الملتقى الدولي حول المحاماة والذكاء الإصطناعي: إبراز أهمية التكوين وتوحيد المصطلحات القانونية    الأمم المتحدة تحذر من أن المواد الغذائية المخصصة للتوزيع جنوب غزة ستنفد    حمزاوي يشدّد على دور الشباب    تبنّي مقترح الجزائر بشأن دعم منتجي الغاز    من تعدّى على الجزائر فقد ظلم نفسه    زيتوني يشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي    مجلة الجيش تُثمّن إنجازات الدبلوماسية    مجلس الأمن يتبنّى مبادرة الجزائر    الجزائر ترحّب بتبني قرار أممي لصالح فلسطين    المستوطنون يخافون من العودة والفلسطينيون يُقْتلون في سبيل العودة    المغرب: هيئة حقوقية تدعو إلى تعبئة المجتمع المحلي والدولي من أجل وضع حد لترهيب المخزن للمواطنين    تظاهرات حاشدة في عدة مدن وعواصم بالعالم تضامنا مع الشعب الفلسطيني    أخيراً.. مبابي يعلن رحيله رسمياً    بوروسيا دورتموند.. الرابح الأكبر!    مشايخ يوعّون الشباب حول آفة المخدّرات    توقيف 403 مشبه فيه في قضايا مختلفة    يوم تحسيسي بغابة بوشاوي بالعاصمة حول مخاطر ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات    البيض: 30 مشاركا في الطبعة الأولى لسباق الخيل المنظمة من طرف نادي "الجواد"    الكشف عن وثيقة جزائرية تاريخية نادرة    قانون جديد للصّناعة السينماتوغرافية    محطّة هامّة في خارطة المواقع الأثرية    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    بهدف ترقية تسييرها وتوفير خدمات ذات جودة عالية: الحكومة تدرس التدابير المتعلقة بالاستغلال السياحي للشواطئ    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يؤكد: الاقتصاد الوطني في تطور مستمر وسيشهد قفزة في 2027    تفادى ذكر الريال و"تغافل" عن اسم الخليفي: مبابي يودّع باريس سان جيرمان    قسنطينة: توقيف متهميْن في قضية مخدرات    «وتتوالى الإنجازات».. انتصارات متتالية للدبلوماسية الجزائرية    إحصاء شامل لمليون و200 ألف مستثمرة فلاحية    "عدل 3" بمسابح وملاعب وعمارات ب 20 طابقا    الاحتلال الصهيوني يجبر الفلسطينيين على إخلاء مناطق جديدة في رفح    الرئاسيات المقبلة محطة هامة لتجسيد طموحات الجزائريين    إعذار مقاول ومكتب متابعة منطقة النشاط بسكيكدة    البنايات الهشة خطر داهم والأسواق الفوضوية مشكل بلا حل    انطلاق البكالوريا التجريبية بنفس إجراءات الامتحانات الرسمية    الجزائر الجديدة هي المشروع الوطني الذي يجسد طموحنا    تسريع وتيرة العمل لتسليم منشآت هامة    2027 سنة الإقلاع الاقتصادي    مختبر "سيال" يحافظ على اعتماده بمعايير "إيزو 17025"    دراجات/الجائزة الكبرى لمدينة وهران: فوز الجزائري نسيم سعيدي بالسباق    بشكتاش التركي يحسم مستقبل غزال نهائيا    شايبي يحلم بدوري الأبطال ويتحسر على "كان 2025"    وستهام الإنجليزي يسرع عملية ضم عمورة    التزام ثابت للدولة بترقية الخدمات الصحية بالجنوب    إجراء مباراة مولودية وهران اتحاد العاصمة يوم 21 ماي    أولاد جلال تحتضن بسمات الأطفال    بنك الاتحاد الجزائري بموريتانيا : إطلاق نافذة الاسلامية لتسويق 4 منتجات بنكية    حفريات "قصر بغاي".. الأربعاء المقبل    مفهوم النهضة في الغرب مسكون بحقبته الكولونيالية    لا تشتر الدواء دون وصفة طبية    صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية في الجريدة الرسمية    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الجمعة بالنسبة لمطار الجزائر العاصمة    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الخوف من لعنة بومكحلة والجنوح إلى المهر اليسير
عرف سيدي امعمر بالشلف
نشر في الجمهورية يوم 29 - 07 - 2010

مما لا شك فيه أنه لكل منطقة من مناطق القطر الجزائري عاداتها و تقاليدها الخاصة بإقامة مراسيم الخطبة و الزواج، و لعل عرف سيدي امعمر المتداول بمنطقة الشلف و ضواحيها واحد من الأعراف المثيرة للإهتمام من حيث أهدافه النبيلة الرامية إلى تيسير الزواج على الشباب و محاربة العنوسة و تغليب الجانب الروحي على الجانب المادي، فهذا العرف يحث على عدم المغالاة و المبالغة في طلب المهر و الرضى بنصيب قليل. و على الرغم من بعض التغييرات التي طرأت على طقوس هذا العرف بمرور الوقت، إلا أن أتباع سيدي امعمر مازالوا يحافظون على صلب العادة و يحددون المهر بما لا يزيد عن 08 ملايين في الوقت الذي يفوق فيه المهر عشرات الملايين وفق بعض الأعراف الأخرى. و لأهمية هذا العرف تسعى العديد من الجمعيات الثقافية بالشلف في الوقت الحالي لترسيم هذا العرف ضمن التراث اللامادي للمنطقة. و حسب الباحثين و المتوارثين لهذا العرف فإن جذوره تمتد إلى قرون خلت إذ يعود إلى عهد سيدي امعمر الذي يدعى بومكحلة لأن دعوته كانت كالمكحلة أو البندقية وهي تصيب كل من يخالف العرف هكذا يقول أتباعه. و قد تتلمذ هذا الولي الصالح على يد العالم و الفقيه سيدي معيزة الذي يحمل اسمه حاليا المسجد العتيق بتنس، هذا الأخير الذي يعد ثاني أقدم مسجد بالجزائر بعد مسجد بسكرة. حيث بني في القرن الثاني للهجرة و قد صنفه عالم الأثار جورج مارسي عام 1905 ضمن المعالم الأثرية الدولية. يقال أن سيدي معمر كان له بنات و قد زوجهن بصداق يسير و قال أنه كان سيقبل بتزويج ابنته برزمة من السمار لولا خشيته على سمعة ابنته من تهكم الناس حيال ذلك كناية عن تماديه في تيسير المهر أمام الشباب. ليسن بذلك سنة حميدة تعتبر تسهيلا للشباب الراغب في الزواج خاصة المعوزين منهم، و يوجد ضريح هذا الولي بالضاحية الشمالية لولاية الشلف و تحديدا بمنطقة خمس نخلات. و مع ذلك فإن انتشار هذا العرف لا يقتصر على الشلف فحسب، بل إنه يمتد حتى منطقة مليانة بعين الدفلى و شرشال بتيبازة و وادي رهيو بغليزان حيث تنظم بعض العائلات موكب سيدي معمر انطلاقا من منطقة لحلاف بوادي رهيو إلى غاية مسجد سيدي معيزة العتيق المتواجد بمدينة تنس القديمة و يصحب ذلك الموكب تنظيم وعدة شعبية تحضرها حشود كثيفة من الناس تبركا بهذا الولي الذي تزوره مواكب الزفاف من أجل كسب الرضى.
لقد حدد سيدي معمر مهر الزواج ب20سنتيم لأهل العروس، و منذ ذلك الحين أخذ السكان في اتباع هذه العادة، و لا يشتري الشاب لخطيبته أي هدية مهما كانت حليا أو لباسا قبل أن يدخل بها. عندما يرغب أحد الشباب التابعين لهذا العرف في الزواج، يتم الإعلان عن الخطبة ثم الفاتحة التي يدفع وقتها أهل العريس قطعة نقدية قيمتها عشرين سنتيما أي ربعة دورو إضافة إلى قنطار من السميد و سبعة كغ من السمن و كبشا و التي يقابلها حاليا حوالي ثمان ملايين سنتيم إجمالا بالإضافة إلى ثلاثة صيعان من السميد لأحد الفقراء بالمنطقة إكراما و احتراما للعرف و يكون ذلك قبل أربعة أيام عن موعد الزفاف.
و لعرف سيدي امعمر طقوس خاصة بطريقة تزين العروس وخروجها من بيت أهلها نحو بيت زوجها حيث يطلب منها أن تكون طبيعية فتمنع من استعمال أي مساحيق للتجميل و الحلي و المجوهرات و لا يسمح لها بذلك إلا بعد وصولها إلى بيت زوجها وإتمام الدخلة و قبل أن تخرج العروس من بيت أهلها يؤتى بجلد خروف "هيدورة" تفرش مقلوبة على الأرض و توضع عليها قصعة تجلس عليها العروس لتربط لها الحنة في يديها و رجليها و يشترط على العروس أن تخرج بلباس أبيض متواضع و هي حافية القدمين، و من بين العادات التي مازالت سارية في عرف سيدي امعمر هو عزوف أهل العروس المرافقين لها يوم الزفاف إلى بيت زوجها عن تناول أي شيئ أو حتى شرب الماء في منزل العريس قبل أن تتم الدخلة، و هو ما يجعل أهل العريس في الغالب يعتمدون على جيرانهم لإطعام أهل العروس وفي اليوم الموالي يؤتى للعروس بسمكتين فينثرون في حجرها حراشيفها تيمنا بكثرة الأبناء وفي اليوم السابع بعد الزفاف تجتمع عائلة العروس مع عائلة العريس أين يتم اصطحاب العروس إلى الحمام و لدى عودتها يقصون قليلا من شعرها دلالة على أن الصبية أصبحت إمرأة. و تحرص معظم العائلات على احترام تلك الطقوس خوفا من إصابتها بلعنة الولي حيث مازال الناس هنا يعتقدون أنهم يصابون بالبلاء إذا ما خالفوا عادة سيدي امعمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.