ندرة القطع النقدية في الأسواق أصبح اليوم مشكلا عويصا يشتكي منه جلّ التجار وحتّى المواطن فمعظم التعاملات التجارية و المالية تحتاج إلى صرف العملة الوطنية لكن هذا لا يتم بسهولة و سلاسة بسبب التراجع المحسوس في حجم القطع المعدنية المتداولة في الأسواق و اختفاء البعض منها و كثيرا ما كان هذا المشكل سببا لوقوع مناوشات بين الباعة و الزّبائن فلا هؤلاء يرجعون باقي المبلغ لأصحابه كاملا بسبب عدم توفّر القطع الصّغيرة و لا أولئك يقبلون التنازل عن باقي المبلغ حتى و إن كان دنانير معدودات و وصل الأمر بالكثير من التّجار إلى عدم إلى عدم قبول التعامل مع الزبائن الحاملين لورقة 1000 و 2000 دج بحجّة أنهم لا يملكون النقد الكافي لتفكيك هذه المبالغ و يتدمّرون من كثرة عدد الزّبائن الذين لا يحملون قطعا صغيرة و وضع كهذا بات مزعجا حسب رأيهم و يحدّ من نشاطهم التجاري و يسبّب لهم خسائر معتبرة في المداخيل و من التّجار من لا يقبلون التعامل بورقة 200 دج كسائقي سيارات الأجرة و القابضين بحافلات النقل العمومي و أصحاب المخابز و أكشاك الخدمات و غيرهم.أمّا الورقة النقدية من صنف 2000 دج فأصبحت منبوذة من قبل الجميع فزبائن البنوك و مكاتب البريد يحاولون بشتى الطّرق استبدالها بأوراق من فئات أخرى لأنهم يدركون بأن تفكيكها أصبح اليوم صعبا بل مستحيلا ، و التّجار كذلك يرفضون التعامل بها و يفضّلون ردّ زبائنهم على أن يبتاعوا لهم سلعة مقابل هذه الورقة و المواطن بات هو الآخر مضطرّا لتحصيل القطع النقدية الصّغيرة لكي تسهل تعاملاته التجارية اليومية و لا يردّه أحد إذ يحدث و يرفض أصحاب الحافلات و سيارات الأجرة نقل زبائن لا يملكون صرفا للعملة رغم أن المسؤولية ملقاة أوّلا و أخيرا على التّجار فهم ملزمون بتوفير قدر كاف من النقد قبل مباشرة نشاطهم اليومي ،فمن غير المعقول أن يرفض الزّبائن لمثل هذه الأسباب و في ذلك يقول سائق سيارة أجرة "أعترف بأنه من واجبنا نحن الناقلون تقديم الخدمة لزبائننا لكن مشكل ندرة القطع النقدية يؤرقنا و يتعبنا يوميا فكيف لنا أن نفكّك لكل الزّبائن الأوراق الكبيرة و نحن لا نملك من القطع الصّغيرة سوى مبلغ محدود نحاول تجميعه باستمرار لكي لا نقع في المأزق لذلك نضطرّ في بعض الأحيان إلى تقديم الخدمة مجانا فنتسامح في التسعيرات البسيطة على تفكيك أوراق من فئة 1000 و 2000 دج" حيل لتفادي إرجاع الفكّة و في ظل عزوف البنوك و مكاتب البريد عن توفير القطع النقدية الصّغيرة زادت حاجة المواطن الجزائري لها بل أصبح وجودها ضرورة ملحّة لأنها وسيلة تعامل ضرورية في كل الأسواق و بشكل يومي فالخضّار يطلب هذه القطع و صاحب محل المواد الغذائية يغضب و يثور لرؤية الأوراق انطلاقا من ورقة 200 دج لأنها غير قابلة للتفكيك و في وسائل النقل يجبر القابض المسافرين على دفع ثمن تذكرة السّفر بالقطع الصّغيرة لأنها نفدت عنده و في أسوء الحالات يأخذ القابض الورقة و لا يرجع الباقي إمّا عمدا أو سهوا و وصل الوضع ببعض الحافلات و خاصّة "إيطو" إلى تنبيه المسافرين بضرورة توفير القطع الصّغيرة من خلال لا فتات توضع عند شباك القابض لأنه أكثر حاجة من غيره للقطع من فئة 5 دنانير. أمّا الخبازون فوجدوا بعض الحيل لتفادي الوقوع في المشكل و أفضل حيلة هي رفع سعر الرّغيف إلى 10 دنانير فمن جهة رفعوا هامش ربحهم و من أخرى يتفادون الوقوع في أزمة القطع من صنف 1 دج و 2 دج لأنهما باتا مفقودين في أيّامنا و لم يعد تداولهما كبيرا بالأسواق و ندرة القطع النقدية المعدنية و اختفاء بعضها كان من بين الأسباب التي دفعت بعض التّجار إلى تغيير نشاطهم و منهم أصحاب أكشاك خدمات الهاتف العمومي فهم يحتاجون إلى أصغر القطع النقدية أكثر من غيرهم لأن سعر المكالمات يحسب بالدنانير لذلك تعتبر القطع ذات 1 و 2 و 5 دج وسيلة عمل لا غنى عنها .و نفس الوضع يعاني منه تجار المواد الغذائية و الخضر و الفواكه و الصّيادلة و غيرهم كونهم يتعاملون بالقطع الصّغيرة باستمرار و لا حظ المواطن بأن الصيادلة لا يرجعون الباقي لأصحابه كاملا إذا كان يساوي دينارا أو دينارين و قد قدّر الاتحاد العام للتّجار و الحرفيين عدد المتضرّرين من هذا الوضع بحوالي 200 ألف تاجر عبر كامل التراب الوطني ،و يقول ممثّلوهم بأن مشكل تراجع حجم النقد المتداول بالأسواق سبّب لهم خسارة كبيرة قدّروها بحوالي 50 بالمائة من مجموع ما يدره نشاطهم يوميا بسبب تذبذب تجارتهم بفعل ندرة النقد ،لذلك هم يطالبون الجهات المعنية و خاصّة بنك الجزائر بضخّ المزيد من القطع المعدنية حتى ينتعش النشاط التجاري و تسير التعاملات المالية اليومية بسلاسة و سهولة و حسب الاتّحاد فإن الأسواق تحتاج اليوم إلى ما لا يقل عن 50 مليون قطعة نقدية معدنية من كل الأصناف حتى يعود النشاط التجاري إلى حالة توازن فلا يقع البائع و لا المواطن المأزق و يتحدّث أغلب التّجار عن أزمة حقيقة في الفكّة و انعكاساتها السلبية على التجارة و يقولون بأنهم ملزمون على جمعها من المواطنين لأن البنوك و مكاتب البريد لم تعد توفّرها مثلما كانت تفعل قبل سنوات و وصل الأمر بالبعض إلى البحث عنها لدى المتسوّلين الذين أصبحوا مصدرا للقطع النقدية و من مختلف الفئات فأصبح تفكيك المال خدمة بمقابل حيث وصل سعر التفكيك إلى 100 دج لكل 1000 دج تماما كخدمة بيع أرصدة المكالمات الهاتفية عبر النقّال و حاولنا معرفة أسباب ما يحدث على مستوى بنك الجزائر بولاية وهران فوجدنا العديد من المواطنين و أغلبهم من التّجار ينتظرون دورهم أمام الشّباك رقم 16 لتفكيك أموالهم إلى قطع صغيرة لكن في ذلك اليوم لم تتوفّر سوى القطع من صنف 200 دج و هو تقريبا نفس الحال في الأيّام الأخرى حيث علمنا خلال تواجدنا هناك بأن القطع المعدنية الصغيرة لا توزّع إلاّ نادرا و لا يعلم يوم وصولها و القطع ذات 100 و 200 دج هي المتوفّرة لذلك يضطر المواطن إلى التردد على البنك باستمرار حتى يقع في اليوم الذي تضخ فيه النقود الصّغيرة و صرّح لنا بعض أصحاب المواد الغذائية و الناقلون بأن حاجتهم للقطع الصّغيرة أكثر من حاجتهم للأوراق الصّغيرة لأن يبيعون سلعا خدمات بسيطة و بأثمان زهيدة