حلم بأن يكون طبيبا لكي يداوي المرضى وهو يدرس في المرحلة الثانوية، فراح يحضر لامتحان البكالوريا علّه يظفر بمعدل مرتفع يكفل له التسجيل في كلية الطب، إلا أن القدر ساقه بعد فشله في الامتحان إلى اكتشاف، دواء اسمه القرآن الكريم الذي طالما ينصح به لمعالجة النفوس العليلة الموبوءة باللهث وراء متاع الدنيا، إنه "سفيان فتح الله" ذي ال33 ربيعا، يقطن بأحد الأحياء الراقية "السلام "بوهران. قصة "سفيان" مع كتاب الله ضربت موعدا مع التحدي؛ وأي تحد قاد صاحبه إلى مغادرة أرض الوطن، وبلوغ سوريا، لا لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها بل لتلقن العلوم النافعة وحفظ آيات الذكر الحكيم، فعلى الرغم من أن حلمه لم يتحقق بدراسة الطب، إلا انه في المقابل كان يولي اهتماما بالعلوم الشرعية، فقد أشار عليه أحد الأصدقاء بعد فشله في اجتياز امتحان البكالوريا سنة 1993 بالتوجه إلى سوريا التي أسره تحضّر شعبها والمحبة التي يكنونها لموطن الأمير عبد القادر، وذلك من أجل دراسة العلوم الشرعية. وبالفعل شد الرحال نحوها واستقر به المقام بعاصمتها "دمشق" ، لكنه واجهته صعوبات جمة أثناء محاولة التسجيل بأحد معاهدها، نظرا لوصوله متأخرا عن موعد التسجيلات، ليدخل في دوامة أخرى من الرواح والمجيء، إلا أن إصراره على تحقيق هدفه كان أكبر من هاته الصعوبات. ليتم في نهاية المطاف قبوله في المعهد الشرعي لطلاب العلوم الإسلامية الذي يحمل حاليا اسم أحد أعلام سوريا وهو الشيخ "بدر الدين الحسيني"، هذا المعهد المتواجد بدمشق والذي "تشرّف" "سفيان" بالانتساب إليه، تتلمذ به عديد الطلاب من إفريقيا، أوربا وآسيا، فهو يقدم دروسا في العلوم الشرعية وقواعد اللغة العربية، بالإضافة إلى تقديم الإجازات في الحفظ والتجويد بقراءات مختلفة. ولأن المقرر في المعهد ذاته هو حفظ حزبين فقط في السنة مع العلم أن مدة الدراسة به 5 سنوات، فإن "سفيان" كان يتم عملية الحفظ انفراديا بواسطة المصحف، وذلك بمسجد "النقشبندي" بدمشق، حيث أتم عملية الحفظ خلال 3 سنوات، وظفر بإجازة التجويد والحفظ من قبل الشيخ "أحمد خليل هبة" وهو يعتبر بمثابة سند لحفظ القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يحتل بذلك المرتبة ال28 التي تضم إليها بعد خير الأنام مجموعة من الصحابة والتابعين. مع الإشارة إلى أن كل قرن من الزمن حفل بسندين قرآنيين يمثلان جيلين من الحفظة المجازين، ومن بينهم سفيان الجزائري الذي يفتخر بحصوله على هذا الوسام، ظفر "سفيان" بالإجازة وشهادة الثانوية العامة "البكالوريا" من سوريا، إلا أن "الإنجاز العظيم" الذي حققه أن وقته لم يذهب سدى، وعن طريق "الشروق اليومي" وجّه رسالة إلى الشباب يحثهم فيها على الإقبال على كتاب الله والتدبر في آياته المحكمات. محمد حمادي