إذا كنت كثير التردد على مدينة عين بسام بولاية البويرة، فلا بد أنك التقيت صدفة برجل قصير القامة، وهو في هيئة غاية في الرثاثة. وخلال هذه الأيام الباردة والمثلجة يغطي جسده النحيف ببطانية، إنها حالة فظيعة للمدعو لخضر حمدات المدعو "كارنتشا". يمرّ الكثير من الفقراء والمتشردين وممن لا يملكون مأوى ولا ملبس ولا مأكل ولا عناية طبية بشوارع عن بسام، أو غيرها من المدن الأخرى، لكنّ قصصهم قد تختلف عن قصة "لخضر" كونه قضى أكثر من 27 سنة من حياته في الشارع، دون أن تلتفت إليه السلطات المحلية والتي تتفرج على حالته ولا تتحرك. كل من التقى "بلخضر حمدات" تألم للحالة الرثة التي وصل إليها كونه يجد نفسه يوميا يفترش الأرض ويلتحف السماء، وسط أكوام من النفايات، متخذا لنفسه بقعة شاغرة مكانا للنوم، وقد أعياه التسول وهو اليوم يموت موتا بطيئا، لكن لا حياة لمن تنادي. ورغم أن الجميع يتفق على أن مصير" لخضر" لا يختلف اليوم عن المئات من الأشخاص الذين فقدوا توازنهم العقلي والنفسي بسبب فقدانهم لعزيز، أو خروجهم من تجربة قاسية أو غيرها، لكنّ قصّة "لخضر" تدعو للأسى والحسرة، لأنه عاش منذ 27 سنة بالتمام والكمال جميع الفصول الأربعة من حر الصيف وبرد شتاء مدينة عين بسام، من جليد وثلج ورعود الخ، وهو بنفس الألبسة البالية والمتسخة، وأكثر من ذلك يقتات في كل لحظة من بقايا المزابل وبقايا الخضر والفواكه الفاسدة على قارعة الطريق، وعندما لا يجد ما يأكله يأكل من فضلاته ليصارع من أجل البقاء مفترشا الأرض على طول أيام السنة!!! ورغم وجود أكثر من 50 جمعية بعين بسام والذين يتقاسمون الأموال في النشاطات المناسباتية، إلا أن هذه الأخيرة تتجاهل "لخضر"، رغم أنه إنسان مسالم ولا يعتدي على الناس والمارة والممتلكات لا بالضرب ولا بالشتم، فهل تتحرك ضمائر المسؤولين على المستوى المحلي والولائي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حدوث الكارثة وتحويل ابن المنطقة إلى أحد المراكز الخاصة ليقضي فيها بقية حياته، لعلّ الأيام القادمة كفيلة بالرد على استفسارنا.