قال المفكّر التونسي والباحث والمؤرّخ هشام جعيط، أنّ كتابه الجديد ''حياة محمد، مسيرة الرسول بالمدينة ونصر الإسلام''، الذي تناول سيرة الرسول (ص) هو من أفضل ما كتب في مجال السيرة النبوية، وقال المؤرّخ؛ إنّه لم يقدّم كتابا في العلوم الدينية، وإنّما اعتمد مؤلّفا تاريخيا بمقاربة تاريخية، وأكّد أنّه اعتمد على عدد مهم من المصادر، خاصة المصادر الأولى، ولعل أبرزها سيرة ابن إسحاق الذي كان أوّل من وثّق للسيرة النبوية كتابة، بعد أن كانت تنقل قبل ذلك مشافهة، وكذلك سيرة ابن هشام الذي استعاد تقريبا نفس سيرة ابن إسحاق، وفقا للمؤرخ التونسي.(الوكالات) وشدّد المفكر التونسي على أنّه سلّط نظرة نقدية على مختلف المصادر، وأنّه لم يقبل كلّ شيء كما هو، لأنّه أراد ''أن يقدّم الحقبة التاريخية بصورة أقرب ما يمكن من الحقيقة''، وقال؛ إنّ أفضلية كتابه تعود إلى هذا التمشي المنهجي الذي توخاه، وأشار جعيط إلى أنّ المستوى الضعيف لأغلب المؤلّفات التي كتبها معاصرون ونتائجها العكسية، كانت من الأسباب التي جعلته يتحمّس لتأليف نصّ شامل يتناول مختلف المراحل الهامّة في مسيرة الرسول، وقال؛ إنّه لم يرتّب الأحداث وفق تسلسلها الزمني، رغم أنّه أحاط -وفق ما قاله- بأهمّ المحطات الحاسمة، من بينها الوحي، الدعوة، الحروب، التحالفات، والتنظيم السياسي للحياة السياسية والاجتماعية بالمدينة. واستعرض جعيط أبرز المحاور التي تناولها في مؤلّفاته، وأبرز المحطات التي استوقفته في دراسته للسيرة المحمدية منذ نزول الوحي على الرسول، مرورا بالدعوة بمكة، ثم الهجرة إلى المدينة، وصولا إلى انتصار الإسلام وانتشاره، وإن لم يُخْف هشام جعيط انبهاره بما أنجزه الرّسول محمد الذي تمكّن -حسب قوله- من بناء أمة يوحّد بينها الدين الجديد، فإنّه شدّد على أنّ محمدا لم يبن دولة بالمفهوم الحديث، وإنّما دولة جنينية تولى الخلفاء فيما بعد مواصلة البناء وتحويلها إلى دولة حقيقية. وقال هشام جعيّط؛ ''صحيح أنّ الرسول (ص) كان يتحرّك بقوّة الإيمان، وقد كانت له قدرة كبيرة على التصرّف، مستفيدا من ذلك من سلطته على القلوب والعقول، لكن الإنجاز العظيم الذي جاء به الإسلام أنّه لأوّل مرّة في تاريخ العرب تتكوّن أمة قويّة وموحّدة في قطيعة تامة مع أخلاق الماضي''. ومؤلّف ''حياة محمد: مسيرة الرسول بالمدينة ونصر الإسلام''، هو الجزء الأخير من الثلاثية التي أصدرها المفكر التونسي حول سيرة حياة الرسول، حيث سبقه كلّ من ''في السيرة النبوية: الوحي والقرآن والسنة'' و''تاريخية الدعوة المحمديّة في مكة''، وصدر هذا الجزء باللغة الفرنسية، في حين كتب الجزء الأوّل والثاني بالعربية، ثم تمت الترجمة إلى الفرنسية-.