عكست حصيلة العهدة النيابية للبرلمان الفرنسي التي تشارف على الانقضاء (تنتهي في جوان المقبل) تجذرا عميقا لتيار الجزائر الفرنسية وحنينا جارفا إلى تلك الفترة، لدى نواب فرنسا، سواء من الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى للبرلمان) أم مجلس الشيوخ "السينا" الغرفة الثانية، وتجلى ذلك من خلال سيطرة الأسئلة المتعلقة بالذاكرة وملفات الحركى والأقدام السوداء وممتلكاتهم وقدماء المحاربين ووضعية المقابر المسيحية واليهودية الموجهة إلى الحكومة الفرنسية. وسينهي البرلمان الفرنسي بغرفتيه العهدة الحالية، بتقديم 1380 سؤال عن الجزائر من الفترة الممتدة ما بين 20 جوان 2012 تاريخ بداية العهدة إلى الآن (تقديم الأسئلة توقف منذ نهاية أفريل الماضي)، حيث نالت قضايا الحركى والأقدام السوداء وقدماء المحاربين حصة الأسد، واللافت هو اهتمام فعلي للحكومة الفرنسية بالرد على الأسئلة المتعلقة بالجزائر حيث بلغت نسبة الرد عليها في 5 سنوات 95 بالمائة. وبلغ عدد الأسئلة التي وجهها أعضاء مجلس الشيوخ (سيناتورات فرنسا) بخصوص قضايا تتعلق بالجزائر 217 سؤال، توزعت بين قضايا الحركى وتعويضهم وإعادة الاعتبار لهم، والأقدام السوداء وملفات الممتلكات التي تركوها بالجزائر وتعويضهم عنها بل ومطالبة الحكومة الفرنسية باستردادها. وتبرز أيضا ملفات مثل المقابر المسيحية واليهودية الفرنسية بالجزائر، وأخرى على علاقة بمكافحة الإرهاب والتنقل بين البلدين، والأرشيف وغيرها. واللافت في الأسئلة الموجهة من طرف سيناتورات فرنسا مثلما رصدته "الشروق" هو وجود حرص شديد من الحكومة الفرنسية للرد على هذه المساءلات المرتبطة بالجزائر على اختلافها. ويتضح أن الحكومة الفرنسية ردت على نحو 95 بالمائة من مساءلات أعضاء مجلس الشيوخ ما يعكس الاهتمام الكبير والحساسية التي تحيط بملفات تتعلق بالجزائر وخاصة تلك التي تعني جوانب الذاكرة المشتركة بين البلدين، حيث من أصل 2017 سؤال ردت الحكومة بمختلف وزاراتها على 205 سؤال. ولم يختلف الوضع كثيرا في الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة الأولى) التي كان لها النصيب الأكبر من الأسئلة المتعلقة بالجزائر، التي بلغت خلال العهدة المنقضية نحو 1164 سؤال، كان جلها يتعلق بملفات الذاكرة (الحركى الأقدام السوداء قدماء المحاربين المقابر المسيحية واليهودية وغيرها). ومن بين 1164 سؤال وجهه نواب الجمعية الوطنية الفرنسية حول قضايا تتعلق بالجزائر ردت الحكومة على جلها تقريبا وبلغت الردود الحكومية 1129، ما يجعل نسبة الرد الإجمالية تصل إلى 97 بالمائة، وهو ما يعكس أيضا اهتماما من باريس بخصوص هذه الملفات المتعلقة بالجزائر، وحساسيتها في الداخل الفرنسي أيضا. وإضافة إلى المساءلات قدم سيناتورات ونواب فرنسا قرابة 10 مشاريع قوانين (مقترحات مشاريع) تتعلق بالجزائر وفترة الاستعمار خصوصا عدا واحد أو اثنين تتعلق بقضايا ما بعد الاستقلال، منها ما تعلق بتمجيد الحركى وإعادة الاعتبار لهم ولقدماء المحاربين .