كونوا في منتهى التيقظ والاحتراس    العرباوي يشارك في قمّة المؤسسة الدولية للتنمية    خفض نسب الفائدة على القروض الاستثمارية.. ثمرة المشاورة الدائمة    الإذاعة الوطنية تربط جسور التواصل بين المواطن والسلطات    المشارك في المؤتمر 6 لرابطة"برلمانيون من أجل القدس": أعضاء وفد مجلس الأمة يلتقي إسماعيل هنية باسطنبول    اتفاق على استمرار وتوسيع التشاور مع باقي الفصائل الفلسطينية    الجزائر ..دور ريادي في ترقية وتعزيز الأمن الطاقوي    الرابطة المحترفة الأولى"موبيليس" (الجولة ال 24): تأجيل مباراة شباب قسنطينة- اتحاد الجزائر.. مولودية الجزائر بخطى ثابتة نحو اللقب، شبيبة الساورة تكتسح وادي سوف بدون تعب    يعيشون وضعية صعبة مع فرقهم: قبل توقف جوان.. 3 لاعبين يثيرون المخاوف في صفوف "الخضر"    الجزائر تصدّر 2.5 مليون قلم أنسولين إلى السعودية    مخلفة خسائر في الأرواح والمعدات في صفوف قوات الاحتلال: الجيش الشعبي الصحراوي يستهدف قواعد عسكرية مغربية    السلامة والصحة في الوسط المهني.. أولوية أولويات الجزائر    تحدّ آخر يرفعه الرئيس تبون.. وإنجاز تاريخي    مواجهة كل من يسيء للمرجعية الدينية ولثورة نوفمبر    انطلاق الاختبارات التطبيقية في شعبة الفنون.. لأوّل بكالوريا    قسنطينة: دخول "قريبا" فندق سيرتا العمومي حيز الخدمة بعد إعادة تهيئته    برج بوعريريج.. 152 مليار لتحسين واجهة عاصمة الولاية    الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين البلدين مقرمان يترأس مع نظيره بالدوحة مضامين مذكرة التفاهم    بطولة إفريقيا لكرة الطائرة/ سيدات: فوز مشعل بجاية مام آسيك ميموزا الإيفواري    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    الحراك الطلابي العالمي الدّاعم للفلسطينيّين يصل إلى كندا وأوروبا    النخبة الوطنية تتألق في موعد القاهرة    وزير الموارد المائية والأمن المائي من سكيكدة: منح الضوء الأخضر لتدعيم وحدة الجزائرية للمياه بالموظفين    الترجي التونسي لدى الرجال يتوّج باللقب    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: انطلاق ورشات تكوينية في مهن السينما لفائدة 70 شابا    "حكاية أثر" مفتوحة للسينمائيين الشباب    برج بوعريريج.. 7 مخازن عملاقة لإنجاح موسم الحصاد    سونلغاز تفتح أزيد من 550 منصب شغل بولايات الجنوب    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و454 شهيدا    البنك الإسلامي للتنمية: السيد فايد يشارك في الاجتماعات السنوية من 27 أبريل إلى 2 مايو بالرياض    انطلاق أشغال منتدى دافوس في الرياض بمشاركة عطاف    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    داس عنابة يؤكد: مرافقة قوية لمسنين دار الصفصاف لإدماجهم اجتماعيا وتدعيمهم صحيا    الرئيس يكرّم قضاة متقاعدين    وزير التربية لجمهورية زامبيا يزور جامعة الجزائر 1    عطاف يجري بالرياض محادثات ثنائية مع نظيره السعودي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: طرح الصعوبات التي يواجهها المخرجون الفلسطينيون بسبب الاحتلال الصهيوني    بغالي: الإذاعة الجزائرية ترافق الشباب حاملي المشاريع والمؤسسات الناشئة من خلال ندواتها    الجزائر الجديدة.. إنجازات ضخمة ومشاريع كبرى    الصهاينة يتوحّشون في الضّفة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة بالنسبة لمطار أدرار    إتصالات الجزائر ترفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا لفائدة مشتركيها الى غاية 9 مايو المقبل    فلسطين : العدوان الإرهابي على قطاع غزة من أبشع الحروب التي عرفها التاريخ    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    شبان "المحاربين" يضيّعون اللقب    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    تفكيك مجوعة إجرامية مختصة في السرقة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الرئيس بوتفليقة بمناسبة إحياء ذكرى 24 فبراير
نشر في المساء يوم 24 - 02 - 2009

عازمون على تكريس السنوات المقبلة لتثبيت تحسن ظروف معيشة شعبنا
ألقى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بأرزيو (وهران) كلمة بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات. فيما يلي نصها الكامل:
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
السيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين
السادة مسؤولو المنظمات الوطنية لأرباب العمل
أخواتي العاملات إخواني العمال
حضرات السيدات والسادة
إنني أشارك وأنا في غمرة من السعادة في هذا الاحتفال بذكرى 24 فبراير من حيث هي محطة فارقة في نضال شعبنا من أجل استعادة استقلاله ومحطة تاريخية في مسار بناء الجزائر وهي في عز سيادتها.
كان عالم الشغل حقيقة إحدى بوتقات الحركة الوطنية بما في ذلك داخل صفوف جاليتنا بالمهجر. فتكليلا لما دأبوا عليه قرر العمال الجزائريون يوم 24 فبراير 1956 الانضواء ضمن الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي نظم مشاركتهم في ثورة نوفمبر المجيدة تحت راية جبهة التحرير الوطني.
لقد أسهم عمالنا بفضل اشتراكاتهم المالية في جعل ثورة نوفمبر تتمتع بحرية القرار. وسقط الآلاف منهم شهداء في سبيل الحرية في ساحات الوغى أو تحت التعذيب على غرار الشهيد عيسات إيدير.
إن العمال بحكم أنهم ترعرعوا في مدرسة الوطنية تلكم رموا بكل ثقلهم في المسار الوطني لبناء الجزائر المستقلة. وتجندوا تحت قيادة الشهيد عبد الحق بن حمودة بقوة لإنقاذ الجمهورية خلال المأساة الوطنية النكداء.
إنني أترحم بكل خشوع في هذه الذكرى على أرواح شهداء ثورة نوفمبر المجيدة وشهداء الواجب الوطني.
وبودي في هذا المقام أن أجدد الإعراب عن تضامن الأمة مع عائلات ضحايا الإرهاب. كما أنوه وأشيد بالمجاهدين الأخيار الذين كانوا الأسوة الحسنة لمجموعات الدفاع الذاتي في مقاومتها من أجل إنقاذ الوطن. ولا يفوتني أن أؤكد لكل أولئك الذي سلخوا سنوات من عمرهم في الدفاع عن الجمهورية أن الجزائر لم تنسهم. إنها ستتخذ إجراءات لتسهيل إعادة إدماجهم اجتماعيا واقتصاديا. كما سيتم اتخاذ إجراءات لتحسين وضعية أولئك الذين تطوعوا لمكافحة الإرهاب في الميدان.
وأنوه وأشيد بالاتحاد العام للعمال الجزائريين من حيث أنه جند على الدوام المنتسبين إليه لصالح خدمة الوطن بما يجعله دائما وأبدا أهلا لما يستحقه منا من بالغ العرفان والتقدير.
حضرات السيدات والسادة
إننا إذ اخترنا الاحتفال بالرابع والعشرين من فبراير هنا بالذات بأرزيو مفخرة الصناعة الوطنية إنما أردنا إحياء ذكرى 24 فبراير 1971 هي الأخرى ذكرى استعادة الجزائر سيادتها على المحروقات.
لقد كان ذلكم القرار المشروع خطوة إضافية على درب الاستقلال الوطني. وكان برهانا وشهادة على عزمنا على تعبئة جميع إمكانياتنا في سبيل تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية قوية في مستوى ما تتوفر عليه بلادنا من القدرات.
والمطمح هذا قد تجسد بالفعل في الميدان لسنوات وسنوات وحق للعمال أن يفخروا بأن الفضل يعود لهم فيما تحقق من تلكم الإنجازات.
وبعد ذلك اعتورت هذه المسيرة ويا للأسف نقائص وحتى فترات توقف أدت إلى أزمة اقتصادية خانقة.
لقد شهدت العشرية المنصرمة مستويات استدانة خارجية لا تطاق مع تسديدات سنوية فاقت 9 ملايير دولار سنة 1993 وذلك ما أدى إلى إعادة الجدولة مقابل برنامج تعديل هيكلي وخيم المغبة جاء ليزيد المخلفات الناتجة عن حالة اللاأمن السائدة تفاقما.
لقد دفعت الأمة ثمن ذلك باهظا من حيث تدهور ظروف معيشتها. وتحمل العمال تضحيات جساما منها فقدان أكثر من 400.000 منصب شغل ناهيك عن انخفاض قدرتهم الشرائية بفعل تضخم قوي بلغ ذروته بنسبة 30 بالمائة سنة 1995.
وبفضل الله تعالى وبفضل تبصر الشعب الجزائري المشهود مرت تلك الحقبة الأليمة وصارت وراءنا. وعزز الوئام المدني متبوعا بالمصالحة الوطنية الأمن أيما تعزيز في بلادنا التي أصبحت من جديد وجهة تستقطب أكثر فأكثر الأصدقاء والشركاء. واستأنف الجزائريون البناء ساعين إلى تدارك ما تراكم من التأخيرات.
إخواني الأعزاء أخواتي العزيزات
لقد أتيحت لي قبل أيام معدودات فرصة تذكير الأمة بالمجهود الاستثنائي لإعادة الإعمار الذي طبع السنوات العشر الأخيرة بفضل الإمكانيات الضخمة التي حشدتها الدولة من خلال برامج متتالية تم في إطارها صرف مخصصات مالية بلغت ما يقارب 160 مليار دولار من الميزانية العمومية وحدها.
كما ذكرت آلاف المدارس والإكماليات والثانويات المنجزة ومئات آلاف المقاعد الجامعية الموفرة والتقدم المحقق في هياكل الصحة العمومية وتمتع الساكنة بالماء الشروب والكهرباء والغاز الطبيعي. وأعدت إلى الأذهان أن بلادنا أنجزت أكثر من مليون ونصف مليون سكن خلال عشر سنوات وعشرات الآلاف من الكيلومترات من الطرق الجديدة مع إطلاق ورشات ضخمة في مجال النقل بالسكة الحديدية.
لقد رافق الدينامية هذه تراجع هام في نسبة البطالة التي نزلت من زهاء 30 بالمائة سنة 1999 إلى ما يقارب 11 بالمائة سنة 2007 بفعل إحداث حوالي 3 ملايين منصب شغل على امتداد العشرية في القطاعات الإدارية والإنتاجية وما يقارب مليونين ونصف مليون منصب شغل مثيل تأتى إحداثها بفضل مختلف آليات التشغيل المؤقت.
من جهته بلغ النمو الاقتصادي من دون المحروقات ما معدله 5
بالمائة على امتداد العشرية بأكملها بل بلغ نسبة فاقت 6 بالمائة خلال السنتين الأخيرتين. وتم طوال ذات الفترة التحكم في التضخم.
وانتقل الناتج الداخلي الخام للبلاد من 49 مليار دولار سنة 1999 إلى 170 مليار دولار العام الفارط كما تحررت الجزائر أخيرا من عبء المديونية الخارجية التي تم تخفيضها من 29 مليار دولار سنة 1999 إلى أقل من 5 ملايير دولار السنة الماضية.
أخواتي العاملات إخواني العمال
لقد استفاد العمال من النهضة الاقتصادية والاجتماعية هذه من خلال الجهود المبذولة لتحسين ظروف معيشة سائر الساكنة ومن خلال ارتفاع الأجور على حد سواء.
من هذا الباب تضاعف الأجر الوطني الأدنى المضمون على امتداد العشرية وانتقل من 6.000 دج سنة 1999 إلى 12.000 دج سنة 2007 مع الإعفاء الجبائي للأجور التي لا تتعدى 15.000 دج شهريا. ولا شك أن الاجتماع المقبل للثلاثية في غضون العام الجاري سيتيح تحسين الأجر المرجعي هذا.
وفي قطاع الوظيف العمومي وفضلا عن الزيادات الخمس في الأجور والعلاوات الحاصلة بين سنتي 2001 و2006 أدى إصدار القانون العام العام الماضي إلى زيادة في أجور الموظفين سيتم تعزيزها عما قريب على مستوى مختلف الأنظمة التعويضية الخاصة وهذا حالما يتم الفراغ من وضع القوانين الخاصة.
وفي القطاع الاقتصادي العمومي شكلت المراجعة الدورية للاتفاقيات الجماعية والقطاعية الإطار للزيادات في الأجور. وأدت الاتفاقيات المبرمة سنة 2007 إلى تحسن في مستوى الأجور بمعدل يفوق 15 بالمائة رغم الوضعية الصعبة التي يشهدها عدد هام من المؤسسات العمومية. فضلا عن ذلك تحملت الدولة نيابة عن المؤسسات العمومية العاجزة أو تلك التي أوقفت نشاطها تدارك التأخر في دفع أجور العمال وهو ما كلفها أكثر من 32 مليار دينار بين 2001 و2008. وفي القطاع الخاص أبرمت منظمات أرباب العمل سنة 2006 اتفاقا مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين يقضي برفع الأجر القاعدي بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمائة.
من جهة أخرى حرصت الدولة على تعزيز التشريع والتنظيم الخاص بأمن العمال وصحتهم في أماكن عملهم. كما سهل تمتع العمال من ذوي الدخل الضعيف بالخدمات الصحية من خلال نظام الدفع لصالح الغير لاقتناء الأدوية والذي سيتم توسيعه عما قريب لتسديد تكلفة الفحص بفضل نظام اتفاقي مع الأطباء.
إن مجمل هذه التطورات كانت ثمرة الحوار الاجتماعي الذي وفقنا في تحويله إلى عقد وطني اقتصادي واجتماعي تم إبرامه سنة 2006 حظي من قبل منظمة العمل الدولية بالترحيب والتنويه بصفته مثالا فريدا جديرا بالإشادة في العالم.
حضرات السيدات والسادة
لما كانت السلطات العمومية متمسكة بقيمنا الاجتماعية المشتركة فإنها تسهر كذلك على الحفاظ على قدرة المواطنين الشرائية أمام التهاب أسعار المواد الأولية في السوق العالمية.
وبالنسبة لسنة 2008 وحدها فإن تثبيت أسعار الخبز والدقيق بأنواعه والحليب استدعى دعما عموميا بمبلغ يقارب 190 مليار دينار بينما سيرتفع هذا المبلغ إلى 200 مليار دينار تقريبا بالنسبة لسنة 2009. فضلا عن ذلك ما انفكت جميع التحويلات الاجتماعية التي تتكفل بها ميزانية الدولة ترتفع بحيث قاربت مبلغ 1000 مليار دينار العام المنصرم.
ولم يهمل المتقاعدون في مسعى العدالة الاجتماعية هذا. ولذا تمت بانتظام إعادة تقييم معاشات وإعانات تقاعد العمال الأجراء وإعفاؤها علاوة على ذلك من الاقتطاع الجبائي إلى غاية 20.000 دج.
ضف إلى ذلك أن الدولة لجأت ابتداء من سنة 2006 إلى الميزانية العمومية لرفع المعاشات الرئيسية والمعاشات الرئيسية المحول دفعها لفائدة العمال الأجراء وغير الأجراء بحيث بلغ حدها الأدنى 11.000 دج شهريا منذ بداية العام الجاري.
فضلا عن ذلك ولأول مرة منذ الاستقلال حشدت الدولة إيراداتها الخاصة لترفع بأكثر من 50 بالمائة الإعانات المباشرة والإعانات المحول دفعها لصالح العمال غير الأجراء بما يضمن للمعنيين دخلا شهريا أدنى قدره 3500 دج.
أخيرا وحرصا منا على ضمان الاستمرارية لنظام التقاعد الوطني أقمنا منذ 2006 صندوقا وطنيا لاحتياطات التقاعد ممولا بنسبة 2 بالمائة من عائدات الجباية البترولية السنوية.
حضرات السيدات والسادة
لابد للجزائر أن تواصل جهودها قصد التدارك النهائي لأوجه التأخر التي تعانيها.
وفي هذا المنظور ذكرت أن الدولة ستخصص خلال السنوات الخمس المقبلة ما يعادل 150 مليار دولار من الموارد العمومية للتنمية وستواصل في ذات الوقت تعبئة إسهام المستثمرين الجزائريين منهم والأجانب.وكمثال على الأهداف العديدة التي ستتوخاها هذه الجهود أذكر مواصلة محاربة البطالة بإحداث 3 ملايين منصب شغل خلال السنوات الخمس القادمة نصفها في إطار آلية التشغيل المؤقت وتلبية الطلب الوطني على السكنات بإنجاز ما يفوق المليون وحدة سكنية جديدة لصالح المواطنين.
في الآن نفسه يدعونا التقدم المسجل خلال العشرية المنصرمة والمعطيات التي تحملها الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة الى تكثيف جهودنا المتوخية خلق ثروات اقتصادية متنوعة، وبودي في هذا السياق أن أفضي لكم ببعض المعطيات وبعض الأفكار.
حضرات السيدات والسادة
إن الاستثمارات التي تم القيام بها خلال العشرية المنصرمة أفرزت حقا انعكاسات ايجابية على النمو الاقتصادي لكن لم يرافقها إنشاء ثروة أو نشاط في مستوى الإمكانيات التي هيأتها الدولة. بالفعل ارتفعت وارداتنا من السلع من حوالي 13 مليار دولار سنة 2003 الى حوالي 40 مليار دولار العام الماضي بينما انتقلت وارداتنا من الخدمات من اقل من 3 ملايير دولار سنة 2003 الى حوالي 8 ملايير دولار العام الماضي. إن مداخلينا من المحروقات - إن تواصل نمو صادراتنا من رؤوس الأموال بهذه الوتيرة - ستصبح حتى عندما يكون سعر البرميل مرتفعا عاجزة اكثر فأكثر على المدى المتوسط عن حماية استقلالنا المالي وضمان استمرارية تنميتنا.
إلى جانب ذلك تعلمنا من الأزمة الاقتصادية العالمية مدى خطورة إضعاف مهمة الدولة في الرقابة والضبط وأنه عندما تقتضي المصلحة الوطنية ذلك حتى في حالة اقتصاد السوق فإن السلطات العمومية لا تتردد في التدخل بقوة للحفاظ على النمو وتحجيم فقدان مناصب الشغل وانقاذ قطاعات بأكملها من الاقتصاد المحلي.
ان هذا يستوقفنا ويدعونا الى تكييف منهجنا بالتزامن مع مواصلة بناء اقتصاد وطني تحكمه قواعد السوق وادماجه في الدائرة العالمية.
ذلكم هو الهدف من الإجراءات التي أوعزت بصياغتها إلى الحكومة ان الإجراءات هذه تتوخى بعد أمد معلوم الحفاظ على توازن ميزان مدفوعاتنا وحمايتنا من الاستثمارات المضاربة والطفيلية وتزكية الموارد المالية الهامة التي تتوفر عليها البلاد اليوم وترقية أشكال من الشراكة الشريفة التي تجلب لنا الخبرة التي تعوزنا وتقوم على اقتسام منصف للأرباح.
ومن المنظور ذاته أهيب بالعاملين الجزائريين ان يشاركوا مشاركة أكثر فعالية في المعركة الوطنية من اجل التنافسية التي تمر عبر إحداث مؤسسات ناجعة عمومية كانت أم خاصة أو بالشراكة مع الأجانب مؤسسات كفيلة بإحداث مناصب شغل وفيرة وتوفر للمجموعة الوطنية حصتها من الإيرادات وتتيح لاقتصادنا تنويع حصصه من الأسواق الخارجية ورفعها.
لقد اتخذت الدولة خلال السنوات الأخيرة شتى المبادرات لتشجيع تطور المؤسسة سواء أتعلق الأمر بتجميد مكشوف المؤسسات العمومية أم بالمزايا الهامة التي يمنحها قانون الاستثمارات او تخفيف الجباية بأشكال لصالح الاقتصاد او بالآليات الموضوعة لضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة او بأشكال الدعم العمومي لإعادة تأهيل المؤسسات.
ونحن عازمون على مواصلة هذا المجهود لصالح المؤسسات المنتجة حقا للسلع والخدمات لصالح البلاد.
ولهذا الغرض كلفت الحكومة بالعمل على تعزيز محاربة كافة أشكال الغش الذي يعيق المؤسسات النزيهة كما أوعزت لها بإعداد إجراءات أخرى لتنشيط التنمية الاقتصادية الوطنية وبودي أن أعرض أمامكم خطوطها العريضة.
حضرات السيدات والسادة
أولا - فيما يخص المؤسسات العمومية وفي انتظار الاستكمال الفعلي للاستراتيجية الصناعية الجديدة كلفت الحكومة بأن تسعى جاهدة لإعادة تأهيل المؤسسات العمومية القادرة على البقاء والتي تنشط في قطاعات واعدة وذلك من أجل إشراكها على نحو أفضل في انجاز البرامج التنموية الوطنية. هذه الورشة تم إطلاقها وأصبحت فعلية لاسيما بالنسبة لمؤسسات قطاع البناء والأشغال العمومية والموارد المائية والنشاط الفلاحي. وستكون القرارات المطلوبة جاهزة قبل نهاية هذا السداسي.
ثانيا - يسرني الإعلان عن إنشاء صندوق وطني للاستثمارات قبل نهاية هذا الشهر. هذاالصندوق الذي سيرتكز على اعادة تنظيم البنك الجزائري للتنمية سترصد له الدولة رأس مال قدره 150 مليار دينار. وسيتسنى للعهدة الجديدة هذه أن تمول على المدى المتوسط استثمارات معتبرة قد تصل ما مجموعه 1000 مليار دينار.
ثالثا - وفيما يخص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كلفت الحكومة بإعداد برنامج مجدد للدعم سيكون جاهزا في نهاية هذا السداسي وسيتضمن على وجه الخصوص:
- إنشاء فروع بنكية لتمويل رأس المال الاستثماري ولتمويل البيع بالإيجار لفائدة التجهيزات المنتجة محليا.
- رفع هام للضمان العمومي للقروض الموجهة للاستثمار وتقليص آجال دراسة طلبات التمويل من قبل البنوك التي ينبغي مع ذلك أن تحرص على استجماع شروط السلامة في المشاريع المقدمة.
- إنشاء وتطوير هيئة مساعدة واستشارة موجهة لأصحاب المشاريع الاستثمارية وهذا على مستوى كل ولاية.
- ترشيد الوسائل والآليات القائمة حاليا في مجال دعم إعادة تأهيل المؤسسات بما يزيد من نجاعتها ومداها.
رابعا- إلى جانب ذلك أوعزت للحكومة بإيلاء اهتمام خاص لملف الترقية العقارية التي ننوي تطويرها إلى جانب السكن الاجتماعي.
من هذا الباب وفضلا عن المساعدة المباشرة التي تمنحها الدولة بعد للحصول على السكن الترقوي سيتم اتخاذ إجراءات إعفاء عمومية هامة فيما يخص تكاليف القروض البنكية لفائدة المواطنين من أصحاب المداخيل المتواضعة أو المتوسطة . وسيتم اتخاذ إجراءات مماثلة لفائدة الطبقة المتوسطة التي لا ينبغي أن تتعرض للتهميش في هذا المجال وأعني بها أصحاب المداخيل الشهرية التي تتراوح بين 72.000 و150.000 دج.
أخيرا وسعيا لتخفيض سعر السكن الترقوي سيتم اعتماد تخفيضات في تكاليف أسعار العقار وتكاليف التمويل البنكي لفائدة المرقين العقاريين.
خامسا - كلفت الحكومة بوضع الإجراءات القمينة بضمان تعميم الاستثمارات المنتجة على سائر أصقاع الوطن بما يضع حدا لتمركزها المفرط حول كبريات المدن والحواضر في شمال البلاد.
إن المسعى هذا سيرتكز على إنشاء مناطق صناعية في مختلف ولايات البلاد وتزويدها بالمرافق الحيوية بدءا بالمحاور الطرقاتية والسككية الكبرى. كما سيعتمد على التشريع المشجع للاستثمار لصالح ولايات الهضاب العليا وجنوب البلاد فضلا عن كافة الولايات التي ما تزال تسجل تأخرا فيما يخص تثمير إمكانياتها وقدراتها.
حضرات السيدات والسادة
إن الإجراءات التي أعلنتها أمامكم تقيم البرهان على عزم السلطات العمومية على تكريس السنوات المقبلة لتثبيت تحسن ظروف معيشة شعبنا على أسس الاستقرار والاستمرارية.
إنني أهيب بعمالنا ومقاولينا خوض هذا السبيل بكل همة من أجل الاستجابة لتطلعات شعبنا وبناء الجزائر وفوق ذلك من أجل إعداد مستقبل شبيبتنا التي يتعين علينا إمدادها بالحلول التي تفتق طاقاتها وتنمي قدراتها.
أشكركم على كرم الإصغاء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.