قد يقول قائل - حسن النية أو غير حسن النية - ما الفائدة من إنشاء بحث كامل في ملبس النبي - صلى الله عليه وسلم -وما الفائدة أو الفوائد التي تعود على المسلمين مثل هذه الأبحاث ؟ إنَّ أيَّ مُحب للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينبغي أن يسأل هذا السؤال ولو لم تكن إلا المحبة لكانت كافية لاستعراض كُلِّ ما يتعلَّق بالحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فكيف واستعراض ما يتعلق بملبسه - صلى الله عليه وسلم -يبين أموراً متعددة يبين تواضعه وأن ليس كالملوك الذين لا هم لهم إلا الترفه والتعالي والجمع والإمساك ويبين أيضاً مدى مراقبة الصحابة لكل ما يتعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الصحابة ينقلون لنا لون الحلة التي لبسها ونوع الأكمام التي يدخل فيها يديه الشريفتين فكيف يكون حرصهم في نقل ما يتعلق بالعقائد والأحكام والحلال والحرام؟ وكيف يكون حرصهم في نقل كلام الله تعالى القرآن الكريم وأيضاً من استعراض ملبسه يمكن أن نتعرف على ما حُرِّم من الملبس كثياب الحرير وخاتم الذهب وغير ذلك وكذلك نتعرف على إباحة ما نتوهم تحريمه ونعلم أن الأصل في الملبس الإباحة إلا ما ورد دليل يدل على منعه وكذلك من استعراض هذا الموضوع يمكن أن نستفيد فوائد عرضت في هذه الأحاديث مثل مدى طاعة الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -فمثلاً في أحد هذه الأحاديث لما ألقى خاتم الذهب ألقوه جميعاً ولم يلبسوه بعد وهناك فوائد متعددة ولكن هذا ما سمحت به هذه المقدمة للرد على هذه الشبهة فكم لشياطين الإنس والجن من شبهات نسأل الله أن يعيذنا من مضلات الفتن وأن يذيقنا حلاوة الإيمان إنه هو الكريم المنان. وبعد فهذا آوان الشروع في الموضوع فنقول: أولاً : بعض آدابه عند لباسه: 1. البدء بميامنه: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه1. وعنه أيضا ًقال: كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعجبهالتيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله 2. دعائه إذا استجدَّ ثوباً: عن أبي سعيد قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجدَّ ثوباً سمَّاه باسمه إزاراً كان أو قميصاً أو عمامة ثم يقول: (اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسالك من خيره وخير ما صُنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صُنع له). 3. دعائه - صلى الله عليه وسلم - لمن رأى عليه ثوباً جديداً: عن ابن عمر- رضي الله عنه - : أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأى على عمر قميصاً أبيض فقال: ثوبك هذا غَسيل أم جديد؟ قال: لا بل غسيل قال: (البس جديداً وعِش حميداً ومُت شهيداً)5.
ثانياً: عمامته - صلى الله عليه وسلم-: كانت له عمامة تُسمَّى: السحاب كساها علياً وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة. وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة ويلبس العمامة بغير قلنسوة. وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه6. وعن عمرو بن حُريث قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه7. وفي مسلم أيضاً عن جابر بن عبد الله أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دخل مكة وعليه عمامة سوداء). وعن ابن عمر - صلى الله عليه وسلم - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه وعن ابن عباس قال: خرج رسولُ - صلى الله عليه وسلم - وعليه مِلْحفة متعطفاً بها على منكبيه وعليه عصابة دسماء وعن أنس - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يتوضأ وعليه عمامة قِطْريَّة قال القسطلاني في المواهب اللدنية : فقد كانت سيرته - صلى الله عليه وسلم - في ملبسه أتم وأنفع للبدن وأخفه عليه فإنه لم تكن عمامته بالكبيرة التي يُؤذي حملها ويضعفه ويجعله عرضة للآفات كما يُشاهد من حال أصحابها ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد بل وسطاً بين ذلك وكان يُدخلها تحت حنكه فإنها تقي العنق من الحر والبرد وهو أثبت لها عند ركوب الخيل والإبل والكر والفر وكذلك الأردية والأزر أخف على البدن من غيره. والعمامة كل ما يلف على الرأس. وعن عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالاً عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه. ثالثاً: قلنسوته - صلى الله عليه وسلم-: (القَلَنْسُوَة) بفتح القاف واللاَّّم وسكون النون وضم المهلة وفتح الواو: غشاءٌ مبطَّن يستر الرأس فهي من ملابس الرأس كالبرنس الذي تغطى به العمامة من نحو شمس ومطر. قال ابن العربي: القلنسوة من لباس الأنبياء والصالحين السالكين تصون الرأس وتمكن العمامة وقال في الإحياء: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس القلانيس بالعمامة وبغير عمامة وربما نزع قلنسوة من رأسه فيجعلها سترة بين يدية ثم يصلي إليه. وقال ابن القيم - رحمه الله-: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يلبس القلنسوة بغير عمامة ويلبس العمامة بغير قلنسوة وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يلبس قلنسوة بيضاءوعن ابن عباس قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثلاث قلانس قلنسوة بيضاء مضربة وقلنسوة برد حبرة وقلنسوة ذات آذان في السفر وربما وضعها بين يديه إذا صلَّى