احتضن ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي احتفائية ذكرى المولد النبوي الشريف من خلال التقاليد التي تميز الجزائر العاصمة و التي تبدأ ليلة من قبل من خلال وضع رداء جديد على قبر الولي الصالح. و قد ميز جو خاص هذا اليوم المقدس بالنسبة للمسلمين منذ الساعات الأولى من النهار من خلال تردد مستمر للزوار و هم يسلكون المدخل الضيق الذي يؤدي إلى ضريح هذا الولي الصالح . و يتوجه هؤلاء الزوار أغلبيتهم من النساء نحو الغرفة التي تحتوي على رداء هذا الولي و هو فضاء "مقدس " يتعين بذل جهود للوصول إليه. بالداخل تسود أجواء روحانية من خلال رائحة البخور و دعوات النسوة التي غالبا ما تتخللها الزغاريد عند سماع المنشدين و هم يمدحون رسول الإسلام مما يعطي لهذا الاحتفال بعدا بهيجا. في هذا الصدد صرحت السيدة خيرة صاحبة الأربعين خريفا تقول " أشعر و كأنني في حفل حتى لا أقول في حفلتي" . وقدمت هذه السيدة من ولاية النعامة لحضور إحياء " المولد" بسيدي عبد الرحمن رغم أن منطقتها تزخر بعدد كبير من أولياء الله الصالحين و الأضرحة. و من جهتها أكدت سيدة أخرى أنها " رأت في المنام هذا الولي أكثر من مرة: لقد تحدثت عن ذلك لوالدتي التي نصحتني بالقدوم إلى هنا و هذا ما أقوم به منذ مدة و لم أعد أراه في منامي. و عليه أردت الحضور في هذا اليوم للتبرك به". و في القاعة المجاورة تم إشعال الشموع و التعبير عن الدعوات حيث ترى كل امرأة أنها ستفوز ببركة هذا الولي الصالح و تكفي النية في ذلك حسب قولهن. دعوات و تبرعات و صدقات غاليا ما تكون الدعوات مرفوقة بتبرعات مختلفة بهدف كسب " ثواب" " الصدقة" و التقاسم حسب قولهن. و إذا كان الضريح قد احتضن على مر الزمن زيارات منتظمة لأوفياء بحثا عن الطمأنينة الروحانية فانه يتم التردد على هذا المكان خلال الأعياد الدينية. و لا ينتظر سكان العاصمة يوم المولد النبوي لتقديم الإعانات و المساعدات و هدايا أخرى فقط من أجل تلبية دعواتهم. و بمقر جمعية " أصدقاء منحدر لوني أرزقي ( رامب فالي سابقا) المقابلة للضريح نظم المنخرطون في هذا اليوم حفلا رمزيا " تخليدا لهذا التقليد". و ضمن ديكور مغربي نظم بقصر المنزه اجتماع ضم حضورا مختصا في المحافظة على التراث غير المادي للجزائر العاصمة من فنانين على غرار محمد خزناجي الذي كرمته مؤخرا وزارة الثقافة. و لم يفوت بوطلية رمضان البالغ 88 سنة فرصة حضور هذا الحفل الذي استدعته إليه الجمعية حيث أعرب عن ارتياحه للمحافظة على بعض التقاليد بمدينة سيدي عبد الرحمن غير انه تأسف لزوال تقاليد أخرى. و صرح بوطلية يقول " أعمل رفقة أبنائي و أحفادي على الاستمرار في إحياء هذه العادات و التقاليد للتعبير عن فرحتنا بقدوم هو اليوم المبارك". و يحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف بالجزائر العاصمة باستعمال البخور و تحضير الطمينة و الأكلات الخاصة و الحنة و قراءة القرآن مع التأكيد للمخلصين بأن الولي الصالح للجزائر العاصمة لايزال يسهر عليهم بقية السنة.