قد لا نجد في وثائق الحالة المدنية مستقبلا، لأبناء الجيل الحالي، في الجزائر، أسماء قديمة، كتلك التي استعملها أسلافنا في تسمية الأبناء والتي استمدوها من طبيعة حياتهم البسيطة، بعد ما طغت العولمة بكل مؤثراتها على المجتمع، وغزت قواميس الحالة المدنية في البلديات أسماء جديدة، وغريبة لا يفهم مستعملوها حتى معانيها أو مصدرها، بل استعملوها تحت تأثير أبطال أو بطلات بعض المسلسلات التركية التي غزت المجتمع في السنوات الأخيرة. مع تطور التكنولوجيا وامتداد غزو الفضائيات، طالت التغييرات التي شهدها المجتمع الجزائري، منذ مطلع القرن الحالي، أسماء المواليد الجدد، حيث ظهرت العشرات من الأسماء المبتكرة والمركبة، وتراجعت أسماء الأسلاف من الأجداد بحجة أنها لم تعد تليق بالجيل الحالي، حتى كادت تختفي نهائيا من قواميس أسماء بعض العائلات، بل أكثر من ذلك فإن بعض الأمهات يعتبرن أن تلك الأسماء القديمة أضحت من الماضي وترمز لزمن الشيوخ والعجائز. ففي السابق، كان الأزواج يفضلون تسمية مواليدهم بأسماء الآباء والأجداد، ويتبركون بالمناسبات والأعياد والمواسم الدينية، فيطلقون تسميات تلك المناسبات على من يولدون فيها من الذكور على غرار اسم العيد، أما الأنثى فتسمى عيدة، ومن صادفت ولادته أحد الأشهر القمرية، على غرار، شعبان ورمضان وغيرها من الأسماء الأخرى التي كانت تعتبر فخرا للعائلات بالنظر لرمزيتها الدينية، كما ارتبطت الأسماء أيضا ببعض أيام الأسبوع على غرار أسماء الخميسي، الجمعي وبوجمعة والسبتي وغيرها، فيما تداول المجتمع أسماء لبعض الفواكه كتفاحة، عرجونة، خوخة وغيرها من الأسماء الأخرى، التي أصبحت اليوم بالنسبة للأزواج الشباب بمثابة الماضي. ومع تطورات العصر الحديث، بدأت تلك الأسماء في الزوال تدريجيا، وانتشرت بعض الأسماء التي لم تكن في المجتمع الجزائري، ففي مطلع التسعينيات وخلال حرب الخليج الأولى انتشر اسم صدام بقوة نسبة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وغزت أسماء ابنيه قصي وعدي وحتى رغد سجلات الحالة المدنية عبر العديد من بلديات الجزائر، وهي الأسماء التي لم تصمد كثيرا بعد انتشار الفضائيات والقنوات الأجنبية التي أدخلت على العائلات الجزائرية أسماء جديدة عربية لكن لم تكن لها علاقة بالمجتمع الجزائري، على غرار اسم لميس، ميرنا، لينا، مهند وغيرها من الأسماء التي استمدتها بعض الأمهات من المسلسلات التركية. وعلى الرغم من اختلاف العادات والتقاليد بين العائلات الجزائرية، إلا أن أسماء الفنانين والمشاهير دخلت قواميس أغلب العائلات الجزائرية، وتحولت إلى مرجع للأزواج الجدد الذين ينتظرون مواليدهم. وعلى الرغم من كل ذلك الزخم في الأسماء واختلاف الثقافات، إلا أن تركيب أسماء الله الحسنى واسم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلٌم تبقي من بين أكثر الأسماء انتشارا في الجزائر والعالم الإسلامي وحتى في بعض البلدان الغربية.