يعيش الشاب عبد الملك بلعيدي القاطن ببلدية وادي الطاقة ولاية باتنة، قصة تشبه قصة المطارد الهارب من مصالح الأمن ومكافحة الإرهاب، رغم أنه لم يقترف ذنبا ويعيش حياة هادئة بصفته صائغي، متزوج وأب لطفل، بيد أنه دائما ما يجد نفسه محل توقيف وإحضار وتحقيق يستغرق ساعات، كما يبيت أحيانا في مراكز الحجز تحت النظر، جراء تشابه اسمه الشخصي والعائلي وتاريخ ميلاده مع إرهابي خطير محل بحث، ومتهم بالانخراط في كتيبة الموت الإرهابية والمساس بأمن الدولة ! من سوء الحظ، يقول الشاب الهادئ والوديع المولود في 1 جوان 1987 للشروق اليومي: "بدأت مشكلتي منذ سنة 2012، وبعد شهر فقط من قضاء شهر العسل مع زوجتي... منذ ذلك التاريخ وأنا أعيش أياما مرّة، حيث تم توقيفي 23 مرة وعداد التوقيفات مفتوح". سببت هذه الوضعية الغريبة والطريفة في آن واحد مشكلات جمة لهذا الشاب الذي صار مسكونا بفوبيا التوقيف كل مرة يسافر فيها داخل المدينة أو خارجها جراء التوقيفات الكثيرة في الحواجز الأمنية كلما طلب منه تقديم بطاقته، إذ غالبا ما يجد أعوان الأمن ينقضون عليه ويقيدونه بطريقة تثير حنقه بسبب شريكه في الاسم واللقب والميلاد الإرهابي الخطير، يقول: "أقضي في الغالب ست ساعات تحت النظر، مرة أمضيت وقتي مع رجال الدرك من الثامنة صباحا للثامنة ليلا، كما قضيت ليلة بمقر الدرك بلامبيريدي، ويطلق سراحي في الغالب، بعد التثبت أنني لست ذلك المبحوث عنه لاختلاف اسم الوالد والأم، لكن الثمن النفسي والمهني كبير جدا، تخيل الوقت الضائع وتعطل العمل". تقدم الشاب بطلب استخراج جواز سفر، فاتصل به رجال الشرطة للالتحاق بالمكتب من أجل إجراء روتيني، غير أنهم سرعان ما كبلوه للتحقيق معه، قبل أن يطلق سراحه، ورغم حصوله على الجواز فقد امتنع طوعيا عن السفر، بسبب برقية البحث ومذكرة التوقيف ضد شبيهه في الهوية! تكيف "المطارد البريء" مع الوضع المقلق، حيث أنه يضطر لحمل رزمة من الأوراق لإثبات أنه ليس ذلك الارهابي المبحوث عنه، كما اضطر لإضافة الاسم الثلاثي لوالده تجنبا للتوقيف، ولم يجد ذلك نفعا، فهو يقدم رزمة الأوراق والبطاقة المعدلة قبل أن يطلب منه أعوان الأمن ذلك لعلمه المسبق أنه سيطوق، ويقيد ويحقق معه نظرا لإجبارية التعاطي الإداري مع مذكرة التوقيف واجبة التنفيذ. ممنوع من التنقل، ممنوع من السفر، ممنوع من الحركة، هكذا صارت يومياته منذ 5 سنوات كاملة، بل إنه صار ممنوعا من السياقة وممنوعا من المبيت بالفنادق، يقول: "الوضعية الخاصة دفعتني أن أكلف شخصا آخر لسياقة سيارتي، حتى لا يتم توقيفي في الطريق، كما أنني لا أبيت بالفنادق مطلقا خشية التوقيف وأنام داخل سيارتي خلال السفر، بل تخيل وأنا معك الآن طلبت من شقيقي أن يصطحب زوجتي لطبيب المستشفى تفاديا لتوقيفي ومحاصرة المستشفى". رغم الطرافة المأساوية للموضوع، يعيش الشاب حالة توتر دائم من شريكه في الهوية، وقد قام بمتابعة هذا الإرهابي بجنحة انتحال اسم الغير وتسببه في مشكلاته، لكن القضية انتفت بحكم أن الفاعل مجهول. وما هو معلوم أن عبد الملك يدفع ضررا كبيرا يود التخلص منه، مستنجدا بالسلطات لحل مشكلته بإجراءات خاصة تمكنه من العيش بلا توقيف أو إزعاج، وقد اتصل بنائب عام نصحه بحل واحد وهو تغيير اسمه، وقد باشر فعلا الإجراءات القضائية لدى وكيل الجمهورية للنفاذ بجلده من ورطة الارهابي الذي سكن "مخه" ونغص عليه "العيش"، غير أن قاضي الحالة المدنية بمحكمة أريس رفض تغيير اسمه من عبد الملك لسامي بداعي عدم وجود ما يبرر التغيير، لعدم توفر المعنى المشين. إذن فمأساة الرجل "المتخفي" رغما عنه متواصلة كما هي الحياة متواصلة تحت "حظر التجوال"، حظر السفر، حظر السياقة، هربا من لعنة التوقيف والضبط والإحضار التي تطارده حتى في "النوم" في الفنادق!