وزير الداخلية خلال تنصيبه للولاة: الحركة الجزئية تهدف إلى إضفاء ديناميكية جديدة    وثائقي من إنتاج مديرية الإعلام والاتصال لأركان الجيش: الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    مع انطلاق حملة مكافحة الحرائق: منع التخييم والتجول بالغابات بداية من الأربعاء بقسنطينة    خنشلة: توقيف 12 شخصا في قضايا مختلفة    عطاف يُستقبل بالرياض من قبل رئيس دولة فلسطين    صراع أوروبي على عمورة    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص بتيبازة وتيزي وزو    لأول مرة في تاريخ القضاء الجزائري: رئيس الجمهورية يمنح قضاة المتقاعدين لقب "القاضي الشرفي"    إياب نصف نهائي كأس الكونفدرالية: الاتحاد متمسك بموقفه وينتظر إنصافه بقوة القانون    بطولة الرابطة الثانية    كشف عنها وزير المالية وسجلتها المؤسسات المالية الدولية: مؤشرات خضراء للاقتصاد الوطني    رفض الكيل بمكيالين وتبرير الجرائم: قوجيل يشجب تقاعس المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية    وزير المجاهدين و ذوي الحقوق من جيجل: معركة السطارة من بين المعارك التي خلدها التاريخ    الإقبال على مشاهدته فاق التوقعات    لا صفقة لتبادل الأسرى دون الشروط الثلاثة الأساسية    10 % من ذخائر الاحتلال على غزّة لم تنفجر    التسجيل الإلكتروني في الأولى ابتدائي في 2 ماي المقبل    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    الجولة 24 من الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": تعادل منطقي في داربي الشرق بين أبناء الهضاب وأبناء الزيبان بين والساورة تمطر شباك اتحاد سوف بسداسية كاملة    البنوك تخفّض نسبة الفائدة على القروض قريبا    الفريق أول السعيد شنقريحة : "القيادة العليا للجيش تولي اهتماما كبيرا للاعتناء بمعنويات المستخدمين"    الرئيس تبون يمنح لقب "القاضي الشرفي" لبعض القضاة المتقاعدين    بسكرة: ضبط ممنوعات وتوقيف 4 أشخاص    مظاهرات الجامعات يمكن البناء عليها لتغيير الموقف الأمريكي مستقبلا    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    بيولي يصدم بن ناصر بهذا التصريح ويحدد مستقبله    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    حساسية تجاه الصوت وشعور مستمر بالقلق    هدم 11 كشكا منجزا بطريقة عشوائية    دورة تكوينية جهوية في منصة التعليم عن بعد    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    استفادة كل ولاية من 5 هياكل صحية على الأقل منذ 2021    العدوان الصهيوني على غزة: سبعة شهداء جراء قصف الاحتلال لشمال شرق رفح    وزير النقل : 10 مليار دينار لتعزيز السلامة والأمن وتحسين الخدمات بالمطارات    جيدو /البطولة الافريقية فردي- اكابر : الجزائر تضيف ثلاث ميداليات الي رصيدها    محسن يتكفل بتموين مستشفى علي منجلي بخزان للأوكسيجين بقسنطينة    ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاوية بنهار: ربع الخيم والنوق... في زاوية بن مرزوق..!


شيخ زاوية بنهار سي رابح
1- مدخل :
كانت الزوايا منارات هداية، وقلاع علم وتفقه في الدين، ملاجىء آمنة لتحفيظ القرآن الكريم، ومأوى للفقراء والايتام وعابري السبيل، أتيح لها من وسائل بسيطة ولا تزال، شاء الله لها أن تنفرد بهداية الانسان، وخدمة الذين انقطعت بهم السبل في تيه ظلمات الجهل والاقصاء ، احتضنت هموم مريديها والمتعاطفين معها رحلا ومقيمين، والذين يقصدونها في ذهابهم شمالا وفي دعوتهم إلى الجنوب، أو حين يستقرون ، تضمهم إليها إخوانا بررة متعاونين متحابين في الله محسنين، دأبهم هذا في رحلة الشتاء والصيف وحين يستقرون ويشدون إليها الرحال ويطيب لهم فيها المقام.
في هذه الأجواء المدلهمة من تاريخ أمتنا كان الوطن، يئن تحت نير الاحتلال الفرنسي، خاضعا لاستبداد سلطانه الاثم، كان الجزائرون يومئذ يعيشون على هامش الحياة، معزولين عن العالم مشرقه ومغربه، محرومين من استنشاق رياح النهضة الفكرية التي هبت نسماتها عى المشرق، بعد أن تألق نجم الأوروبيين وسادهم عصر التنوير ودخلوا عهد الصناعات من أبوابها الواسعة، بينما خيم الجمود الفكري على ديارنا وطالنا الوهن، فتراجع أداء الحركات العلمية والادبية وضعف ، وانكمش المد الاسلامي، واختفى صوت دعاته، ولم يعد المسجد قادرا على تبليغ رسالته بالكيفية التي درج عليها السلف الصالح ، ولا بالطريقة التي تفيد وتنعش العقول وتلهب المشاعر، كبار علماء الشريعة أفل نجمهم وضعف نشاطهم ، وانصرف منهم من انصرف إلى الاعتزال والتصوف، ومنهم من ولى وجهه شطر الحجاز أو الشام أو أقطار أخرى، بيد أن هذا لا ينفي سريان الحركة الفقهية فهي ما تزال قائمة تتلقى غداءها من ذاتها، ولكن هي الوثبات تتم بشكل متقطع وضئيل، فطلبة العلم يتلقون المعارف بطرق بدائية بلقينية عميقة ، بينما تعليم القرآن ظل محاصرا في مقرآت أشبه بالاكواخ، هي عبارة عن زوايا متنقلة ، ولحسن الحظ تجد الزوايا المستقرة قد فرضت نفسها وكان لها وجود فاعل ومتميز، ولولاها لضاعت العربية ولما استمر تعليم الشريعة الاسلامية وأصول الدين، احتضنت الطلبة المتعطشين لمختلف العلوم، لينهلوا من معينه وينابيع فيضه، كما ينهل المطر من الغمام وتكلفت بالإيواء والإطعام والانفاق ، ومن بين هذه الزوايا العامرة التي صمدت في وجه الغزاة كما صمدت الجبال الرواسي في وجه أعتى العواصف وأشدها فتكا، زاوية الشيخ محمد بن مرزوق طيب الله ثراه التي ذاع صيتها وتعاظمت خدماتها منذ 1825 إلى يوم الناس هذا.
02- من هو الشيخ محمد بن مرزوق ؟
إن هذا الشيخ الأبر الكريم الورع الذي أمده الله بالعون وحسن التدبير ، قدم إلى هذه المنطقة ولم يكن يعرفها ، وإنما أرشده الله إليها وشيخه في الزاوية المختارية بأولاد جلال من ولاية بسكرة، الشيخ المختار قدس الله روحه بإلهام من الله وحسن توفيقه، وأذن له بفتح الزاوية في هذه المرابض العطرة واختار له المكان، وآية ذلك أن عروض رحمان أقوام كثر، وهم يومئذ رحل غير مستقرين ، قوافلهم كانت تجوب البلاد من أقصاها إلى أقصاها، لا تتوقف شتاء ولا صيفا اهتماتهم منصبة على طلب الكلأ لكاشيتهم، والسعي إلى تكاثرها، كان الحرمان يومئذ والاقصاء كفيلان بجعل الجزائريين سكان السهوب والصحراء بالخصوص في مطاوي النسيان، يتجرعون مرارة الاهمال في العهد التركي، ثم مرارة الاستعمار الفرنسي ووحشيته، وكانت مرارة الجهل والفقر والحرام أشد وأقسى، وكل مضل مضر كما يقال، كان لزاما على الرحل في هذا الوسط أن يتشكلوا في مجموعات قبائل وعروض لتكون لهم الهيبة والمناعة والصوت المسموع، ولا بد أن يسترشدوا بالفقهاء وشيوخ الزوايا خاصة في شؤون دينهم وفي معاملتهم وقضاياهم المستجدة، حيث كانت الآراء إلى الاسراف والمبالغة والشطط في معالجة الأمور بفكر تصوفي زاهد، وقد شاعت الدروشة والشعوذة وحدث الانحراف بشكل جلي، والشيء إذا فشا وذاع كثر دعاته، وما كل من حمل الامانة عرف قدرها، لذلك فرض الفقهاء أنفسهم كبديل لغياب السلطة التركية واختفاء النظام، إذ الدولة قد انطفأت عيبتها وخبا صوت الحق فيها، ولم يعد لها في الساحة معنى، فتولت الروحية أمر العباد، واسترجعت للقبائل تمثيلها وهيبتها في سلم القيم الروحية والمادية والمعنوية بعيدا عن السياسة التي تفرد بها نفر من الناس في موجات من الظلم والفساد وحروب الثأر ، إذ الأمر بات لا يستقيم في البلاد على أمر واحد ، وكان عنصر المقاومة ذاتيا في كل مجالات الحياة وفي هذه الاجواء بدأت الزوايا تهيء نفسها لمجابهة أحداث محدقة بالامة، وغزو فرنسي وشيك، امتدت الاعناق مشرئبة بين صفوف طلبة الزوايا لتوعية الناس ودعوتهم إلى الجهاد، وآية ذلك أن حركة الطرقية التي تنتمي إلى الصوفية وأقطابها الاوائل عرفوا بحياة الزهد وانقطعوا للعبادة والتصوف هبة من الله وقبسا من نوره لعباده الصالحين، أخذت حركتهم زمام المبادرة وروجت لافكار جهادية في النبل والوطنية، ومن بينها الطريقة الرحمانية التي باتت تكسوا مبادئها بهذا الثوب الألق من الحلم والتقوى والورعفي تواضع وهمة عالية، وصاحب الطريقة هو سيدي محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف بن أبي القاسم الجرجري الازهري، المتوفى عام 1208ه 1973م من قبيلة آيت اسماعيل خريج الازهر وداعية إسلامية في دارفور بالسودان طيلة سبع سنوات وأتباعه فيها كثر ولا يزالون، عاد بعد غياب إلى الجزائر ليؤسس الطريقة الرحمانية، وانتشرت دعوته، واشتهر أمره، وكثر أتباعه، والشيخ محمد بن مرزوق عليه الرحمة والرضوان واحد من هؤلاء المتألقين، ومن أبناء الطريقة الرحمانية الاوائل.. البارين بأشياخها المتشبعين بأفكارها وأذكارها، المستأثرين بمراميها، القائمين، على تنفيذ مبادئها المستمدة من الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح، ولد الشيخ محمد بن مرزوق في غرداية ببلدية الضاية، وتلقى تعليمه الاول عن والده ومشائخ أجلاء في مسقط رأسه قبل أن يرحل إلى الزواية المختارية، كان والده وليا صالحا ومن العلماء الفاعلين، دفين حي من أحياء الضاية يسمى باسمه حي بن مرزوق، ينتسب الشيخ إلى الدوحة الشريفة من ذرية فاطمة عليها السلام، كانت عائلته تتردد عى مرقد الجد الاول سيدي بوزيد طيب الله ثراه، تربطها علاقة أخوة وتواصل بأشراف الهامل وبالزاوية المختارية، وكان عمر الشيخ محمد بن مرزوق إبان الغزو الفرنسي ست وأربعين سنة 46 وهو ما يزال طالبا في زاوية الشيخ المختار بأولاد جلال بسكرة متقدما عى الطلبة ذكاء وتحصيلا وتميزا في علوم الشريعة وأصول الدين وعلوم اللغة وآدابها، فهو موسوعة علم تزخر بشتى فنون المعرفة، والموهبة تعلن عن نفسها، وبالنظر إلى التميز والنبوغ، اختاره شيخه من بين الطلبة الاوائل، أجازه وأذن له بإنشاء الزاوية عام 1825 أي قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر بحوالي خمس سنوات 05 فكان يعلم القرآن بنفسه، ولم يستكنف ويشرف على حلقات العلم ويجلس إلى العامة في دروس الوعظ والارشاد، وحلقاته كانت مشهودة وللزوايا فضائل وللاولياء كرامات وأحوال.
03- فكرة إنشاء الزاوية ومتى؟
كانت للشيخ حلقات علم مشهودة في الزاوية المختارية لتعليم الطلبة المبتدئين المتون ثم ما لبث أن أصبح ينوب شيخه في حلقات الكبار، وحين تأكد من تحصيله الجيد وتمكنه من التدريس، أمره بالتوجه إلى سهوب تيطري وكان أول شيخ يجيزه ويمنحه شرف تأسيس الزاوية الرباط عام 1825 لتصبح وفي فترة قصيرة معلما وقطبا مشعا ينير درب المتعطشين لطلب العلم، ومركز هداية ودعوة صادقة إلى الله وكان الشيخ من أهل الخير والوفاء مثالا في الجد والثبات وحب العلم وطلابه، والرأفة باليتامى والمساكين وذوي الضعف إطعاما وإيواء قد وفدوا إليه من كل حدب وصوب حتى غصت بهم رحاب الزاوية بما رحبت، كان يصلح ذات البين ويتكفل بقضايا المواطنين، يفض النزاعات ويجلس إلى الافتاء فهو محل ثقة وتقدير وإجلال ، ورغم تقدمه في السن ورغم العوامل والظروف الصعبة والمضايقات التي أرهقت كاهله، ظل وفيا لرسالة الزاوية ولمبادىء الطريقة الرحمانية، حاملا لواء العلم والجهاد إلى أن لقي ربه عام 1911 عن عمر يناهز خمسة وعشرين سنة ومائة 125 وتولى من بعده أشياخ ساروا على دربه..
04- موقع الزاوية:
تقع زاوية الشيخ محمد بن مرزوق في بلدية بنهار من دائرة البيرين ولاية الجلفة، تيطري سابقا على الطريق الرابط بين البيرين وعين وسارة، في منطقة السهوب الممتدة من الحبيل شمالا إلى سرسو جنوبا تتربع عى تله وتتوسد أخرى من تلك التلال الجميلة المترامية الاطراف، في أرض حصوبة حماد تربتها بيضاء تطل على أرض منبسطة فسيحة خصبة تكسوها شجيرات السدر، ونباتات علفية متنوعة وكثيرة، تهيء العيش الرغد لمربي الماشية ولاغنامهم الكلأ والدفء، وللخيم حماية طبيعية من برد الشتاء وحر الصيف، وترى الخيم الرحمانية السوداء مشرعة وأنت في الطريق إلى الزاوية، والرعاة من حولها يحملون عصيهم يهشون بها عى أغنامهم، ويصيحون فيها حتى تنتظم في المرعى المعشوشب، ويسمعونها شيئا من أغانيهم الجميلة فتستجيب فللخيمة الحمراء في القلب جانب
كذا الخيمة السوداء خصت بجانب
وفور وصولك الزاوية تأخذك والاقدام إلى ساحة المسجد الجديد، لتخطوا خطوات وتصل المسجد العتيق مرقد الشيخ محمد بن مرزوق والذين تولا بعده مشيخة الزاوية عليهم الرحمة، وهناك تسعد باستقبال طيب وابتسامات حلوة تعبر عن كرم الضيافة وحسن الاستقبال ولعل لقب أسرة الشيخ مستمد من فعل الابتسام .
05- نشاطات الزاوية:
لم يتوقف نشاط الزاوية منذ إنشائها فقد تخرج منها علماء أجلاء وشيوخ زوايا وأئمة مساجد، وطلبة قرآن وما تزال تعمل إنما قل نشاطها عما كان عليه قبل الاستقلال فالمدارس العمومية والثانويات عرفت انتشارا قل نظيره، وظهرت أقطاب جامعية هذا التطور قلص من دور الزوايا التربوي التعليمي، ومع هذا فمازالت تستقبل الطلبة إذ عددهم يفوق السعبين ويزيد في الصيف يتمتعون بنظام داخلي، يؤطرهم معلمو القرآن وأساتذة متقاعدون ومتطوعون وإمام المسجد، وللشيخ حلقات ودروس.
06- الزاوية وحركات المقاومة:
وتأكيدا للدور الذي قامت به الزاوية في تاريخ المقاومة والحركات الوطنية وأثناء حرب التحرير، فإن سجلها حافل بالاعمال الطيبة، فقد ظلت تدعم الثورات الشعبية وبسخاء وتمدها بالمال والنصح وبالمتطوعين، كما فعلت مع الامير عبد القادر، وزعماء الحركات الوطنية الذين ما فتئوا يتوافدون على الزاوية تغذيهم بالنصح وتتغدى من أفكارهم الاصلاحية والمطلبية، فالشيوخ ظلوا على اتصال بزعماء الحركات والمقاومين، ومحمد بن مرزوق حضر مبايعة الامير في مدينة معسكر 22-11-1832 ولأن الطريقة الرحمانية والقادرية متوحدتان في المنهج والاهداف، ولهما من الروابط ما يجعلهما أكثر تماسكا وانسجاما فالطريقة القادرية جاهدت تحت لواء الامير والرحمانية جاهدت تحت إمارة المقراني والحداد 14-03-1871 والشيخ بن مرزوق ظل على اتصال بالامير وأثناء مروره بجبال الأطلس التلي في منطقة الكاف الاخضر أشير قرب عين بوسيف ولاية المدية تيطري سابقا إلتقى به عام 1842 وكان الامير عبد القادر في وضع عسكري غير صحي نظرا لتخادل القبائل عن مساندته، وتقاعسهم على الجهاد فسارع الشيخ وكل المحبين للدين والوطن إلى نصرته بكل ما لديهم من مال وسلاح ورجال متطوعين، وأشرف محمد بن مرزوق على تمويل الجيش خلال الفترة التي قضاها الامير بهذه الناحية ومدتها شهران، كما التقى الامير بالشيخ محمد ابن القاسم في ضواحي البيرين 1844 في جولة من المحادثات والترتيبات الجهادية، تواصل دعم المشائخ للمقاومة ولهم دور مشرف في حرب التحرير..
07- مشائخ الزاوية
تتعاقب عى مشيخة الزاوية بعد الشيخ المؤسس علماء أجلاء وأشياخ أفاضل أوفياء كانوا نعم الخلف لخير السلف، منضبطين في أداء وظيفة الاشراف على الزاوية وترقيتها، محققين ما كان يصبوا إليه الشيخ المجاهد من خير وحب للدين والوطن، محافظين على القيم الصافية من الدخن متشبثين بالشخصية الجزائرية العربية الاسلامية عاملين على ترسيخ العقيدة في النفوس شعائر وسلوكا بعيدا عن التطرف والغلو في الدين، أما الذين توافدوا عى مشيخة الزاوية منذ الإنشاء فهم:
01/ الشيخ محمد بن مرزوق المؤسس 1825-1911
02/ الشيخ عبد القادر1911-1957
03/ الشيخ منصور 1959-1970
04/ الشيخ لطرش 1959-1970
05/ الشيخ رابح 1970 إلي يومنا هذا..
تجدر الاشارة هنا أن الشيخ منصور لم يكمل العهدة لاسباب صحية فتنازل لاخيه لطرش على المشيخة، وبقي فيها إلى أن توفاه الموت، أما الشيخ رابح فإنه أصغر المشائخ سنا، إذ تولى أمر الزاوية وعمره تسع عشرة سنة 19 وكان هذا الاختيار بإيعاز من مشائخ الزوايا الرحمانية المجتمعين بالزاوية المختارية عشية وفاة الشيخ لطرش، وبإلحاح من كبار الجماعة والمريدين، وقد وفقه الله للاضطلاع بالمهام الموكلة إليه على أحسن وجه وأكمل صورة، وقام بأعمال توسعة تكتب له إن شاء الله في ميزان حسناته، بناء مسجد يتسع لاكثر من ثلاثة آلاف مصل 3000 عام 1986 وإعادة الاعتبار لمكتبة الزاوية وتراثها بناء داخلية للطلبة تشتمل على جميع المرافق بطاقة استيعاب تفوق 250 بناء، قاعات لاستقبال الضيوف والمحاضرات ، تشجير محيط الزاوية وتهيئة ساحاتها والاعمال ما تزال جارية لاتمام المشاريع السالفة الذكر وتنفيذ مخطط عمراني لتحديث المرافق، وجلب التجهيزات لها والاستفادة من تكنولوجيات الاتصال، إن الشيخ رابح كسب قلوب الناس بتواضعه ودماثه خلقه ورزانته فأحاطوه بالعناية والاحترام هذا أفاد الزاوية وخدمها وهو لم يصنع نفسه فالمقام الطاهر صنعه بالهام من الله وحسن توفيقه، فجعل من هذا الصرح الذي لا يضاهى جسر عبور لتواصل الاجيال والتشبع بنهج السلف الصالح وفاء وتجديدا .
08- مكتبة الزاوية والآثار
وفي الزاوية مكتبة ثرية زاخرة بأمهات الكتب وبعناوين نادرة وبعض المخطوطات، ما يربو على ثلاثة آلاف كتاب 3000 وحسب ما صرح به نجل الشيخ الاستاذ عبد القادر فإنها توجد وثائق ومراسلات منها رسالة الامير عبد القادر وسيفه، فضلا على بعض المخطوطات التي تنتظر من يتناولها بالدراسة والاخراج، كما توجد قصائد من الشعر الملحون والفصيح قيلت في المناسبات ، وفي الاشادة بالمشائخ وبعض المرثيات والمدائح.
09- آثار الشيخ الكتابية:
كان المشائخ عليهم الرحمة والرضوان حذرين من الكتابة ولم يتجرءوا عى تأليف الكتب، رغم ما لديهم من الاستعداد والكفاية، وكانوا يكتفون بالتبليغ وتربية الاجيال، تشغلهم حلقات العلم، ثم إن تواضعهم وحياءهم جعلهم يشعرون بأنهم مازالوا طلاب علم، لذلك بقيت أعمالهم شفهية ، وتبعا لذلك بقيت أعمال الشيخ بدون تدوين، وهذا أمر دأب عليه شيوخ الزوايا وعلماؤها، وليس هذا مستغربا فالمثقفون في أقطار المغرب العربي في هذه الفترة يكرسون للثقافة الشفهية أكثر مما يهتمون بالتدوين، عكس ما هو موجود في المشرق العربي، وذكر ذلك العلامة ابن خلدون ونحن نجد في الزواية افكارا واذكارا يتناقلها المريدون والطلبة بالتواتر، محفوظة في ذاكرة الزاوية، ومتداولة كالشعر الملحون والامثال الشعبية والحكايات والوقائع والاحداث، وللشيخ محمد بن مرزوق كتاب في شرح البردة مخطوط ، كما أن للشيخ رابح كتابا تحت الطبع يؤرخ للزاوية اقترحنا عنوانه '' أنوار الشروق .. في زاوية بن مرزوق''
10- ما كتب على الزاوية:
تناولها المراسلون في أعمدة الصحافة وبعض الاخبار السريعة والاستجوابات، وتغطية زيارات المسؤولين، ونحن لا نملك صورة كاملة لكل ما هو موجود من وثائق وكتب، إنما في هذا العرض نقدم نظرة سريعة وخاطفة لعلها تفضي إلى رصد ما هو موجود في المطويات التي لم نطلع عليها ولا في الدراسات والبحوث التي تناولت هذا المرفق الحيوي، فالزاوية موضوع البحث لها جذور تمتد إلى ما قبل الاحتلال الفرنسي، ولا يعقل أن تبقى في هذا الحجم عرضة للتلف أو على هامش المنسيات ولعل تناولنا للموضوع سيكون فاتحة طيبة من خير وسعة.
11- الذين زاروا الزاوية:
حظيت الزاوية بزيارة شخصيات علمية وأدبية وسياسية مرموقة أخص بالذكر منهم: الشيخ محمد بن أبي القاسم شيخ زاوية الهامل المحروسة، عبد الحميد الكتاني، المبارك الميلي، الطاهر بن عاشور، عبد الرحمن الديسي، الشيخ الحداد، الشيخ مصطفى القاسمي، وشيوخ الزوايا وبعض العلماء والمفكرين، كما تشرفت الزاوية بزيارة رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم ووزراء وولاة وضباط وكتاب وصحفيين، فسجل الزاوية إذن حافل بالزيارات والمناسبات والمراسلات، نتمنى أن تجرد الوثائق وترتب ليسهل التعامل معها أو الرجوع إليها كلما دعت الحاجة
12- الخلاصة:
إن الشيخ محمد بن مرزوق رضي الله عنه كسب محبة الناس بعلمه وورعه وجهاده، فأحاطوه بالاحترام والعناية، حتى أن بعض الاسر سموا باسمه مرزوق ورزيقة والمرزاقة.. فهو لسان يلهج بذكر الله، وقلب يخفق بالقرآن الكريم، عرف بهذا السلوك وبمناقب كثيرة، فهو رجل ربح بيعه وما أفلس، تجسدت فيه الخصال الحميدة، وفي أحفاده الذين ساروا على درب الوفاء، يستحق أن تقرأ عليه الفاتحة كلما ذكرنا اسمه، إن في سيرته العطرة عبرا واضحة من عبر الصالحين الاتقياء والمجاهدين النزهاء، لذلك بقي اسمه منقوشا في الذاكرة وزاويته العامرة صدقة جارية إن شاء الله، ندعو إلى إعادة قراءة تاريخها وتدوين إرثها الثقافي مع فسح المجال للدارسين والمهتمين للكشف عن آثارها ومخطوطاتها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.