تحوَلت في الآونة الأخيرة بعض العبادات الحميدة إلى تصرفات طائشة، الهدف منها كسب الشهرة، والإعجاب والتي توقع صاحبها من دون أن يشعر في خانة الرياء، هذا ما يمكن قوله عن العمرة التي صارت الملاذ المفضل للكثير من الشباب من رواد الفايسبوك، الذين جعلوا زيارتها مثل زيارة برج إيفل أونيويورك، خاصة بعد أن غزت صور المعتمرين مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك من يوثق كل خطواته انطلاقا من ركوب الطائرة لغاية وصوله للكعبة. والأغرب في كل ذلك أن هناك أشخاص صاروا يوزَعون إهداءات لأصدقائهم ومقرَبيهم على بعد خطوات من الكعبة الشريفة، فمنهم من يتمنى فوز فريقه المفضل بالبطولة، ومنهم بالكأس، في حين هناك من صار يدوَّن أسماء زملائه وأصدقائه على أوراق ثم يحملها بيده ويصوَرها أمام الكعبة، وما زاد من حجم الاستهتار واللامبالاة أن هناك من حوَل الكعبة إلى مكان لخطبة عشيقته، مثلما فعلها أحد الأتراك لما تقدم قبل أيام لخطبة فتاة على بُعد أمتار من الكعبة الشريفة، متشبها بما يفعله الغرب الذين يباغتون رفيقاتهن ويطلبون أيديهن بأماكن رومانسية، أسفل برج إيفل أوبشارع العشاق بباريس وغيرها من الأماكن التي يتوافد عليها العشاق من كل حدب وصوب. وإذا كان هذا أمر من يرغب في الجمع بين الزواج والعبادة فهناك من راح يلتقط صور طريفة ويعلق عليها بسخرية بعد نشرها عبر حسابه الخاص، مثلما فعل أحد الشباب الذي نشر صورة له، وهو يحمل إبريق شاي بجبل عرفة، ودوَّن قائلا: "سأغير الحرفة وأتحوَل إلى نادل للشاي بجبل عرفة"، وهي كلها تصرفات يرى الكثير من رجال الدين أنها لا تجتمع مع العبادة في شيء، طالما أن الهدف من زيارة البيت الحرام يكمن في التعبد والخشوع وتطليق ملذات الحياة، مثل التجول والتقاط الصور في المطاعم والفنادق والمنتجعات، لأنه شتان بين زيارة التعبد والسياحة، في حين يرى الكثير من الفقهاء أن مثل هاته التصرفات قد تنقص الحسنات وتؤدي لا محالة إلى بوابة الرياء والتباهي والخروج عن الثواب.