سَنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للوقوف، هذا الوقت، على أي القولين، ومدّ وقّت الوقوف بعرفة إلى فجر يوم النّحر وهو العاشر من ذي الحجّة، ليُخالف المشركين في وقوفهم بها. روى ابن مردويه والحاكم في المستدرك كلاهما من حديث عبد الرّحمن بن المبارك العيشى بإسناده، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو بعرفات. فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد وكان إذا خطب خطبة قال: "أمّا بعد فإنّ هذا اليوم الحجّ الأكبر. ألاَ وإنّ أهل الشِّرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشّمس، إذا كانت الشّمس في رؤوس الجِبال كأنّها عمائم الرِّجال في وجوهها وإنّا ندفَع قبل أن تطلع الشّمس، مخالفًا هدينا هدي أهل الشّرك". والّذي ورد عن فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه دفع بعد غروب شمس يوم عرفة، وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم: فلم يزل واقفًا يعني بعرفة، حتّى غربت الشّمس وبَدَت الصُّفرة قليلاً، حتّى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد شنق للقصواء الزّمام حتّى إنّ رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى: "أيُّها النّاس السّكينة، السّكينة".