لا تترك السيدة حنون فرصة إلا وعادت إلى موضوع النائب تاجر المخدرات، وإلى ارتفاع عدد نواب المال في المجلس الشعبي الجديد. فاتهاماتها ليست من نوع ''أي شيء'' حتى يتم تجاهلها. لكن، ولأسباب غامضة، لم تجد السلطات موضوعا يحركها لتوضيح أو تصحيح أو تكذيب أو تأكيد أو الإعلان عن فتح تحقيق حول الموضوع.. وربما كان تقديرها، أن ما يصدر عن النائب ورئيسة حزب سياسي، لا يحمل شيئا من الجد. وأنه لا يشكل أي خطورة قد تلحق ضررا بسمعة مؤسسة من مؤسسات الجمهورية. لقد خاض وزير الداخلية في إفرازات نتائج الانتخابات واقترح على الغاضبين تقديم استقالتهم من المجلس النيابي، ليتم تعويضهم بآخرين راضين وقانعين. لكن الوزير، تحاشى الاقتراب من الخوض في نفس الموضوع ولم يقترح شيئا على السيدة حنون. فهل نستنتج من ذلك أنه يؤيد كلامها، أم طلب منه تجاهل الموضوع؟ قد يفهم أن الأولوية من تنظيم الانتخابات، هي الرغبة في ملء الفراغ القانوني بعد نهاية عهدة وفي نفس الوقت، عدم تعارض مواقف دولية (الغرب بالدرجة الأولى)، مع وجهة المسار السياسي في الجزائر. تحقق ذلك، وأحيانا أكثر مما كان متوقعا لدى بعض أحزاب الحكم. وانتزعت السلطة اعترافات دولية بطعم التدخل أحيانا (كتصريح وزير خارجية إسبانيا الذي حمد ربه لفشل الإسلاميين في الوصول إلى الحكم). وعموما، التقت مواقف الغرب على استخدام نص واحد، ربما منسوخ من بعضه، يحيّون فيه انتخابات الجزائر التي جرت في هدوء وتميزت بارتفاع عدد النساء في البرلمان (وهو أمر كان منتظرا، لأن القانون حدد مسبقا نسبتهن في المجلس). وعلى الرغم من تعدد التهم أو تزايد حدتها، قبل الانتخابات وبعدها، لا يتجاوز موضوع البحث في طبيعة الحقائق أو في الأسباب، مجرد عمليات مطاردة دخان، وما أكثر مصادرها. فتجاهل الموضوع موقف سياسي والخوض فيه من دون الاقتراب من جذوره، أيضا هو موقف سياسي. لقد تم تفضيل ''الاستقرار'' بالحفاظ على ما هو موجود، على حساب ''تسليم المشعل'' إلى جيل، هو اليوم على أبواب التقاعد. ويمكن لنا الاستنتاج أيضا، بأن المشعل هو شمعة، احترقت وذابت واختلط دخانها بدخان التلوث البيئي والسياسي.. ربما هذا هو الخيار الاستراتيجي الذي يتم وفقه ضبط عملية انتخابية أو تدوين الخيارات السياسية.. هو المرجع وهو الدستور. [email protected]