اعتبر علي هارون، عضو المجلس الأعلى للدولة سابقا، أمس، في شهادته بالملتقى الجهوي الأول حول شخصية أبو بكر بلقايد، المغتال في سبتمبر من سنة 1995، أن الفقيد، الذي شغل عدة مناصب حكومية، كان من مهندسي توقيف المسار الانتخابي لتشريعيات ديسمبر 1990 التي فازت بدورها الأول الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، وكان رفقة علي هارون من الوزراء المعارضين بشدة لاستمرار العملية الانتخابية التي كانت ستفرز سلطة جديدة بأفكار دخيلة، مثلما قال في الملتقى المنظم بتلمسان من طرف المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين. وذكر علي هارون أن بلقايد كان يقول إن الجزائر ستتوجه نحو نموذج الأفغنة إذا لم تتدخل النخب والجيش. وحسب المتحدث، لم يكن للجيش علم بقرار توقيف المسار الانتخابي، حين بدأت اللجنة تشتغل أياما قليلة بعد الإعلان عن نتائج التشريعيات الملغاة، وما أعقبها من دماء وعنف فيما يعرف بالعشرية السوداء. من جهته، اعتبر وزير العدل الأسبق في فترة رئاسة الراحل محمد بوضياف، السيد ماحي باهي، أن بلقايد كان ذا شخصية قوية، له مواقف وصاحب عقل وحكمة، وكان يعتبر السياسة التزاما وليست حرفة. كما وصف بلقايد بأن ''له قدرة عجيبة في صناعة الروابط بين عديد المتناقضات من سعدي إلى نحناح. وكما لم يكن من حزب المساجد، لم يكن من حزب الإدارة''. والمثير في شهادة الوزير ماحي باهي قوله إن ''الراحل أبو بكر بلقايد قال له، ذات يوم من شهر فبراير سنة 1995، إن عقد سانت إيجيديو الموقع في العاصمة الإيطالية روما من قبل بعض فصائل المعارضة، بما فيها الفيس المحل والأفافاس، عقد جيد ومقبول''. وتعد هذه المرة الأولى التي يكشف فيها أن أطرافا في السلطة كانت مقتنعة بما جاء في عقد روما الذي وصف أصحابه حينها ب''الخونة''. ''وفهمت وقتها، مثلما أوضح ماحي باهي، أن بلقايد كان يتمنى حلا للمأزق الذي دخلته الجزائر بعد توقيف المسار الانتخابي، وكان يأمل في بقاء إمكانيات للحل والحوار بين الجزائريين''. وعن سؤال ل''الخبر'' وجهه صحفي للمحاضرين حول علاقة اغتيال بلقايد بمواقفه في هندسة توقيف المسار الانتخابي إلى اعتبار عقد روما جيدا ومقبولا ؟ كان الإجماع على أن التاريخ وحده من سينصف مواقف الرجل وإسهاماته في بناء الجزائر المستقلة. للإشارة، شهد اليوم الأول من ملتقى الراحل أبو بكر بلقايد بجامعة تلمسان التي تحمل اسمه، أيضا تدخل الأستاذ شمس الدين شيتور من جامعة الجزائر والأستاذ عبد الهادي بن زاغو من رفقاء الفقيد، كما كانت أرملته وشقيقاته وبعض أفراد العائلة ضيوف شرف الملتقى