أقرت الأممالمتحدة بأن ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا للتجارة "غير المشروعة" للأسلحة بما فيها الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف في تحذير من مخاطر استمرار هذه الوضعية في بلد عجزت سلطاته على احتوائه. ويكمن هذا الخطر في كون عمليات التهريب والمتاجرة في مختلف الأسلحة التي تتم دون رقيب، وتُهرب الأسلحة إلى 14 بلدا على الأقل مما زاد في حدة الصراعات المسلحة في مختلف مناطق التوتر في العالم. وخلص يوجين جاسانا، السفير الرواندي في الأممالمتحدة، الذي ترأس لجنة تحقيق ميدانية في هذه المعضلة ويرأس أيضا لجنة العقوبات على ليبيا داخل مجلس الأمن الدولي، إلى تأكيد هذه الحقائق الخطيرة في تقرير أعدته لجنة خبراء مستقلة مكلفة بمراقبة كل انتهاك لقرار انتهاك حظر بيع الأسلحة لليبيا منذ بداية ثورة 17 فيفري 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي. وأشار الدبلوماسي الرواندي في تقريره إلى أن سيطرة عناصر مسلحة من غير القوات النظامية على أغلبية مخازن الأسلحة وضعف أنظمة مراقبة على الحدود الدولية لليبيا تشكل العقبات الرئيسية أمام منع انتشار الأسلحة وجعل هذا البلد أكبر مصدر للأسلحة غير المشروعة بما فيها أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الأكتاف. وأكد أعضاء اللجنة التي كلفت بإعداد تقرير مفصل حول هذه المعضلة أن تحقيقاتها أكدت لها أن تهريب الأسلحة شمل 14 دولة من خلال أساليب تهريب متنوعة، مما أذكى الصراعات وعمم حالة اللاأمن في هذه الدول بما في ذلك تنامي ظاهرة الإرهاب التي امتد تهديدها الى عدة قارات". وقال جاسانا إن تكريس هذا الواقع الخطير جعل لجنة خبراء الأممالمتحدة تجد صعوبات كبيرة في الحد من هذه الظاهرة بسبب أن بلدانا كثيرة تفتقر إلى تشريعات قانونية تسمح بتجميد أرصدة الأفراد والكيانات الذين يضعهم مجلس الأمن في القائمة السوداء وخاصة أولئك المتهمين بالمتاجرة بالأسلحة وتهريبها أو ممارسة أنشطة إرهابية كما هو حاصل الآن في عدة بلدان إفريقية وخاصة في منطقة الساحل. ولم تعد فوضى الأسلحة الليبية تهدد الاستقرار في دول الجوار ولكنها شكلت أكبر خطر على ليبيا نفسها التي عجزت سلطاتها التنفيذية في استعادة تلك الترسانة الواقعة خارج إطار المراقبة بل إن المليشيات المسلحة التي استحوذت عليها استغلتها كورقة ضغط على طرابلس لتمرير مواقفها. وهو الأمر الذي تأكد من خلال شل الموانئ النفطية الليبية من طرف مليشيات مسلحة وصل بها الأمر إلى إبرام صفقات شحن للنفط دون علم السلطات المركزية في طرابلس بل أنها تحدتها في ذلك غير مكترثة بقرار السلطات الانتقالية بردعها على هذا الجرم. وأكدت السلطات الليبية عجزها عندما راح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، طارق متري، يطالب مجلس الأمن الدولي بالتحرك وإدانة قيام الجماعات المسلحة بمحاصرة هذه الموانئ وبيعها لشحنات نفط بطريقة غير شرعية. وقال المسؤول الأممي"إن هذا الإجراء ينتهك سيادة ليبيا على موانئها البحرية وعلى مواردها الطبيعية"، مؤكدا على أن "غياب اتفاق سياسي على إعادة بناء جيش وطني في ليبيا وإعادة إدماج المقاتلين الثوار وجمع الأسلحة يعوق قدرة الدولة على القيام بمسؤولياتها الأمنية".