نشط الأستاذ سعدي بزيان مؤخرا بمقر جمعية "الجاحظية" محاضرة عن "صفحات من ترجمة الأدب والثقافة العربية الى اللغة الفرنسية"، تناول فيها عدة محاور تبين أثر هذه الترجمة في انتشار الثقافة العربية في الغرب. ركز المحاضر على ثلاث مراحل لهذه الترجمة، فالمرحلة الاولى تخص عملية ترجمة العلوم، إذ ترجم الفرنسيون مئات الكتب العلمية ككتب ابن رشد وابن باجة، وابن سينا، وفي المرحلة الثانية جاء دور المستشرقين، إذ قاموا بترجمة القرآن العظيم وبعض الكتب من التراث، منها مقدمة ابن خلدون والتي ترجمت لأكثر من مرة كترجمة المستشرق الفرنسي المسلم الراحل "فانسان مونتاي"، كما ترجم هذا الاخير عدة قصائد لأبي نواس. لعل أبرز عمل قام به الفرنسيون هو ترجمة كتاب ألف ليلة وليلة،والتي ترجمها "أنطوان غالاند" (1646- 1715) واستغرقت ترجمتها 13 سنة وصدرت في 17 مجلدا، وبذلك فتح الباب أمام الادب العربي في أوربا، فتبارت أوروبا لنقل هذا السفر الى لغاتها فترجمها الانجليز والألمان والاتراك، وهاهو الاستاذ الجزائري جمال الدين بن الشيخ (1930- 2005) يعيد ترجمتها مع صديقة المستشرق الفرنسي أندري ميكال، وصرح جمال الدين للمحاضر بزيان أن ترجمات "ألف ليلة وليلة" بلغت 13 ترجمة. للاشارة فقد سبق للراحل جمال الدين أن ترجم عدة أعمال منها مجموعة قصائد أدونيس، وعيسى مخلوف، وأحمد عبد المعطي حجازي، وترجم رواية "الصبار" لسحر خليفة، إضافة إلى تعاونه مع استاذ "فرنسي لترجمة بعض نصوص "مقدمة" ابن خلدون. يشير المحاضر إلى أن دخول المرحلة الثالثة كانت مع نقل الثقافة العربية الى قراء اللغة الفرنسية، وقد تزامن ذلك مع مبادرة للناشر الفرنسي الراحل بيير برنار الذي أسس دار نشر "السندباد"، ومهمتها تكمن في تعريف الشعب الفرنسي بالثقافة العربية من خلال نقل روائع الادب العربي الى الفرنسية، وهكذا تعرف الفرنسيين لأول مرة مثلا علي الروائي السوداني الطيب صالح من خلال راويته المشهورة "موسم الهجرة الى الشمال"، كما تعرفوا على أدونسي وعلى أعماله ك"مهيار الدمشقي" توالت حركة الترجمة وأصبحت دور النشر تتنافس عليهما، فقامت "لوساي" بترجمة رواية الكاتب المصري جمال الغيطاني "الزين بركات" وكان ذلك بمبادرة من المترجم الجزائري الدكتور جمال الدين بن الشيخ. كما لاقى الأدب الجزائري المكتوب بالعربية اهتماما كبيرا في دور النشر الفرنسية، فترجمت أعمال الطاهر وطار "اللاز" و"الزلزال" و"عرس بغل" و"الشهداء يعودون هذا الاسبوع" وغيرها وترجمة لأحلام مستغانمي رواية "ذاكرة الجسد" و"فوضى الحواس"، وحظي واسيني الاعرج بقسط وافر من الاهتمام، حيث تكفلت دار "آكت - سود" (ورثة سندباد) بترجمة جل أعمال واسيني، كما نال الراحل عبد الحميد بن هدو?ة حظه من الترجمة، حيث ترجمت له "ريح الجنوب"، و"الجازية والدراويش" ترجمة "مارسال بوا" إضافة الى رواية "نهاية الأمس". يبقى المشارقة أكثر حظا ونصيبا في عملية الترجمة فروايات صنع الله ابراهيم مثلا ترجمت كلها الى الفرنسية منها رواية "الجنة"، اضافة إلى روايات طه حسين منها "الايام" كذلك الحال مع توفيق الحكيم في رواية "زهرة العمر" و"عصفور من الشرق". في الختام أشار المحاضر إلى أن نيل نجيب محفوظ لجائزة نوبل للآداب سنة 1988 كان بمثابة الحافز لترجمة الأدب العربي إلى الفرنسية خاصة فيما تعلق بالجانب الروائي، كما توقف المحاضر عند المبادرة التي قام بها الاستاذ الجامعي الجزائري عمر مرزوق خريج السوربون قسم فلسفة، والذي نقل الى الفرنسية مجموعة قصائد للشاعر الاندلسي ابن زيدون، ومقتطفات من ديوان أبي نواس، وقدم قراءات في أدب صنع الله ابراهيم وياسمينة خضرة وأدباء عرب آخرون، كما نقد كتاب "الرواية العربية" للأستاذ كاظم جهاد.