الشيخ: قسول جلول الهدف من العطلة هو التربية وإدخال السرور على النفس وتجديد نشاطها بوسائل اللهو والترفيه المباحة! فما هو مفهوم الترويح عن النفس(العطلة ) ؟ قد يسوء عند بعض الناس فهمها وخلطها والاتجار بها ومن ثمُ نطرحها كفكرة للتفكير وكعنوان للتدبر والتأصيل والأصل في الأشياء الإباحة كما هو معروف نستثمر هذه العطل والراحة في تهذيب سلوكيات الأطفال وعمل برامج وأنشطة ترويحية تهدف إلى بث سلوك السرور ودواعي البهجة في أوساط الأمة ...الخ بعض الناس يتعاًلمون يُحرمون يبتدعون حتى أصبح بعضهم يحرمون كل مظاهر الترفيه للأطفال والشباب ويؤصلون ذلك باللهو تارة وبالتبذير تارة أخرى وبالأضرار وغيرها فمن هذا التأصيل عندهم يصبح كل ماهو ترويح على النفس في العطلة الصيفية حرام !فمن أين لهم هذا ؟ هذا التأصيل غير صحيح وقياس غير معتبر ! فكل الألعاب الترفيهية فيها جزء من الضرر فالسباحة ترفيه وترويح على النفس حتى ولوفيها جانب من الخطر وهو غرق بعض السباحين في كل سنة فركوب الخيل ترفيه وترويح عن النفس وفيها جانب من الخطر وركوب السيارة ترفيه وترويح على النفس وفيها جزأ من الخطر والألعاب الرياضية المختلفة كذلك فإذا استعملنا الدين لتحريم بعض الألعاب الترفيهية فهي ليست تعبدا وإنما ترويح على النفس فالمجتمع بحاجة ماسة لمعرفة الأحكام الشرعية التفصيلية المتعلقة بهذه المواضيع نظراً لقلة ثقافة العطلة والترويح عن النفس وما هو في مفهوم الترويح عن النفس وسوء فهمها وخلطها والاتجار بها نطرحها كفكرة للتفكير وكعنوان للتدبر والتأصيل. فثقافة العطلة والترويح عن النفس لها أهدافها ومراميها المختلفة فهي تعنى بغرس مفاهيم الوسطية والاعتدال والتأكيد على الارتباط الوثيق بقيم الأمة وثوابتها بعيداً عن التشدد والإفراط إلى تقعيد وممارسة لسلوكيات التشدد والتفريط مما يحتم على أهل العلم والفكر القيام بواجبهم في التصحيح والمناصحة والبناء. الجانب التأصيلي والتقعيدي للعطلة الصيفية والترويح على النفس : العطلة والترويح مأخوذ من مادة (روح) والتي تدور حول معاني: السعة والفسحة والانبساط وإزالة التعب والمشقة وإدخال السرور على النفس والانتقال من حال إلى آخر أكثر تشويقاً منه فالترويح والعطلة هو تسرية النفس والتنفيس عنها أو هو التفريغ للطاقة الزائدة أو ما أسهم في التعويض عن نقص معين أو ما ساعد على النمو الجسماني وسمى بعضهم هذا التوجه ب: نظرية التعبير الذاتي وبعظهم قال الترويح هو طريق للحياة الإنسانية يتحقق بأداء أنشطة بدنية أو فنية أو عقلية تغاير نوع العمل ويتم وفق الرغبة الحرة وتحقيق النفع الشخصي أو العام في إطار الضوابط الخلقية والاجتماعية المنبثقة من الدين والعرف. ومظاهر العطل هي إدخال السرور على النفس وتجديد نشاطها بوسائل اللهو والترفيه المباحة. فالعطلة والترويح عن النفس هي ميزة يتميز بها فصل الصيف فالطالب والتلميذ والفلاح وكثير من العمال المرتبطين بهذه القطاعات يأخذون العطلة في فصل الصيف والعطلة والراحة في الإسلام هي: البرامج الشاملة والأنشطة غير الضارة التي تقام في المجتمع برغبة ذاتية أوجماعية بغرض تحقيق التوازن والسعادة للنفس الإنسانية في ضوء القيم والتعاليم الإسلامية. أهمية الترويح عن النفس : تظهر أهمية الترويح عن النفس ومظاهر العطل من خلال جوانب متعددة ومناحي مختلفة لعل أبرزها: إسهام الترويح عن النفس والعطلة الصيفية في تحقيق التوازن بين متطلبات الإنسان إذ في الأوقات التي تكون الغلبة فيها لجانب من جوانبه المختلفة يأتي الترويح ليحقق التوازن بين ذلك الجانب الغالب وبين بقية الجوانب الأخرى المتغلب عليها. شيوع التوتر والقلق في عصرنا بصورة مخيفة نجم عنها عدد كبير من الأمراض النفسية الخطرة والمشكلات الاجتماعية المتشعبة مما جعل من الترويح عن النفس والإحتفالات والأعياد والمناسبات الدينية والوطنية الهادف أحد أهم متطلبات هذا الوقت لما له من تأثير واضح وقدرة فائقة على الحد من السلبيات. وإكساب الأفراد والمجتمعات خبرات ومهارات وأنماط معرفية متعددة ومشاركتها الفاعلة في تنمية التذوق والموهبة وتهيئة فرص الابتكار والإبداع واشتغال الشباب والأطفال والأنشطة الترويحية الملائمة لكل منهم يسهم في تقليل الجريمة وإبعاد أفراد المجتمع عن التفكير في الانحرافات والعادات السيئة أو الوقوع فيها.. نستثمر العطلة الصيفية في تهذيب سلوكيات الأطفال وعمل برامج والأنشطة ترويحية تهدف إلى بث سلوك السرور ودواعي البهجة في أوساط الأمة وذلك بدوره يسهم بفاعلية في إشاعة ثقافة التفاؤل والثقة والإيجابية والعود إلى الإمساك بزمام الفاعلية والمبادرة لدى الفئات المستفيدة من العطلة الصيفية وفي هذا السياق يجمل ذكر مقولة أبي الدرداء - رضي الله عنه-: (إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون ذلك أقوى لي على الحق) للترويح عن النفس والعطلة الصيفية في الإسلام خصائص تميزه عن غيره وتجلي مكانته ويمكن إيجازها من خلال ما يلي: كونه عبودية لله تعالى: إذ قال تعالى: _ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ _ [الذاريات: 56] وغيرها من النصوص الدالة على هيمنة الشريعة في الإسلام على حياة الإنسان كلها: حلوها ومرها جدها وهزلها صغيرها وكبيرها. والترويح والعطلة الصيفية هي جانب الحياة يتخذه وسيلة لعمل صالح يثاب عليه ويفارقه حين يكون عملاً فاسداً قررت الشريعة النهي عنه ليس للترويح ولعطلة أن يتجاوز جوانب يرى الإسلام حرمتها وعدم الإقدام عليها بل هو منضبط بضوابط الدين محتكم بأحكامه وهذا هو الجانب الثابت فيه وما سوى ذلك فللإنسان أن يبدع فيه ويجدد بحسب ما يشاء ما دام منضبطاً بحدود إطار الجانب الثابت. وإفساح المجال أمام أصحابها للتجديد والإبداع فيها من ناحية أخرى وتلبية احتياجات النفس البشرية من التسرية والقيام بالتنفيس عن كل مكون من مكونات الإنسان المختلفة ليجعل بذلك من الترويح والفرح في المجتمع غايةً في الواقعية ومراعاة حاجات المرء ومتطلباته المتنوعة. شمولية الترويح والعطلة الصيفية المنضبط بالإسلام يجد تلبيتها لجميع متطلبات الإنسان التنفيسية وشمولها لعموم احتياجات مكوناته المختلفة - الروحي منها والعقلي والجسدي- من الانبساط والتسرية ويحقق التوازن فللإنسان جوانب مختلفة وله ميول متنوعة قد تدفعه إلى تغليب جانب أو أكثر على بقية الجوانب الأخرى ولكن نتيجة للترابط بين جوانب الإنسان المختلفة نجده يكلّ ويملّ ويصعب عليه مواصلة المسير بل قد يمتنع عليه ذلك وهنا يأتي دور الترويح والعطلة وبث السرور لتحقيق التوازن بين تلك الجوانب لكي يبتعد الإنسان عن الكلل والملل ويعاود المسير براحة وطمأنينة.