تتوفر الجزائر على 258 مركز للعناية بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، مسيرة من قبل السلطات العمومية، و119 مركز آخر من قبل الجمعيات بتمويل من الدولة، حسب ما أكده وزير التضامن الوطني جمال ولد عباس في مناسبات مختلفة، وهي تعد بذلك في طليعة الدول العربية في مجال التكفل بالمعوقين الذين سيصل عددهم في غضون 2009 ما يقارب 2 مليون شخص، وأمام هذه الإحصائيات عن الإمكانات المتوفرة إلا أن معظم ذوي الاحتياجات الخاصة عبر الوطن لازالوا يعانون الأمرّين على جميع الأصعدة. يقدر عدد المعوقين بشكل عام في الجزائر حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التضامن الوطني خلال الأشهر الأخيرة ب 7ر1 مليون شخصن فيما صرح الوزير شخصيا عن مناهزة عدد الصم والبكم خلال العام الجاري 71 ألف و800 شخص من مختلف الفئات العمرية. ومقابل هذه الحصيلة يعاني ذوو الإعاقة في المجتمع الجزائري من مختلف أشكال التمييز على كافة الأصعدة، فتاريخيا عزل ذوو الإعاقة عن المجتمع أو شردوا وتسولوا للحصول عل لقمة العيش، وقد كانوا غير مرغوب بهم من قبل المجتمع. أما المحظوظين منهم فكانوا يرتزقون عن طريق قراءة القرآن في المساجد أو ممارسة بعض الحرف والأشغال اليدوية البدائية البسيطة واستمر الحال على ذلك حتى افتتحت العديد من المؤسسات لتشغيل وتدريب المعوقين إلا أنه لم يستفد منها إلا عدد قليل منهم، حيث لم تركز جهود المؤسسات والجمعيات الخيرية في تلك الفترة على العوامل التي تؤثر في حياة المعوقين سواء أكانت اجتماعية أو ذاتية، إلى غاية ظهور الاتحادات والجمعيات مع نهاية الثمانينات كحركة تغيير اجتماعية شكلت نقلة نوعية في التعامل مع قضايا المعوقين وحقوقهم، وأصبح التركيز منصبا على حقوق المعوقين في فرص متساوية وفي المشاركة بدلا من إيوائهم وتأهيلهم فقط، وعلى المعوقات الاجتماعية التي تحول بينهم وبين المشاركة الحقيقية في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. البطالة في صفوف المعوقين مرتفعة من بين المراسيم التي وُقّع عليها شهر مارس الماضي رئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم نجد ذلك المتعلق بإجبار المؤسسات، سواء كانت خاصة أو عمومية على توظيف واحد بالمائة من المعوقين، هذا المرسوم الجديد هو في الحقيقة تكملة لقانون سابق، ويضع جملة من الإجراءات العقابية لكل شركة مخالفة، غير أن تطبيقه وتسليط العقوبات المالية يبقى محل التساؤل. فلا زالت نسبة البطالة مرتفعة بين صفوف المعوقين، ما يسبب لهم ضغوطا نفسية تؤثر سلبا على مفهوم الذات والثقة بالنفس لديهم بما أنهم أقل مشاركة من غيرهم في مختلف الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية. ومن أهم الأسباب المؤثرة في ارتفاع نسبة البطالة بينهم افتقارهم للتكوين المهني الذي تتراجع فرصهم فيه لا لنقص مراكز التكوين، وإنما لافتقارها إلى التسهيلات الملائمة في المباني المستعملة لهذا الغرض مما يعوق من إمكانيات وصول المعوقين حركيا إلى هذه المباني واستعمالها بحرية واستقلالية. وهذه الأسباب تدفع ذوي الإعاقات من الشباب للالتحاق بمراكز تأهيل مهني، خاصة تديرها مؤسسات تأهيل للمعوقين أملا في الحصول على تأهيل مهني ملائم إلا أنهم في الغالب يصطدمون بمحدودية الخيارات حيث أن المهن التي يتم التدريب عليها في هذه المراكز قليلة جدا، بالإضافة إلى كونها مهن بسيطة غير مطلوبة في سوق العمل مثل المكانس والعصي للمكفوفين وأعمال الخياطة للمعاقين حركيا. أما على صعيد سوق العمل فتقف الأفكار النمطية السائدة حول المعوقين عائقا حقيقيا أمام دخولهم إليها، حيث يعتقد أرباب العمل بأن المعوق يحتاج إلى المساعدة ولا يستطيع العمل ولا تتوافر لديه المهارات اللازمة للقيام بالأعمال المطلوبة، ويمكن أن يشكل عبئا عليهم. وزيادة على هذا يلعب الوعي الاجتماعي الدور الحاسم في مأساة ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم في معظم الأحيان لا يرسلون إلى المدارس لأن الأسرة تعتقد أن لا فائدة من تعليمهم، وأنهم لن يستطيعوا التعلم، وكما يقول بعض الآباء إن مكوثهم في المنازل أفضل من إرسالهم إلى المدارس، كما يفضل بعض الآباء توفير الأموال التي تصرف على أبنائهم المعوقين خلال التحاقهم بالمدارس وصرفها على إخوانهم وأخواتهم من غير المعوقين، وتعتقد بعض الأسر بأن خروج أبنائها ذوي الإعاقة من البيوت يسبب الإحراج وربما يسيء لسمعة الأسرة. فإذا كانت أسرهم لم تهتم بهم، ولم ترحمهم كيف يمكن للمشاريع المسطرة من طرف وزارة التضامن الوطني أن تنهض بهم، فلقد صدر مؤخرا مرسوم آخر يتعلق بتخفيضات لفائدة المعوقين في قطاع النقل، تتراوح بين 50 و100 بالمائة، سواء النقل البري أو الجوي، ويمتد هذا الإجراء إلى الخطوط الدولية في بعض الحالات. ومن المنتظر أن يصدر مرسوم تنفيذي يتعلق بمسألة صعوبة دخول مباني رسمية، وحتى العمارات التي لا تتوفر بالنسبة لأغلبيتها على الممرات الخاصة، وآخر مرتبط بتخفيضات لصالح الأشخاص المعوقين في إيجار المساكن