النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الوزراء    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    أفران "مرسال لا في "محرقة منسية..!؟    الطواف الدولي للدراجات الهوائية : سلطات سكيكدة تضع آخر الترتيبات للطبعة 24    ميلة: الأمن يشارك ضمن فعاليات القوافل التحسيسيةللوقاية من حرائق الغابات    باتنة : الدرك الوطني بمنعة يوقف جمعية أشرار مختصة في السرقة    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    العدوان الصهيوني: وزيرة بلجيكية تؤكد أن "القانون الدولي ينتهك في غزة"    نظمه المعهد العسكري للوثائق والتقويم والإستقبالية لوزارة الدفاع الوطني.. "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي.. " محور ملتقى    لإعادة إدماجهم في المجتمع..ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني في مرافقة نزلاء المؤسسات العقابية    قوجيل: مجازر 8 مايو 1945 كانت مأساة للأمة وللوطن    ضبطت بحوزته كمية معتبرة من الكوكايين والبريغابالين.. 7 سنوات حبسا نافذا لمروج مخدرات بالعاصمة    إختتام المناورة الدولية للحماية المدنية بالبويرة    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تزامنا وشهر التراث.. أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    الأمم المتحدة: مخزونات الغذاء بغزة تكفي من يوم إلى 4 أيام فقط    أيام قبل فصل الصيف : رفع العجلات المطاطية والقضاء على الأحراش بغابات عنابة    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    يوسف حمدان: الهجوم على رفح محاولة صهيونية لفرض معادلة جديدة على ملف التفاوض بشأن وقف إطلاق النار    وكالة "النفط" و"ايكينور" النرويجية يوقعان اتفاقية من أجل دراسة الامكانات الجزائرية في المحروقات    القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بنيروبي: تبون يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة    الأمم المتحدة: غوتيريش يطالب الكيان الصهيوني بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم فورا    كرة القدم/ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا: تعيين الجزائري غربال لإدارة مباراة الترجي التونسي والأهلي المصري    زعماء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار كانوا متحكمين في فنون الحرب        تكوين وتعليم مهنيين: تكريم الفائزين في مسابقة شهر رمضان    هول كرب الميزان    كأس العالم للحمل بالقوة لذوي الاحتياجات الخاصة: دخول ثلاثة جزائريين المنافسة بنية الاقتراب من التأهل للالعاب البرالمبية    القادسية السعودي يدخل سباق التعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    تكاتف الجهود لحماية الغابات من الحرائق خلال الصائفة    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    تحسين الأداء والقضاء على الاكتظاظ الموسم المقبل    الإطاحة بمروج المهلوسات    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يحتاجه العراق للابتعاد عن الهاوية
نشر في الجزائر نيوز يوم 08 - 05 - 2013

أوضاع العراق اليوم تشبه الأحداث التي قادت إلى ما يشبه الحرب الأهلية عام 2006.. هكذا يقول رايان كروكر السفير الأميركي الأسبق لدى العراق في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست" قبل أيام. وبغض النظر عن مدى مسؤولية أميركا عن تلك الأحداث وعما آلت إليه الأوضاع في العراق، فإن كثيرين يتفقون مع ما قاله الرجل، ويرون أن العراق يقف بالفعل على حافة هاوية إذا انزلق إليها فإنه سيواجه أوضاعا ربما تكون أسوأ مما فات، لا سيما في ظل النفخ المستمر في الطائفية، والتعقيدات الإقليمية، وتشابكات الأزمة السورية، ومحاولة عناصر “القاعدة" إيجاد موطئ قدم يمتد ما بين العراق وسوريا ويتغذى من تردي الأوضاع فيهما.
انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وما صاحبها من مواجهات وتفجيرات، كشفت وربما عمقت الأزمة الراهنة في العراق. فالمشاركة لم تتجاوز 50 في المائة، وتدنت إلى نحو 33 في المائة في بغداد، مما يعكس عزوفا من الناخبين في ظل الأوضاع السياسية المتوترة، والانقسامات داخل الحكومة وحولها، والانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء نوري المالكي من خصومه ومن حلفائه السابقين بأنه ينفرد بالقرارات ويعطي انطباعا بأنه يريد أن يؤسس لديكتاتورية جديدة، وأن سياساته تعمق الانقسامات الطائفية. كذلك فإن قرار تأجيل الانتخابات في المحافظتين السنيتين الأكبر، الأنبار ونينوى، كان بمثابة صب المزيد من الزيت على نار الطائفية، وجعل البعض يتهم رئيس الوزراء بأنه عمد إلى التشدد والتسخين بتجاهله لمطالب المتظاهرين والمعتصمين طويلا، وبلجوئه إلى استخدام القوة المفرطة مع المحتجين في الفلوجة ثم في الحويجة مما أدى إلى مقتل العشرات من المتظاهرين الذين كان من بينهم صبية كما ذكرت تقارير منظمات دولية، كما قتل عدد من العسكريين.
المالكي قال إنه صبر على المحتجين والمعتصمين وتحملهم طويلا، وإنهم لو كانوا في بلد عربي آخر “لقصفوا بالطائرات"، وهو كلام غريب فضلا عن كونه غير دقيق بالنظر إلى أن الرجل لم يقصر في استخدام العنف ضد المتظاهرين، وواجه الاحتجاجات ضده بالقمع منذ مظاهرات بغداد قبل عامين وحتى اعتصام الحويجة. وإذا كان بكلامه هذا يغمز من قناة سوريا، فإنه أحد الداعمين للنظام الذي يقصف شعبه بالطائرات، أما إذا كان يريد أن يخفف من وقع استخدامه للجيش في مواجهة المحتجين فلن يشفع له أن متظاهريه يموتون بالرصاص بينما يموت جيرانهم بقذائف الطائرات أو المدافع.
المالكي سعى أيضا إلى ربط الاحتجاجات الداخلية بالتأثيرات الخارجية والقول إن ما يحدث مرتبط “ببعض السياسات الطائفية في المنطقة"، وهو بذلك لا يرى أن سياساته مسؤولة عن تردي الأوضاع في العراق، ولا عن زيادة الاستقطاب على أسس طائفية. لكن الواقع أنه رغم تحذيراته المتكررة من الطائفية ومن دعوات التقسيم ومحاولات تمزيق العراق، فإن سياساته تسهم في هذا الأمر. فحكومته قامت على المحاصصة والتحالفات الطائفية، وسياساته أسهمت في تعميق الشقة مع غالبية سنة العراق، بل وفي خلافات مع بعض حلفائه من الشيعة وخصوصا مع من يرون أهمية بناء شراكة مسؤولة تجنب العراق ويلات الحروب الطائفية والمزيد من الدماء. كذلك كان لافتا أن رؤية المالكي للمظاهرات والاعتصامات الأخيرة تناغمت مع الرؤية الإيرانية التي صنفت هذه الأحداث على أنها ضمن تأثيرات “التجاذبات الإقليمية". في هذا الإطار نقلت عدة تقارير إخبارية أن وزير الأمن الإيراني حيدر مصلحي عندما زار بغداد الشهر الماضي حرص خلال لقاءاته مع قيادات الأحزاب الشيعية على التحذير من مخطط “إشغال جبهة المقاومة بالخلافات والأزمات الداخلية"، داعيا هذه القيادات إلى أهمية رص الصفوف والتنبه للمخططات التي تستهدف العراق أو سوريا. المالكي كان أكثر وضوحا عندما حذر مرة في مقابلة مع وكالة “أسوشييتدبرس" للأنباء من أنه لو انتصرت المعارضة السورية “فستكون هناك حرب أهلية في لبنان، وانقسام في الأردن، وحرب طائفية في العراق". تحليل هذا الكلام وتفكيك شفراته يعني أن المالكي يرى أن سقوط نظام الأسد وصعود نظام سني في سوريا سيقود إلى تعزيز سنة العراق وبالتالي إلى حرب طائفية، حسب تعبيره. مثل هذا الكلام لا يحل أزمة العراق بل يعقدها، ويضعها بالكامل في خانة التجاذبات والتحالفات الطائفية والإقليمية.
أزمة العراق وإن تأثرت اليوم بتشابكات أحداث سوريا، إلا أنها بالتأكيد ليست ناجمة عن هذه الأحداث، بل سبقتها بسنوات. والمالكي الذي تجاهل مطالب وشكاوى سنة العراق من التهميش والإقصاء أسهم في تغذية التوترات الطائفية في بلاده، مثلما أنه فشل في بناء “دولة القانون" التي وعد بها واتخذها شعارا واسما لتكتله السياسي، ولم ينجح بالتالي في تثبيت الأمن والحرية والاستقرار، ولا في تحقيق الرخاء للعراقيين. فقد انشغل بالمناورات السياسية وسعى للهيمنة ووضع كل الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت إشرافه، بدلا من أن يكرس جهوده لبناء السلم الأهلي وتوسيع المشاركة السياسية ومواجهة أي محاولات للتفريق بين العراقيين على أسس طائفية. والأدهى من ذلك أنه ينبري اليوم للدفاع عن النظام السوري ذاته الذي كان يتهمه في السابق بتصدير الإرهاب إلى العراق.
العراق الذي دفع تكلفة هائلة على كل الأصعدة على مدى السنوات العشر الماضية، لا يحتاج إلى النفخ فيما يؤجج التوترات والانقسامات الطائفية، وهو في غنى عن الانجرار إلى تجاذبات خارجية تزيد من مشكلاته الداخلية. فالطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الأحداث الأخيرة ومع شكاوى السنة، جعلت الدعوات ترتفع لإعلان إقليم سني وهو خيار لا يحل أزمة بل يصب في توجهات التقسيم، علما بأن السنة رفضوا هذا التوجه في السابق عندما انطلقت دعوات لإعلان إقليم شيعي في الجنوب، لكن بعضهم يتبنى هذه الدعوة اليوم من منطلق الإحباط والإحساس بالتهميش.
العراق اليوم في أمس الحاجة إلى قيادة سياسية تسمو فوق الحسابات الشخصية والمكاسب الآنية، من أجل إعادة بناء الوطن وتعزيز وحدته وتماسكه، بالانفتاح على كل مكونات المجتمع ومواجهة كل ما يسهم في تأجيج الطائفية. فالبديل هو انزلاق البلد نحو الحرب الأهلية والتفتت.
نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط" الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.