إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء في شهر رمضان أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة.قال ابن مفلح: "واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يضيع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟" ، وقال علي محفوظ: "ومن سيء العادات إضاعة الناس الأوقات الفاضلة، واشتغالهم بالبطالة، كما يكون منهم في ليالي شهر رمضان، فإنهم يلهون فيها بالسهر، وكله غيبة أو نميمة، وقد كان السلف رضوان الله عليهم إذا دخل عليهم ذلك الشهر تناكر بعضهم من بعض، حتى إذا فرغوا اجتمعوا، وأقبل بعضهم على بعض".قال ابن عثيمين: "فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر.." ، فمن ابتلي بالسهر عليه أن يعمل جاهداً للتخلص من هذه العادة، وذلك بطلب العون من الله تعالى، ومحاولة تعويد النفس على النوم مبكراً، فإن النفس إذا عوّدت اعتادت، النفس كالطفل إن تهمله شب على حبِّ الرضاع، وإن تفطمه ينفطم.