رئيس الجمهورية يؤكد أن السيادة الوطنية تصان بجيش قوي واقتصاد متطور: الجزائر دولة مسالمة و من اعتدى عليها فقد ظلم نفسه    يخص منطقتي أولاد جلال وسيدي خالد: السلطات تستعجل إنهاء مشروع تدعيم توزيع المياه    تحسبا لموسم الاصطياف بسكيكدة: حملات نظافة مكثّفة وتعليمات بإنهاء مشاريع التهيئة    القمة الإفريقية للأسمدة وصحة التربة بنيروبي: تبني مقترح الجزائر بشأن دعم منتجي الغاز    سكنات عدل: توزيع حوالي 40 ألف وحدة بالعاصمة في الذكرى 62 للاستقلال    بمبادرة من الجزائر: مجلس الأمن يدعو إلى تحقيقات مستقلة في المقابر الجماعية بغزة    بهدف ترقية تسييرها وتوفير خدمات ذات جودة عالية: الحكومة تدرس التدابير المتعلقة بالاستغلال السياحي للشواطئ    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يؤكد: الاقتصاد الوطني في تطور مستمر وسيشهد قفزة في 2027    تفادى ذكر الريال و"تغافل" عن اسم الخليفي: مبابي يودّع باريس سان جيرمان    قسنطينة: توقيف متهميْن في قضية مخدرات    بمبادرة جزائرية.. مجلس الأمن يدعو لفتح تحقيق مستقلّ في المجازر الجماعية بغزة    الجزائر ستواصل جهودها بمجلس الأمن لتكريس عضوية فلسطين بالأمم المتحدة    «وتتوالى الإنجازات».. انتصارات متتالية للدبلوماسية الجزائرية    تسريع وتيرة العمل لتسليم منشآت هامة    انطلاق البكالوريا التجريبية بنفس إجراءات الامتحانات الرسمية    الجزائر الجديدة هي المشروع الوطني الذي يجسد طموحنا    خطوة مهمة تعزّز الحق الفلسطيني    الاحتلال الصهيوني يجبر الفلسطينيين على إخلاء مناطق جديدة في رفح    الرئاسيات المقبلة محطة هامة لتجسيد طموحات الجزائريين    2027 سنة الإقلاع الاقتصادي    إحصاء شامل لمليون و200 ألف مستثمرة فلاحية    "عدل 3" بمسابح وملاعب وعمارات ب 20 طابقا    تركيا تكشف عن حجم التجارة مع الجزائر    إعذار مقاول ومكتب متابعة منطقة النشاط بسكيكدة    البنايات الهشة خطر داهم والأسواق الفوضوية مشكل بلا حل    الكشف عن وثيقة تاريخية نادرة    بشكتاش التركي يحسم مستقبل غزال نهائيا    شايبي يحلم بدوري الأبطال ويتحسر على "كان 2025"    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران: فوز الجزائري نسيم سعيدي بالسباق    ألعاب القوى/البطولة العربية لأقل من 20 سنة: 10 ميداليات جديدة للجزائر، منها أربع ذهبيات    مختبر "سيال" يحافظ على اعتماده بمعايير "إيزو 17025"    ريال مدريد ينهي خلافه مع مبابي    التزام ثابت للدولة بترقية الخدمات الصحية بالجنوب    إجراء مباراة مولودية وهران اتحاد العاصمة يوم 21 ماي    عمورة ينال جائزة أفضل لاعب إفريقي في بلجيكا    بنك الاتحاد الجزائري بموريتانيا : إطلاق نافذة الاسلامية لتسويق 4 منتجات بنكية    حفريات "قصر بغاي".. الأربعاء المقبل    أولاد جلال تحتضن بسمات الأطفال    بلمهدي يشارك بإسطنبول في اللقاء العالمي لحوار العلماء المسلمين    الجلفة : معرض الكتاب "الجلفة نبض الابداع" يفتتح هذا الأربعاء    نستالجيا تراثية.. تظاهرة ثقافية لاستحضار واستذكار أهم الألعاب الشعبية    لقاء بمركز المحفوظات الوطنية حول مجازر 8 مايو 1945    مفهوم النهضة في الغرب مسكون بحقبته الكولونيالية    العائلات لا تولي أهمية لبرامج الرقابة الأبوية    لا تشتر الدواء دون وصفة طبية    صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية في الجريدة الرسمية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الجمعة بالنسبة لمطار الجزائر العاصمة    رسالة من سلطان عُمان إلى الرئيس تبّون    قطاع الري سطّر سلم أولويات لتنفيذ البرنامج    الجزائر مستمرة في نضالها من أجل الشعب الفلسطيني    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح المنظومة التربوية
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 11 - 2006

بقلم: أبو‮ بكر‮ خالد‮ سعد‮ الله sadallah@ens-‬kouba.‬dz
قسم‮ الرياضيات
المدرسة‮ العليا‮ للأساتذة‮ ‮ القبة
ما من شك أن مشروع إصلاح المنظومة التربوية الذي لم يطلع عليه إلا القليل يتضمن تأكيدا على ضرورة تكوين المكونين من معلمين وأساتذة وتحسين مستواهم. ويمكن أن يتخذ هذا التكوين عدة أشكال، منها التكوين عن بعد. وقد اهتمت وزارة التربية الوطنية بهذا الجانب قبل وبعد انطلاق عملية الإصلاح الجديد. دعنا نتناول في هذا المقام نموذجين من هذا التكوين يبيّنان سلبيات الطريقة التي يتم بها تسيير هذا الملف البالغ الأهمية في موضوع تحسين الأداء التربوي ورفع مستوى المتعلم. ويتعلق الأمر هنا بتكوين الأساتذة المبرزين وأساتذة التعليم المتوسط‮.‬
الأقصوصة‮ الأولى‮: تكوين‮ الأساتذة‮ المبرزين
لقد قررت وزارة التربية الوطنية ووزارة التعليم العالي منذ 1997، أي منذ قرابة 10 سنوات، تكوين أساتذة مبرزين في جميع الاختصاصات التي تدرس في التعليم الثانوي العام. فطلب من أولئك »المحظوظين« دفع مبلغ 3000 د.ج. والاستعداد لتلقي دروس تكوينية عن بعد يعدّها أساتذة المدارس العليا للأساتذة. وهكذا كان الحال، وانطلقت عملية التكوين وسطّر أساتذة المدارس مناهج التكوين، ووزعت المواد على أهل الاختصاص لكتابة الدروس وتجهيزها على أن يتم استنساخها بالعدد المطلوب على مستوى مصالح وزارة التربية.
... ووقف‮ حمار‮ الشيخ‮ في‮ العقبة
وأنجز الأساتذة بما طلب منهم في عدة دفعات، حتى استكملوا كافة الدروس وسلمت إلى المعنيين في وزارة التربية. وبعد إرسالين أو ثلاثة (على ما نذكر) أوقفت مصالح وزارة التربية إرسال الدروس الجاهزة إلى المعنيين بدعوى أن أموال الغلاف المالي المخصص للعملية قد جفت. ووقف حمار الشيخ في العقبة: الدروس جاهزة والطلبة الأساتذة ينتظرون تلك الدروس... وأموال الوزارة لا تكفي لمواصلة عملية سحب الدروس وإرسالها إلى بضعة مئات من المسجلين. فأخذت الوزارة »إجازة تقنية« دامت سنوات وسنوات!
وادّعت وزارة التربية بعد ذلك في عديد المرات أنها تريد استدراك الأمر وتنظيم تجمعات للطلبة الأساتذة. لكن الارتجال حال دون تحقيق الهدف. فعلى سبيل المثال، طلبت الوزارة ذات مرة (في مطلع هذا القرن) من المدارس العليا تجنيد أساتذتها للإشراف على تجمع يدوم أسبوعا في شهر جويلية. وقامت المدارس المذكورة بالضغط على الأساتذة لتلبية رغبة الوزارة... وفي اليوم الموعود للتجمع تفاجأ الأساتذة المشرفون وإدارات المدارس بعدم حضور أي طالب أستاذ. وكان من الواضح أنه لم يتم استدعاء المعنيين من قبل الوزارة الوصية... لكننا لم نفهم السبب‮ لحد‮ الآن‮ (‬ربما‮ يكون‮ راجعا‮ لمشاكل‮ إيواء‮ الطلبة‮ الأساتذة‮).‬
ثم كانت للوزارة عدة محاولات من نفس القبيل، حتى نجحت في تجميع الطلبة الأساتذة خلال عطلة ربيع 2005 لتلقي تكوين في المدارس العليا يدعم الدروس المكتوبة وتسلم أثناءه الدروس المتبقية. وأكدت الوزارة عندئذ أنه سيكون تجمع آخر في جويلية 2005 وبعدها تجرى المسابقة النهائية. ورغم أن العديد من الأساتذة المشرفين كانوا يرون أن التكوين الذي تم لا يكفي لإجراء مسابقة في المستوى المطلوب، أصرت وزارة التربية على رأيها ودعمتها في ذلك إدارات المدارس العليا لأن جميع المسؤولين كانوا قد ملوا من تسيير هذا الملف الذي لا نهاية له.
وجند في جويلية 2005 أساتذة المدارس العليا للإشراف على تجمع دام قرابة نصف شهر استفاد منه الطلبة الأساتذة، وبقيت مسألة مدى كفاية التكوين لإجراء المسابقة مطروحة لدى الأساتذة المشرفين. أما الوزارة ومن والاها فكانوا منشغلين بتحديد تاريخ المسابقة لأن المدة طالت والقوم ملوا. وبعد العديد من المواعيد التي لم تحترمها الوزارة ذاتها تقرر إجراء المسابقة الكتابية للتبريز في جوان 2006، على أن يتم الامتحان الشفهي في بداية جويلية 2006. وحددت الوزارة رسميا عدد المناصب المفتوحة في كل مادة. واعتقد الجميع أن النهاية قربت.
وزير‮ التربية‮ يستغرب‮... فقط‮ لا‮ غير‮!‬
وكانت قضية دفع مستحقات الأساتذة المشرفين مطروحة منذ أفريل 2005، وهي تقع على عاتق وزارة التربية، لكنها لم تقم بذلك، فدفعت المدارس العليا بعضها في شكل عمل بالساعات الإضافية. وظلت المستحقات الأخرى (من إشراف على تجمعات وكتابة دروس) عالقة. وبلغ الأمر بالأساتذة المشرفين في المدرسة العليا بالقبة أنهم قرروا في ماي 2006 خلال اجتماع موسع عدم تلبية رغبة وزارة التربية في إجراء تلك المسابقة. وتحت ضغوط الإدارة المحلية قرروا إعداد نصوص امتحانات المسابقة والاحتفاظ إلى أن تحلّ قضية التعويضات المادية، وأعلمت إدارة المدرسة الوزارة‮ رسميا‮ بموقف‮ الأساتذة‮.‬
واعتقد الأساتذة أنهم بذلك يضغطون على وزارة التربية للإسراع بحل مشكلتهم لكنهم تفاجأوا بقرار الوزارة القاضي مرة أخرى بتأجيل موعد المسابقة إلى أجل غير مسمّى. والغريب أن وزير التربية قد زار المدرسة العليا للأساتذة بالقبة في ربيع 2006، وتفاجأ كثيرا عندما أعلمه‮ المسؤولون‮ بالمدرسة‮ أن‮ الأساتذة‮ لم‮ تدفع‮ لهم‮ مستحقاتهم‮ فاتصل‮ هاتفيا‮ بمن‮ يعنيه‮ الأمر‮ للاستفسار،‮ وأكد‮ أن‮ القضية‮ ستحل.. وهي‮ قضية‮ أيام‮ معدودات‮! فأين‮ نحن‮ من‮ تعداد‮ الأيام؟
وقد بلغنا أن سبب تأجيل (أو إلغاء) المسابقة في واقع الأمر أعمق مما كنا نتصور ويتصور الوزير ذاته، إذ يرجع فيما يبدو إلى خلل في المواد القانونية الصادرة في الجريدة الرسمية عند إنشاء هذه الشهادة يجعل منها شهادة تساوي »لا شيء«... وللّه في وزارة التربية شؤون.
فأية مهزلة أكثر من هذه المهزلة: طلبة أساتذة مسجلون منذ حوالي 10 سنوات لنيل شهادة، وبعد طول الانتظار، يقال لهم: شهادتكم لن تجروا مسابقتها في آخر المطاف... لأنها لا تساوي شيئا؟ ثم أليس من المحزن، في ظل الإصلاح الذي يتغنّى بنجاحه كبار المسؤولين ويعلقون عليه آمال‮ البلاد،‮ أن‮ تعجز‮ الدولة‮ ذات‮ الاحتياطات‮ المالية‮ المعلنة‮ عن‮ دفع‮ مستحقات‮ زهيدة‮ لأساتذة‮ جندتهم‮ خلال‮ سنوات‮ عديدة‮ وخلال‮ أيام‮ عطلهم‮... وجندتهم‮ بأقلامهم‮ أحيانا‮ كثيرة‮ فوق‮ طاقاتهم؟
الأقصوصة‮ الثانية‮: تكوين‮ أساتذة‮ المتوسط
كانت وزارة التربية قد قررت بالتعاون مع وزارة التعليم العالي الانطلاق في عملية تكوين واسعة النطاق تمس آلاف المعلمين والأساتذة من التعليم المتوسط، وهي لا شك عملية ذات بعد تربوي وتعليمي بالغ الأهمية. والهدف هو أن يعطى تكوين جامعي لهؤلاء المدرسين ليتمكنوا من بلوغ مستوى »بكالوريا +3« (لمعلمي الابتدائي) و»بكالوريا +4« لأساتذة المتوسط). وكلفت المدارس العليا للأساتذة بإعداد الدروس التي سيتلقاها أساتذة المتوسط، وهي دروس تغطي السنوات الجامعية الأربع الأولى. ومنحت وزارة التربية مهلة للمعنيين لبلوغ المستوى المطلوب لا تتجاوز‮ 6‮ سنوات‮.‬
وفي جوان 2005 شرع أساتذة المدارس العليا في تحضير تلك الدروس المكتوبة على أن تتولى جهات أخرى إرسالها إلى المعنيين. وتمت صياغة الدروس تباعا من قبل الأساتذة بجهود لا يعلم مداها إلا من واكبها عن كثب، وهذا نظرا لقصر المدة الممنوحة لهؤلاء الأساتذة لإنجاز أعمالهم‮.
لا‮ يمكن‮ إنجاز‮ عمل‮ علمي‮ جيد‮ في‮ آجال‮ غير‮ معقولة
وكان الضغط شديدا على الأساتذة من قبل مسؤولي المدارس العليا للقيام بهذا العمل في آجال تكاد تكون مستحيلة. وكأن بعض مسؤولينا لا تهمهم جودة العمل بقدر ما تهمهم الآجال الواقعة على رقابهم من قبل الوزارتين. وهذه نقطة سوداء ينبغي تسجيلها، ومن المهم أن يقتنع المسؤولون على جميع المستويات بها: لا يمكن إنجاز عمل علمي جيد في آجال غير معقولة. وليس سرا أن هذه القاعدة البسيطة لم تحترم لدى وزارة التربية في إعداد الكتب المدرسية فكان ما كان مما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة من نقائص في تلك المؤلفات... وما لم تتناقله أعظم.
وكانت وزارة التربية تريد أن تثبت للبعض مدى تفانيها في العمل فتسرعت في عملية سحب الدروس الأولى التي جهزتها المدارس العليا لأساتذة التعليم المتوسط، وكان هذا السحب حسب ما علمنا قد تضمن أخطاء تقنية في ترتيب الأبواب والفصول والمواد على مستوى المطبعة أدى إلى‮ إعادة‮ السحب‮ ثانية‮. وإعادة‮ السحب‮ يعني‮ بطبيعة‮ الحال‮ تكاليف‮ إضافية‮.
ثم رغبت الوزارة في القيام بتجمع خلال عطلة شتاء 2005 فجندت (كما فعلت مع التبريز) أساتذة المدارس العليا، وتم الاتفاق على الموعد ومنهجية العمل، لكنه سرعان ما ذهب الموعد أدراج الرياح... تماما كما كان الحال مع شهادة التبريز. وعاودت الوزارة الكرة في أفريل 2006 وتقرر تنظيم تجمعات تتم خلال نفس الفترة في أزيد من عشرين ولاية يشرف عليها أساتذة المدارس العليا. وتجند هؤلاء جميعا في شتى الاختصاصات لتغطية تلك التجمعات خلال أسبوع، نصفه للتذكير بالدروس ونصفه الآخر لإجراء أول امتحان حول مقررات‮ الفصل‮ الأول‮. ووقع‮ ذلك‮ فعلا‮.
وبعد ذلك كانت محاولة تنظيم تجمع ثان في جوان 2006، ثم في جويلية، ثم في سبتمبر. وفي كل مرة تلغي الوزارة (ومن تعاونوا معها) التجمع بعد تجنيد الأساتذة وبعض الإدارات، وهذا لأسباب لا نعلمها. وفي آخر المطاف قررت الوزارة الاكتفاء بإجراء الامتحانات خلال اليومين 13 و14 سبتمبر يشرف عليها (مرة أخرى) أساتذة المدارس العليا. وبعدما سجلت أسماء المشرفين وحضّرت نصوص الامتحانات، أجلت مرة أخرى الوزارة إجراءها وأعفت أساتذة المدارس العليا من الإشراف على الامتحانات... ولازالت هذه الامتحانات لم تتم لحد كتابة هذه السطور.
أية‮ امتحانات،‮ ومتى؟
وعن أية امتحانات تتحدث الوزارة؟ كان المعنيون يعتقدون أن الامتحانات تخص محتوى الثلاثي الثاني والثالث، لكن الوزارة كانت تقصد تلك المتعلقة باختبارات ألغيت خلال دورة أفريل في بعض المناطق لأن الطلبة الأساتذة احتجوا على إجرائها لعدة أسباب، منها أنهم لم تصلهم الدروس‮ في‮ الوقت‮ المناسب‮. نذكر‮ في‮ هذا‮ السياق‮ أن‮ هناك‮ طلبة‮ وصلتهم‮ الدروس‮ يوم‮ التجمع،‮ أي‮ يومين‮ قبل‮ إجراء‮ الامتحان‮.‬
والغريب أنك تجد في برمجة الوزارة امتحانات في بعض الولايات كان الطلبة الأساتذة قد أجروها بصفة عادية، ولا حاجة لإجرائها مرة ثانية. والأغرب من ذلك أن امتحان الجيولوجيا مثلا لم يجر في أي مكان لأن إرسال درس هذه المادة كان مشوها وغير كامل. وكان من المنتظر أن يعاد‮ هذا‮ الامتحان‮ في‮ كل‮ الولايات،‮ لكن‮ المعنيين‮ لم‮ يبرمجوه‮. لماذا؟‮ لأن‮ الجهات‮ المسؤولة‮ لم‮ تتمكن‮ لحد‮ الآن‮ (‬بعد‮ مضي‮ أزيد‮ من‮ سنة‮ عن‮ كتابته‮ وتسليمه‮ من‮ طرف‮ مؤلفيه‮) من‮ إرساله‮ إلى‮ الطلبة‮ الأساتذة‮!‬
من‮ يتحمل‮ الوزر؟
والواقع أن وزارة التربية لا تتحمل الوزر وحدها في هذه العملية الهامة في تكوين المكونين؛ ذلك أن العملية تديرها عدة رؤوس... ويبدو واضحا بأن هذا سبب رئيسي في تعثراتها. فالطلبة الأساتذة منتسبون، من الناحية الوظيفية إلى وزارة التربية؛ والدروس يتم إعدادها في المدارس العليا التابعة لوزارة التعليم العالي. ثم إن هناك دورا وسيطا لا ندري بالضبط ما هو تلعبه جامعة التعليم المتواصل. فللجامعة دور، على الأقل، في تنظيم التجمعات على مستوى محلي في الولايات وفي التكفل بالإقامة والتنظيم، الخ. كان من الواضح في شهر أفريل الماضي‮ أن‮ هذه‮ النقاط‮ المهمة‮ في‮ إنجاح‮ العملية‮ لم‮ تأخذ‮ حقها‮ من‮ الإعداد‮ فسادت‮ الفوضى‮ وسوء‮ التنظيم‮ والاستقبال‮ في‮ عديد‮ الولايات‮.‬
جامعة‮ التعليم‮ المتواصل‮: »‬المهم‮ المشاركة‮«‬
ومن الأمور الغريبة التي عرقلت العملية هي دفع مستحقات العاملين من أساتذة وموظفين. فالغلاف المالي المخصص للعملية وضع تحت تصرف وزارة التربية، التي تحوّل، متى شاءت، جزءا منه لجامعة التعليم المتواصل. وهذه الجامعة هي التي تدفع مستحقات العمال والأساتذة والموظفين بالمدارس‮ العليا‮!
ولا شك أن المرء يتعجب من الكيفية التي انتهجتها جامعة التعليم المتواصل لدفع التعويضات لجموع الأساتذة؟: لقد خصصت مبلغا معيّنا من المال وقسمته عليهم بالتساوي. لا فرق في ذلك بين من عمل ساعة واحدة وبين من عمل مئة ساعة، ولا فرق بين من أعدّ منفردا درسا بمئة صفحة ومن‮ شارك‮ مع‮ زملائه‮ في‮ إعداد‮ درس‮ في‮ عشرين‮ صفحة‮. يحدث‮ ذلك‮ بالرغم‮ من‮ أن‮ المدارس‮ العليا‮ زودت‮ جامعة‮ التعليم‮ المتواصل‮ بكل‮ التفاصيل‮ المطلوبة‮. فهل‮ يعقل‮ هذا‮ التصرف‮ من‮ قبل‮ جهة‮ رسمية‮ في‮ توزيع‮ الأموال‮ بكيفية‮ عشوائية‮ تذكرنا‮ بحصة‮ تلفزيونية‮ قديمة‮ كان‮ يردد‮ فيها‮ المنشط‮ »‬المهم‮ المشاركة‮« للفوز‮ بالجائزة؟‮
هل‮ من‮ مقترحات؟
يبدو‮ لنا‮ على‮ ضوء‮ ما‮ أسلفنا‮ أن‮ قضية‮ تكوين‮ أساتذة‮ المتوسط‮ يمكن‮ تبسيط‮ إجراءاتها‮ وتفعيلها‮ إلى‮ أقصى‮ الحدود‮ بأقل‮ تكاليف‮. ونتصور‮ أنه‮ يمكن‮ اختصارها‮ في‮ النقاط‮ التالية‮:‬
1. يتولى‮ أساتذة‮ المدارس‮ العليا‮ كتابة‮ وتجهيز‮ الدروس‮ كما‮ هو‮ الحال‮ الآن‮.‬
2. يتم‮ تكليف‮ المدارس‮ العليا‮ إثر‮ إعداد‮ تلك‮ الدروس،‮ بوضعها‮ في‮ أقراص‮ مدمجة‮ بعدد‮ الطلبة‮ وتسليمها‮ إلى‮ وزارة‮ التربية‮.‬
3. تقوم‮ وزارة‮ التربية‮ بتوزيع‮ تلك‮ الأقراص‮ على‮ المعنيين‮ عبر‮ مديريات‮ التربية‮.‬
4. تضع المدارس العليا في مواقعها المختلفة على شبكة الأنترنت، وكذلك في مواقع أخرى خاصة بوزارة التربية الدروس حتى يتسنى لأي طالب أستاذ تحميل ما يشاء منها. فمن إيجابيات هذه الطريقة أنها تسمح باستدراك أي نقص وإجراء أي تعديل ضروري في الشكل أو المضمون إن دعت الحاجة‮ إلى‮ ذلك‮.
5. يمكن في وقت لاحق الاستغناء عن الأقراص المدمجة وإرسالها للمعنيين، ويطلب منهم حينئذ النفوذ مباشرة إلى المواقع المتاحة على شبكة الأنترنت لاستنساخ أو تحميل الدروس المقررة. وهذا ما يجعل الدولة تربح أموالا طائلة بالاستغناء عن النسخ الورقي للدروس. نذكر، على سبيل المثال، أن مادة التحليل الرياضي الخاصة بالسنة الأولى من فرع العلوم الدقيقة تطلبت ثلاثة كتب. وعلى ضوء ذلك يمكن للقارئ تقدير تكاليف الطبع والنقل والتوزيع عبر الوطن، بعد مراعاة عدد المواد العلمية وعدد الطلبة. أضف إلى ذلك عامل كسب الوقت واحترام المواعيد في حالة‮ الاكتفاء‮ بالتعامل‮ الالكتروني‮ في‮ بث‮ الإرسالات‮ المكتوبة‮.‬
6. تتكفل فروع جامعة التعليم المتواصل عبر الولايات (بالتعاون مع مديريات التربية) بالمساعدة البيداغوجية المستمرة، وذلك بتنظيم لقاءات وتقديم دروس ليلا و/أو في العطل وأواخر الأسبوع. أما في الولايات التي لا توجد فيها فروع لجامعة التعليم المتواصل فتتولى المدارس العليا‮ المتابعة‮ البيداغوجية‮ المستمرة‮ بالتعاون‮ مع‮ مديريات‮ التربية‮.‬
7. تشرف المدارس العليا على إعداد الامتحانات وتصحيحها، كما هو الشأن الآن. ويؤسفنا هنا أن نشير إلى أهمية قضية مراقبة الامتحانات مراقبة جادة تحول دون انتشار محاولات الغش التي فاجأت الجميع في شتى المراكز. فما شهدناه وما استمعنا إليه من شهادات عشرات الزملاء الذين أشرفوا على امتحانات أفريل الماضي ينبئ بأن هذه الآفة منتشرة على نطاق واسع في وسط المعنيين. بل يذهب البعض من رجال التربية والتعليم إلى وصف هذه الآفة ب»الظاهرة« الخطيرة التي ينبغي على الوصاية الانكباب عليها في جميع مستويات التعليم. وقد يكون من الأجدى القيام بعملية تقييم الطلبة الأساتذة على مرحلتين: الأولى على مستوى محلي لجميع الطلبة الأساتذة، والثانية على مستوى مركزي للناجحين في المرحلة الأولى. إذ نخشى أن يعتبر المعنيون عملية التكوين التي يخضعون إليها مجرد عملية شكلية سيترتب عنها منحهم شهادات علمية بالمجان‮.‬
8. ينبغي أن يوضع الغلاف المالي المخصص لكل عملية من العمليات سابقة الذكر تحت التصرف المباشرة للمؤسسة التي ستقوم بالعملية. وهذا أمر في غاية الأهمية لتفعيل الإنجاز وإزالة العراقيل البيروقراطية والحيلولة دون تراكم التأخرات بسبب عدم دفع المستحقات لأهلها، كما كان‮ الشأن‮ في‮ عملية‮ تكوين‮ الأساتذة‮ المبرزين‮.‬
نتمنى‮ أن‮ تصوب‮ الأخطاء‮ ويقلّ‮ الارتجال‮ وأن‮ يوضع‮ قطار‮ التكوين‮ عن‮ بعد‮ على‮ سكة‮ متينة‮ تؤدي‮ لا‮ محالة‮ إلى‮ تحسين‮ مستوى‮ المكونين‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.