بناء على طلب الجزائر, مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن الهجمات الصهيونية على رفح    السيد عون يبحث مع وزير الاقتصاد والمالية الموزمبيقي سبل تعزيز التعاون بين البلدين    الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقي للتنمية: إطلاق عملية تمويل موجهة للمشاريع المناخية في 37 بلدا    بوغالي يستقبل رئيس الوفد الصومالي المشارك في أشغال الاتحاد البرلماني العربي    بتكليف من رئيس الجمهورية …عطاف يصل بكين للمشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني    "سيال" تنجح في تجربة "الكرة الذكية" للكشف عن تسربات المياه    السياسة الوطنية للأرشيف محور يوم دراسي بالجزائر العاصمة    المحافظة السامية للأمازيغية تحتفل بالذكرى ال29 لتأسيسها    مجزرة جديدة.. 72 شهيدا خلال 48 ساعة في رفح    "حماس" تطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات عملية فورية    دولة فلسطين الحقيقة القائمة    سوناطراك تسلّم أول شحنة غازية لكرواتيا    الشرطة توقف سارق محولات الكهرباء    حماية الطفل من الجرائم السيبرانية والاستعمال الآمن للأنترنت    الكشافة الإسلامية الجزائرية.. مدرسة رائدة في الوطنية    رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات إلى 30 مليار دولار    خلال ترأسه اجتماعا توجيهيا للتحضير لامتحان البكالوريا،بلعابد: تحسيس جميع المؤطرين بالعقوبات المترتبة عن الغش بكل أنواعه    تثمين البعد المعلوماتي في إدارة وتسيير الوثائق    أغلب من يكتبون للأطفال لا يملكون أدوات الكتابة    الجزائر تضمن التلقيح لأكثر من 13 جنسية أجنبية على حدودها    أمال كبيرة للتتويج بلقب رابطة أبطال أوروبا    المنتخب الوطني يفوز بالميدالية البرونزية    ألعاب القوى/ تجمع أوسترافا : الجزائري جمال سجاتي يفوز بسباق 800م ويحقق أحسن نتيجة عالمية لهذه السنة    دعم الشركات التي تحسّن نسب الاندماج الوطني في منتجاتها    "سوناطراك" تسلّم أول شحنة من الغاز المسال لكرواتيا    "موداف" تدعو المجتمع المدني للمساهمة في إنجاح الرئاسيات    احتضنته دار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج : يوم دراسي حول مكافحة جرائم الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط والثانوي    التطبيق الصارم للتعليمات لإنجاح "الباك"    حدث بارز في المشهد الطاقوي الجزائري والإفريقي    الاحتلال يوسّع اجتياحه لرفح ويستهدف مجددا خيام النازحين    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    بيتكوفيتش في ندوة صحفية يوم غد الخميس    الجزائر جعلت المريض محور استراتيجيتها لإصلاح الصحة    بناء شراكة قوية بين الجزائر وكوبا في مجالات الصحة    عقوبات مشدّدة ضد "المحتالين" في استعمال بطاقة الشفاء    فرانكفورت يدعّم شايبي ويراهن عليه الموسم المقبل    محادثات موسعة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول السلوفيني    دعوة إلى تجسيد توصيات الجلسات الوطنية لإطارات الشباب    هل ستنجح خدعة أنشيلوتي في نهائي أبطال أوربا؟    أبو الفنون في بعده الأكاديمي    تتويج أفضل الأعمال الدرامية الجزائرية والعربية    تلمسان: إنطلاق فعاليات الطبعة الرابعة للصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    السيتي ومانشستر يونايتد يتنافسان على الجزائري شياخة    مصادرة 11 قنطارا من اللحوم الحمراء الفاسدة    وفاة شخصين اختناقا بالغاز    مهندسو تصميم البيوت يبدعون في ديكور المنازل    الاتحاد البرلماني العربي يحيي الدور البارز للجزائر من أجل إيقاف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    زيتوني: تأسيس مجلس ثلاثي لرجال الأعمال جزائري تونسي ليبي لتوطيد العلاقات الاقتصادية المشتركة    مكة: وصول 1621 حاجاً جزائرياً في انتظار التحاق 1288 آخرين هذا الثلاثاء    الإسلام والديمقراطية .. معالم المدرستين في التعددية السياسية    العدوان على غزة : انتشال جثث ودمار كبير بالفالوجا بعد تراجع محدود لقوات الاحتلال الصهيوني منها    حوادث الطرقات: وفاة 24 شخصا وإصابة 1460 آخرين خلال أسبوع    موسم الاصطياف : إطلاق قريبا عملية تخييم كبرى لفائدة 32000 طفل    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    رسالة إلى الحجّاج..    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاجتنا إلى مفهوم المواطنة
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 09 - 2014


بقلم: عبد العلي حامي الدين
تصاعد النزعات الطائفية في بعض البلدان العربية ينذر بصراع جهالات من نوع خطير، صراع قائم على التعصب المذهبي والانغلاق الفكري وإرادة التنميط الثقافي والديني.
بدون شك، أن هذه (الثورة الطائفية) هي صناعة أجنبية لعبت فيها الدوائر الخارجية دورا أساسيا، لكن ذلك لم يكن لينجح لولا القابلية للانشطار الطائفي والتشرذم الحزبي..
بعد مؤاخاة المهاجرين والأنصار بادر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وضع النظام السياسي (الدولة)، وذلك بالاتفاق مع اليهود على أساس الانتماء المشترك للمدينة.
هذا عهد رسول الله
ويذكر(ابن هشام) في سيرته عن ابن (إسحاق) أنه قبل موقعة بدر الكبرى، وقبل أن ينصرم العام الأول من الهجرة، كتب النبي عليه السلام كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود المدينة وعاهدهم، فأقرهم على دينهم وأموالهم.
وعرف الكتاب بالصحيفة، وقد تضمنت تنظيما للحياة الاجتماعية في المدينة وتحديدا للعلاقات بين أهل المدينة المسلمين واليهود بها، كما عملت على ترسيخ قواعد المجتمع الإسلامي الجديد بإقامة الوحدة العقائدية والسياسية والنظامية بين المسلمين، وتنظيم علاقته بغير المسلمين، وذلك بهدف توفير الأمن والسلام والسعادة والخير للبشرية جمعاء، مع تنظيم المنطقة في اتفاق واحد وسن قوانين السماح والتجاوز التي لم تكن معهودة في عالم مليء بالتعصب القبلي والبغض العقائدي والتعالي العرقي.
فقد نصت الوثيقة على اعتبار الدين أساسا للمواطنة في الدولة الجديدة التي قامت في المدينة المنورة، وأحلت الوثيقة الرابطة الدينية محل الرابطة القبلية، فعبرت عن المسلمين بأنهم أمة واحدة من دون الناس. وكلمة الأمة هنا ليست اسما للجماعة العربية القديمة التي تربطها رابطة النسب، بل هي تدل على الجماعة بالمعنى المطلق، فقد اتسع مدلول لفظ الأمة في هذه المرحلة المبكرة ليشمل العرب مسلمين، ووثنين، ويشمل اليهود المقيمين في يثرب أيضا، ومعنى هذا أن الإسلام أصبح ملكا لمن دخل فيه وعلى الرغم من أن الصحيفة تجاهلت نظام القبيلة وأدمجت كل طوائف المدينة في الأمة الإسلامية، إلا أن هذا الاندماج لم يتم إلا عن طريق القبيلة، فكأن القبائل دخلت الأمة بتنظيماتها القبلية القديمة.. وألقي على كاهل القبائل عبء دفع الديات.
كذلك أبقت الصحيفة على رابطة الولاء وما يترتب عليها من حقوق الموالاة، فلم تجز لأحد أن يخالف مولى دون مولاه. وبالإضافة إلى ذلك أباحت الصحيفة حق إجارة أي شخص غريب ولم يستثن إلا قريشا ومن نصرهم.
والأمة في هذه الصحيفة ترعى مبادئ حماية الجار ونصرة المظلوم وإذا كانت الوثيقة قد حددت أساس المواطنة في الدولة على أساس الدين، فإنها لم تحصر هذه المواطنة فقط على المسلمين وحدهم، بل نصت الوثيقة على اعتبار اليهود المقيمين في المدينة من مواطني الدولة، وإن كانوا لا ينتمون إليها انتماء وثيقا كالمهاجرين والأنصار، لذلك لم تكن تقع عليهم نفس الواجبات ولم تكن لهم نفس الحقوق، وقد ألحق بعضهم بنص صريح انسجاما مع الروابط التحالفية بينهم وبين الأنصار، ووضع بند عام لكل من يتبع الأمة بعد ذلك منهم، ثم عزز هذا البند بتحالفات خاصة بعد ذلك: (وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم). وبذلك تقر هذه الصحيفة مبدأ حرية العقيدة والحق في التعددية الدينية داخل نفس البلد، وتضعه موضع التنفيذ، وهذا المبدأ أقره بالإضافة إلى هذه الوثيقة القرآن الكريم في قوله تعالى (لا إكراه في الدين).
سبقكم الإسلام
هذه المعاني تجسدت اليوم في مفهوم المواطنة الذي استقر في العديد من الدساتير الحديثة، وهو يحيل من الناحية القانونية على طبيعة العلاقة التي توجد بين الفرد و الدولة، والتي تتجسد في جدلية العلاقة بين الحقوق والواجبات.
المواطن / الفرد له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها بحكم انتمائه إلى الجماعة، وهكذا فإن فكرة المواطنة تتأسس على محتوى ومضمون ثقافي يعلي من قيمة العيش المشترك والاعتراف بالآخر وتقدير الاختلاف بين الشعوب والثقافات والحضارات.
في القرن العشرين اتخذ مفهوم المواطنة منحى عنصريا في ألمانيا على يد النازية، وقد اعتبرت القوانين الألمانية آنذاك أن المواطن هو ذلك النابع من دم ألماني، واعتبرت كذلك أن ألمانيا وطن لجميع الألمان حيثما كانوا، واعتبرت الشعب الألماني فوق الجميع، ولم يكن إنكار حقوق المواطنة بمعيار العرق مقصورا على ألمانيا، بل تعدى ذلك إلى جنوب أفريقيا والولايات الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث خضع الشعب الأسود لنظام التمييز العنصري، وأنكرت حقوق المواطنة له بناء على كونه أسود..
لكن هذه الانحرافات الفكرية التي تتعارض مع قيمة المساواة لم تصمد أمام تنامي الوعي بحقوق الإنسان والمواطن وتقدم ثقافة حقوق الإنسان..
اليوم نعيش في المنطقة العربية تراجعا حضاريا كبيرا يذكر البشرية بويلات الصراع العرقي والطائفي وينذر بحروب لا معنى لها سوى صراع الظلم والجهالات..
حاجتنا إلى تعميق مفهوم المواطنة وتبيئته في تداولنا السياسي انطلاقا من تراثنا المشرق في حضارتنا العظيمة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.