"ليست لدي أية مشكلة في ترشح الإخوان للحكم في مصر" وقع تحت تأثير الإخوان المسلمين دون الانخراط في صفوفهم، ثم سرعان ما قرر أن ينفصل بعيداً عنهم لتميل أفكاره إلي اليسار، وقتها انضم إلى مجموعة كبيرة من المثقفين الذين حملوا على رؤوسهم هزيمة 67 وكان من ضمنهم فاروق خورشيد، وأمل دنقل، وبهاء طاهر. . عين وزيرا للثقافة أياما قبل الإطاحة بمبارك فثارت ضجة أكبر من التي أثارتها مذكراته في 2009 .. التقت الشروق الدكتور جابر عصفور على هامش فعاليات صالون الجزائر للكتاب فكانت هذه الدردشة. * "أتمنى أن نفعل ما فعل أردوغان وأن نعلق العلاقة مع إسرائيل" علاقة جابر العصفور بالجزائر ومثقفيها تاريخية.. ماذا تغير اليوم وأنت تزور الطبعة ال16 من صالون الجزائر للكتاب؟ * أعرف عن الجزائر والأدب الجزائري ما لا يعرفه بعض الجزائريين، لأني قرأت الرواية الجزائرية مترجمة من اللغة الفرنسية في بداياتها إلى أن قرأت روايات واسيني الأعرج والطاهر وطار. وأنا كتبت عن الطاهر وطار، وشاركت في ترجمة روايته "الزلزال" إلى الانجليزية. وعندي اطلاع واسع على الشعر والقصة في الجزائر وحتى السينما الجزائرية أنا من متابعيها. الجزائر هي جزء من تكوين أي مثقف عربي قومي، قرأنا مسرحية لعبد الرحمن الشرقاوي عن البطلة جميلة بوحيرد ونحن شباب، ثم شاهدنا فيلما ليوسف شاهين عن بوحيرد. فتعاطفنا ونحن صغار مع الثورة الجزائرية وفرحنا أيما فرح باستقلالها والجزائر ساعدت جمال عبد الناصر، فقد اختلط الدم الجزائري بالدم المصري في الجبهة التي تصدت للعدوان الثلاثي على مصر منذ 1967 . وعندما احتاجت مصر إلى سلاح طيران دفع بومدين ثمن هذا السلاح كاملا. وعليه عندما قصدت الجزائر أحسست أنني أنتقل من مصر إلى مصر، خاصة أن المبادئ القومية التي تربيت عليها تمنعني من الشعور بأني غريب. * إذا، لماذا لم نسمع صوتك أيام الفتنة الكروية وكثير من المثقفين لمواجهة أشباه كتاب وأشباه فنانين وأشباه إعلاميين ظهروا على القنوات المصرية شاتمين للجزائر وشهدائها؟ * أنا كنت واضحا من البداية وموقفي أعلنت عنه كتابة من خلال المقالات الصحفية. أنا أعرف اننا نحن المصريين للأسف الذين بدأنا. والطريق نحو تطهير الإعلام والفن المصري من دعاة الفتنة لا يزال طويلا. مصر الآن في مفترق طرق ولكن ستغربل الساحة الثقافية والفنية والإعلامية مثلها مثل الساحة السياسية لا محالة. نحن نعيش في مخاض ونعمل على ألا يكون هذا المولود مسخا. * ما الذي حدث بالضبط يوم إعلانك وزيرا للثقافة في مصر ساعات قبل الإطاحة بمبارك؟ * أنا خدعت حيث طلب مني عن طريق رئيس الوزراء أحمد شفيق في ذلك الوقت أن أساهم في إنقاذ بلدي، فقبلت ذلك ظنا أنني ألبي نداء الوطن. ولكن عندما ذهبت لأداء القسم فوجئت بأن نصف الوزراء الفاسدين لم يتغيروا فقررت أن أستقيل مباشرة. * ولكن لماذا انتظرت سبعة أيام لتقديم الاستقالة بعد اكتشافك للعبة؟ * ما منعني ببساطة من تقديم الاستقالة في نفس اليوم وتأجيلها إلى ما بعد سبعة أيام على رأس وزارة الثقافة المصرية هو الخوف على المتاحف وما لحق بها آنذاك من عمليات سطو وتخريب. كان لا بد أن أبقى كالجندي لحراستها نهارا وليلا بلا نوم، وبعد أن اطمئننت على الوضع. ذهبت إلى آخر مجلس وزراء عقد قبيل الإطاحة بمبارك وأعلنت استقالتي. وقلت بوضوح ما كنت أكتبه في الجرائد المصرية بأن مصر في كارثة ولن ينقذها سوى حكومة ائتلافية. قالوا نحن حكومة الحزب الوطني فتأسفت ورفضت العمل مع حكومة الحزب الوطني وغادرت. * تباينت آراء النخبة في مصر حول الهجوم على مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة.. ما موقفك؟ * أنا مع الشباب الذين عبروا عن غضبهم في مواجهة السفارة الإسرائيلية. لأنه لا يمكن أن تقبلي من شباب في غاية التوقد والوطنية أن يصبروا على الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق العربية سواء الفلسطينية أو حتى المصرية خاصة بعد قتلهم لجنود مصريين. كنت أتمنى أن نفعل ما فعل اردوغان وأن نعلق العلاقة مع إسرائيل، وعلى كل حال هي الآن شبه معلقة. أنا مع ما فعله الشباب فالتظاهر حق مقدس ولكن أن يؤدي هذا التظاهر إلى إلى تخريب الممتلكات. * قلت في مذكراتك سنة 2009 أنك تأثرت بالإخوان دون الانخراط في صفوفهم فهل أنت الآن مع وصولهم إلى الحكم؟ * ليس لدي شخصيا أي مشكلة في ترشح الإخوان المسلمين للحكم في مصر، فالإسلام السياسي شأنه شأن أي قوة سياسية أخرى. فليقدم نفسه ويقدم برنامجه وإستراتيجيته للتقدم بمصر، ومن يقدم خطة أكثر إقناعا سننتخبه. * بعد الثورة التونسية والمصرية أراد البعض تغليب فرضية "المؤامرة الخارجية" على ما يحدث في ليبيا وسوريا ما رأيك؟ * أنا ضد فكرة المؤامرة الخارجية، أنا أؤمن بأن الشعوب العربية واعية، ولكن صبرها طال على من ابتلاهم الله بالغباء السياسي من الحكام. طال الاستبداد وكان على من استبد بهم أن يثوروا على الوضع. لا أنفي عدم وجود أي تدخلات خارجية، ولكن القوة الأساسية هي غضب الشعب المصري والتونسي والليبي والسوري الآن من هذا الاستبداد. * هل تؤمن بأن مبارك سيعاقب وسيقضي عقوبته أم أن محاكمته ذر للعيون فقط؟ * مبارك سيعاقب ولن يرأف به أحد وسيحاكم محاكمة عادلة ويتقرر مصيره وفق قانون الدولة ودستورها. أنا لست قاضيا والشعب المصري أو جابر العصفور لن يستطيع مهما فعل أن يخفف أو يزيد من عقوبة مبارك، وعليه فالعدالة وحدها ستقرر مدة سجنه المهم أنه سيعاقب.