حملت نتائج التشريعيات التي أعلنها المجلس الدستوري ليلة أول أمس، مفاجآت أخرى لمختلف التشكيلات السياسية التي دخلت الاستحقاقات وكلها أمل في الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات، وهي أصوات تؤهلها لاقتحام البرلمان القادم الذي يحمل هذه المرة حالة من التمايز بحكم نوعية التمثيل التشريعي في العهدة أولا، وطبيعة الظرف المعروف بإصلاحات متعددة الأوجه تحرص القيادة العليا في البلاد على إنجاحها لاستكمال مسعى التقويم والتجدد. وظهرت النتائج التي كشف النقاب عنها الطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، حاملة مفاجآت إضافية بعد التي أحرزها الصندوق الانتخابي موعد 10 ماي وذكر بها وزير الداخلية، دحو ولد قابلية. من هذه النتائج بعضها كان متوقعا، ومنتظرا بحكم ملفات الطعون المرسلة إلى المجلس الدستوري المستندة إلى أسس قانونية وتنظيمية، لكن بعضها الآخر، خارج أطر الحسبان، أدت بالتشكيلات التي لم تكن لها مكانة أكبر في الغرفة السفلى، إلى الخروج في موجة غضب، تثبت أنها لم تنل حقها في الاستحقاق، بالنظر إلى الحملة الانتخابية التي خاضت معركتها بلا توقف مدة 21 يوما، تعرف ببرنامج تقسم بالألف أنه أنسب تكفلا بهموم المواطن وهم الوطن في ديمقراطية تشاورية، تشكل المدخل الآمن المؤمن للاستقرار. على هذا الأساس، جاء شبه إجماع لدى الطبقة السياسية من نتيجة الاقتراع، وتقاطعها حول نقطة جوهرية، أن الأصوات التي نالتها أبعد من المعلن، وهي ذاهبة إلى مزيد من عرض الطعون لانتزاع من حرم منها. وبغض النظر عن القيل والقال، تظهر الطبقة السياسية، بعيدة عن الواقع، بترديدها مواقف عاطفية في أغلبها، تبالغ في ترديد عبارة «التزوير» دون الاستناد إلى أسس يعطيها مصداقية، ويكسبها ثقة. ولهذا، هناك القلة القليلة التي تعترف جهرا أن ما حدث لا يعدو أن يكون مجرد عثرة، تتخذ قوة انطلاق نحو الأمام، بتصحيح موطن الخلل وعلاجه بهدوء بعيدا عن التشنج أو ترديد كلمات «حرمونا من أصوات محققة». القلة القليلة تعترف، أن ما حصدته في تشريعيات العاشر ماي، لا يعدو أن يكون مجرد ترجمة لصيرورة .. لحالة معاشة، لتجربة لم تكتمل. ذلك أن كل التشكيلات الجديدة، دخلت المعترك السياسي متأخرا.. ولم تستقر على برنامج قوي، يجد فيه المواطن ضالته.. وواجهته، ويعتبره مخرج النجاة لأزمة متراكمة، ومشاكل معقدة. أغلب التشكيلات دخلت المعترك الانتخابي، حبلى ببرامج مستنسخة من بعضها، وتسميات تكاد تكون نفسها.. وتحتاج إلى متسع من الوقت لكسب الوجود والتربع على المشهد السياسي. الشيء الآخر الذي لعب دورا في بروز هذه الخارطة التشريعية، والتي لم تنل حقها في التحليل والرؤية المتبصرة، تطبيق مضمون القانون العضوي للانتخابات الذي يؤكد بالملموس على زوال كل تشكيلة لم تنل نسبة 5٪، وهو القانون الذي يفرض على ما يعرف بالأحزاب الصغيرة، البحث عن فرص التكتل والتلاحم، للمرور الحتمي إلى احتلال موقع الشريك الحق في الممارسة السياسية التعددية، بدل البقاء على الهامش مجرد رقم إضافي لا يحسب له حساب.