انطلاق امتحان اثبات المستوى للمتعلمين عن بعد في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي    قوات الاحتلال تحتل كامل معبر رفح البري ما أدى إلى توقف دخول المساعدات إلى غزة    شهر التراث: أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    وكالة "النفط" و"ايكينور" النرويجية يوقعان اتفاقية من أجل دراسة الامكانات الجزائرية في المحروقات    القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بنيروبي: تبون يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    الجزائر- تركيا: انعقاد الدورة ال12 للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي غدا الأربعاء    الأمم المتحدة: غوتيريش يطالب الكيان الصهيوني بفتح معبري رفح وكرم أبو سالم فورا    كرة القدم/ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا: تعيين الجزائري غربال لإدارة مباراة الترجي التونسي والأهلي المصري    زعماء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار كانوا متحكمين في فنون الحرب    رئيس الجمهورية: ملف الذاكرة لا يقبل التنازل والمساومة وسيبقى في صميم انشغالاتنا        القادسية السعودي يدخل سباق التعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو    كأس العالم للحمل بالقوة لذوي الاحتياجات الخاصة: دخول ثلاثة جزائريين المنافسة بنية الاقتراب من التأهل للالعاب البرالمبية    تكوين وتعليم مهنيين: تكريم الفائزين في مسابقة شهر رمضان    باتنة: دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    هول كرب الميزان    حملة وطنية للحماية من مخاطر الأنترنت    أعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون التزامهم بدعم عملية سياسية شاملة في ليبيا    بطلب من الجزائر …مجلس الأمن يعقد هذا الثلاثاء جلسة مغلقة حول المقابر الجماعية في غزة    "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي: الفرص وآفاق التعزيز" محور ملتقى بالجزائر العاصمة    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    ماذا بقي في رفح؟    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    فيلم فلسطيني يثير مشاعر الجمهور    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    سطيف: حجز 383 غراما من الكوكايين و11 ألف قرص مهلوس    وزير الداخلية يؤكد من خنشلة: الرئيس يعمل على تغيير الأوضاع وتحصين البلاد    زيدان يحدد موقفه النهائي من تدريب بايرن ميونخ    تعزيز المرافقة النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    الشهداء الفلسطينيون عنوان للتحرّر    صادرات الجزائر من الإسمنت 747 مليون دولار في 2023    50 مصمّمة تعرضن الأزياء الجزائرية.. هذا الخميس    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    حجز 134 كيلوغرام من اللحوم فاسدة    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    الصناعات الصيدلانية : الإنتاج المحلي يلبي أزيد من 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمليات جراحية تجرى فيها لحالات سرطان ميئوس منها مقابل مبالغ خيالية، اقتناء أدوية منتهية الصلاحية وأطباء وجراحون "يهرّبون" المرضى من القطاع العمومي
نشر في النهار الجديد يوم 15 - 08 - 2008

صفقات مشبوهة بعيادات خاصة بوهران و"بزنسة مالية" على حساب صحة المواطن يعتبر قطاع الصحة من القطاعات الهامة التي تمس بطريقة مباشرة المواطن، ويقاس مدى تطور الدول بمدى تكفّلها بصحة الناس والتقليل من نسبة وفيات المواليد والأمهات الحوامل، وكذا بمحاصرة الأوبئة والأمراض الفتاكة، وحتى بنسب التغطية في مختلف المناطق. أما بالجزائر، بدأت الجهات الوصية تتخلى تدريجيا عن مجانية العلاج وقد ظهرت قبلها العيادات الطبية والجراحية الخاصة كخدمة أخرى لمن لم يحالفه الحظ في المستشفيات العمومية، إلا أنه ولغياب قانون خاص واضح لتسيير هذه العيادات الخاصة، وكذا تحديد التسعيرات بدقة بمختلف العمليات الجراحية وحتى الكشوفات، الأشعة والتحليل الطبية، أصبحت هذه الأخيرة تسير في فوضى وأصبح يطغى عليها الجانب التجاري أكثر منه التطبيب... تجاوزات وفضائح لا يمكن كشفها إلا من أهل الاختصاص أو إذا بلغ عنها.
أساتذة رؤساء مصالح يفتحون عيادات خاصة في اختصاصهم ويهملون مرضاهم بالمستشفى العمومي
تحصي وهران العشرات من العيادات الطبية والجراحية ومراكز الكشف بالأشعة ومخابر التحليل الطبي والتشريح الفيزيولوجي، ويعود بالدرجة الأولى سبب الانتشار الواسع لها في عاصمة الغرب الجزائري إلى تدني الخدمات في المستشفى الجامعي لانعدام بعض التخصصات فيه، إلى جانب الحالات التي تجبر المرضى على الانتظار عدة أشهر أو حتى سنين لوصول دورهم لإجراء عملية جراحية، وفي بعض الحالات حتى عن الكشف العادي. وقد فتح أساتذة رؤساء مصالح عيادات خاصة في اختصاصهم، وأهملوا الخدمات بمصالحهم في المستشفى وكانوا يتعمدون التقصير في تقديم الخدمات بالمستشفى العمومي وخلق نوع من الضغط وطول الانتظار، حتى يضطر المريض للجوء إلى العيادة الخاصة كحل بديل، وهذا ما جعل العيادات تنمو كالطحالب، حتى أنك تجد جهة معينة تضم أكثر من ثلاثة أجهزة بمركز الأشعة بالمستشفى الذي لم يكن يحتوي على أجهزة حديثة هي دائما معطلة، مما أدى إلى فتح مراكز خاصة للأشعة والسكانير، ليصبح مواطنو الغرب مضطرين للجوء إلى الخواص للتسريع في التكفل بمرضاهم وتفادي القلق والغضب الذي يكسبهم أمراضا أخرى، كالضغط الدموي أو السكري، والأدهى من ذلك أن الكثير منهم يوجه المرضى إلى عياداته أو متعامل معها مقابل مبالغ مالية.
صفقات مشبوهة لأطباء وجراحين بالمستشفى الجامعي مع عيادات خاصة لاصطياد المرضى
يتعامل بعض الأطباء والجراحين مع عيادات خاصة مقابل مبالغ مالية أو يعملون بها بالموازاة، ويقومون باصطياد المرضى الذين يجدون صعوبات في الظفر بسرير داخل المستشفى. وبعد أن يطلعوا على حيثيات الملف، يقومون بتوجيه المريض إلى العيادة الخاصة، مع إعطاء لهم العنوان ورقم الهاتف. وبالموازاة، يتصلون بالعيادة لإعلامها بقدوم المرضى، وقد لا يكون المريض يعلم بأنه موجه إلى الخواص، حتى بعد أن يطلب منه تقديم المال، وقد يضطر إلى ذلك مرغما، وتجد هذا الصنف في الاستعجالات الطبية وفي مصالح الجراحة التابعة للمستشفى، أين يترصدون المرضى الذين أتعبهم الانتظار أو رفضت ملفاتهم للتحدث معهم والتظاهر بأنهم يقدمون لهم النصيحة لتوجيههم إلى عيادة خاصة، كما أن هناك ظاهرة أخرى يعتمدها الأطباء عند طلب تحليل أو كشف بالأشعة، يحددون لمرضاهم المخبر أو مركز الأشعة الذي يجب أن يتوجهوا إليه، وحجتهم في ذلك نوعية التحليل والأشعة مقابل اقتسامهم للمبلغ المحدد.
وفاة مصاب بالسرطان أجريت له عملية جراحية وهمية بعيادة خاصة مقابل مبلغ 8 ملايين سنتيم
تقع الكثير من الأمور في العيادات الخاصة الجراحية والتي لا تعير اهتماما للمريض وحالته الصحية، بقدر المداخيل المالية التي تجنيها. فبعض الأمراض تتطلب فعلا عملية جراحية، لكنها ميؤوس منها، إلا أن أصحاب العيادات يصرون على إجرائها ويلحون على التسريع بها حتى لا يموت قبل العملية. ونظرا للحالة النفسية لعائلة المريض، فهم لا يمتنعون عن ذلك كون وهمهم هو إنقاذ حياتهم والتكفل به. ومثال على ذلك، حال مريض مصاب بالسرطان الذي انتقل المرض إلى الكبد والرئة والحالة المرضية في المرحلة الأخيرة، إلا أن الجراحين عمدوا إلى استئصال الجزء المصاب بالسرطان، وقد وقعت أمور غريبة كمثال بعيادة خاصة استقبلت حالة مريض ميؤوس منه، أعلمت عائلته بأنه يجب أن تجرى له عملية جراحية عاجلة، فما كان منهم إلا الرضوخ للأمر وطلب منهم مبلغ مالي يقدر ب 8 ملايين سنتيم، فلم يجدوا إلا 4 ملايين دفعوها قبل دخول المريض، ليتم استكمال المبلغ المتبقي بعد إجراء العملية، إلا أنه وأثناء العملية توفي المريض وفي المساء لما حضرت عائلته لأخذه، لم يسمح لها بنقله حتى استكمال المبلغ كاملا، فاضطرت إلى الاستدانة وجمع المبلغ المطلوب.
حالات كثيرة تؤكد جشع أصحاب العيادات التي لا ترى من المريض إلا المال، في المقابل لا تولي اهتماما لمتابعة صحته بعد إجراء العملية وخروجه من العيادة، خصوصا مرضى السرطان الذي استفحل بقوة والذي يتطلب متابعة دورية. ونظرا لجهل بعض المرضى لحالتهم، تلجأ العيادات الخاصة إلى التسريع في العملية.
عيادات خاصة توظف مؤطرين بدون شهادات في ظل نقص في شبه الطبي وتعتمد على أدوية منتهية الصلاحية
تعتمد العيادات الخاصة على بعض المؤطرين في شبه الطبي، لكن بدون شهادات في الاختصاص؛ بل اكتسبوا بعض التقنيات عبر التجربة، فتجد كثيرا من الممرضين بمستوى النهائي أو في تخصصات أخرى مكلفين بمتابعة المرضى وحالتهم، وذلك لكون جل المتخرجين من مدارس شبه الطبي يفضّلون المستشفيات العمومية والعيادات الجراحية لضمان مستقبلهم، وحتى وزارة الصحة أجبرت في السنين الأخيرة المتخرجين على الالتحاق بالمؤسسات العمومية نظرا للنقص المسجل في المكونين، بل تقوم بتوجيههم مباشرة ولا تقدم لهم شهادات النجاح "ديبلوم"، وحتى المتخرجين من مدارس شبه الطبي الخاصة يلجأون إلى المستشفيات، لأن العيادات الخاصة تتعامل معهم بطرق مهينة وبأجور زهيدة مقابل ساعات طويلة من العمل تتجاوز عشر ساعات.
ممرضة تعمل ب 8000 دج شهريا تتوقف عن العمل رفضا لتجاوزات مالك عيادة خاصة
وهناك بعض الممرضات تخلين عن العمل في العيادة الخاصة، لما تشاهدنه من تقصير وتحايل على المرضى، كحالة الممرضة "إ.م" التي عملت في عيادة لمدة شهر واحد وكان خلال رمضان الفارط، أين اتفقت مع مالكها على أجرة ثمانية آلاف دينار، إلا أنها بعد بداية العمل وجدت نفسها تعمل كل شيء من إحضار الدواء والعلاج وتقديم الأكل وبعض الأعمال ليس من مهمتها، مما أرهقها. وما زاد في الأمر غموضا؛ عندما كان يقدم لها دواء منتهي الصلاحية لتقديمه للمرضى، فوجدت نفسها أمام تأنيب الضمير. وعند انتهاء الشهر، طالبت بمستحقاتها، إلا أنها ولما علموا بأنها لن تعود إلى العمل مجددا، امتنعوا عن دفع أجرتها. وتؤكد أن بعض العيادات تتعامل من صيادلة لاقتناء الأدوية التي قرب وقت انتهاء صلاحيتها، مقابل أثمان رخيسة وقد تستعملها مدة ثلاثة أشهر بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها، كما هو متعامل به في الوسط الطبي، وذلك لتخفيض فاتورة الأدوية. وكثير من أصحاب الضمائر الحية المختصين، يتحاشون العمل في هذا النوع من العيادات ولا يساهموا في هذا الجشع على حساب المرضى.
تضارب في الأثمان بين العيادات وعمليات بزنسة على حساب المريض
تختلف أثمان العمليات الجراحية والكشوفات بالأشعة والتحاليل من عيادة لأخرى؛ وهذا راجع إلى عدم وجود تسعيرة واضحة محددة وطنيا من لجنة مختصة تعينها وزارة الصحة، فقد تصل بعض العمليات إلى ثلاثين مليون سنتيم أو أكثر، إذ يختلف مثلا ثمن إجراء عملية لاستئصال "المرارة" من عيادة لأخرى، ويصل الفرق أحيانا إلى خمسة ملايين رغم بساطة العملية، وهنا يصرح بعض الجراحين العاملين في المستشفيات العمومية بأنه بإمكانه تحديد سقف مختلف العمليات والفحوصات حتى لا تكون هناك تجاوزات، كما يمكن للجان التحقيق الاطلاع على ملفات المرضى في البرتوكول الجراحي وطبيعة مرضهم. وبخصوص واقع العيادات الخاصة، فقد تكلم بألم إلى ما آلت إليه الصحة من بزنسة حقيقية دون مراعاة الظروف الإنسانية وحالة المرضى، وهذا ما يتوجب حسب قوله إعادة نظرة شاملة حول عمل العيادات الخاصة، خصوصا أن الدولة ترخص حاليا لإنشاء مستشفيات خاصة في الجزائر يديرها خواص محليون وحتى أجانب.
وزير الصحة يعترف بوجود خلل ويتوعّد بملاحقة المخالفين
أكد وزير الصحة أن هناك خللا واقعا في العيادات الخاصة وتجاوزات، وتوعّد بمتابعة كل من يخالف القانون واسترجاعه إلى جادة الصواب والعمل في ظروف شفافة واضحة دون أي لبس، وإلا كان مآل العيادة الغلق والمتابعة، وقد كلف لجان تفتيش على المستوى الوطني للتحقيق في ضحايا العيادات الخاصة وتحرير تقارير بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.