قطعت الجزائر خلال السنوات الخمس الأخيرة خطوة عملاقة في مجال النقل حيث يتفق الجميع على أن ما تم إنجازه في هذه الفترة الوجيزة من الزمن أهم مما تم إنجازه منذ الاستقلال. وتنطبق هذه الملاحظة على جميع الفروع التابعة لقطاع النقل لاسيما النقل الجوي أو شبكات الطرقات الخاصة بالبلديات النائية للوطن، حتى وإن تم تسجيل تأخر في أجال إنجاز المشروعين الحيويين في حركة النقل، ميترو الجزائر والترامواي. فالدولة ما فتئت تبذل الجهود تلو الأخرى للنهوض بتنمية البلاد في كل المجالات سعيا منها إلى تعويض التأخر المسجل على مستوى مختلف أصناف النقل وكذا على مستوى المنشآت القاعدية وحرصا منها على ضمان التوازن الجهوي. فقد استفاد قطاع النقل ضمن إرادة الدولة في النهوض بالقطاع من غلاف مالي ضخم قصد عصرنة وإنجاز منشآت جديدة، ولتحقيق ذلك تمت المصادقة على برنامج طموح يمتد من 2004 إلى 2009 يهدف أساسا إلى إنهاء أشغال المشاريع التي انطلقت من قبل، وكذا إطلاق مشاريع جديدة لمرافقة مجهودات إنعاش التنمية في ربوع الوطن. وأغلب هذه المشاريع انتهت الأشغال بها في سنة 2009 في حين لم تسلم مشاريع ضخمة في آجالها، على غرار الميترو والترامواي اللذين يرجح تسليمهما سنة .2012 ولا تستبعد مصادر مطلعة أن ترتفع تكلفة المشروع التي حددت سابقا ب356 مليون أورو بعد تمديد الآجال لثلاث سنوات أخرى ومعلوم أن الحكومة تراهن على ترامواي الجزائر لحل إشكالية النقل في العاصمة، حيث من المنتظر أن ينقل الترامواي 150 ألف مسافر يوميا بمعدل 6700 شخص في الساعة على محور شارع المعدومين بحسين داي وبرج الكيفان. ولا يمكن الحديث بالتفصيل عن مئات المشاريع التي أنجزت أو التي توجد في طور الإنجاز عبر الوطن، إلا أن نظرة سريعة على أهم الأعمال تسمح بالإدراك أن جميع فروع قطاع النقل قد استفادت من هذه الديناميكية. وعلى سبيل المثال لم يكن يوجد بالجزائر العاصمة -قبل بضعة سنين- مطار دولي جدير بسمعتها في حين كان الجمهور الواسع يجهل صيغة القطار السريع، بينما يبقى الطريق السيار شرق-غرب الذي وصف ب''ورشة القرن'' والذي كان منتظرا استلامه في سنة 2009 أحد أهم الإنجازات التي سجلها قطاع النقل منذ الاستقلال. وقد تطلب مشروع هذا الطريق السيار الذي يمتد على مسافة 1216 كيلومترا إضافة إلى 300 كلم من منشآت فنية والطرقات التي تربطه بالمطارات والذي يعبر 32 ولاية منها ثماني ولايات ساحلية استثمارا بقيمة 11 مليار دولار. أما قطاع النقل بالسكك الحديدية فقد سجل هو الآخر انتعاشا حقيقيا منذ سنة 2004 بحيث خصصت له الدولة غلافا ماليا بقيمة 51 مليار دولار أمريكي في إطار مختلف البرامج الاستثمارية وقد ظهر جليا أن هذا الغلاف المالي الهام الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لعصرنة منشآت السكك الحديدية، كان ضرورة ملحة نظرا لقدم المنشآت الموجودة حاليا، إضافة إلى استدراك النقص الكبير الذي سجله القطاع بسبب ظروف الأزمه الأمنية التي عرفتها البلاد على مدار أكثر من عقد كامل. وانطلاقا من هذه الاعتبارات، أعطى برنامج دعم النمو الاقتصادي 2005-2009 الأولوية لمشاريع بالغة الأهمية على غرار عصرنة السكة الحديدية شرق-غرب (عنابة-وهران) وإنجاز خطوط جديدة للسكك الحديدية وكهربة الشبكات الموجودة حاليا وكذا اقتناء تجهيزات جديدة لا سيما القاطرات أو تجهيزات الجر. ومن نتائج تشغيل شبكة سكك حديدية معاصرة كان تقليص المدة الزمنية التي تستغرقها القطارات والربط بين المدن والقرى الجزائرية في أوقات قصيرة وبقدر كبير من الأمن. وقد حظي قطاع النقل بأهمية بالغة في المخطط الاقتصادي والاجتماعي، حيث رصدت له الدولة غلافا ماليا قدره 76ر4882 مليار دينار على مدار الخماسية القادمة (2010-2014)، وبذلك يبلغ الاستثمار المخصص لقطاع النقل خلال الفترة الممتدة من 1999-2014 أكثر من 86ر6908 مليار دينار. وقال وزير النقل عمار تو، خلال تقديمه لهذا البرنامج الضخم الخاص بقطاعه أن عمليات تطوير النقل بالسكة الحديدية قد نالت حصة الأسد بمبلغ 5ر3920 مليار دينار خلال الفترة 2010-2014 ويفوق المبلغ المخصص لذلك 5ر5580 مليار دينار خلال الفترة (1999/ 2014). وأشار بخصوص وسائل النقل الأخرى، إلى أن ميترو الجزائر قد استفاد خلال نفس الفترة من 350 مليار دينار والترامواي من 388 مليار دينار والنقل البحري والموانئ من 000,199 مليون دينار والنقل الجوي المدني من 260,25 مليون دينار. أما بشان تطوير خطوط السكة الحديدية، أفاد الوزير بأن طول الشبكة الوطنية للسكة الحديدية سيمر بعد تجسيد هذه المشاريع من 3500 كلم في 1999 إلى 400,10 كلم في ,2015 حيث ستنتهي هذه السنة كهربة مجمل خطوط السكة الحديدية الوطنية وتجسيد خط المنطقة الجنوبية الغربية للبلاد المؤدي إلى عين صالح. وعلاوة على ترامواي الجزائر العاصمة وقسنطينة ووهران وورقلة وسطيف وسيدي بلعباس الموجودة في طور الإنجاز ستتدعم كل عواصمالولايات من المؤسسات العمومية للنقل الحضري على غرار تلك الموجودة حاليا بالجزائر العاصمة ووهران وتلمسان. وكذا استفادة ولايات عدة من توسيع شبكتها للنقل بالسكة الحديدية، على غرار مشروع ولاية عين تموشنت الذي يوسع من شبكتها للنقل بالسكك الحديدية إلى غاية أعالي مدينة بني صاف، حيث سيتم إنجاز محطة، كما سيتم أيضا تجسيد مشروع قطار كهربائي الدفع ''أوتوراي'' يربط بين عين تموشنت ووهران خلال الأشهر القليلة القادمة إلى جانب إنجاز مصعد هوائي ببني صاف.
