الرئيس تبون يؤكد على ضرورة التجنّد لترقية صورة البلاد    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    بسبب نهائي كأس الرّابطة للرديف: رقيق وعويسي خارج حسابات مدرب وفاق سطيف    ربط البقاء بغلة الموعدين المقبلين: مدرب لاصام يجهز مفاجأة للهلال    الطارف: توقيف 4 أشخاص كانوا بصدد إضرام النار عمدا بغابة    جامعة العفرون تحيي ذكرى مظاهرات الثامن ماي    الصهيونية العالمية تسعى إلى تقسيم الدول العربية    في اليوم الوطني لذكرى 79 لمجازر 8 ماي 1945،الرئيس تبون: ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أوالتناسي ولا يقبل التنازل والمساومة    دورة جزائرية تركية    اتفاقية بين ألنفط و إيكينور    الشرارة التي فجّرت ثورة نوفمبر    رئيس الجمهورية يأمر بإعداد مخطط حول البيئة والعمران يعيد النظر في نظام فرز وتوزيع النفايات    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    أكثر من 36 ألف نزيل يجتازون امتحان إثبات المستوى    الجزائر تضطلع بدور ريادي في مجال الأسمدة وتطوير الغاز    جاهزية عالية وتتويج بالنّجاح    تكريم الفائزين في مسابقة رمضان    إحياء ذكرى تأميم المناجم وتأسيس «سونارام»..غدا    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    دعوات دولية لإتمام اتفاق وقف القتال    تحذيرات من كارثة إنسانية بعد توقف دخول المساعدات    دعمنا للقضية الفلسطينية لا يعني تخلينا عن الشعب الصحراوي    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    زعماء المقاومة الشّعبية..قوّة السّيف وحكمة القلم    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تزامنا وشهر التراث.. أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    العدوان على غزة: اجتياح رفح انتهاك للقانون الدولي وينذر بكارثة إنسانية وشيكة    نظمه المعهد العسكري للوثائق والتقويم والإستقبالية لوزارة الدفاع الوطني.. "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي.. " محور ملتقى    أم البواقي : أسعار الأضاحي تلتهب والمواطن يترقب تدخل السلطات    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم        حملة الحصاد والدرس/ورقلة: توقع إنتاج أكثر من 277 ألف قنطار من الحبوب    هول كرب الميزان    أعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون التزامهم بدعم عملية سياسية شاملة في ليبيا    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    دعم السيادة الرقمية للجزائر وتحقيق استقلالها التكنولوجي    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    تحسين الأداء والقضاء على الاكتظاظ الموسم المقبل    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الصومال الحزين..من أخطأه الرصاص تكفل به الجوع
شعب بائس وساسة مأجورون وعسكر قساة..
نشر في الأيام الجزائرية يوم 05 - 09 - 2011

الواقع أن هناك مجموعة من الأسباب لعبت دوراً مهماً في أن ينتفض العالم فجأة للحديث عن الصومال، بعضها له مبررات إنسانية ملحة، والبعض الآخر خرج من رحم جملة من الدوافع والخلفيات السياسية . فعلى المستوى الأول اتسع نطاق الجوع ولم يعد قاصراً على جنوب الصومال فقط، فقد امتد إلى مناطق في الوسط، كانت حتى وقت قريب بعيدة تماماً عن مسألة المجاعة، وأكدت تقارير الأمم المتحدة أن نحو 30% من الأطفال في الصومال يعانون سوء التغذية، كما يموت يومياً 4 من بين 10 آلاف شخص، وهو ما حدا إلى تأكيد أن هناك حاجة إلى تقديم 300 مليون دولار خلال الشهرين القادمين لمواجهة المجاعة المتفاقمة في الصومال .
وكان مارك بودين منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الصومال، أكد أن ما يقرب من نصف السكان يعيشون ظروفاً مأساوية، أغلبيتهم في الجنوب، الأمر الذي أضحى يهدد بعض دول الجوار، حيث ارتفعت حركة النزوح الجماعي إلى كل من كينيا وإثيوبيا، كما أن استمرار عملية النزوح وتكدس المخيمات بمئات الآلاف من البشر سوف يفاقم الأوضاع ويجعلها قد تستعصي على الحل في المدى المنظور، وهذه الحالة ستؤدي حتما إلى نتيجتين .
الأولى، زيادة حالات الوفيات بصورة غير مسبوقة، في منطقة أصبحت تتعرض لمخاطر جمة، وهو ما يحرج المجتمع الدولي المتهم أصلا بالتقاعس عن إنقاذ الصومال وربما التواطؤ عليه، الاستحسان أو الارتياح لحشره في زاوية الفراغ الشامل، فطوال ال 19 عاماً الماضية فشلت جميع القوى الكبرى والصغرى وأخفقت كافة المنظمات الإنسانية في انتشال هذا البلد من براثن الفوضى، التي هيأت المجال لانتشار المجاعة في أنحاء مختلفة من أقاليمه، والمشكلة أن العالم بدأ يستيقظ ويشعر بأن هناك أزمة إنسانية حقيقية في وقت متأخر جداً، وحتى عندما بدأت النداءات والمناشدات تتزايد في الآونة الأخيرة لم تجد أصداء عملية بشكل كاف حتى الآن، فرغم عزم البنك الدولي وجهات إقليمية ودولية متباينة على تقديم مساعدات مادية وعينية، غير أن المعلن عنه يبدو قليلاً، مقارنة بحجم المأساة التي تحتاج تدخلات عاجلة، وبدت المساعدات التي تدفقت خلال الأيام الماضية على الصومال وكأنها محاولة لإبراء الذمة، لأنها تفتقر إلى الآليات اللازمة لتوسيع عملية التعاون والتنسيق، كما أن الدوافع السياسية لا تزال تسبق المبررات الإنسانية، وهو ما يلقي بظلال قاتمة على جدوى الأخيرة ونجاحها في تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطني الصومال .
أما النتيجة الثانية، فهي تتعلق بزيادة حدة التدهور الأمني وتعريض منطقة القرن الإفريقي لحالة أكبر من الانفلات، خاصة أن الأجواء مهيأة لحدوث تدهور واسع النطاق، بحكم الامتدادات القبلية والتداخلات الإثنية وسهولة حركة النازحين من الصومال لدول الجوار، كما أن الميلشيات المسلحة النشطة لم تعد حركتها قاصرة على بلد بعينه، بل استطاع بعضها أن يتوغل ويمارس نشاطه في بلدان مختلفة، وقد نجحت حركة شباب المجاهدين الصومالية في تكوين شبكة إقليمية، كانت أشد عملياتها قسوة في كمبالا العام الماضي، عندما جرى استهداف جمهور المشاهدين لنهائي كأس العالم في أحد المقاهي، ناهيك عن أن انتشار الفوضى شجع بعض دول الجوار على التدخل في شؤون الصومال، إما حماية لمصالحها الأمنية أو رغبة في تغذية التوترات لتحقيق جملة من الأهداف السياسية، وقد رأينا خلال الأعوام الماضية حالة نادرة من الحرب بالوكالة في هذا البلد المنكوب، طرفاها الرئيسيان هما إثيوبيا وإريتريا، وكادت الخلافات بينهما أن تفضي إلى مواجهات عسكرية مباشرة، بسبب الصومال، وأدت هذه السياسة إلى تعطيل كثير من طروحات التسوية الإقليمية لوضع حد للحرب الصومالية، التي أصبح الجميع وكأنه راغب في التعايش معها لأجل غير مسمى، حتى جاءت المجاعة الأخيرة لتدق جرس إنذار للجميع وتفرض على جهات كثيرة إدخال تعديلات جوهرية على توجهاتها الإنسانية والسياسية، وسواء كان ذلك إبراء للذمة أو سعياً حقيقياً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهو في النهاية ينذر بأن الصومال على أعتاب مرحلة جديدة، قد تغير وجهه، إما إلى تحسين أوضاعه ومحاولة حل أزمته بصورة واقعية أو حشره في خندق يصعب الفكاك منه .





الحاصل أن سياسات بعض اللاعبين الأساسيين كانت عاملاً مهماً في تفاقم الأزمة الإنسانية في الصومال، فالولايات المتحدة أدرجت في أفريل 2010 حركة شباب المجاهدين على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وهو ما يعني حظر إرسال مساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها في الجنوب، وهي المناطق المنكوبة بقوة الآن، كما أن الحركة كانت ترفض دخول المنظمات الإنسانية الأجنبية إلى المدن الجنوبية لتقديم المساعدات بدعوى أنها "كافرة"، وكانت تقبل فقط المساعدات من جهات عربية وإسلامية، وهي لم تكن كافية لسد حاجات الناس هناك، لكن المجاعة التي حدثت مؤخرا فرضت على كل من الولايات المتحدة وحركة شباب المجاهدين تغيير هذه السياسة ومحاولة التعامل مع الواقع المأساوي بشكل أكثر برغماتية، لتخفيف حدة الأزمة وتخفيف عبء المسؤولية الأخلاقية الناجمة عن آلاف الضحايا الذين يموتون بصورة يومية هناك .
من جانبها، قررت الولايات المتحدة إرسال مساعدات عاجلة للصومال، الأمر الذي اعتبره كثيرون بمثابة تحول في توجهاتها، فمنذ دخول قواتها إلى هذا البلد وخروجها بفضيحة أمنية منه، في بداية تسعينيات القرن الماضي (عقب سقوط نظام سياد بري) وتبدو واشنطن بعيدة عن الشقين الإنساني والسياسي، وركزت كل جهودها على الأبعاد الأمنية، وما أسمته مكافحة الإرهاب في الصومال، وتعتقد أن "تنظيم القاعدة" اتخذ من جنوب الصومال مرتعاً لحركته ومقراً لشن هجماته، كما أن واشنطن قصفت مواقع عدة في الصومال بهذه الذريعة، وجعلت من حركة شباب المجاهدين هدفاً أمنياً واتهمتها بنشر الإرهاب في المنطقة وتعطيل حل أزمة الصومال سياسياً، وسواء كانت الولايات المتحدة تبحث عن مبررات لتقاعسها الفاضح أو حسنة النية، فهي بدت بعيدة حتى إنسانيا عن الصومال، لذلك قد يؤدي ما حدث من تغيير في هذا الجانب إلى تغيير مماثل من الناحية السياسية، حيث قالت هيلاري كلينتون وزير الخارجية إن واشنطن ستقدم 28 مليون دولار مساعدات إضافية طارئة لمنطقة القرن الإفريقي، تضاف إلى المساعدات التي قدمتها بالفعل هذا العام وتقدر ب431 مليون دولار .
الواضح أن أزمة الصومال الإنسانية، بدأت بعض الدوائر تسعى إلى استثمارها سياسياً، ولعل الزيارة الشهيرة التي قام بها رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا ومعه زوجته ووفد رفيع المستوى في 20 أوت الماضي خير دليل على هذا الاستثمار، نعم الرجل كان هدفه إنسانياً بالأساس وتوجيه أنظار العالم لما يحدث في الصومال، لكن هذا الهدف لم يخل من طموحات سياسية، لها علاقة بحسابات أردوغان العربية والإسلامية وتقديراته الإقليمية بشكل عام، حيث تحاول أنقرة تثبيت وجودها المادي والمعنوي في المنطقة وتسعى إلى تأكيد زعامتها، عبر اتخاذ مواقف فريدة في أزمات عتيدة، حدث ذلك في غزة ومع "إسرائيل" وفي سوريا ثم الصومال، ما يهم الشعب الصومالي الآن تقديم المساعدات التي تخرجه من المجاعة الحالية، وفتح باب الأمل أمام نافذة سياسية تنهي الأزمة الراهنة الممتدة منذ نحو عشرين عاماً، لذلك على أنقرة استكمال تحركاتها الإنسانية بخطوات سياسية عملية تقرب المسافات بين الأطراف الصومالية وتقدم روشتة حقيقية لتسوية قابلة للتنفيذ، لأن حشر الأزمة في زاوية إنسانية فقط سوف يؤدي إلى تجددها بعد فترة قصيرة، كما أن وصول علي أكبر صالحي وزير خارجية إيران إلى الصومال وزيارته لبعض مخيمات النازحين، بعد ثلاثة أيام من زيارة أردوغان، عزز المعاني السياسية لتحركات كل من أنقرة وطهران، وأعطت زيارة كل منهما إيحاء بأن أزمة الصومال ظهرت فجأة، فلماذا تجاهلت تركيا وإيران، الصومال من قبل ولماذا عادتا لتذكره الآن؟
من جهة أخرى، يمثل التوافق الذي حصل بين إريتريا وأوغندا بشأن العمل معاً لإنقاذ الصومال نقلة سياسية مهمة على المستوى الإقليمي، بعد فترة من الشد المتبادل بين أسمرة وكمبالا، حيث كان النظام الإريتري متهما بالوقوف وراء "حركة شباب المجاهدين"، في حين كان النظام الأوغندي يدعم ولا يزال الحكومة الصومالية، بل وأرسل بضعة آلاف من الجنود لدعمها ودخلت القوات الأوغندية العاملة ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية في مواجهات مع عناصر المقاومة الإسلامية، بالتالي فالتوافق بين الرئيسين أسياسي أفورقي ويوري موسيفيني ينطوي على تقارب سياسي بينهما، بما يمكن أن تنعكس تجلياته على الصومال، ليس فقط من الناحية الإنسانية، لكن أيضاً من الناحية السياسية .
رغم أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة الصومالية أفضل حالا من نظيرتها التي تسيطر عليها "حركة الشباب"، إلا أن المجتمع الدولي والقوى الكبرى فيه مسؤولون بصورة كاملة عما وصلت إليه البلاد، ويمكن التوقف عند نقطتين تعززان ذلك، الأولى من دون أسباب مفهومة أدى العزف على وتر أن الصومال خطر إلى تأخير وصول المساعدات، في حين أن المعونات ظلت تتدفق على إقليم مثل دارفور ودول مثل أفغانستان والعراق، وقد تكون أشد وعورة أمنية من الصومال، كما أن تصرفات بعض القوى الصومالية ضاعفت من الأزمة، وهو ما حدا بمنظمة مثل "هيومان رايتس ووتش" لأن تنتقد أطرافاً محلية وخارجية وتتهمها بالتقصير في عملية إنقاذ المواطنين، والنقطة الثانية تتعلق بما تؤكده المجاعة بشأن الفشل الجماعي في علاج أزمة الصومال السياسية وإنهاء حالة الحرب الممتدة، فالمجاعة هي نتيجة لهذا الفشل وليس العكس، والواجب ألا يتم التوقف فقط عند تلقي المساعدات والمعونات والتبرعات، بل من الضروري البحث عن وسائل لإنهاء الأزمة وعودة الأمن والاستقرار .
من هنا أصبح المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية دقيقة تفرض عليه إعادة ترتيب أوراقه وتنظيم تحركاته بخصوص الصومال وإعطاء أولوية للملفات السياسية بالتوازي مع القضايا الأمنية والتصورات الإنسانية، بمعنى أن يتم وضع روشتة متكاملة لعلاج الأوضاع في الصومال، قبل فوات الأوان، فقد أخفقت القوى الدولية في جميع الامتحانات السياسية والأمنية، وسوف يؤدي فشلها إنسانيا إلى وقوع مجموعة من الكوارث الإقليمية، سيكون انتشار المجاعة أقلها وشيوع الفوضى في دول إفريقية متعددة أكثرها خطورة .

هاجم الإعلام الأوروبي تخاذل الأمم المتحدة في التعامل مع كارثة المجاعة في القرن الإفريقي وبخاصة في الصومال. وتساءل الإعلام عن سبب عدم التمكن من إنهاء المجاعة في الصومال، واعتبرت الأمر فضيحة أن نكافح مجاعة في القرن ال21 وأن الأزمة المتنامية في هذه المنطقة تم تجاهلها.
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية: "إن الجفاف الشديد هناك بدا وكأنه جاء من العدم، وقد يبدو الأمر هكذا، لكن صدمة هذه المجاعة في الواقع تؤكد وجود مشكلة أكثر قلقا تتعلق بالمعونة، فهناك جهاز تحذير من المجاعة خاص بالصومال هو وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية الأممية. والسؤال هو: لماذا لم يكن هذا الجهاز فعالا هذه المرة؟
وقالت الصحيفة: "إن ما يحدث في الصومال كان يمكن التنبؤ به تماما. لكن الحكومات التي كانت بطيئة في الاستجابة منذ 2008 وغير راغبة بالمساعدة الآن. وآخر تقرير للوحدة المذكورة يشير إلى وجود ظروف بالغة السوء في بعض المناطق ونقص الإغاثة. لكنه أخفق في تقديم تنبؤ واضح للكيفية التي قد تتطور بها الظروف.
وأشار التلفزيون الفرنسي إلى أن الإنذار المبكر الفعال يجب أن يلبي ثلاثة شروط: من يحتاج إلى المساعدة وما هو حجم الإغاثة المطلوبة ومتى تكون مطلوبة. والإنذار في حاجة إلى أن يكون بوقت كاف؛ لأن الأغذية بطيئة في الحركة والتوزيع، ويجب أن يكون مقنعا للمتبرعين بالمعونة الغذائية المطلوب منهم أموال ضخمة في وقت وجيز.
وأبان أنه من السابق لأوانه القول بالضبط: لماذا فوجئنا بأزمة الصومال الحالية؟.. مضيفا أن السؤال مهم وفي الوقت المناسب يجب أن تقدم الأمم المتحدة تفسيرا لذلك، كما أن الإخفاق في استباق والاستعداد للمجاعة يسبب خسارة فادحة في الأرواح ويربك الحياة وسبل العيش، وعوز أعداد كبيرة من السكان يجعل التنمية اللاحقة أصعب بكثير.
في شأن آخر، قالت الأمم المتحدة إن جنوب الصومال - الذي يعاني تركيبة مهلكة من الجفاف والصراع - يتجه إلى الانزلاق في مجاعة شاملة، مع تفاقم أزمة الطعام في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي. يأتي ذلك بينما اختتم في إسطنبول التركية الاجتماع الأول لتحالف منظمة التعاون الإسلامي للإغاثة بمشاركة نحو 15 منظمة إغاثية إسلامية.
وقالت المنظمة الأممية في تقرير رسمي: إنه "من المتوقع أن تزداد الأزمة في جنوب الصومال تفاقما طوال العام 2011 مع سقوط كل مناطق الجنوب في براثن المجاعة". وصدر التقرير عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وهو مظلة للوكالات المختصة بالشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، من جهتها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن إنقاذ حياة 1.25 مليون طفل من الجفاف في جنوب الصومال يجب أن ينظر إليه بوصفه "أولوية قصوى".
وقالت روزانا تشورلتون، ممثلة اليونيسيف في الصومال في بيان: إن "أطفال جنوب الصومال في حاجة ماسة إلى مساعدتنا"، وحذرت من أن 640 ألف طفل يعانون سوء التغذية، مضيفة أن "كثيرا منهم قد توفوا بالفعل، وكثيرا آخرين هم في خطر ما لم نتصرف بسرعة". وقالت المؤسسة الخيرية الطبية (أطباء بلا حدود): إنها لا تتوقع تراجع عدد حالات سوء التغذية الحاد بين أطفال اللاجئين الصوماليين الفارين من القحط والجفاف حتى سقوط الأمطار المتوقع في تشرين الثاني (نوفمبر). وحتى حينذاك فإن الأحوال الصحية السيئة في مخيم داداب للاجئين في كينيا وهو الأكبر في العالم؛ إذ يتدفق عليه نحو 1300 شخص كل يوم قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة.
وقال محمد جيدي، مدير مستشفى أطباء بلا حدود في مستوطنة داجاهالي في داداب ل "رويترز" في العيادة الصحية "في الأشهر القليلة المقبلة حتى نوفمبرعلى الأقل إن لم يكن أكثر من ذلك نتوقع أن يأتي إلينا المزيد والمزيد من المرضى". ويأتي اللاجئون الذين يسافر كثير منه مئات الكيلومترات على الأقدام في أغلب الأحيان هربا من الجفاف الذي أصاب منطقة القرن الإفريقي في الأشهر القليلة الماضية. وأعلنت الأمم المتحدة اعتبار منطقتين من جنوب الصومال مناطق مجاعة.
وأقيم مخيم داداب لاستيعاب 90 ألف شخص حينما تفجرت الحرب الأهلية في الصومال، لكنه الآن يأوي أكثر من 400 ألف لاجئ مما يجعله اكبر مخيم للاجئين في العالم. وقالت "أطباء بلاحدود": إن ظهور سوء التغذية بين الأطفال في عمر خمس سنوات بسبب تدهور الأحوال الصحية في اغلب الأحيان يؤكد الضغوط التي يتعرض لها المخيم.
وقال برنامج الأغذية العالمي أمس: إن ثاني طائرة مساعدات تابعة للأمم المتحدة هبطت بسلام في مقديشو فيما وصلت الشحنة الجوية الأولى من المواد الغذائية إلى إقليم غرب الصومال.وسيوجه الجزء الأكبر من المساعدات الغذائية لإطعام الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون سوء التغذية، وهي فئة ضعيفة تزداد في العدد، حسبما تفيد التقارير، في الوقت الذي تتفاقم فيه آثار الجفاف والمجاعة في منطقة القرن الإفريقي.
ويقول برنامج الأغذية العالمي: إنه يوفر في مقديشو وحدها وجبات ساخنة ل 58 ألف شخص يوميا، وفي المجمل يتلقى نحو 5. 1 مليون شخص في الصومال مساعدة الأمم المتحدة، رغم أن هناك 7. 3 مليون شخص تقريبا حسبما تشير التقديرات في حاجة إلى المساعدة نتيجة لسنوات من الحرب والجفاف الأخير.
منذ أن انزلق الصومال قبل عقدين من الزمن في فوضى عارمة لا تزال أزمة هذا البلد مستعصية على الحل بسبب الإفلاس السياسي للنخب القيادية في البلاد من الإسلاميين وغيرهم، مما جعل الكثير من الشعب يتمنون أن لا تتدهور أوضاعهم بعدما يئسوا من تحسنها.

فشل حكومي

لقد علق الشعب الصومالي آمالا عريضة على حكومة الرئيس شريف شيخ أحمد للخروج من الأزمة التي طال أمدها.لكنها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها ليست أكثر من نسخة مكررة وممجوجة من الحكومات الفاشلة التي عرفها الصومال في عمر محنته التي قاربت العشرين عاما.لقد أخطأ الإسلاميون من جماعة جيبوتي في حساباتهم عندما راهنوا على المجتمع الدولي لتحقيق المعجزات، ولم يقرؤوا بشكل صحيح تعقيدات الملف الصومالي الشائك والمصالح المتناقضة للدول الأجنبية وتأثيرات الصراع العشائري فيها.عندما نشب الخلاف بين شريف وغريمه الشيخ حسن طاهر أويس توقع الكثير من المراقبين أن حربا دامية قادمة لا محالة بين الرفقاء، وهو ما فشل السياسيون الغرماء إدراك مخاطره وتداعياته ليس على مستقبلهم السياسي فحسب وإنما على مستقبل الصومال برمته.
لا أحد ينكر حاجة الصومال إلى حكومة تنتشل البلاد من الهاوية التي سقطت فيها، إلا أن سلوك الحكومة الانتقالية وفشلها الذريع في تحقيق أي إنجاز يذكر وانشغال مسؤوليها بهمومهم ومصالحهم الشخصية على حساب العباد والبلاد قد بدد كل الآمال التي علق عليها الصوماليون.لقد فشلت الحكومة في إثبات قدرتها على الأرض، واستنكف معظم مؤيدي شريف من المحاكم -المعتدلين- عن الدفاع عن حكومته بسبب تصرفات الممسكين بزمام الأمور المحيطين به. والنتيجة هي حكومة مشلولة غير قادرة على الدفاع عن نفسها ومسكونة بهواجسها الأمنية ولا تملك قرارها، وتنتظر رواتبها من مكاتب الأمم المتحدة.لم يستطع برلمان الحكومة من عقد جلساته بانتظام لعدة شهور، وفر الكثير من أعضائه إلى الخارج بعدما عجزت الحكومة عن حمايتهم حيث قتل بعضهم في العاصمة المضطربة.لقد تحولت الحكومة التي قدمت الكثير من الوعود إلى نسخة مطابقة لحكومة الرئيس السابق عبد الله يوسف التي حمل الرئيس الحالي شريف شيخ أحمد السلاح لإسقاطها بذريعة التعاون مع الأجنبي.وبعد أن ضاقت الأرض بما رحبت طالبت الحكومة التي يقودها رئيس المحاكم الإسلامية السابق الدول الإقليمية (بما فيها إثيوبيا) بالتدخل لإنقاذها من الانهيار أمام ضربات المعارضين.أنا لست بصدد إدانة هذا الطرف أو تبرئة ذاك لكني أود الإشارة إلى التناقضات التي تحكم مسيرة القادة الصوماليين عندما يسقطون في وحل الصراع على سلطة وهمية، ويصبحون ألعوبة في أيدي من لا يريد الخير لا لهم ولا لبلادهم.من حق أي إنسان أن يتساءل: إذا كان دخول إثيوبيا في الصومال مرحبا به اليوم من قبل الحكومة (تصريح رئيس البرلمان) فلماذا قتل الآلاف وشرد الملايين ودمرت البلاد بدعوى محاربة إثيوبيا؟
سمعت مؤخرا تصريحات لأحد زعماء مجلس السلم ومكافحة الإرهاب (الذي طردته المحاكم من مقديشو بقيادة شيخ شريف) وهو يعلق بلهجة شامتة على تصريحات زعماء الحكومة حول وجود "إرهابيين" في الصومال، ومطالباتها المتكررة للمجتمع الدولي بالتدخل مشيرا إلى أن هذا دليل على صحة موقفهم السابق حيال هذه المسألة.
قد يبرر القائمون على الأمر بأن المعارضة –المتعنتة- هي السبب، لكن أي مواطن صومالي لا يمكن أن يستوعب تصرفات المسؤولين الحكوميين الذين لم ير منهم خيرا قط.
وهذا ما يفسر عزوف الشعب عن تأييد حكومة لا وجود لها إلا في القصر الرئاسي والثكنات المحيطة به وبحراسة القوات الأفريقية.وفي الحقيقة الحديث عن حكومة هو أمر مجازي، وما هو موجود عبارة عن عدد من الشخصيات المحورية المتنفذة وعشرات المجاميع التي يعمل كل واحد لحسابه الخاص والقاسم المشترك بينهم هو فقط اسم الحكومة، لذا تحدث الاشتباكات بين فينة وأخرى لأن عناصرها لا يتبعون عمليا الحكومة.
المعارضة المأزومة

الحديث عن الفشل الحكومي لا يعني أبدا أن معارضيها الساعين إلى إسقاطها بذريعة "العمالة للعدو" بخير.فكل الوقائع والمعطيات على الأرض تدل على أن المعارضين الإسلاميين لا يملكون رؤية للحل في الوضع الصومالي الشديد التعقيد والمؤامرات التي تحاك ضد البلد، وهم يعيشون في أزمة ثقة فيما بينهم ولا يعرفون ما يريدونه بالضبط إلا القتال.عند الحديث عن المعارضين يمكن التمييز بين جماعتين، الحزب الإسلامي بقيادة الشيخ أويس وحركة شباب المجاهدين بقيادة أبو زبير.
فالحزب الإسلامي يعاني من ضبابية في الرؤية, وقياداته لاشك أنها مستاءة جدا من قطف الرئيس شريف ثمار "النضال" الذي خاضوه ضد إثيوبيا وارتمائه في حضن القوة الغربية واستخفافه بهم وهم الذين نصبوه زعيما للتحالف.لكن تلك القيادة لا تملك أية رؤية سياسية واضحة لما بعد إسقاط من تسميهم "العملاء" وهو الأمر الذي أكده أكثر من وسيط حاور زعماء الحزب حتى اعتبر البعض أنه أصبح أسيرا لحركة الشباب.ومع ذلك فالحزب يحاول أن يميز نفسه عن حركة الشباب التي تجاهر بعلاقاتها الروحية والفكرية مع تنظيم القاعدة، ويسعى للاحتفاظ ببعض العلاقات مع بعض الدول والعشائر أيضا, وعناصره أقرب إلى المحاكم الإسلامية التي كانت تؤيد شريف منه إلى حركة الشباب.إن التطورات المتلاحقة في الساحة الصومالية التي أعقبت اتفاق جيبوتي وخروج القوات الإثيوبية من الصومال أربكت الحزب الذي تحالف لاحقا مع حركة الشباب لقتال الحكومة والقوات الأفريقية.ويعتقد الكثير من المراقبين أن الحزب يريد تقاسم السلطة مع شريف لكنه في الوقت نفسه مرتبك ومتردد، ويعرف ما ينتظره على أيدي حركة الشباب التي تحصي عليه أخطاءه.لقد أساءت الحرب الضروس التي يشنها الحزب على الحكومة الانتقالية والتي يسقط فيها العشرات من المدنيين واستخفافه بدماء الأبرياء إلى صورة زعماء الحزب الذين كان لبعضهم في السابق مكانة لدى المجتمع.لا أحد يستطيع أن يفسر قتل المئات في حروب عبثية في مناطق لا وجود لها لأية قوات أجنبية على الإطلاق إلا بالصراع على السلطة الوهمية رغم الشعارات البراقة حول العدو.أما حركة شباب المجاهدين فموقفها أكثر وضوحا رغم عدم قابليته للتطبيق على الأرض.
فهم يقاتلون ليس لدحر القوات الأفريقية من الصومال وإسقاط حكومة شريف فحسب وإنما لديهم أجندة خارج حدود جغرافية الصومال. ومعظمهم شباب صغار لديهم الكثير من الحماس والغرور لكن خطورة أفكارهم تكمن في النزعة التكفيرية واستحالة قبول أطروحاتهم في البيئة الصومالية.
وأخطر منها ما ينسب للحركة من التصفيات الجسدية التي تطال كل من يجرؤ على معارضتها أو انتقادها، وهذا ما يفسر التزام الغالبية بالصمت على ما يحدث على الأرض من التصرفات المشينة.كما أن الحركة تمارس عملية الإقصاء حتى لأقرب حلفائها، ولا تقيم وزنا لأي شخص خارج أطرها التنظيمية مهما كانت درجته لدى المجتمع.
لقد كشفت حادثة اختطاف عميلي المخابرات الفرنسية في مقديشو العلاقة الشائكة والهشة بين الشباب والحزب الإسلامي المتحالفين لمحاربة شريف والقوات الأفريقية، والمتنافسين على كل ما سوى ذلك.فقد أجبرت حركة الشباب حليفها على تسليم أحد المختطفين تحت تهديد السلاح, ومن المستحيل أن تسمح له بما هو أثمن من هذا كالشراكة في الحكم أو غير ذلك.
وقبل أيام شهدت مدينة كسمايو معركة دامية بين الطرفين على خلفية استئثار الشباب بحكم المدينة التي يوجد فيها ميناء يدر الكثير من الأموال، وانتهت المبارزة بينهما بطرد الحزب من المدينة رغم المناوشات التي يقوم بها في بعض الأحيان. كما ذهب الحديث عن محاولة شيخ أويس احتواء الحركة باعتباره "الأب الروحي" للسلفية الجهادية وتصريحاته المتكررة حول الشراكة معها، أدراج الرياح.وصدقت تنبؤات المحللين حول حتمية المواجهة بين الحركتين، لينتهي المشهد الدموي بين الإسلاميين على طريقة حروب العشائر التي تتآكل فيما بينها حتى تصل إلى الحلقة الأخيرة. ويمكن الإشارة إلى أن النجاح الذي تحققه حركة الشباب يعبر عن مدى الفشل الذي لحق بزعماء الحركات الإسلامية الذين يصفون أنفسهم "بالمعتدلين" بكافة أطيافهم ومشاربهم.
مهدي حاشي*
كأن الأزمة الحالية في الصومال حدثت بالأمس القريب، حيث بدأ العالم ينتفض فجأة ويشعر بأن هناك مشكلة إنسانية في هذا البلد توشك أن تقضي على الأخضر واليابس وتأتي على البشر والحجر، فخلال الأيام الماضية أخذت الأنظار تتجه إلى الصومال، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة، لأول مرة منذ نحو 20 عاماً وبصورة رسمية، عن وجود مجاعة في أجزاء مختلفة من الصومال، بسبب حدوث أسوأ موجة جفاف منذ نحو 60 عاماً، وتوالت النداءات من جهات متعددة لإنقاذ الصومال، ففي 15 أوت الماضي وجه مجلس الأمن نداء ملحاً لجمع مزيد من المساهمات الدولية التي تخصصها الأمم المتحدة للتصدي للمجاعة .
لم يكتف مجلس الأمن بالنداء السابق، لكنه قام بتحذير الحكومة الصومالية من أن المساعدات في المستقبل ستكون مشروطة بقدرتها على تعزيز الأمن والخدمات خلال العام المقبل، ودعا جميع الأطراف والمجموعات المسلحة إلى تأمين ممر كامل وآمن من دون عوائق للمساعدات الإنسانية، حتى يتسنى توزيعها في الوقت المحدد، وقد أشارت بعض الإحصاءات إلى أن موجة الجفاف في القرن الإفريقي عموما أضرت بنحو عشرة ملايين شخص وأدت إلى لجوء 166 ألف صومالي إلى كينيا وإثيوبيا، وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن المجاعة تعلن عندما تتعرض أكثر من 20% من العائلات لنقص حاد في المواد الغذائية ويتجاوز عدد الوفيات 2 شخصين لكل 10 آلاف يومياً، لكن يبدو أن الأرقام في الصومال أكبر من ذلك، إذ مات أكثر من 30 ألف صومالي بسبب الجوع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كما أن الموت أصبح يهدد نحو نصف مليون آخرين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.