"الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي: الفرص وآفاق التعزيز" محور ملتقى بالجزائر العاصمة    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    عون: الملكية الفكرية حماية وضمان لنمو وازدهار الابتكار    وزير الاتصال : الصحافة كانت مرافقة للثورة في المقاومة والنضال ضد الاستعمار الفرنسي    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    ماذا بقي في رفح؟    كريكو تبرز جهود القطاع في تعزيز المرافقة النفسية    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    فيلم فلسطيني يثير مشاعر الجمهور    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    السفير الفلسطيني فايز أبوعيطة يؤكد: الجزائر تتصدر المعركة السياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية    رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكونغو: الجزائر تشهد تطورا على كافة المستويات    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    سريع الحروش ثالث النازلين: نجم هنشير تومغني رسميا في جهوي قسنطينة الأول    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    "حماس" تبلغ الوسطاء القطريين والمصريين بالموافقة على مقترحهم بشأن وقف إطلاق النار في غزة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    الحماية المدنية..عيون ساهرة وآذان صاغية لمواجهة أيّ طارئ    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    توجيه 435 ألف مستفيد من منحة البطالة نحو عروض عمل    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    رفع الحجم الساعي للتربية البدنية السنة المقبلة    النخبة الوطنية تنهي المنافسة في المركز الثالث    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    سياسة التشغيل ضمن سياسات التنمية الشاملة في الجزائر    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "الطيارة الصفراء".. إحياء لذاكرة المرأة الجزائرية    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    تعاون أكاديمي بين جامعة الجزائر وجامعة أرجنتينية    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    المرصد العربي لحقوق الإنسان: إجتياح جيش الإحتلال الصهيوني لرفح "جريمة بحق الإنسانية"    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    وزير الصحة يشرف على آخر لقاء لفائدة بعثة حج موسم 2024    دراجات/طواف الجزائر-2024/: عودة نادي مولودية الجزائر للمشاركة في المنافسة بعد غياب طويل    500 موقع للترويج لدعاية المخزن    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعرة و الروائية ربيعة جلطي ل" الجمهورية " :
الجنس والدين والسياسة أضحت تجارة غير بائرة وهي رأسمال ضخم لآلاف القنوات والمؤسسات .
نشر في الجمهورية يوم 27 - 05 - 2013

لا نقابات ولا أحزاب مستقلة ولا جبهة مثقفين قادرة على توجيه عربة الثورات العربية
كلما أراد الكاتب العربي أن يحلق في سماءات إبداعية يتعلق البعض بأجنحته ويريدون تسميرها بالأرض .
قراءة الشعر تراجعت على الرغم مما سخر لها من مسابقات وجوائز

قالت الشاعرة و الروائية ربيعة جلطي أن ثلاثية الجنس والدين والسياسة باتت تشكل مكسبا حقيقيا وتجارة رائجة لدى جل القنوات والمؤسسات بالوطن العربي . كما أنها شكلت فضاء خصبا للكتاب الذين قطفوا ثمار الشهرة و النجومية باكرا ، وهم الآن يعيشون حياة رغيدة وترفا ليس بعده ترف , ، حيث أكدت في حوار حصري للجمهورية أنه لابد من طاقات جذب جديدة ومن مغريات أخرى خارج أسواق الإغراء التقليدية التي انتشرت بشكل كبير حتى يتم استدراج القارئ العربي الذي لم يعد ساذجا يُضحك على ذقنه بحكاية حب عسلية أو جنس حار أو بطولة مزيفة ، مشيرة في نفس الوقت إلى أن هذا الأخير أصبح صعب المراس نتيجة لاحتكاكه بالعالم عبر وسائط الاتصال ، وفي حديثها عن الثورات العربية فقد صرحت صاحبة رائعة " نادي الصنوبر " أن الانكسار المرير الذي يحدث في الحلم العربي بالانعتاق من قبضة الدكتاتوريات سببه غياب مكونات البديل الديمقراطي فلا نقابات ولا أحزاب مستقلة ولا جبهة مثقفين قادرة على توجيه عربة الثورة , هذا إضافة إلى تصريحات أخرى أدلت بها الأديبة تتابعونها في الحوار التالي :
الجمهورية : كتب الكثير من الإعلاميين والأدباء عن روايتك الأخيرة " نادي الصنوبر " وحللوها بطريقتهم الخاصة ,فمنهم من قال أنها تعكس سلطة الأنثى. التي اخترقت المجتمع الذكوري , ومنهم من قال أن الرواية نجحت في وصف عالم الطوارق و إبراز ثقافة الصحراء. فحدثينا سيدتي عن تفاصيل هذا العمل الروائي الجميل ؟
ربيعة جلطي : أصدقك القول إنه حين حازت روايتي الذروة بعد صدورها عن دار الآداب ببيروت على ذلك الاهتمام الكبير على مستوى القراءة والمتابعة الصحفية والنقدية والاقتناء إلى درجة أنها نفذت في المعارض والمكتبات في وقت قياسي ، بالقدر الذي كنت سعيدة فقد كنت خائفة في الوقت نفسه ، خائفة لأن استقبالا بمثل هذا التميز ل " الذروة " جعلني أفكر مرات و مرات في ما سيأتي من نص بعد ذلك ، و بالتالي أرهقتني و أرقتني كتابة " نادي الصنوبر" ، و كنت أنتظر ردود فعل القراء و النقاد و الإعلاميين ، وبعد صدورها مباشرة من بيروت والجزائر كانت حدثا أدبيا متميزا، إذ أنها نفذت من الأسواق و كثر الطلب عليها كثيرا في المعارض من القارئ العربي في المشرق و المغرب ، ولعل هذا الجو تلخصه الحادثة الطريفة التي روتها لي صاحبة دار النشرثم نشرتها على صفحة الداروهي " أن شابا جاء إليها لشراء رواية نادي الصنوبر خلال المعرض فأخبرته أنها نفذت فظل واقفا ينتظرطويلا ، ثم أسرّ لها على حدى أن خطيبته طلبت منه وبإصرار إحضار رواية "نادي الصنوبر" لها ، وهو يخشى من غضبها إن لم يفعل ، فقالت صاحبة دار النشر أنها اضطرت لكي تبيعه من نسخ الاحتياط الثلاث التي كانت في درجها الخاص." لكم أثرت فيّ هذه الحادثة الطريفة ..
لذا أتفق معك في أن "نادي الصنوبر" استطاعت افتكاك اهتمام الكثيرين من الإعلاميين في المشرق والمغرب كما ذكرتِ ، وأخذت مكانا في العديد من الصحف والمجلات العربية من " الحياة " التي تصدر بلندن إلى" الجزيرة نت " إلى مجلة " لها " الشهيرة إلى مجلة" نزوى" العُمانية وغيرها ... ، كما نشرت مواقع كثيرة مهمة فصلا منها .
أؤكد كلامك في أن القراءات التي تناولت رواية نادي الصنوبر قراءات متعددة زوايا النظر ، كل ناقد أو متابع أو قارئ يراها من زاوية نظرثم يكتشف أن هناك زوايا أخرى أكثر أهمية حين يقترب نقديا مرة أخرى ، كما حدث للناقدة اللبنانية التي نشرت عنها ثلاثة مقالات في صحف عربية مهمة وفي كل اقتراب ومقالة تراها تكتشف عوالم جديدة تتحدث عنها .
إن أحداث الحكاية في "نادي الصنوبر " كما في " الذروة " ليست أحادية النظرة ،إنها متعددة الأضلاع والنوافذ ، تشبه الحياة تماما . شخصياتها وأبطالها وبطلاتها ليسوا منفصلين عن الحياة في شموليتها وحراكها وقوة الجذب فيها ، فموضوعة الحب مثلا ليست منفصلة عما يجري في الأقبية القصوى للمجتمع وما يدور في كواليس السياسة وأفرانها السرية وما يعج به التاريخ والذاكرة الفردية والجماعية . حالة العشق في" نادي الصنوبر" لم تنسج خيوطها فوق غيمة بل هي تدور في الأمكنة و في التاريخ الجماعي.. كما أن الجغرافيا كالأماكن و المدن و البلدان و الشوارع و العمارات و الأحياء لها رمزيتها الجمالية و التاريخية و السياسية.

القصيدة الحديثة تعيش حالة جزر ومد بين رافض ومؤيد
الجمهورية : قلت في إحدى اللقاءات أن الشعر اليوم أصبح مكبلا في مقروئيته ، وهو ما جعل العديد من الشعراء يهاجرونه في السنوات الأخيرة إلى الرواية ؟ , فما هي في رأيك أسباب تراجع قراءة الشعر في الجزائر ؟؟
ربيعة جلطي : المقولة السائرة ( كتب الشعر لا تباع ) مازالت تغزو كل نقاش حول مقروئية الشعر في العالم العربي ، وإن ذلك ليس ببعيد عن الصحة لأن قراءة الشعرعلى الطريقة الكلاسيكية تراجعت على الرغم مما سخر له من طرف رواده ومسيسيه من أموال و مسابقات ضخمة وجوائز وقنوات تلفزيونية ، كل ذلك لم يشفع له لدى القارئ العربي أن يفتش عن متنبي جديد ، فهو يفضل قراءة المتنبي الصادق مع زمانه ومكانه .
أما بالنسبة للقصيدة الحديثة فإنها تعيش حالة جزر ومد بين رافض ومؤيد ، أعتقد جازمة أن انتشار الثقافة والعلم والوعي الجمالي والفكري هو المخول الوحيد الذي يهوئ سماء الشعر العربي ويفك عليه الحصار، لن يستسيغ قصيدة عربية حديثة قارئ بينه وبين الحياة الحديثة شرخ جمالي وفكري . و لعل الشعر العربي أو المكتوب بالعربية يمر بحالة تحول ولا بد لفراشاته من الوقت الكافي ليتم الخروج من الشرنقات بسلام وأعتقد أن وسائط الاتصال الحديثة لعبت دورا مهما في تدفئة الشرفقات واحتضانها ، القارئ الذي لم يكن في السابق يستسيغ الشعر الحر بدأ يكتشف قليلا قليلا بعض كتابه ويطرب لفهم مرماهم وليس لسماعهم فقط ، ويكتشف طريقة كتابتهم وجمالياتها ويستحسن لعبتهم اللغوية
منذ سنوات ، حين ولجت عالم الفايسبوك والتويتر وغيرها من وسائل الاتصال الاجتماعي الثقافي ، كان القراء يشتكون من صعوبة القصيدة الحديثة أما اليوم فهم يطلبون المزيد من شعرائهم ، ويحدث أن يلومني القراء حين أتلكأ في نشر القصائد بل يوميا هم في انتظار ما أكتبه وأنشره على صفحتي ليتلقفوه بحب كبير ومتعة وينقلوه إلى صفحاتهم أو ينشرونه على صفحات أخرى متخصصة .. هذه الخطوات تنبئ بمستقبل جميل لقراءة الشعر..ولأن الشعر لصيق الإنسان فإنه يشبهه في نكساته وفي حبه للحياة ومقاومته والبحث عن مخارج من المآزق .. صحيح أن الشعر العربي مازال في عسر تنفسه ولكن كما قلت إنه في حالة تحول ويلزم وقت لكل شرنقة لكي تكتمل فراشتها .
لا أومن بالقول السائر بأن الشعراء يهجرون الشعر ، الشعراء يكتبون الرواية الجميلة وهم يدركون الحد الفاصل بين الشعر والنثر ، بخلاف بعض الكتاب المعروفين من البدء كروائيين نجد رواياتهم الطويلة تشبه ما يشبه الشعر.

الجمهورية : برزت مؤخرا كروائية أكثر من شاعرة , فهل هذا يعني أن ربيعة جلطي تخلت عن الكتابة الشعرية و ركزت جل اهتمامها على الكتابة الروائية ؟ و إلى أي مدى أثر فيك الابداع الروائي ؟؟
ربيعة جلطي : كل التجارب الإبداعية الكبيرة في العالم من علاماتها البارزة أنها كتبت الشعر إلى جانب الرواية والقصة إضافة إلى فنون أخرى من " واتر سكوت " إلى " فكتور هيغو " إلى " إدغار ألان " وغيرهم الكثير، فلماذا كلما أراد الكاتب العربي المعاصر أن يحلق في سماءات إبداعية مختلفة عن عاداته يتعلق البعض بأجنحته ويريدون تسميرها بالأرض بحجة أن ذلك عيب أو "لا يجوز"، المبدع لا يملك سوى حريته لذلك تجده أحيانا لا يأبه لما يقال أو ينشر ويترك ما يكتبه ويبدعه للتاريخ . أنا امرأة مسكونة بالإبداع بأصناف عديدة لكنني أجمع شهدها في الشعر حين أفضي بأصداء أحاسيس الذات في أوجاعها وأفراحها المستمدة من أوجاع وأفراح الغير، وفي الرواية حين أحكي حيوات الناس وما جرى وما هو جار و ربما ما سيجري من خلال توحدي بهم وأحوالهم والإنصات إليهم ومحاولة فهم وجس نبض الواقع والتاريخ و الذات في جدلية معقدة.
الترجمة من بين الأسباب القوية لعبورنا الحضاري

الجمهورية : هل من السهل على الأديب أن يتألق في الترجمة و ينجح في نقل أعمال أدبية من جوها الأصلي إلى أجواء أخرى مختلفة ومتفاوتة ؟؟ ، وأنت سيدتي كمترجمة هل أنت راضية عن نصوصك الشعرية التي ترجمت الى لغات أخرى ؟؟
ربيعة جلطي : كثيرا ما يشغلني سؤال الترجمة كأديبة وأستاذة جامعية ومحبة للغات وأسرارها .مقتنعة أنا بعمق أن حركة ترجمة واسعة مكثفة موجهة ومعقلنة ستكون من بين الأسباب القوية لعبورنا الحضاري وغيابها أو انعدامها تجعل العقول راكدة مثل بركة آسنة ، ولا وجود للغة عالمية دون لغات أخرى تهيؤها وترممها وتثريها بما لديها من كنوز مختلفة . يحدث كثيرا حين الكلام عن الترجمة أن أسترجع كلمة " الترجمة هي الوجه الآخر للبساط " قالها صديقي الكبير الشاعر الداغستاني "رسول حمزتوف" الذي شاركت في أمسية إلى جانبه في دمشق أواخر التسعينات .. نعم مهما كان ظهرالزربية جميلا ومتقنا ونظيفا لن يصل لدرجة بهاء وسحر وجهها.. لكن يمكن لكل شيء في الحياة أن يحدث الاستثناء .
أشعاري ترجمت إلى عدة لغات منها الأمازيغية والفرنسية والاسبانية والكتلانية والهولندية والصينية واليونانية ، يعجبني عادة أن أجس نبض جمهور القاعة وهم ينصتون إلى إلقاء أحدهم لأشعاري بلغة لست أفهمها ، إنه شعور غريب ومختلف ، فترى الناس يتفاعلون بالتصفيق أو الاستحسان بكلمة برافو وغيرها في عالم لغوي وأنت مثل الأطرش في الزفة
حدث لي ذلك في هولندا واليونان، بحيث أن الجمهور جاء يشكرني ويهنئني ولم أكن أعرف عن أية قصيدة يتحدثون فاستعنت بالمترجم بلغة ثالثة أعرفها ..أحيانا يحدث الاستثناء وربما لأن جل من ترجموا أشعاري هم من أهم الأسماء في مهارات الكتابة والأدب ولهم حساسية قوية للغتين مثل الشاعر عبد اللطيف اللعبي ورشيد بوجدرة وعبد القادر الجنابي وخانين آلكاراث وغيرهم .

الجمهورية : هل التزام الكاتبة بقيم و مباديء مجتمعها يمكن اعتباره تحفظا أو رقابة داخلية وذاتية ؟ أم أن الجرأة باتت المحرك الأساسي لأي عمل أدبي حتى يرقى الى النجاح و يحقق أكبر نسبة من المقروئية ؟؟
ربيعة جلطي : إن كان قصدك ما نسميه بالطابوهات فأقول لك كل شيء أصبح قابلا للتناول والكتابة يا عزيزتي ، لكن السؤال الكبير هو كيف ؟ ، لم يعد هناك من طابو ، جميعها حطمت ولم يعد بمقدور الكاتب غير الموهوب أو المدعي أن يتكئ على الجنس أو الدين أو السياسة كي يحرق المراحل ويدعي ما لا يعرف أو يركب حصان طروادة ..
الجنس والدين والسياسة أضحت تجارة غير بائرة وهي رأسمال ضخم لآلاف القنوات والمؤسسات ،أصحابها يعيشون في الرخاء ولست أدري إن كانوا يشكرون السماء التي تمدهم بالأقمار الصناعية وغير الصناعية .
أما الكاتب في زمننا هذا في رأيي فلا بد له من طاقات جذب جديدة لا بد له من مغريات أخرى خارج أسواق الإغراء التقليدية التي انتشرت أفقيا بشكل مفجع .كيف لك أن تستدرج قارئك إلى أقبية المجتمع وساكنيها ، وتريه مارآه من قبل دون أن يره كما تريانه معا داخل الرواية ، رفقة شخصية من لحم ودم وحبر، كيف تجعله يضع أصبعه على ما يتعبه ويكمل الحكاية بنفسه . كيف تجعله يقترب من نفسيات ودواخل شخصياتك التي تأكل وتشرب وتتكاثر أحيانا وتمشي في الشوارع وتعاني وتظلم ويقع عليها الظلم.
سيكون الكاتب خاسرا إذا لم يختر الطريق الصعب،إن لم يذهب شاقوليا في فهم جوانيات الناس الذين يكتب عنهم، وينمي صدقه الفني بالمعرفة فيشم رائحة العطور التي يتحدث عنها ، ويعرف أسماء الورود والآلات الموسيقية وطبائع الحيوانات والمخلوقات التي يذكرها، ويقلّب الكلام على أوجهه الستة، ليختار ألْيَقها ، حتى لا يضيع بثرثراته وقت قارئه ، ويأخذ قارئه مأخذ الجد فيحترمه ويكلم نصفه الأعلى ويأخذ عقله وحواسه الست بعين المدرك الذكي .إذن لا بد للكاتب من مهارة الإدهاش إدهاش القارئ ، فالقارئ العربي لم يعد ساذجا يُضحك على ذقنه بحكاية حب عسلية أو جنس حار أو بطولة مزيفة ،القارئ العربي أصبحت قراءته صعبة المراس نتيجة لاحتكاكه بالعالم عبر وسائط الاتصال والاطلاع على ما تقدمه الآداب العالمية .عليك أن تثق بقدراته التحليلية ليثق بإمكانيتك في إدهاشه ، فإن أحبك وأحب عملك فلن يثنيه عن قراءتك والاندهاش بك لا النقاد ولا الأكاديميون ولا النمامون .
الشباب الذين فجروا الثورات العربية لم يكونوا مؤطرين
الجمهورية : كيف تصفين لنا ما يحدث في بعض دول العالم العربي ؟؟ ، وهل ألهم الربيع العربي الشاعرة ربيعة جلطي لتكتب شيئا على صفحاتها البيضاء سواء كان شعرا أو رواية ؟؟

ربيعة جلطي : جل المقالات والمقاربات النقدية والتغطيات الإعلامية ذكرت أن روايتي الذروة تنبؤ لما حدث في الربيع العربي ، ثم إني قرأت مؤخرا في إحدى المدونات تعليقا عني ،أعتقد أن صاحبه استنتجه مما كتب عن " الذروة " و " نادي الصنوبر"، التعليق هذا تداوله الكثيرون في ما بعد .جاء في ما معناه : " الأديبة ربيعة جلطي تنبأت ، كتبت روايتها الذروة 2010 فقامت الثورات العربية، وحين كتبت نادي الصنوبر2012 عن الطوارق ، تحركت الصحراء "
التعليق هذا يختصر علاقة الأديب بالواقع والتاريخ و المستقبل، ويفضي إلى أن واجب الأديب الدخول في معمعة الواقع الاجتماعي والسياسي على الرغم من مرارته ليفهم ويشعر بما يحدث ، ويستطيع خلق شخصياته بمستويات لغتها المختلفة و ألبستها وهندامها لن يستطيع الكاتب المعلق في الوهم أن يلتقط ذبذبات الطبقات الاجتماعية واستشعار زلازلها .
بالنسبة للثورات فإنني تابعت الثورات جميعها يوما بيوم منذ الساعة الأولى للثورة التونسية وكل ذلك مؤرخ باليوم والساعة على صفحتي بالفايسبوك ، حتى هذا الانكسار المرير الذي يحدث في الحلم العربي بالانعتاق من قبضة الدكتاتوريات . كنت أشعرمسبقا بأن الأمر ليس بالبساطة لغياب مكونات البديل الديمقراطي فلا نقابات ولا أحزاب مستقلة ولا جبهة مثقفين قادرة على توجيه عربة الثورة فهم موزعون بين السجن أو التشرد أو الاغتراب الداخلي أو الخارجي وإما إلى الشراء من طرف الدكتاتوريات مقابل الصمت . الشباب الذين فجروا الثورة نتيجة الغضب العارم لم يكونوا مؤطرين، ولأن الطبيعة عدوة الفراغ فإن التنظيم الوحيد الذي استطاع ركوب العربة المسرعة هو ذلك التنظيم الذي استعمل الدين الحنيف في أغراضه السياسية مستغلا طيبة الناس البسطاء وثقتهم وحسن نيتهم و رغبتهم العارمة في معاقبة الأنظمة الفاسدة السابقة و إسقاطها دون التفكير في العاقبة كيف ستكون.


الجمهورية : ماهو الجديد الأدبي الذي تعكف على تحضيره السيدة جلطي ؟
ربيعة جلطي : أتهيأ لإصدار كتابي الشعري الجديد " في وَضَحِ الليل". ينحو نحو الصوفية والتأمل، إنه تجربة جديدة تذهب نحو تعميق ما سبقها ، إنها القصيدة المركزة التي لا يُملّ من قراءتها رغبة في مزيد من المكاشفة ، المكاشفة التي تجر قارئها نحو شغف السؤال .
ثم إنني من جهة ثانية أحضر لرواية جديدة خبأتُ فيها كل العسل والنار والاسئلة ،وأتخيل من الآن قرائي الأعزاء الذين يسألونني عنها ، يتلألأ بريق في عيونهم وصدورهم وهم يقرؤونها .
ولأنني ارتأيت أن لا تقع حرب بين الشعر والرواية ،قلت للرواية المكتملة انتظري قليلا ثم تركت الطريق سالكا في وضح النهار لكتابي الشعري الجديد " في وَضَحِ الليل " إلى حين .

أجمل ما كتب عن الأديبة ربيعة جلطي :
ربيعة جلطي أديبة وشاعرة وأكاديمية من الجزائر، من مواليد الإبداع المبكر ،حاصلة على دكتوراه الدولة في الأدب المغربي تحت عنوان " الأرض في رواية المغرب العربي " ،تملكها حس الرواية وتملك حس الشعر وأدوات اللغة فكتبت بالعربية وحجزت لأسمها مكانا مع المبدعين.
ربيعة جلطي امرأة الصمود وشهي الكلمات ، مهرة الشعر،الأصيلة ؛ التي مازالت تحترم الجمال ،تسدل شعرها الطويل ، تقف على منبر الشعر بتحدي يسندها الحزن والإبداع،تنسج أمالا بحروفها وتحيك تفاصيل حكاية لأولئك الذين غرق بهم الحزن في قاع الحياة، مازالت تحتفظ بصوتها الناعم لم تخدش حياءه الكلمات الحزينة ولم يبهت حضورها البريء الطاغي سنوات الدم في الجزائر.
بعضا من وجدان الصوفيين تحمل،تمتزج عندها النكهات بمختلف أنواعها من صهيل ضاد المتنبي إلى شرنقات الورد في بلاد سرفانتاس إلى بهوي نور فيكتور هيجو.
فقدت حنان أمها منذ الصغر فتكحلت عيونها حزنا،تعلقت بأبيها باحثة عن دفئ يعوضها ما فقدت،عقدت صداقة مع الكتاب ولم يفارقها ،يمزقها الحنين للمكان وتقطب ما تمزق بحزين حرفها،قال عنها الشاعر السوري نزار قباني:إنها شاعرة.
تمتاز كتاباتها بالرشاقة ، تحتفي بالتفاصيل ، توظف العناصر الحية والرمز والدلالات في بناء الصورة ، تراوغ النص جدلية الذات والموضوع ، دائمة البحث عن التجدد في اللغة ، لا دروع لي ،لا نياشين لها ،غير شجرة تزهو بأسمائها الحسنى ، تحن إلى الأندلس ، وتوصل بلورة مكة ، تفوح من نصوصها غربة الشاعر وغربة الوطن وهموم الإنسان الذي لا يجيد البوح بهمومه،هاجرت قسرا خمس سنوات في الغربة لكنها لم تحرق السفن من ورائها ، فأصرت على العودة رغم أن صوت الدم مازال يكتب موتا على المنابر في الجزائر.
كفراشة بين حقول الشعر والنثر تتنقل ، حافية على جمر الكلمات تمشي بخفة راقصة البالي بين الغناء والعزف إلي أن استقرت في ميناء الكتابة وأرست سفنها،استحدثت مهرجان الشعر النسوي الذي أصبح تقليدا سنويا يُقام كل سنة في بلادها.
كاتبة اقترفت ذنب الشعر وبلغت الذروة بالرواية،ترجمت وترجم لها كبار الأدباء منهم عبد اللطيف أللعبي ورشيد بوجدرة.
من أهم أعمالها نذكر : " تضاريس في وجه غير باريسي سنة 1981 " ، " التهمة " سنة 1984 ، " شجر الكلام " عام 1991 ، " كيف الحال 1996" عام ، " حديث السر " ، " من التي في المرآة " عام 2004 " حجر حائر " عام 2004 ، " بحار ليست تنام " عام 2008 ، رواية " الذروة " التي فازت كأفضل رواية جزائرية لعام 2010 في مسابقة نظمها النادي الأدبي الجزائري عبر الانترنت.و أخيرا رواية " أرائك القصب "عام 2011 ، و أخيرا رواية " نادي الصنوبر " .

الاعلامية ليلى زيرق من مجلة رابطة أدباء الشام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.