و مزمن في القصبة الهوائيّة في صغره وكاد يهلك لكنّه نجا بفضل رعاية أمّه له وبسبب الحرب انتقلت عائلته للإقامة في قرية واقعة بجبال قطالونيا و في السّابعة قتلت أمّه في قصف للطائرات،أما والده الكاره للشّيوعيين فبقي وفيا لمبادئ زعيمه الرّوحي فرانكو ليقتل فيما بعد بالسّم من طرف الجّمهوريين،يقول"عائلتي وجدت نفسها بين خطي نار الأطراف المتصارعة.."،فيما قال انه اكتشف انه عثر بداخله و كغيره من أطفال الحروب على شيء اسمه ذاكرة اليتم و الطفولة، بين الحرمان والذّكريات الشّاحبة،يتذكّر أن والده منع عائلة زوجته من التّحدّث مع أولاده بالقطالونية،لذا وجد نفسه يكتب بالكاستلانيّة،اللّغة الرّسمية في اسبانيا"لم أتعلّم القطالونيّة لغتي الأم إلا في ستينيات القرن الماضي،لكن وجدتني دائما في محيط لغة أبي،أظن إنه لدي حرية شخص غير موجود في المركز"،المثير للاهتمام وعندما يطرح سؤال كيف أصبح غويتيسولو كاتبا ومثقفا بارزا تكون الإجابة كالتالي،لقد ورث هذا عن أمّه،عائلة أمه اقرب للأدب و الثقافة من عائلة والده،حتى أخاه الأكبر[خوزي اغسطين]كان شاعرا وأخاه الأصغر روائيّ،انها عائلة قرّرت منذ البداية أن تهب حياتها للكتابة و الأدب،لم يبالغ عندما وصف طفولته بانها طفولة اليتم والحرمان فلقد تعرّض في الثّامنة من عمره لاعتداء جنسي"مداعبة لكن ليس اغتصاب،هل الاغتصاب هو نفسه المداعبة؟.."من طرف جدّه لأمّه ورغم ما سببته له هذه الحادثة من تروما نفسيّة يبوح في كتابه الاوتوبيوغرافي،هو شعوره بالشّفقة حيال جدّه الذّي طرد من العمل وتعرّضه للتشهير والتّحقير"أنا ضدّ التّحرّش الجّنسي لكنني أيضا ضدّ التّشهير و الاهانة.."،ثمّ يعقّب " كنت طفلا ولم يكن الوضع بالنسبة لي لطيفا،أبي كان مسئولا عن حياتي الجّنسيّة،لكن في سني العشرين كنت حاضرا و شاهدا على هذا الاضطهاد الصّغير ولقد كان وحشيّا، ومن بعد شعرت بالرّحمة والإشفاق عليه.."،أما جدّته فلقد أصيبت في آخر أيامها بالخرف"قتلت أمي،أختها وأمّها ماتتا في مصحة للأمراض العصبيّة،فيما بعد عثر أخي الشّاعر على أشعار كتبتها خالتي،لقد كانت أشعار مفعمة بالحياة والأمل والأحلام،لكن عائلتي لم تتحدّث عن زوجته أو عن غيرها من نساء العائلة لسبب ما هي ذاتها العائلة التّي ستكون ضحيّّة نساءها، أظنها العقدة من شيء اسمه امرأة"،تلقى غويتيسولو تربيّة دينيّة كغيره من الأطفال"تلقيت تربية من جاهلين،قساوسة يسوعيين مثيرين للشّفقة"،لذا يصف نفسه بالعصامي،درس القانون في مدريد و برشلونة،سنة 1954 اصدر أول رواياته"الشّباب القتلة"التّي لقيت ترحيبا من النّقاد،في تلك الفترة أدمن مطالعة الأدب الأمريكي والأوروبي وعند إحساسه بان الأجواء التّي يعيشها لا تشجّع على الحرية والإبداع حمل حقائبه باحثا عن الأفاق الجّديدة"شعرت بالشّلل جراء الرّقابة الذاتيّة،انها نفسها رقابة المجتمع،لقد كان التفكير والكتابة بمنطق الأديب الحقيقي صعبا في تلك الفترة"،لذا وجد أن فرنسا هي أفضل الأماكن المساعدة على الإبداع واختار باريس ليقيم فيها سنة 1956 وعمل كقارئ عند غاليمار ودليل للكتّاب أمريكا اللاتينيين وجماعة "boom"،مثل"فوينتيس"و"كابريرا"وهو كاتب كوبي منشق،وأثناء إقامته الباريسيّة تعرّف على زوجته"مونيك لانغ"سكرتيره في إحدى وكالات التّرجمة التّي ستصبح وبفضل مساعدته لها روائيّة لكنّه يفقدها سنة 1996 وقد وصف علاقته بها كأنه امتحان قبول الآخر وقبول أشياءه مهما كانت ومشبها إيّاها بالعلاقة التّي جمعت سارتر وسيمون دبوفوار"المرّة الأولى التّي كنت فيها مغرما وعاشقا كان مع مونيك،كانت بحقّ امرأة رائعة،لا، بل أقول مذهلة، متفتّحة وكريمة، لقد فهمت كلّ شيء .."..
[ 4 ]
"مثل طفل شاهدت صور مزارع السّكر لكنني صدمت أكثر عندما قرأت رسائل العبيد الذّين يعملون فيها،انها بداية ثورة،فيما بعد زرت القرية حيث أن عدد كبير من السّكان هم من السّود والملوّنين والأغرب انهم يحملون لقب عائلتي، حتى إنني التقيت بخوان غويتيسولو!.."،حدثو هذا عند آخر زيارة له لكوبا سنة 1967،"اكتشفت القمع ضدّ الدّيانات الإفريقية،الرّقابة والتضييق على المثليين الجّنسيين،شعرت بأنني بعيدا جدّا عن الثورة.."،صديقه الكاتب الكوبي المنشق كابريرا الذّي التقى به في باريس سافر معه إلى كوبا يقول"خجول جدّا وملتزم،فيما بعد اكتشفت عنده للغرابة حسّ الفكاهة والالتزام.."، يحكي كيف أنهم استضافوه على بلاتوه احد الحصص الثقافية في التلفزيون الكوبي وطلبوا منه أن لا يتحدّث عن صديقه كابريرا،لكنّه كعادته تحدّث عنه مطوّلا وعن رواياته"لقد وفى بوعده لي،كان له ما أراد وهذا ما يعكس بالطبع حسّه بالالتزام نحو الآخرين وبإيمانه بالنزاهة.."،بعدها بسنوات أعلن القطيعة مع شيوعيي بلاده،وكان قد تنبأ بسقوط فرانكو ليس بسبب المقاومة اليساريّة لكن بفضل أوروبا والتّطوّر والحداثة وانقلاب الذّهنيات"في أواسط السّتينيات نزحت موجات كبيرة من الاسبان إلى الخارج فتعلموا الكثير من الشّعوب الأخرى وبالمقابل كان يزور البلاد الآلاف من السّياح حاملين معهم تقاليد الحرية، مجتمع يتطوّر كنت أدرك هذا،لكنني وجدت نفسي مطرودا من الرّجعيين ومنبوذا من الحزب الشيوعي،في المنفى قرّرت و التزمت بان لا اكتب في السّياسة إلا بعد موت الطاغية.."،في باريس تعرّف على كتّاب كثيرين،البير كامو"بارد وبعيد"،همنغواي ويبقى جان جينيه بالنسبة له المعلم " أظنّه القيمة الأدبيّة،الالتزام والوفاء للكتابة"،ثمّ"كان غريبا وبعيدا عن كلّ أشكال الغرور،قال لي في إحدى المرّات ما لم انسه البتة،قال لي وهو يعلّمني ما معنى أن يكون المرء كاتبا حقيقيّا،نقطة الوصول إلى مكان ما ليست بالمغامرة الأدبيّة،اعتبره سفرية في باص إلى إحدى محطات حياتك.."،الكاتب الأمريكي ادموند وايت وهو كاتب السّيرة الذّاتية لجينيه يقول عن هذه الصّداقة"في أول لقاء بينهما وكان هذا في إحدى مقاهي باريس، حدّق جينه في وجه غويتيسولو وقال له،أنت شاذ،صدقا،هل هذا صحيح أم لا؟.."،كان غويتيسولو يمثل الحرّية المطلقة لما يسمّيه بالحرية البرجوازيّة والنّزاهة في الفنّ،اقصد،فنّ عيش الحياة"،أما غويتيسولو فيكتب عن حياته الجّنسيّة"في برشلونة،تربيتي الجّنسيّة لم تكن مرافقة النّاس والعاهرات والرّجال الذّين هم من طبقتي الاجتماعيّة،لم يكن هذا كافيا لذا لم أدمن عليه،في اسبانيا كان العثور على نزواتي الجّنسيّة صعبا ومستحيلا،لكن في فرنسا كان الأمر مختلفا،وجدت ما كنت أبحث عنه في مقاهي وحانات الحيّ العربي في Barbès،كنت الأوروبي الوحيد في تلك الأمكنة فاضطرني الأمر إلى تعلم العربيّة .."..
[ 5 ]
كان غويتيسولو وزوجته من اشدّ المناصرين للقضيّة الجّزائريّة،وكذا من مرّة شارك في مظاهرات تأييدا للقضية في شوارع باريس بمعيّة المثقفين اليساريين،مثل،جان جينه وبازوليني الايطالي،يقول وايت وهو الذي كان قريبا منه"مثل جينه وبازوليني،كان غويتيسولو وهذا ما كان معروفا به شاذ أوروبي و كان يهمّه كل ما يحدث في العالم الثالث خاصة العالم العربي لسبب بسيط وهو ذوقه الايروتيكي لكن هذا تطوّر فيما بعد ليصبح الدّافع إلى هذا النّشاط السّياسي كمثقف تقدّمي وحسّ الفنّ والجّمال،كان أشبه بقدّيس يتعمّد بأحاديث الثّورات ويركب صهواتها،وفي نفس الوقت خاضع لقوة الفوضى الجّنسيّة،الجّسد المشتهى،تكسير حدود الطبقيّة العقيمة،في العالم الإسلامي،يقول غويتيسولو"الشّذوذ الجّنسي هي حالة طبيعيّة،لكن بشرط أن لا يشار لك بالإصبع.."،يضيف"لم اذهب للفراش مع أوروبيين،كان هذا مستحيلا،لأنّهم قدموا للشّذوذ بما تحمله هذه الكلمة من سياقات نفسية مرضيّة،أنا أيضا كنت مريضا ولسنوات و لم ارغب إطلاقا الالتقاء بناس هم أيضا مصابين بذات المرض،يوجد دائما صفقات تجاريّة في الحياة،لا يوجد حبّ،لكن هناك صداقة ، في حياتي كلها لم أحب إلا مونيك،لم أقع في الحبّ البتة مع أشخاص آخرين.."..كانت مونيك حسب ما كتبه وايت كاتب سيرة جينيه وصديق غويتيسولو امرأة دافئة وساحرة وفرنسيّة إلى حدّ النخاع،لكنّها خجولة كثيرا وتقرا في عينيها إحساس بالقهر،لما اكتشفت سرّ زوجها صدمت منه وتشاجرت معه ، حدثت بينهما قطيعة دامت أربعة سنوات،تطلب منه محالاوت كثيرة و كلها عبر رسائل اعتذار،وفي سنة 1978 تعرّضت لوعكة صحية فقرّر خوفا عليها الاقتران بها"شعرت لأوّل مرّة بأنني رجل حرّ،حرّ من الايدولوجيا،الدّيانة والوطنيّة.."،وانعكس هذا في تطليقه للواقعيّة التّي يرى فيها كلمة زائفة و واقعا لا يعبّر عن نفسه وانعكس هذا في كتابه"les marques autobiographique de l'identité (1966),"..
[ 6 ]
كتب:"حيوية أيّ ثقافة تكمن في قدرتها على احتواء التّأثيرات الخارجيّة،الثقافة هي الدّفاع عن النّفس وحماية الهويّة من الزّوال والانغلاق حولها يعني الحكم بالإعدام.."،في منفاه كان قد قرأ كلّ ما عثر عليه من كلاسيكيات ثقافة بلاده"عشت معظم حياتي خارج اسبانيا،لذا أقضي جلّ وقتي بتعويض هذه الخسارة بالعيش في داخل الأدب الاسباني،اعلم أن الكثير من الكتاب الذّين يقولون انضباط،تقليد،لكنني شخصيا أنا في حالة بحث عن الأجداد والقدامى.. "،شجرته العائلية تضمّ وللمفاجأة شخصيّة ثقافية اسبانيّة كبيرة ومرموقة هو الشّاعر خوزي رويز هيتا في القرن 12،يصف ذات القرن بأنه قرن الاختلاط والاختلافات وثراء الثقافات والحضارات،حيث يعثر على اللاتيني،العبري،العربي والكاستلاني،قرن الشّاعر والمتصوّف المسيحي Juan de Yepes Álvarez الملقب ب Jean de la Croix المشهود له بالقدسيّة والنّقاء والتّسامح،الشّعراء الصّوفيّين في أندلس الزّمن الجّميل والكتّاب الغجر و البوهيميين،بالنسبة له فالعصر الذّهبي لما يسمّى باسبانيا الكبيرة،اسبانيا الفكر والتّنوير والثقافات المزدوّجة ذات الثراء الواسع تعرّضت لأكبر هجمة شرسة من عدوّ اسمه التّابوهات الهدّامة،التّشبيه الدّقيق لهذا هو رفض قبول ان سرفانتس كان من الممكن أن يكون مسيحيّا جديدا،اقصد،انه كان يهوديا وتحوّل للمسيحيّة بتهديد من محاكم التّفتيش.."إذا لم نأخذ بعين الاعتبار الأصول اليهوديّة لمعظم كتّاب القرنين 15 و17 لن تفهموا المأساة التّي نعيشها اليوم،ما حدث في ذلك الوقت هو المواجهة الأولى للمثقفين ضدّ الدّولة المستبدّة،تقريبا يشبه الأمر الأدب الرّوسي وعصره الذّهبي،دون أن أتحدّث عن الغولاغ.."،ولا ينسى الدّور العربي و تأثيره الكبير على جذور الرّواية الأوروبية،يذكر سرفانتس الذّي سجن في الجّزائر وأثناء فترة سجنه اكتشف رائعة كلّ الرّوائع ألف ليلة وليلة ولو لا تجربة السّجن في بلاد عربيّة لما اكتشف سرفانتس متعة الرّواية وسحر الحكاية،ثمّ أن تجربة الحبس ألهمته رائعته العالميّة التّي ستلهم فيما بعد أجيال كبيرة من الكتّاب وخاصة منهم الأوروبيين واقصد دون كيشوط دولا مانشا،"كان ميلان كونديرا صادقا عندما قال أن النّواة الأولى للرّواية الحديثة بدأت مع سرفانتس و دون كيشوتا،انه تجميع مثير للغرابة بين ما هو عربي وغربي.."،لذا لم يفاجئ القارئ وهو يقرا في الصّفحة الأولى من العمل إهداء كتبه غويتيسولو في روايته"حديقة الأسرار"لسرفانتس واصفا إياه بأنه معلّمه وملهمه وسيّده و فيلسوفه
[ 7 ]
يقول"عندما كنت صغيرا،في أربعينات القرن الماضي كانت اللّغة القطالونية ممنوعة،استنتجت أن تعلّم لغتين أفضل من تعلّم لغة واحدة،وتعلّم ثلاثة لغات أحسن من لغتين،من الأفضل أن يضيف المرء في رصيده التّعليمي لغة جديدة،أنا كنت منهم،أن أكون على دراية بثقافات الآخرين.."،يجد نفسه كاملا و متناغما مع تعدّد اللّغات والأصوات،ثراء الاختلافات،حكمة الاختلاط مع الآخرين الذّين لا يشبهوننا،العدوى المتبادلة لمناظر ومشاهد المدن العالميّة،حيث نعثر على كلّ هذا الزّخم من القناعات في روايته غريبة العنوان" Makbara (1980"،قال عنها احد النقاد انها ترنيمة الجّنس ونداء الحرية المكبوتة في الأنفاس لان الآخرين لا يفهموننا أو انهم ينظرون إلينا بعين الرّيبة لأنه لدينا ميولات غريبة،وروايته الأخرى"l'humour noir Paysages après la bataille (1982). "، وكأنه حيوان غير مروّض في وسط مديني يحاول تسخير الطاقات المفعمة بالحرية لمنطق المدينة البليد والغبيّ و اغتيال منطق الحياة بمعناها الشعري والشّاعري وفي " Babelisation des grandes capitales" وهي دعوة حماية ثراء لغات مدن العالم ونبذ التطرّف وتصلّب الأفكار وتزمّت الثقافة الواحدة والتّي مآلها السّقوط والانهيار،لغات العالم كالطيور تحبّ الحرية و الفضاءات الواسعة لتغني،لتعزف موسيقاها التي تنشد السّعادة ولغات العالم كذلك،يعود في روايته" l'oiseau solitaire 1988" لتيمة حضارة القرن العشرين إلا وهي السيدا ومخاوف انتشار العدوى،يكتب"ان لا تكون من أصحاب الدم النقيّ،مسيحي نقيّ،أن تصاب بعدوى أيدلوجيا أجنبيّة أو محلية،هذه هي المشكلة، اقصد هذه هي العدوى الحقيقيّة ولا اقصد العدوى بمعناها التّقليدي.."،وهو بكتابته هذه يحيل الى ماضي بلاده،تاريخ اسبانيا القديم المشحون بالكراهيّة والعنصريّة عندما قرّرت محاكم التفتيش سيّئة السّمعة طرد اليهود والمسلمين لأنهم أعداء،أن هذا السّلوك البربري الشنيع هو امتداد لما يحدث اليوم في العالم، التطهير العرقي هو ذاته التطهير العرقي الحالي،لان مجنون مثل رادوفان كرادزتش في البوسنة استلهم خيبته وعاره من تاريخ الذين سبقوه منذ آلاف السّنوات وبالضبط في اسبانيا الكاثوليكية،أو جان ماري لوبين في فرنسا،وجهان لعملة واحدة اسمها الغباء البشري بكلّ مواصفاته،كتب غويتيسولو مقالا ناريا موجّها فيه سهام غضبه للصّرب المتطرّفين الذّين أرسلوا قذائف مدافعهم على مكتبة سراييفو التّاريخية،مذكّرا بحادثة أخرى تشبهها تماما و كانت في اسبانيا وبالضّبط سنة 1940 حيث قام الفاشستيون الاسبان بتدمير مكتبات تاريخيّة لأنّها تحوي بداخلها ثقافة الشّيطان،حرائق أتت على آلاف المخطوطات التّي لا تقدّر بثمن،مخطوطات إسلاميّة،عثمانيّة وفارسيّة،هذا السّلوك الوحشي بالنسبة للصّرب المتطرّفين يدخل ضمن سياسة التطهير العرقي والثقافي،كلّ هذا لتدمير ذاكرة شعب وحضارة وثقافة واستبدالها بميثولوجيا جديدة،هي صناعة الخرافة والأساطير،ومنذ موت زوجته مونيك و هذا منذ أربعة سنوات،يعيش غويتيسولو في مراكش،"ماتت فجأة وهي نائمة،كان الأمر بالنسبة لها بسيطا ومسالما مع المرض،لقد كانت حقيقة رائعة، لم تتألّم ولم اشهد على وجود هذا الألم في تلك اللّحظة،لم أكن مستعدّا لحظتها لهذا الفقدان،كان صعبا عليّ أن اعتاد على العيش في باريس بدونها،اكتأبت كثيرا،هل أقول انني تجرعت هذا الاكتئاب إلى حدّ الثّمالة ولم اشبع منه،لقد اكتشفته وكم كان قاسيا ومؤلما، عشته لحظة بلحظة في أمكنة تيتمت بغيابها، لقد تحوّلت شقتنا إلى ما يشبه التّابوت ..".. انتهى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.