عهد منشود بمكاسب أكبر في جزائر جديدة وقوّية    الرئيس يستعجل تطبيق القوانين    القضاء على إرهابي وتوقيف 21 عنصر دعم للإرهابيين    تبون يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة    اليوم الوطني للذاكرة.. تجديد الوفاء لرسالة الشهداء    ملتقى دولي بالجزائر حول الطاقات المتجددة    الزيادات في معاشات ومنح المتقاعدين تأكيد على إهتمام رئيس الجمهورية بهذه الفئة    هذه تفاصيل مُقترح الهدنة في غزّة..    مسيرة حاشدة في ذكرى مجازر 8 ماي    الغاية من قراءة التاريخ هو تحصين لحمة الأمة    شيفرة لغة السجون    جرائم بلا حدود.. دائرة اللهب تحاصر المخزن    جزائري في نهائي دوري الأبطال    ورشة حول الفار في الجزائر    حصيلة إيجابية للمنتخب الوطني في لواندا    أوسيمين يرغب في الانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    الحج دون تصريح.. مرفوض بإطلاق    نقابيون يثمنون مصادقة مجلس الوزراء على مشاريع القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الطبية وشبه الطبية    اختتام معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط بتوقيع 10 اتفاقيات    فرقة الأمن والتحري للدرك الوطني بنقاوس توقيف جمعية أشرار تسرق الكوابل النحاسية    سوق أهراس : حملات تحسيسية حول مخاطر استعمال الوسائط الاجتماعية والإنترنت    ترياتلون/الألعاب الأولمبياد-2024: "حظوظي جد معتبرة في التأهل"    اجتماع لتقييم مستوى التعاون بين جهازي الجمارك للبلدين    إجراء امتحان إثبات المستوى للمتعلمين عن بُعد    العدوان الصهيوني: شهداء وجرحى إثر قصف الإحتلال مناطق في غزة ورفح    وهران: إقبال معتبر على صالون التجارة الإلكترونية والإقتصاد الرقمي    بدعوة من الجزائر, مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة مشاورات مغلقة حول المقابر الجماعية في غزة    سكيكدة: تنصيب أحمد ميرش مديرا للمسرح الجهوي    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: تتويج الفيلم القصير "كود بوس" بجائزة "السنبلة الذهبية"    "راهن الشعر الجزائري" : مهرجان شعري وملتقى دراسي بمناسبة عيد الاستقلال    منظمة التعاون الإسلامي ترحب بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، اتخاذ ترتيبات لتحسين الخدمات القنصلية للجالية الوطنية    خلال يوم دراسي حول الأسواق المالية : جامعة سكيكدة ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها توقعان اتفاقية تعاون    حوادث الطرقات: وفاة 38 شخصا وإصابة 1474 آخرين خلال أسبوع    ذكرى 8 مايو 1945: انطلاق من العاصمة لقافلة شبانية لتجوب 19 ولاية لزيارة المجاهدين والمواقع التاريخية    انطلاق اليوم الأربعاء عملية الحجز الالكتروني للغرف للحجاج المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    رئيس الجمهورية يأمر بإعداد مخطط حول البيئة والعمران يعيد النظر في نظام فرز وتوزيع النفايات    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    على فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية في الجزائر    365 سائح ينزلون بسكيكدة    قسنطينة تستعد لاستقبال مصانع التركيب    16 موزعا الكترونيا جديدا لتحسين الخدمة قريبا    ترحيل 141 عائلة من "حوش الصنابي" بسيدي الشحمي    حجام يتألق في سويسرا ويقترب من دوري الأبطال    الأهلي المصري يرفع عرضه لضم بلعيد    بن رحمة هداف مجددا مع ليون    صيد يبدع في "طقس هادئ"    طرح تجربة المقاهي ودورها في إثراء المشهد الثقافي    دعوة لإعادة النظر في تخصص تأهيل الأطفال    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث أشقاء يعيشون حياة أهل الكهف وسط العاصمة
"محمد" و"سعدية" لم يريا النور منذ أكثر من 30 سنة و"مهاني" لا تعرف شيئا اسمه الشارع
نشر في النهار الجديد يوم 02 - 05 - 2010

محمد، سعدية ومهاني، هم ثلاثة إخوة أصابهم نفس المرض بعد بلوغهم السن السادسة تقريبا، ومنذ ذلك التاريخ وهم يعيشون في جحر تملؤه الخردة في عمارة في حي باب الوادي بالعاصمة، دون أن يتمتعوا في يوم من الأيام باكتشاف المحيط الخارجي، فهم لا يعرفون شيء اسمه الشارع. في زيارة قادتنا لشارع محمد آيت عمر بباب الوادي، اكتشفنا قصة عائلة ربيعات التي تقطن به منذ أكثر من 49 سنة. فأفراد العائلة المتكونة من 12 شخصا، يعانون فضلا عن الفقر مرضا فتك بأربعة منهم، ثلاثة لا يزالون يصارعون الألم، أما الرابع فقد فارق الحياة.
لدى وصولنا إلى الحي المذكور، سألنا شبابا كانوا هناك عن عائلة ربيعات، فتم توجيهنا إلى العمارة رقم 14 وتحديدا في الطابق الأول، وبعد قرع باب يعيد ذاكرة كل من يراه إلى قرون مضت، أطلت علينا صاحبة المنزل التي عرفناها عن أنفسنا وهوياتنا، فدعتنا إلى الدخول.
وبعد أن تمكنّا بصعوبة من عبور ممرات داخل المنزل، بسبب العدد الهائل من الأكياس المملوءة بالقش والملابس القديمة التي كانت تملأ المكان وتضفي عليه جلبة غريبة، لمحت أنظارنا أجساد كانت بالكاد تظهر من تحت الأكياس.. في البداية لم نستطع تدقيق النظر سوى بعد التحديق في وجوه أصحابها.. وبعد لحظات من الدهشة والذهول، اقتربنا منهم فإذا بأكبرهم يلقي علينا السلام، ساعتها حاولنا تدارك أنفسنا لمعرفة القصة الكاملة للعائلة.
أصبنا بالمرض في سن السادسة ولا نعرف الشارع إلا عبر النافذة
أخبرتنا الأم "سعيدة"، أنها أنجبت 10 أطفال، أربعة منهم أصيب بمرض شلل الأطفال "البوليو" الذي فتك بالبنت الكبرى التي ماتت بعد سنتين من المعاناة، قبل أن تنتقل "اللعنة" ثم أصاب الأبناء الذين التقيناهم " محمد و سعدية و مهاني" مضيفتنا أنها عرضتهم على الطبيب لكن اخبرها انه لا يوجد أي أمل في شفائهم و لمعرفة الكثير تقدمنا من محمد الذي اخبرنا انه من مواليد 1971 و قد أصابه وهن على مستوى مفاصله في السن السابعة و منذ ذلك التاريخ و هو لا يستطيع الحركة الأمر الذي حال دون متابعة دراسته و عدم الخروج إلى الشارع و لا يعرف سوى الجدران الأربع التي تأويه و عائلته من البرد
أما سعدية و مهاني فكانتا جلستان بالقرب من بعضهما البعض ففي البداية تهيأ لنا أنهم متقاربتان في السن لكن اكتشفنا أن سعدية تبلغ من العمر 36 سنة أما مهاني فسنها لا يتجاوز 16 سنة، أخبرتنا البنت الكبرى أنها دخلت المدرسة سنة واحدة لكن المرض منعها من مواصلة تعليمها و منذ ذلك التاريخ لم ترى الشارع حيث قالت"أتذكر انني كنت اخرج و أرى الشمس لكن منذ 30 سنة لم يسمح لي بمغادرة المنزل " الوقت الذي كان كلا من محمد و سعدية يقصاني لنا عن الأشهر التي قضوها بالمدرسة فإذا بالبت الصغرى مهاني تقطع حديثهما و تقول " أنا لم أخرج من المنزل أبدا....أبي لم يسمح لي يوما برؤية الشارع و لم أراه سوى من النافذة فقط".
القطط تتجول فوق أجسادهم و كأنها أجسام جامدة
و نحن نستمع لقصص قد لا نقول أشخاص بل أجساد بالكاد تعرف تفاصيلها سوى الوجه الذي كان مكتملا و هم وسط جحر مملوءا بأكياس بها ملابس قديمة قالت صاحبت البيت أنها صدقات جاءتها من طرف المحسنين- فإذا بمنظر القطط التي كانت تقاسم العائلة جحرهم يشد انتباهنا .و الغريب في الأمر أن تلك القطط لم تكتفي بغزو المكان بل كان عدد هائل منها يتجول بأجسام "محمد و سعدية و مهاني" و كأنها تتنقل فوق أجسام جامدة.تبرير الأم بتواجد القطط بذلك العدد لم يكن مقنعا لنا بل زادنا غموضا حيث قالت أنهم يدخلون لهم عبر النافذة.
السلطات المحلية لا تعرف العائلة سوى في الانتخابات و ترسل لها و لزوجها بطاقة الناخب
جحر العائلة الذي لا يفصله على بلدية باب الوادي سوى شارع ضيق لكن حسب تصريح الأم لم تأتيهم أي لجنة من البلدية لتقديم المساعدة رغم أنهم يسكنون بالمكان منذ 49 سنة مشيرة أن السلطات المحلية لا تعرف العائلة سوى في الانتخابات أين ترسل لزوجها بطاقة الناخب مشيرتنا أنها منذ 20 سنة أودعوا ملف لطلب سكن اجتماعي لكن دون جدوى سوى وعود يتلقونها، أخرها منذ أشهر تم إعلامهم أنهم تحصلوا على سكن اجتماعي بالحمامات لكن لم تأتيهم أي إرسالية بذلك الأمر حسب محدثتنا.
الأب حول المسكن إلى مخزن للخردة وترك لعائلته مساحة متر ونصف
شكوك كبيرة راودتنا بعد خروجنا من منزل العائلة الأمر الذي دفعنا إلى الاتصال بسكان الحي لمعرفة حقيقة الأمر، و أول اتصال لنا كان بسكان العمارة التي تقطن بها عائلة ربيعات منذ 49 سنة لكن معظم السكان لم يكن يعرف لكثير عنهم سوى عموميات و السبب هو عدم خروج أفراد العائلة لشارع منذ أكثر من 30 سنة ما عدا الأب الذي كان يخرج صباحا و يعود في المساء و بلال الذي غاب عن الحي قرابة السنتين حيث ذهب لتأدية الخدمة الوطنية و عاد منذ شهرين و ابن أخر سنه لا يتجاوز 14 سنة يبيت عند صاحب مقهى بالحي نظرا لضيق المنزل .
توجهنا إلى المقهى أين اخبرنا صاحبها انه يحاول مساعدة العائلة بالقدر الذي يستطيعه حيث يسمح للابن الأصغر بالمبيت في المقهى بعد أن يقوم بتنظيفها مقابل مبلغ مالي كل شهر لشراء ملابس، و نحن نتحدث لهذا الأخير فإذا بشخص يقاطع حديثنا و يسألنا عن الموضوع الذي يشغلنا و بعد معرفته الأمر قال "عائلة التونسي أنها تسكن الحي منذ سنوات هم من وادي سوف لكن لهجتم توحي أنهم من تونس لهذا يطلق عليهم هكذا ...لديهم ثلاثة أبناء معاقين لكن لم نراهم منذ أكثر من 30 سنة و اضن أنهم ماتوا " ليضيف" سمعنا أيضا أن لديهم شابتين لكن لم نراهما أبدا و لا نعرف سوى أبوهم الذي يقال انه يعمل بسوق دلالة .
و لمعرفة المزيد اتصلنا بالابن بلال الذي عاد من الخدمة الوطنية منذ شهرين اخبرنا انه ينام بالشارع نظرا لضيق المنزل موضحا انه منذ أن فتح عيناه في الدنيا و هو يرى بيتهم مملوء بالأكياس محاولا الهروب من الإجابة عن أسئلتنا و اكتفى بجملة واحد "أبي هو السبب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.