في ملتقى افتتحه الأمين العام لوزارة الدفاع: تنويه بدور الجزائر في مواجهة التحديات الراهنة لإفريقيا    رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكونغو: الجزائر تشهد تطورا على كافة المستويات    بلعابد يُعلن عن دخول مرحلة جديدة لترقية الرياضة المدرسية: رفع الحجم الساعي لمادة التربية البدنية بداية من الموسم المقبل    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط : اتفاقية لتسويق المنتجات الجزائرية للتخصصات الكيمياوية بموريتانيا    مريم بن مولود : المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية    وزير التجارة يستقبل رئيس غرفة قطر: بحث فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين    السفير الفلسطيني فايز أبوعيطة يؤكد: الجزائر تتصدر المعركة السياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    وزير الاتصال محمد لعقاب من جامعة الوادي: الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة ضد الاستعمار    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    توقيع بروتوكول إطار للتعاون البرلماني    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    تجارب الأفارقة يجب أن تدفع إلى مناهضة الاستعمار حيثما وُجد    وزير السكن والعمران والمدينة،طارق بلعريبي: سنطلق قريبا برنامج جديد للسكن الترقوي العمومي    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    وفاة المدرب سيزار لويس مينوتي    تعاون أكاديمي بين جامعة الجزائر وجامعة أرجنتينية    تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجزائر وجمهورية كوريا    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    مدير عام جديد لهيئة الرقابة التقنية للأشغال العمومية    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    سياسة التشغيل ضمن سياسات التنمية الشاملة في الجزائر    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    الإتحاد الافريقي يؤكّد دعمه للمصالحة اللّيبية    الأسرى بين جحيم المعتقلات وانبلاج الأمل    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    سيدي بلعباس.. رهان على إنجاح الإحصاء العام للفلاحة    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    إشادة ب"معطف كبير الحجم" الفلسطينيّ    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    في دورته التاسعة.. "الفن موروث ثقافي حافظ للذاكرة" شعار الرواق الوطني للفنون التشكيلية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الحب أتباع سان فالانتين: تقليد أعمى وطقوس شاذة يتبعها بعض الجزائريين
نشر في الشروق اليومي يوم 13 - 02 - 2008

الحب‮ سيّد‮ وكل‮ من‮ والوه‮ عبيد‮ وهو‮ الوحيد‮ على‮ وجه‮ الأرض‮ الذي‮ لا‮ تنبري‮ عبابيده‮ منه‮ ويرضون‮ بالعبوديّة‮ في‮ بحره‮ كأنها‮ نوع‮ من‮ التحرر‮ لم‮ يدركه‮ بقية‮ الأسياد‮!‬
و»السيّد« قصّة استمتعت بروايتها كل الإيماء للعبابيد الذين دخلوها دون تأشيرة وفرّوا من أوطانهم طلبا للأمان في سهولها، تاركين كل صلات البقاء فيما ذروا إلى الحياة الباقية بين حبل السماء والأرض، متمسكين بالعفة فيه التي بغيابها تحول الحب إلى جرائم إنسانية بالجزائر‮ تخلف‮ ضحايا‮ وتجعل‮ من‮ أماكن‮ التنزّه‮ والمتعة‮ زوايا‮ محظورة‮ يقف‮ المتعفّفون‮ دونها‮ ويطؤها‮ المنسلخون‮ من‮ الدين‮ والأعراف‮.‬
ما‮ وراء‮ الوردة‮ الحمراء‮ وعلبة‮ الشوكلاطة‮..‬؟‮!‬
اعتاد الأزواج المولعون بعيد الحب »المزعوم« أن يتهادوا كعربون محبة، فيهدي المحبوب حبيبته وردة حمراء وترد هي هديته بعلبة شوكولاطة يفضل أن تكون من النوع الرفيع »فيروري روشي«، »رافاييلو« وغيرها... لكن المؤلم أن الأمور لا تتوقف عند الوردة والشوكلاطة، بل تتعداها‮ في‮ كثير‮ من‮ الأحيان‮ إلى‮ ممارسات‮ شاذة‮ عن‮ ديننا‮ ومجتمعنا‮ تودي‮ إلى‮ عواقب‮ وخيمة‮.
فلم تعد الحدائق العمومية كافية للعشاق من أجل أن يقضوا فيها ساعات الحب الماجن، بل تعدت إلى الفنادق والمطاعم حيث بات الاحتفال بعيد الحب داخل غرف الفنادق الفاخرة يسبق بعشاء دسم تستثمر فيه كل عبارات الإطراء من رجال أحكموا خططهم للظفر بفرائس لا تبالي أي منقلب ستنقلب‮ بعد‮ انتهاء‮ مواعيد‮ الغرام‮.‬
بحجم أقل من عيد رأس السنة الميلاد قصد بعض عشاق »سان فلانتان« من الأغنياء وميسوري الحال فنادق العاصمة من أجل الاحتفال بعيدهم السنوي بعيدا عن أعين المجتمع وانزواء لهذا الساكن فيهم منذ أعوام ولم يقدروا على إعطائه حقه أمام الملأ. والمطاعم أيضا تعرف اليوم حجزا مكثفا‮ من‮ وجبة‮ الغذاء‮ للمحبين‮ الذين‮ مازالوا‮ يتمتعون‮ بالبراءة‮ إلى‮ وجبة‮ العشاء‮ إلى‮ من‮ تخلّوا‮ عن‮ براءتهم‮ وصار‮ حبّهم‮ يطهى‮ على‮ نار‮ الخطيئة‮ خلف‮ جدران‮ الفنادق‮ والشقق‮ الخالية‮.‬
ولأن أغلب الفنادق لم تعد تشترط عقد الزواج أو الدفتر العائلي للحاجزين فيها، فقد وجد المحبون ضالتهم بين أحضانها لتبدأ الحكاية كل الحكاية بوردة حمراء تعكس الحب لدى الفتاة والدهاء لدى الرجل.
أما علبة الشوكلاطة فما هي إلا تظاهر بالنيّة الحسنة يمتهنها رجال تناسوا‮ أن‮ تكون‮ المرأة‮ شريكا‮ لهم‮ في‮ الحياة‮ وألفوا‮ أن‮ تكون‮ خليلة‮ تمضي‮ معهم‮ الأوقات‮ المحتجبة‮ وراء‮ الواقع‮ والمخدرة‮ بالشّهوة‮ المسعورة‮.‬
وهناك‮ من‮ يفضّلون‮ الحدائق‮ التي‮ كانت‮ قبلة‮ عمومية‮ وتحوّلت‮ إلى‮ خصوصية‮ وضيعة‮ يشرف‮ عليها‮ عشاق‮ تقودهم‮ الغريزة‮ إلى‮ أبعد‮ مكان‮ لينافسوا‮ فيه‮ القطط‮ والبهائم‮ على‮ النيل‮ من‮ الأنثى‮ باسم‮ المتهم‮ البريء‮ »‬الحب‮«.
دلولة‮ حديدان
محلات‮ ورود‮ تقرر‮ الغلق‮ وعائلات‮ تتحاشى‮ التنزّه‮ هذا‮ الخميس
على عكس ما كنّا نتوقعه في جولتنا الاستطلاعية عشية عيد الحب المصادف ل14 فيفري من كل عام، قصد الاطلاع على آخر عمليات التزيّين والتجميل التي يقوم بها بائعو الورود في العاصمة الذين يسعون لبيع أكبر نسبة من بضاعتهم في هذا اليوم، التقينا بعض الذين قرروا التوقف عن‮ العمل‮ في‮ هذا‮ اليوم‮.‬
»م. و«، صاحب محل لبيع الزهور بالقبة، اعتبر هذا اليوم يوم راحة حيث قرر إغلاق محله رغم ما يمكن أن يجنيه من أرباح قد تفوق 150 ألف دينار جزائري، خاصة وأنه يصادف عطلة نهاية الأسبوع حيث تكثر الطلبات على الزهور وتزين سيارات الأعراس التي تصل تكلفة الواحدة منها إلى‮ 9000 دينار‮ جزائري،‮ ناهيك‮ عن‮ نباتات‮ التجميل‮ التي‮ تعرف‮ مبيعات‮ مرتفعة‮ نهاية‮ الأسبوع‮ أين‮ تخرج‮ جل‮ العائلات‮ للتسوق‮.‬
وعن سبب هذا القرار، الذي اعتبره محدثنا مبدءا لشاب يعتز بدينه وهويته ولا يريد أن يشارك المتميّعين هذا الاحتفال الذي يحمل في طيّاته أبعادا دينية مسيحية بحتة، حيث انتقد جهل الشباب بهذا البعد الخطير، حيث تجدهم يبذّرون أموالهم لشراء الورود للفتيات اللائي بدورهن يشترين الشكولاطة للذكور دون فهم لما يقومون به غير التقليد الأعمى للغرب الذي يختصر الحب في المنفعة والمصلحة المتبادلة، حيث يعتبرون المرأة دمية تجارية يستغلونها في الترويح عن أنفسهم ثم يتخلون عنها وهم يحتفلون بهذا اليوم لإقناع أنفسهم بوجود روابط حب تجمعهم، رغم أنهم يعلمون أنهم يكذبون على أنفسهم. وأضاف محدثنا، الذي وجدناه مقتنعا ومعتزا بما سيقوم به، أنه لم يفتح محله لمدة خمس سنوات في هذه المناسبة، رغم الانتقادات التي وجهها له أصدقاءه وعائلته، واصفين إياه بالتاجر الفاشل الذي لا يحسن استغلال الفرص، حيث قال: »لم أتكلم مع أبي أكثر من أسبوع لأنه أرغمني على فتح المحل لكني رفضت، فاقترح عليّ أن يبيع بدلا مني فأخفيت عليه المفاتيح وغادرت المنزل مما جعله يغضب عليّ ولا يكلمني«. ويضيف، »الحمد لله لقد استطعت أن أقنع بعض أصدقائي بالعدول عن بيع الورود في هذا اليوم، حيث امتنع عن‮ ذلك‮ أحد‮ أصدقائي‮ في‮ البليدة‮ وآخر‮ في‮ الرغاية‮«. وأضاف‮: »‬أن‮ السوق‮ في‮ هذه‮ الأيام‮ يعرف‮ ندرة‮ كبيرة‮ في‮ كمية‮ الورود‮ إلى‮ غاية‮ الربيع‮ وعن‮ الزهور‮ المتوفرة‮ حاليا‮ فكلها‮ مستورد‮ من‮ المغرب‮«.‬
ومن ناحية أخرى، قرّرت الكثير من العائلات الجزائرية التخلّي عن الأماكن العمومية التي عادة ما تقصدها رفقة أبنائها للتنزه والترويح عن النفس من متنزهات ومساحات خضراء ومطاعم ومحلات أكل خفيف، تفاديا "للمناظر الحميميّة" التي سيجدونها على الهواء الطلق مما يشكّل خطورة‮ على‮ عذريّة‮ الشعور‮ عند‮ أبنائهم‮ ويخلط‮ أوراق‮ الحب‮ البريء‮ لديهم‮ في‮ وقت‮ مبكر‮ من‮ حياتهم‮.‬
عائلة السعيد، التي اعتادت الخروج كل خميس في نزهة إلى غابة بوشاوي بالعاصمة أو إلى أحد مطاعم وبيتزيريات شوارع العاصمة، قررت أن تغيّر هذا الخميس برنامجها خوفا من أي مشاهد أو مظاهر تخدش الحياء. وسواء كان الجوّ ماطرا هذا اليوم أو مشمسا، فإنّ حرارة القلوب ستبخّر‮ ما‮ تجود‮ به‮ السحب‮ وشدة‮ محبتهم‮ ستلطف‮ من‮ معدله‮ الحراري‮ في‮ سبيل‮ الظفر‮ بذكريات‮ لا‮ تنتهي‮ صلاحية‮ الوقوف‮ على‮ شريطها‮ مع‮ مرور‮ الوقت‮.‬
بلقاسم‮ حوام‮/ دلولة‮ حديدان
مفارقات‮ وطرائف‮ بحياة‮ الجزائريين‮ في‮ عيد‮ الحب أهدته‮ شوكلاطة‮ منتهية‮ الصلاحية‮ فقضى‮ اليوم‮ في‮ المستشفى‮!‬
أمينة، 22 سنة، ماكثة في البيت، احتفلت هي الأخرى بعيد »فالانتان«، ولتأثّرها الشديد بكل ما يعرضه الغرب من مظاهر المدنية الغربية عبر الفضائيات، قررت أن تشتري لشريكها هدية وعلبة شوكولاطة على طريقة احتفال الأوربيين بهذا العيد، إلا أن محدودية ميزانيتها دفعتها إلى شراء شوكولاطة تحمل علامة عالمية إلا أنها مغشوشة، ولما أكلها أُصيب، بعد فترة، بغثيان وقيء وبمغص حاد أوصله إلى المستشفى ليتبيّن أن شوكولاطة عيد الحب منتهية الصلاحية ما تسبب في إصابة العشيق بمغص في المعدة وتسمم حاد أوصله للمستشفى.
زوجان‮ يتخاصمان‮ من‮ أجل‮ علبة‮ شوكلاطة‮ »‬فالانتان‮«‬
ثريا وسليم، تخاصما في هذا اليوم بدلا من أن يفرحا بنجاح قصّتهما التي اكتملت أولى فصول نقائها بزواجهما في صيف 2006 بمدينة قالمة، وذلك بسبب نسيان سليم لاصطحاب علبة الشكولاطة المفروضة على معشر الرجال في هذا العيد واعتبرت نسيانه جريمة في حق شرايين قلبها التي تكاد أن تستغني عن دمائها لشدة امتلائها بحب سليم وعاقبته بإنهاء الموعد فور بدايته والاعتذار عن بقية المواعيد لمدة أسبوع إكراما للعلبة الحلوة التي تعكس حلاوة العشق بين الأحبة حسبما يؤمن به الغرب وتبناه العرب بعدهم.
ولم تعد حلوى عيد الحب قصرا على المتحابيّن العزاب فقط بل امتدت إلى المتزوجين أيضا، إيمانا منهم أنهم أولى بالحب وكل متعلقاته من غيرهم، لأنهم في وضع شرعي لا يمكن لأحد أن ينتقده حتى ولو أدرك الزوجان على حد سواء أن ما جمعهما ألفة وليست محبة. غير أن الغيرة لدى النساء‮ فرضت‮ على‮ أزواج‮ ضرائب‮ أخرى‮ فوق‮ ضريبة‮ المواد‮ الاستهلاكية،‮ عسى‮ أن‮ يخلق‮ هذا‮ التقليد‮ بعض‮ مشاعر‮ الرقة‮ والحب‮ المتأخر‮ بقلوب‮ أزواج‮ كاد‮ أن‮ يحيك‮ عليها‮ العنكبوت‮ خيوطه‮.‬
عندما‮ يكشّر‮ الذئب‮ عن‮ أنيابه‮...
نوال، 21 سنة، تعرفت على فريد، 34 سنة، ومن دون مقدمات صارت تجمعهما علاقة صداقة... وبحلول »عيد الحب« خرجت معه في نزهة وقد أدهشها لما أحضر لها هدية ووردة حمراء رغم أنه لم يمض زمن طويل على تعارفهما وقد بدا بمظهر المهذب الجاد فسرّها الأمر كثيرا، وقصدا أحد المطاعم لتناول الغذاء وبعدها طلب منها اصطحابه لبيت صديقه للاحتفال ولكنها خشيت العواقب فرفضت فأخذ يترجّاها ولكنها امتنعت بشدة وأخبرته أنها ليست من نوع البنات التي ترافق الشباب لبيوتهم ولن تذهب معه لأي مكان، فإذا به يثور ويتحول إلى عربيد وقال لها وبصريح العبارة: »اسمعي جيدا لست مغفّلا لتفعل بي فتاة ما تريدين فعله... أرجعي لي هديتي ولتذهبي بلا رجعة فلو كنت أريد أخذ أحد للتنزه والترفيه عنه وتناول الغذاء الجاهز لكانت أختي أولى بذلك فهي من تغسل ملابسي وتحضر طعامي وتنظف غرفتي...!«.
لقد حدد العالم الغربي الرابع عشر من فيفري من كل عام يوما خاصا تستنفد فيه كل طاقات الحب بكل أنواعه وفقا لثقافتهم لتهيم المشاعر على العقول وتتحكم عليها على مدار أربع وعشرين ساعة، وكان لهذا العيد العالمي بعض طرائفه للمحبّين بالجزائر.
محبّ‮ ومهاجر‮ في‮ ذات‮ اليوم
سهام، جمع لها هذا اليوم النقيضين في سنتين، ففي السنة الماضية انفصلت فيه عن فارس أحلامها الذي فارقها بعد ستة أشهر من الحب العفيف دون أن يترك لها سببا مقنعا وتجاوز بنود الحب بالخروج مع زميلة في العمل تتطاول بجسدها على كل علاقة ينبض فيها قلبان طاهران.
أما في السنة التي قبلها وفي ذات اليوم والتاريخ صرّح لها زميل بعميق محبّته لها واستعداده التام للتقدم إلى أهلها من فرط ما يعانيه من هيام بها كل يوم وليلة، إلا أن سهاما ضربت فعلا بنبال من الحب ولم تعد تصدّق أن في الحياة مشاعر تحمل هذا الاسم ولم يبق إلا مخدوعون يتلاحقون في كل جيل ليصطفوا بعد لعبة الحب وراء ضحاياه ومنكوبيه في كل موضع. ولأنها كانت صادقة في مشاعرها إلى أبعد الحدود، رفضت أن تمثل الحب على من يحبها بالفعل لأنها ببساطة لم تعد تمتلك قلبها وهي في حالة استرجاع له من يد آسره في شراك حبّه.
تفقد‮ حب‮ أبويها‮ في‮ عيد‮ الحب‮!‬
أما زكية، ابنة 13سنة، فقد ذهبت ضحية سلطان الحب قبل 3 سنوات حينما ارتدى مخادعها قناع المحب وأخذ منها ما لا يستحق باسم ما لا يسمو لأن يتحلى به في هذا اليوم، فكرهت الدنيا ومن عليها وكفرت ب»سان فالانتان« ومقدّسيه من هول ما ألمّ بها وسط عائلتها في مدينة سوق أهراس‮ حيث‮ تخلى‮ عنها‮ أبواها‮ وفقدت‮ حبهما‮ إلى‮ الأبد‮.‬
دلولة‮.‬ح‮/ زين‮ العابدين‮.‬ج
صلاة‮ استسقاء‮ في‮ يوم‮ "‬جفاف‮" الحب‮!‬
يعكس التقاء عيد الحب بدعوة وزارة الشؤون الدينية لصلاة الاستسقاء مفارقة لا يمكن أن تحدث إلا في بلد اختلطت فيه المفاهيم وتداخلت به القيم إلى درجة أصبح فيها الواحد منا يعتقد أن الحاجة إلى الحب والحنان في هذا الوطن المليء بجرائم القتل والكراهية أكبر من الحاجة إلى‮ المطر،‮ خصوصا‮ إذا‮ علمنا‮ أننا‮ نعيش‮ في‮ مجتمع‮ تحكمه‮ العبارة‮ التي‮ تقول‮ "‬همّ‮ يضحك‮ وهمّ‮ يبكي‮"!‬
الرومانسيون من زمن الأبيض والأسود، أو من تبقى منهم خالدا في عصر تلونت فيه القيم، قد يخلطون ويتفلسفون وينظّرون لالتقاء المناسبتين بالقول إن الحب لا يحيا إلا بالمطر، وأعظم وأجمل وأرق لحظات العشق تلك التي تكون تحت رذاذه أو في خريف بارد، لكن الواقعيين في هذا البلد سيرمون بكل تلك الورود الحمراء وبطاقات التهنئة المليئة بالقلوب (حتى من أولئك الذين لا يملكون قلبا واحدا) لاستبدالها بركعات إيمانية وسجدات إلهية ستكون لهم ذخرا في دنيا أخرى (دائمة)، أو تنقذهم من عطش أساسي تراه شريحة واسعة من الناس أهم وأبقى وأضرّ من العطش‮ إلى‮ الأحاسيس‮ الفانية‮ والكذابة‮ في‮ هذا‮ الوقت‮ الذي‮ تغلبت‮ فيه‮ لغة‮ الجسد‮ على‮ لغة‮ المشاعر‮ الصادقة‮!‬
في 14 فبراير الجزائري، سيكون للعشاق حرّية أن يتبادلوا ورودهم الحمراء فيما بينهم، وللمستجيبين لدعوة وزارة الدين (المحاصرة من طرف المبشرين والمتنصرين اليوم) حرية أن يلبّوا دعوة الوزير المفتقد لحب كثير من إطاراته داخل الوزارة هذه الايام، فالحرية في زمن فخامته الباحث عن عهدة جديدة ساوت يوما بين (صاحبة الميني جيب والمتجلببة)، لا فرق بينهما، ما قد يدفع الخبثاء في هذا الوطن للقول أيضا (لا فرق بين عيد الحب وصلاة الاستسقاء) الكل سواسية في زمن المصالحة المعطوبة والمفتقدة لحب الفرقاء من أجل إنجاحها اجتماعيا!
قادة‮ بن‮ عمار‮


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.